أفضل قصائد الشاعر العراقي يحيى السماوي

سوف يظل الأدب العربي في الشعر مزدهرا طالما تواجد الأدباء والشعراء المميزين ، فأرحام العرب لا تخلوا من المواهب الرائعة لكي تنجب على مر العصور الأفذاذ والعباقرة في الشعر العربي ، واليوم معنا واحد من هؤلاء العباقرة في الشعر العربي الأصيل وهو الشاعر العراقي يحيى السماوي أصدر العديد من الدواوين طوال مسيرته الأدبية ، من أشهر هذه الدواوين عيناك دنيا وقلبي على وطني وجرح باتساع وقطن والمزيد من الدواوين الرائعة ، هو الحاصل على جائزة أبها الأولى لأفضل ديوان شعر وكان هذا في سنة 1993 ، تعالوا بنا نتعرف على قصائد الشاعر العراقي يحيى السماوي خلال السطور التالية .


قصيدة تماهي


بينكِ والعراقْ

تماثل…

كلاكما يسكن قلبي نسغ احتراقْ

كلاكما أذلني..

أعلن عصياناً على نوافذ الأحداقْ

وها أنا بينكما :

أغنية منسية

وجثة ألقى بها العشقُ

الى مقبرة الأوراق

بينكِ والفراتْ

آصرة…

كلاكما يسيل من عينيّ حين يطفح الوجد

وحين تشتكي حمامة الروح

من الهجير في الفلاةْ

كلاكما صيّرني أمنية قتيلة

وضحكة مدماةْ

تمتد من خاصرة السطور

حتى شفة الدواةْ

كلاكما مئذنة حاصرها الغزاةْ

وها أنا بينكما:

ترتيلة تنتظر الصلاةْ

بينك والنخيلْ

قرابة…

كلاكما ينام في ذاكرة العشب

ويستيقظ في كهف من العويلْ

كلاكما يُثكل بالحفيف والهديلْ

وها أنا بينكما:

جرح

وليلٌ ميت النجوم والقنديلْ


قصيدة قانا


تلك الدماءُ المُستباةُ مِدادُ

كتبتْ به تأريخَها الأمجادُ

كتَبتْهُ فوق الطينِ حين تلوَّثَتْ

أوراقُنا ، ورثى النيامَ رقادُ

كتَبَتْهُ بالأضلاعِ لا بأنامِلٍ

هي لليراعِ وطِرْسِهِ أصفادُ

تبقين قانا شاهداً وشهيدةً

تحيا .. وأمّا الميتُ فالجلاّدُ

من طينِكِ المغسولِ بالدمِ واللظى

لا بدَّ يبدأ يومهُ الميلادُ

هذا هو العصرُ الرديءُ .. تأَسدَتْ

فيه التِيوسُ .. وتُيِّستْ آسادُ

سِيطَ الخنوعُ مع الشهامةِ فاستوى

نورٌ بأحْداقِ الضحى وسَوادُ

أعدادُنا ؟ لا نفعَ في أعدادِنا

إنْ لمْ تُوحَدْ شَمْلَها الأعدادُ

أضحى “رباطُ الخيلِ ” يربطنا الى

رعبٍ أقامَ كهوفَهُ “الأسْيادُ ”

تنّورُنا “القوميُّ” يسجرُهُ الأسى

لهم الرغيفُ وللجموعِ رمادُ

مُتَناطحونَ ..فَذا يُريدُ زِعامةً

باسم النضالِ وطبعُهُ استبدادُ

ومقيمُ وحدةِ “أُمةٍ عربيةٍ”

بالسيفِ حتى ضُرِّجَتْ أعوادُ

وَدَعيُّ تحريرٍ وأصْلُ كتابهِ

قدْ حَرَّرَتْ صَفَحاتِهِ “الموسادُ”

جَزَّتْ نواصِيها الكرامةُ واستحى

من مُسْتذْلٍّ بالسلام “إيادُ”

كذِبَتْ بلاغَتُنا وكاد يفرُّ من

أقلامِنا ومن اللسانِ الضّادُ

ومن الكُماةِ خيولُنا .. وتفرُّ من

أيامنا – فَرْط الأسى – الأعيادُ

ما هَزَّتِ الريحُ المُريبةُ خيمةً

لو لم تقاتلْ بعضَها الأوتادُ


قصيدة أية الفئة القليلة


“إلى بيروت .. والفئة القليلة الذائدة عن شرف الأمة”

كُفِّي صراخَكِ يا “دليلَهْ” …..

