قصة الثلاثة الذين خلفوا

تحكي القصة عن ثلاثة من الصحابة تخلوا عن

غزوة تبوك

وحينما عاد الرسول من الغزوة قدموا أعذارًا لرسول الله حتى يعفو عنهم ويسامحهم، إلا صحابي واحد وهو كعب بن مالك الذي أصدق رسول الله ولم يقدم أعذار فنزل فيهم امر الله تعالى بان لا يتحدث معهم المسلمين حتى أولادهم وزوجاتهم، فلجأوا للاستغفار حتى تاب الله عليهم وأنزل فيهم آياته الكريمة التي تبشرهم بالعفو عنهم.


من هم الثلاثة الذين خلفوا ؟


هم

كعب بن مالك

، ومرارة بن ربيع، وهلال بن أبي أمية الذين تخلفوا عن غزوة تبوك حين دعا الرسول للاستعداد للغزوة والخروج في سبيل الله، إلا أن كعب بن مالك كان أصعبهم في المحنة، والرواية على لسان كعب : يروى كعب ان رسول الله صل الله عليه وسلم تجهز للغزو واستنفر المسلمون حتى تجهزوا للخروج ولم أتجهز، وأقول في نفسي سألحق بهم، حتى إذا خرجوا ظننت اني مدركهم، وليتني فعلت، فلما انفرط الأمر، أصبحت وحدي بالمدينة، وعندما عاد رسول الله صل الله عليه وسلم، حضرني الفزع، فجعلت أتذكر الكذب، وأقول : بماذا أخرج من سخط رسول الله ؟، فلما دنا رسول الله إلى المدينة علم كعب أنه لن ينجو إلا بالصدق.


المواجهة مع رسول الله :


وصل رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المدينة، وجلس في المسجد وبدا المخلفون يقبلون واحداً تلو الآخر يقدمون الأعذار عن تخلفهم عن حضور الغزوة، وكان الرسول يقبل ظاهر الأعذار ويستغفر لهم حتى وصل كعب بن مالك على المسجد، ويحكي كعب قائلًا : سلمت على رسول الله، فتبسم تبسم الغضبان، فقال لي: ما خلفك ؟، قلت : يا رسول الله والله لو جلست إلى غيرك من أهل الدنيا لخرجت من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلًا، والله ما كان لي عذر حين تخلفت عنك، فقال رسول الله : أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك.


الإحساس بالندم الشديد :


خرج كعب بن مالك وقلبه يعتصر من الألم والخزي من رسول الله، حتى لحق به أهله وأبلغوه أن رسول الله نهى عن محادثة الثلاثة كعب بن مالك، ومرارة بن ربيع، و

هلال بن أبي أمية

، انتظر كل من مرارة بن ربيعة وهلال بن أبي أمية داخل المنزل حتى يأتي أمر الله.

إلا أن كعب ظل يصل في المسجد ويطوف بالأسواق ولا يكلمه أحد حتى أهله وعياله، وفي أحد الليالي جاءته رسالة من  مللك غسان، يعده بالمعاملة الأفضل بعد ان هجره الجميع، فيقول كعب : علمت ان الرسالة من البلاء الواقع علي فحرقتها، وظل كعب وصاحبيه على هذا الحال أربعون ليلة حتى جاء امر رسول الله باعتزال النساء فقال كعب لزوجه : الحقي بأهلك.


الأمر الإلهي بالعفو :


ظل الثلاثة على هذا الحال خمسون يوماً لا يكلمهم احد ولا يتعامل معهم احد حتى نسائهم وأولادهم، فكان العقاب شديد على كعب وعلى نفسه فقد كانت محنة قاسية، حتى جاء العفو الإلهي وأرسل

رسول الله

صلى الله عليه وسلم في طلب كعب وأصحابه وأبلغهم أن الله قد عفى عنهم وأنزل فيهم الآية ” وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين”  [التوبة:118،119]، جلس الصحابة يهنئون أصحابهم بأن الله قد تقبل توبتهم وعفا عنهم حتى أن أبي بن كعب يقول : فما أنعم الله على بنعمة بعد الإسلام، أعظم في نفسي مع صدقي مع رسول الله يومئذٍ، والله ما أعلم أحد ابتلاه الله بصدق الحديث بمثل ما ابتلاني.