المذهب الرومانتيكي و نظرة المجتمع العربي له

المذهب الرومانتيكي أو الرومنطيقي أو الرومانسي، هو مذهب أدبي يصب كل اهتمامه على النفس البشرية، بكل ما تحمله من مشاعر وأحاسيس، دون النظر إلى صاحبها وميوله ومعتقداته، حيث أن مبدأ الرومانتيكية يقوم على ضرورة فصل مجال الأدب عن الأخلاق، فهو يؤمن بضرورة أن تكون النفس على طبيعتها، وأن تستجيب لأهوائها ورغباتها أيا كانت، لذا فإن هذا المذهب بخلاف كل المذاهب الأدبية الأخرى لا يخضع ولا يتبع لقيود العقل والواقع، لذا فقد ضم العديد من التيارات الأوربية التي ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر .


مفهوم المذهب الرومانتيكي وأهدافه


ظهر المذهب الرومانتيكي في بدايته في

أوروبا

، وكان ذلك بعد ظهور المذهب الكلاسيكي بحوالي قرن ونصف، وكان يهدف بظهوره إلى التخلص من سيطرة الأدب الروماني والإغريقي، وذلك لأن أوروبا في هذا الوقت كانت على عتبة الدخول لعصر النهضة، وقد بدأت تتخذ أسلوبها ونمطها الخاص في الأدب والفكر واللغة .

ويهدف المذهب الرومانتيكي إلى الهروب من قسوة الواقع ومرارته، والتحليق في عالم الخيال، وكلمة

الرومانسية

مشتقة من كلمة رومانس، والتي تعني الرواية التي لا تخضع لرغبات العقل، ولا تعتمد على الأسلوب الكلاسيكي في السرد، وقال الشاعر الفرنسي بول فاليري عن الرومانسية ( الرومانتيكية ) : لابد أن يكون عقل الإنسان غير متزن، عندما يحاول تعريف الرومانسية .


خصائص المذهب الرومانتيكي في الأدب


1- يؤمن المذهب الرومانتيكي بتسليم مفاتيح القيادة للقلب وليس العقل، فهو يعمل على حجب العقل تماما، وإبراز المشاعر والعواطف دون قيود .

2- الأدب الرومانتيكي يختلف عن باقي الآداب كالأدب الكلاسيكي، سواء من ناحية مبادئه أو فلسفته العاطفية، حيث يعتمد هذا الأدب على تحرير العاطفة، والإكثار من الشعر الوجداني .

3- يتميز هذا المذهب بالثورة على الواقع ورفضه، وتحفيز الخيال للإنطلاق دون قيود، من خلال عدم الرضا عن الواقع والتمرد عليه .

4- لا يشغل المذهب الرومانتيكي نفسه بالأحداث والقضايا المجتمعية، ويتجه فقط إلى وصف مشاعر الحزن والتغني بالألم، سواء كان هناك سببا لهذا الألم أم لا .

5- بدأ هذا المذهب في الغرب، وكان من أبرز رواده :

جان جاك روسو

، شيلي، وليم بليك، توماس جراي، شاتو بريان، وغيرهم .

6- اتجهت أنظار المذهب الرومانتيكي في التعبير عن العاطفة إلى الشرق، حيث أن الشرق كان بعيدا عن الماديات وصراع السلطة، بعكس الوضع في أوروبا في هذا الوقت، لذا كان الشرق بالنسبة إلى الرومانتيكيين هو تلك التربة الخصبة المليئة بالأسرار والعاطفة .

7- اهتم المذهب الرومانتيكي بكل فرد على حدة، عن طريق إبراز شخصية كل فرد وبيان تميزه عن غيره من الأفراد، وهذا بعكس المذهب الكلاسيكي الذي اهتم بالإنسان النموذجي فقط .


نظرة المجتمع العربي للرومانتيكية


1- ظهرت الحركة الروماتيكية في العالم العربي أولا في سوريا، ثم في بلاد الشام، وبعد ذلك انتشرت في كل البلاد العربية، وقوبلت في بداية الأمر بالصد والهجوم، كونها تحارب القيود، ولا تخضع لسلطان العقل، ولكنهم سرعان ما تقبلوها، لأنها فتحت لهم أفاقا جديدة على الأدب الغربي والعالمي، مما أكسبهم منظور ورؤية جديدة عن العالم .

2- اهتم العرب بالررومانتيكية واعتبروها تجربة أدبية جديدة ومهمة في تاريخ الأدب، ولها نظرة جرئية خارجة عن مألوف الأدب التقليلدي الكلاسيكي .

3- عمل المذهب الرومانتيكي على تخليص القيود التي قيدت المبدعين العرب، واستطاعوا بهذه الثورة التي أقاموها على التقاليد على فتح المجال للشعراء والأدباء والمفكرين، للتعبير عن وجهات نظرهم بحرية، وإطلاق العنان لخيالهم دون قيود .

4- كما عملت هذه الثورة الرومانتيكية العربية، على ظهور خطاب شعري جديد خارج عن الخطاب المألوف التقليدي، مما أدى إلى ظهور مواضيع وأفكار جديدة استطاعت أن تحرر الشاعر من مخاوفه .

5- من أبرز مفكرين الأدب الرومانتيكي في العالم العربي : محمود طه،

جبران خليل جبران

، خليل مطران، أحمد عبد المعطي حجازي، أمين الريحاني، فرح أنطون، و

إبراهيم ناجي

.


دور الطبيعة في التأثير على المذهب الرومانتيكي


1- إن أكثر ما أثر في المذهب الرومانتيكي هي الطبيعة، حيث أنها بمثابة التربة الخصبة للكتابة سواء في الشعر أو الأدب أو الفلسفة .

2- اهتم أنصار المذهب الرومانتيكي بفصل الخريف بصورة خاصة، حيث كانوا يفضلونه أكثر من باقي الفصول، ويكتبون عنه الكثير، فهو بالنسبة لهم الفصل الذي تتساقط فيه أوراق الشجر، وتتجرد فيه الأغصان، وبالتالي فهذا يرمز إلى توقف الحياة، وهذا يتناسب مع نظرة الرومانتيكيون الحزينة .

3- اهتم الرومانتيكيون بالليل وأحبوه أكثر من النهار، حيث أن الليل بالنسبة إليهم هو رمز التحرر من مختلف القيود، وهو رمز الانطلاق والحرية .

4- دفع حب الطبيعة عند الرومانتيكيون أن يذهبوا في رحلات كثيرة لمشاهدة المناظر الطبيعية، ومن أشهر الرحلات التي قاموا بها رحلاتهم إلى جزر الهبريد، ورحلاتهم لتسلق الجبال، فساعد هذا على تحول المذهب الرومانتيكي إلى واقع بدلا من نظرته الخيالية القديمة .