“شمشون” ..؟

دَجَّنَه ُ البساطُ الأحمرُ المفروشُ ..

صار اليومَ نخّاساً بأسواقِ الرقيق ِ !

وفارس ُ الفرسان ِ … حامينا … أبو زيد الهلالي ..باعَ صهوتَهُ

وأَوْدَعَ سيفَهُ في متحف ِ الآثار ِ

أصبح نادلا ً في “حانة الدولار ِ …

يسجد ُ للذي يعطي المزيد َ

من العمولَه ْ ..!

و “الحارس ُ القوميّ ”

أمسى حارسا ً للمعبد ِ الوثنيِّ

مَخْصِيّ الإرادة ِ و الرجولَه ْ

و “اليعربيُّ الشيخ ُ … حلاّل المشاكل ِ ..

صار “عِبْريّا ً ..

وسادن َ حرمة ِ التلمود ِ

والجسر َ الذي يَصِل ُ المكارم َ بالرذيلَه ْ !

قال : التوسُّل ُ للطغاة ِ هو الوسيلَه ْ !

فتواه ُ ؟

إنَّ الجبنَ عند الحربِ حيله ْ !

فمن المغيثُ وقد تشابكتِ الدروب ُ ؟

النخل ُ يصرخ ُ …

والأَرِزُّ الطفل ُ يصرخ ُ

والمآذن ُ والصليب ُ !

والليل ُ يصرخ ُ .. والنهار ُ ..

ولا مجيب ُ !


قصيدة خليك في منفاك


“إلى أخي وأستاذي الشاعر الدكتور زكي الجابر”

لا تَنْشر ِ الأشرعة َ

البحر ُ بلا موج ٍ

ولا ريح سوى الآهات ِ …

أَم تُراك صََدَّقْت َ خطابات ِ الدراويش ِ

عن الكرامة ِ … الحرية ِ …

العدالة ِ … الوئامْ ؟

مررت ُ بالبصرة ِ لكن لم أَجِدْها

فَقَفَلت ُ هاربا ً

ولم أُبَلِّغْ أحداً سلامَك َ الحميم َ

خفت ُ أنْ يصادر َ الغزاة ُ صُرَّة َ التراب ِ

ألقيت ُ بها

وضعت ُ في الزحام ْ

لا “الحسن ُ البصري ُّ” في مسجِدِه ِ

ولا “الفراهيديُّ” في مجلسِه ِ

ولا الفتى “عليُّ” في المقام ْ …

خَلِّيك َ في منفاك َ …

لو كان يجيد ُ الهرب َ التراب ُ

ما أقام ْ

في الوطن المحكوم ِ بالإعدام

كل ُّ الذئاب ِ اتَّحَدَت ْ

واختلفَت ْ ما بينها الأنعام ْ

على بقايا الزاد ِ في مائدة ِ اللئام ْ

دماؤها مهدورة ٌ

فمرَّة ً تُذْبَح ُ باسم ِ جَنَّة ِ السلام ْ

ومرَّة ً باسم فتاوى حُجَّة ِ الإسلام ْ

ومرَّة ً تُسْلَخ ُ

تنفيذا ً لما رآه في منامِه ِ

سماحة ُ المفتي

وما فَسَّرَه ُ وكيلُه ُ الغلام ْ ..

