التمييز بين الأبناء وتأثيره على نفسية الطفل
لكي نربي أبنائنا تربية سليمة يجب على الأب والأم الإهتمام بالصحة النفسية لأبنائهما ، فالصحة النفسية تؤثر على
شخصية الطفل
ومستقبل علاقاته الإجتماعية وكذلك في حياته العملية بشكل عام ، والتمييز بين الأبناء من أسوء الخبرات الحياتية التي قد يختبرها الطفل الصغير ، خاصة اذا كان من يعرضه للتمييز هو أحد والديه ، فالأب والأم هما الحصن المنيع لدى أي يطفل ، واذا كان هذا الحصن هو من يعرض الطفل للمتاعب فبمن يحتمي هذا الكائن الصغير
وعلى ذكر التمييز تأتي
قصة سيدنا يوسف
حينما رأى مناماً يرى فيه الشمس والقمر ومعهم 11 كوكبا يسجدون له ، عندما قص سيدنا يوسف رؤياه على أبيه ، فهم نبي الله يعقوب تأويل رؤية ابنه ، فطلب منه ألا يقصص رؤياه على اخوته ، حتى لا يثير مشاعر الحقد والكراهية بداخلهم تجاهه .
ولكن الأخوة كانوا بداخلهم وفي قرارة أنفسهم يشعرون بحب الأب لسيدنا يوسف عليه السلام ، ولأخيه ، من هنا نشأت قصة سيدنا يوسف عليه السلام التي ذكرت في القرآن الكريم والتي جعلت منه عزيز مصر .
أشكال التمييز بين الأبناء
1- المحاباة للذكور على حساب الإناث مما يؤدي إلى تنمي مشاعر الحقد والكراهية بين الإخوة ، فتكره الإناث اخوتها من الذكور ، ويتولد لديها شعور بالدونية والنقص ، وتكره جنسها وتود لو أنها تستطيع تغييره .
2- المحاباة للطفل الأكثر ذكاءاُ على حساب باقي الأخوة ، وغمره بالمدح والتعظيم ،مقارنة اشقاءه به دائما وتوجيه اللوم والتوبيخ لهم وكأنهم يملكون القدرة على التحكم في عقولهم وزيادة نسب ذكائهم ، يولد هذا النوع من المحاباة كره ومشاحنات بين الطفل الذكي وباقي اخوته ، فيكيدون له دائماً .
3- المحاباة للطفل الأكثر جمالاً على حساب باقي اخواته ، فيتم غمره بكل مشاعر الحب والأبوة ، بينما يعامل باقي الأخوة معاملة الكم المهمل بداخل المنزل ، فعبارات الحب والتدليل كلها لهذا الجميل ذو العينين الزرقاء والبشرة البيضاء ، بينما باقي الأخوة ممن يتمتعون بمواصفات عادية ليس لهم حظا من الحب والتدليل .
4- المحاباة للطفل الأكثر شبها لأحد الوالدين ، كأن تحب الأم الطفل الذي يشبهها ، أما باقي الأبناء الذين يشبهون عائلة أبيهم فليس لهم من الحب جانب ، وكذلك الأمر مع الوالد يحب الأبناء الذين يشبهونه أما باقي الأبناء الذين يشبهون عائلة الأم فهم ليسوا على نفس المستوى مع إخوتهم .
5- المحاباة للطفل الهادئ على حساب باقي الأخوات ، فنجد الضرب والإهانة لبعض الأطفال وكأن لهم ذنباً في أنهم خلقوا أطفال حركية ، تحب اللعب وتفريغ طاقتها الكامنة ، وأخيهم خلق شخصية هادئة تتمتع بمميزات مختلفة ، فبدلا من توجيه هذه الطاقات الكامنة في المكان الصحيح نجد بعض الأباء يوجهون اللوم والضرب لهؤلاء الأبناء . في هذه الحالة تحديداً يمكن أن يكون الطفل الهادئ لديه مشكلة ويجب الإنتباه اليها ، فمن الممكن أن يكون
شخصية انطوائية
يحب العزلة أو لديه مشاكل نفسية ، لذلك وجب التنبيه أنه ليس دائما أفضل من باقي اخوته .
6- المحاباة للطفل اللبق ذو الشخصية القوية على حساب باقي الأبناء ، فنجد الأم تشيد دائما بحسن تعبيرات الإبن وقدرته على صياغة الجمل التي تفوق عمره ، فهو صاحب الذكاء الاجتماعي ، ذو العلاقات الإجتماعية المتعددة ، كأنها لم تنجب أبناءً آخريين ، وفي الوقت ذاته تصب اللوم على باقي الأبناء بدلا من محاولة معرفة أسباب انطوائهم ، ومحاولة تنمية مهاراتهم الاجتماعية .
تأثير التميز بين الأبناء على مستوى الأسرة والمجتمع
1- علاقة الأبناء ببعضهم البعض ، والتي يجب أن تكون مبنية على مشاعر الحب والأخوة والإحترام المتبادل ، فيجب أن تنشأ بيهم تلك الرابطة التي تعني أن لا أحد مثل الأخوة ، ولا أحد يستطيع أن يعرفك ، يحبك أو يساعدك ويشاركك تفاصيل حياتك مثل أخيك .
فالمولى عز وجل قال لسيدنا
موسى عليه السلام
“سنشد عضدك بأخيك” فالأخ هو رفيق الروح وهو مصدر القوة في الحياة ، لم يقل سبحانه وتعالى ابيك أو امك أو اي احد آخر وذلك تعبيراعن قيمة الأخ في حياة الانسان .
2- التطور والنمو الجتماعي والعاطفي للأطفال ، يؤدي التمييز احياناً الى تأخر في نمو الأطفال عاطفيا واجتماعيا وعدم رغبتهم في الانخراط في المجتمع وتكوين علاقات اجتماعية .
3- يوقع الأطفال في المشاكل فقد يخرج الطفل ليبحث عمن يحبه و يوليه مشاعر الاهتمام خارج حدود الأسرة ، خاصة الطفل في مرحلة المراهقة .
4- يؤثر على الصحة النفسية للأطفال ، فيسبب ميول عدوانية لدى بعض الأطفال ، ميول انتحارية لدى البعض الآخر .
5- قد يؤدي
التدليل الزائد
لأحد الأبناء الى افساده وخروجه عن نطاق الصواب .
احيانا يحدث التمييز بقصد وعن وعي ودراية تامة من الوالدين واحياناً يكون من دون قصد ، ولايكون الوالدين واعيين تماما للنتائج السلبية لطريقة معاملتهم لبعض الأبناء ، لذلك يجب على الأب والأم الانتباه جيدا لسلوكهم وللطريقة التي يعاملون بها أبنائهم لما له من آثارعليهم وعلى صحتهم النفسية ، لاتحرموا أبنائكم من مشاعر الحب والدفئ الموجودة بداخل الأسرة ، لاتحرموهم من التمتع بنعمة وجود الأخ والسند و الرفيق في هذه الحياة .