صناعة السفن في سلطنة عمان
تتميز سلطنة عمان بالثراء التاريخي العالي بحرياً فمنذ القدم ، و لم يكتفي العمانيون بالتمتع بخيرات البحر فقط ، و المحيط بهم من عدة نواحي ، و ذلك راجعاً إلى كون سلطنة عمان تطل على خليج عمان من ناحية الشمال ، و بحر العرب من الجنوب ، و نظراً لوقوع عمان عند ملتقى طرقاً بحرية هامة ربطتها بالخليج ، و الهند والبحر الأحمر ، و أفريقيا الشرقية فقد أدت كل تلك العوامل إلى جعل العمانيون ، و منذ القدم يعتادون على الحياة البحرية ، و العمل على استغلال ثرواتها من أجل صالح الإنسان العماني ، و لذا فأن العمانيون قد لعبوا دوراً حيوياً ، و هاماً في تاريخ الملاحة البحرية في المنطقة ، و ذلك سواء على صعيد الملاحة التجارية أو على صعيد بناء السفن ، و تصميمها .
صناعة السفن في عمان قديماً :-
تعود في الأساس صناعة السفن في عمان إلى ألاف السنين حيث كانت المراكب العمانية القديمة تتميز باستعمالها للألياف كبديلاً عن المسامير ، و ذلك من أجل القيام بربط الأجزاء الخاصة بالمركب مع بعضها البعض ، و كان شراع المركب العماني يمتد من مقدمة المركب إلى مؤخرتها ، و ذلك كان على عكس الشائع في ذلك الوقت إذ كان الشراع الخاص بالمركب هو ذلك الشراع العريض ، و المربع الشكل هذا بالإضافة إلى تشابه طرفي المركب في الشكل ، حيث قد أثر البحر ، و بشكل عالي للغاية في طبيعة الإنسان العماني ، و منذ قديم الزمن ، و لم يجعله مكتفياً فقط بعمليات صيد الأسماك ، و صناعة المراكب الصغيرة الحجم من اجل ذلك بل قام العمانيون بخوض العديد من الرحلات البحرية البعيدة ، و التي قاموا ببناء السفن الكبيرة من أجلها ، حيث كانت تلك النوعية من السفن محتاجة إلى أصنافاً معينة من الأخشاب الصلبة ، و المتينة مثال خشب الساج ، و الخشب الفيني ، و الخشب البنطيق ، و التي لم تكن تتوفر في عمان لكن وبحكم علاقة التجار والبحارة العمانيون الجيدة مع أهل الهند تمكنوا من الحصول على العديد من الأنواع المختلفة من الأخشاب ، و اللازمة لصناعة السفن الكبيرة ، و نظراً لعامل صعوبة الذهاب إلى الهند لجلب الأخشاب ثم البدء بصناعة السفن في خطوة تالية كان بعضاً من التجار العمانيون يفضلون أن يذهبوا إلى حيث تكون الأخشاب متوفرة في الهند ، و يقومون بعملية تصنيع السفن هناك ثم تكون العودة بها إلى سواحل عمان .
صناعة السفن حديثاً في عمان :-
كانت قد استمرت ، و تطورت بشكل كبير عمليات صناعة السفن في سلطنة عمان ، و إلى عصرنا الحالي بل قد أصبحت تلك الصناعة من إحدى أهم الصناعات العمانية ، حيث تعد مناطق مثل منطقة مطرح ، و صور ، و الباطنة ، و صحار ، و مسندم من أهم تلك المناطق الموجودة بها تلك الأحواض الخاصة بعملية بناء السفن في سلطنة عمان ،وتعد منطقة صور ، و الواقعة في شرق السلطنة هي من أشهر المناطق التي يوجد بها أحواضاً خاصة ببناء السفن العمانية .
بما تتميز السفن العمانية :-
تتميز صناعة السفن العمانية بتعدد أنواعها ، و أشكالها علاوة على غيرها بالمتانة ، و القوة العالية ، حيث تتراوح أعمار بعض السفن فيها فيما بين الستين إلى المائة عام ، و من أشهر السفن العمانية ( السفينة البغلة ، السفينة البوم ، السفينة البتيل ، السفينة الماشورة ) ، و للسفن العمانية العديد من الأنواع ، و الأحجام مثال السفينة البغلة ، و التي تعد الأكبر في حجمها إذ يبلغ طولها (135) قدماً ، و تتراوح حمولتها ما بين (150-400 ) طن ، و تحتل السفن العمانية مكانة كبيرة للغاية على مستوى صناعة السفن في العالم ، و بفضل صناعة السفن المتقدمة بها أصبحت سلطنة عمان أول دولة غير أوروبية يصل نفوذها العالي إلى أفريقيا نظراً لامتلاكها قوة بحرية كبيرة أعطتها التأثير السياسي القوي ، حيث عملت على امتداد علاقاتها ، و صلاتها بالعديد من الدول في العالم مثل الصين ، الولايات المتحدة الأمريكية ، بريطانيا ، فرنسا .
الأثر الاقتصادي القوي لصناعة السفن على سلطنة عمان :
– تعد صناعة السفن في سلطنة عمان من أحد الأدوات الاقتصادية الهامة للغاية ، و التي قد ساهمت بشكلاً عالياً في تحقيق الازدهار الاقتصادي العماني سواء عن طريق التبادل التجاري سواء الداخلي أو الخارجي أو بالنسبة لعمليات الصيد الخاصة بالأسماك ، و محار اللؤلؤ .
الصناعة الخاصة بالسفن العمانية :
– الباني للسفينة في الأساس لا يقوم بإتباع أسلوباً هندسياً محدداً أو جاهزا بل يقوم بتتبع الحدس الفني الخاص به علاوة على استعماله لمهاراته في عملية التصنيع للسفينة ، و بذلك فقد تميز أهل عمان بحرفيتهم العالية ، و الشديدة الإبداع ، و الجودة في بناء السفن ، مما جعلهم يقومون بإعداد التصميم الفوري للسفينة ، و في نفس الوقت يقومون بعملية بنائها ، حيث قد ورث العمانيون حب تلك المهنة عن أجدادهم ، و أباءهم .