ومرَّة ً لأنها

ترفض ُ أَن ْ تُهادن َ المحتل َّ

أو تكفر ُ بالحرية ِ التي بها بَشَّرَنا

مستعبد الشعوب …

جاحد الهدى …

موزع الأرزاق في بيادر الأجرام

ومرَّة ً لأنها

تكفر ُ بالحاشية ِ المخصيَّة ِ الإرادة ِ …

الدمى التي شُدَّت ْ خيوطُها

إلى فضيلة “الحاخام ْ”


قصيدة أريد ولا أريد


فَتَّشْتُ في قاموسِ ذاكرتي . .

نَخَلْتُ الأبجديةَ . . .

غُصْتُ في كتبِ البلاغةِ والبيانِ . . .

بحثتُ في دُرَرِ الكلامِ . . .

فما رجعتُ بغيرِ يأسي من طريفي والتليدْ !

ماذا أُسَمّي هندْ؟

هندٌ ضحكةٌ عذراءُ ما مرَّتْ على شفةٍ . . .

وقافيةٌ مُخَضَّبَةٌ بدمعِ الوجدِ . . .

أغنيةٌ تُرتِّلُها الحمامةُ . . .

وردةٌ كانت بمفردِها الحديقةَ . . .

صولجانُ العشقِ في الزمنِ الجديدْ

وأنا الشهيدُ الحيُّ . . .

سادنُها

وحارسُ بابِ حجرتِها العنيدْ

وأنا طريدُ الجنةِ المحكومُ بالعَطَشِ المؤبَّدِ

والمكوثِ وراءَ سورِ الوصلِ

أحمل صخرةَ الحرمانِ في الوادي السعيدْ

وأنا أريدُ . . . .

ولا أُريدْ

موتاً يليقُ بدمعِ هندٍ . . .

أنْ أخُرَّ مُضَرَّجاً بالوجدِ

بين هديلِ مبسمِها

ووردِ فمٍ وجيدْ

هندٌ زفيرُ الياسمينَ . . .

شهيقُ جنّاتٍ . .

بخورُ صباحِ عيدْ

ويمامةٌ ضوئيَّةٌ

حَطَّتْ على شبّاكِ قافيتي

فَزَغْرَدَتِ السطورُ

وفاضَ دمعُ الشعرِ من مُقَلِ القصيدْ

وأنا أريدُ . . . .

ولا أُريدْ


قصيدة جحود


جفَّتْ جذورُ توسُّلي فأَطيعي

شجَري فقدْ لوتِ الرياحُ جذوعي

ما للفصولِ جميعها مرَّتْ ولا

بُشرى – ولو طيفاً – بخطوِ ربيعِ ؟

خرساءَ تستجدي اللحونَ ربابتي

وتمدُّ كفّاً للأمانِ ربوعي

وإسْتَفْرَدَتني يا رباي مرافيءٌ

مهجورةٌ إلا شراعُ نجيعِ

نَكَثَتْ ضفافُكِ عَهْدَها وتنَصّلتْ

أمطارُكِ السمحاءُ من ينبوعي

ما حيلتي ؟ لا الحبُّ يشفعُ إنْ بدا

ذُلّي ..ولا كانَ الحبيبُ شفيعي

العيدُ ؟ أن أُرسي بنهرِكِ زورقي

وأريقَ في واديكِ دمعَ شموعي

أنْ تسكني مني خلاصةَ مقلةٍ

غرثى كما سكنَ الفؤادُ ضلوعي

هذا ربيبُ هواكِ يلطمُ حظَّهُ

جزعاً وما كان الفتى بجزوعِ

دالتْ بهِ الأشواقُ فهوَ موزعٌ

ما بينَ مغْربِ موعدٍ وطلوعِ

يصحو على ليلٍ فَيُطْبِقُ جفنَهُ

وهماً على شمسٍ أوانَ هزيعِ

ما للذينَ محضْتُهُمْ تِبْرَ الهوى

جحدوا رغيفَ دمي وكأسَ دموعي ؟