تاريخ دخول القهوة المملكة

القهوة عند العرب هي رمز للكرم والتفاخر وهي من أساسيات الضيافة، فتقديمها للزائر إشارة تكريم، حيث حظيت بالاحترام عند معديها وشاربيها على حد سواء، كما تلعب القهوة دورا مهما في ترسيخ الحياة الاجتماعية العربية، فالقهوة أسهمت في بلورة مكونات المنظومة السلوكية العربية فالمعروف عن القهوة أنها  سبب في صفح أو صلح أو فض منازعات أو خطبة نساء أو التجاوز عن الثأر أو التجاوز عن الحقوق وهكذا، لذلك فالقهوة لها دور فعال وحيوي في عمليات التواصل الاجتماعي بين الأفراد والمجتمعات خاصة المجتمع الخليجي لذلك ارتبطت القهوة في كل المناسبات الاجتماعية سواء أفراح أو أتراح وأصبحت من أهم المعتقدات الشعبية، فلها تاريخ طويل عند العرب، وقد قوبلت بالرفض والمعارضة في البداية حتى أصبحت من أهم المشروبات الرئيسية الآن واقترنت بكرم الضيافة.


تاريخ القهوة عند العرب


يعود تاريخ القهوة عند العرب إلى تاريخ قديم ملئ بالمغامرات والحكايات الشيقة، فكان الأحباش يأكلون حب القهوة نيئا غير مطبوخا، ثم تطور الأمر لتناول منقوع حب البن وقشره وذلك في أواسط القرن التاسع الهجري، وقد شاع منقوع شراب البن في اليمن على يد الشيخ الإمام جمال الدين أبي عبد الله بن سعيد الذبحاني حيث كان يتولى الشيخ الذبحاني رئاسة الإفتاء في عدن، ومرت عليه أيام قد سافر فيها إلى الحبشة حيث قيل أن عمله تعلق بالسفر إلى الحبشة أو أنه قد تبادل التجارة مع تجار الحبشة لذلك تعرف على مشروب القهوة، وقد أحبه كثيرا وعند عودته أصيب بمرض جعله يتذكر مشروب القهوة فأرسل من جبلها إليه وكان يصنعها مثلما يصنعها الأحباش وتذوقها أهل البيت ولخاصته وقد عرفوا أثرها على الجسم الواهن والذهن المكدود.

وبقيت القهوة منتشرة في اليمن ولكنها قد لاقت معارضة من مشايخها وعدوها من المشروبات الجديدة والمبتدعة وأنها لا تتناسب مع مروءة الرجل، وما زاد هذه النظرة أن الشيخ الدبحاني قد ترك القضاء والإفتاء وأصبح من المتصوفة ولازم شرب القهوة لأنها تساعد على السهر وقيام الليل، وبعد عقد من الزمن بدأ المزارعون في زراعة شجر القهوة حيث انتشر شرب القهوة بين الطبقة العليا في اليمن وقلدهم العامة مما زاد الطلب عليها.


دخول القهوة إلى المملكة


انتقل مشروب القهوة من اليمن إلى مكة، وهنا عارضها رجال الدين معارضة شديدة جدا حتى أن بعضهم قد أصدر فتاوى تفيد بتحريمها وعدها من جنس المسكرات وقالوا أنها تسبب العلل وتضعف الأبدان والعقول، وانقسم الناس بسبب القهوة وكثرت الفتن وقتها، وقد أيدها بعض الفقهاء، واستمر النزاع على القهوة كثيرا حتى أن البعض قد ألف حديثا عن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول من شرب القهوة يحشر يوم القيامة ووجه أسود من أسافل أوانيها.

وما حدث في مكة حدث أيضا في مصر، حيث كانت العلاقة بين الحجاز واليمن ومصر متشابكة، ويذكر أن في مكة يصادف عام تحرم فيه القهوة وآخر تحلل فيه، وفي بعض الأعوام سمح بمشروب القهوة وقدم لزوار البيت العتيق وفي أعوام أخرى حرمت القهوة بل وأقيم الحد الشرعي على شاربها وبائعها وخربت بيوت القهوة والمقاهي وتم جلد المرتادين والبائعين في الميادين العامة، ومع التحريم والتحليل ومنع الناس من شرب وجلب القهوة فقد عرفت القهوة على نطاق ضيق في نهاية القرن الثاني عشر الهجري ولم ينس الناس الجدل المثار حول القهوة إلا مع اتصال أهل نجد بأهل مصر وأهل الشام أيام الدولة السعودية الأولى حتى أصبحت تقدم في المساجد وخاصة في شهر رمضان الكريم، والآن أصبحت القهوة من أهم مشروبات الضيافة عند العرب وانتقلت إلى الغرب وانتشرت في كل مكان.


عادات وتقاليد القهوة العربية


للقهوة العربية عادات وتقاليد وقواعد مهمة لا يمكن التنازل عنها، ومن أهم هذه القواعد هي تقديم القهوة باليد اليمنى لأن تقديمها باليد اليسرى هو اهانة للضيف، أما بالنسبة لكمية القهوة في الفنجان فهي أيضا من أساسيات الضيافة بحيث يجب ملئ الفنجان بأكثر من نصفه رغم حجمه الصغير ويعرف ب ” صبة الحشمة” ، أما في حال زيادة الكمية عن ذلك القدر فهذا يعني عدم الترحيب بالضيف .

ومن العلامات المصاحبة لشرب القهوة أيضا هو هز فنجان القهوة والذي يعني الاكتفاء من شرب القهوة، أما في حال عدم هز الفنجان فهذا يعني استمرار المضيف بصب القهوة، وفي حال عدم الرغبة في شرب القهوة يقول الضيف ” تكرم” ، ومن طرق الضيافة أيضا أن يستمر الابن في الوقوف وهو يحمل دلاية القوة ليستمر في صب القهوة للضيوف.


مسميات عدد مرات شرب القهوة

1- الفنجان الأول والذي يطلق عليه ( الهيف) والذي يشربه المضيف ليثبت للضيف أن القهوة ليس بها ما يؤذي.

2- الفنجان الثاني والذي يطلق عليه ( فنجان الضيف) وهو الذي يشربه الضيف وهو عنوان للإكرام والمعزة.

3- الفنجان الثالث والذي يطلق عليه ( فنجان الكيف) وهو الذي يشربه الضيف وهو للاستمتاع بطعم القهوة.

4- الفنجان الرابع والذي يطلق عليه ( فنجان السيف) والذي يشربه الضيف ويرمز إلى أن الضيف سيقف مع مضيفه في حال تعرضه لأي أذى.