تاريخ العملة الفرنسية

ما يلفت النظر في الوقت الراهن الحضور البارز للعملات النقدية بحيث تجلت مكانتها لتشكل الدليل الحي على ما شهده تاريخ أمة من الأمم من تطورات جوهرية ساهمت في تكوين حضارتها ،فبإمكاننا اليوم الاطلاع على ثقافة أي دولة وأساليب الحياة فيها من خلال تأمل عملاتها  النقدية ،ومن المعروف أن وجود العملات النقدية رافق وجود الإنسان كضرورة حياتية في أمور البيع والشراء والتجارة و من هنا تظهر حاجته الملحة لها ، بحيث أصبحت خير وسيلة للمبادلات التجارية بعد أن سيطرت عادة المقايضة لفترة سابقة طويلة من الزمن في كثير من الدول و لعل فرنسا كانت إحدى هذه الدول التي دعتها الحاجة و لا سيما قبيل الحرب العالمية الأولى و الثانية و الفترة التي سبقتها إلى تخصيص عملة نقدية تناسب مستواها المرموق بين غيرها من الدول التي تجاورها أو تتحالف معها و خاصة عندما عملت جاهدة على ترسيخ مبدأ سيدة أوربا لكي تصقل قضية تحديث العملة النقدية الفرنسية و تطويرها و ذلك قبيل حركاتها المستعمرة و الآثار التي خلفتها وراءها في الدول التي استعمرتها مما تحفظه كتب التاريخ إلى يومنا الحاضر .


العملة الفرنسية (الفرنك) ولادتها ونشأتها

: يجدر بنا أن نشير إلى أن أبرز أقدم العملات النقدية الفرنسية كان الفرنك أو ما يعرف ب( فرنك آشوفال) مما تم استعماله من عيار 24 و وزن 3.88 غرام من الذهب بحيث تم إصدارها بين عامي (1350-1364) لكي يمول فدية الملك جون الثاني ، و في الخامس من كانون الأول عام 1360 اعتمدت بشكل رسمي، و هذا و قد استطاعت تحقيق نجاح ملحوظ في تنظيمها العملات النقدية وفق نمطية نظامية قديمة حتى تم ضم الفرنك إلى اليورو في 1 كانون ثاني من عام 1999 في حين عمدوا إلى صك الفرنك الأول في فرنسا في 5 كانون أول من عام 1360 وذلك للسبب نفسه المذكور ، و في 19 كانون أول 1356 سيطر الإنكليز على الفرنك إثر معركة (بواتيه) وصكوا منه حوالي 3.000.000 قطعة، هذا و قد كان الفرنك يدل على الحرية حيث تم إبراز صورة الملك عليه ممتطياً ظهر جواده مشهراً سيفه ومرفق ذلك بعبارة (ملوك الفرنك)


تجديد وإعادة تأهيل الفرنك الفرنسي


:

صُك الفرنك الفرنسي الذهبي الذي بلغ وزنه 3.06 غرام و نقش عليه رسم شارل الخامس الملك الجديد و هو يسير على قدميه عام 1385 ودعي ب( الفرنك سيراً على الأقدام ) و بقي ذلك قائماً حتى عام 1575 حيث قام الملك هنري الثالث بدق العملة الفضية (جنيه البطولات) الذي بلغ وزنه 14.18غراماً بالوقت ذاته الذي صك فيه لأول مرة نصف و ربع فرنك منقوش عليهما تاجاً ذهبياً ، وفي عهد هنري الرابع تسارعت بصورة ضخمة الحركة تلك و ظلت حركات تطوير و تحديث صك العملات مستمرة حتى عام 1586 حيت برزت ظاهرة حديثة تم فيها استرداد العملات من حيز التدوال و إعادة تأهيل ما تعرض منها للخدش ولكن فيما بعد تم من قبل الملك لويس الثامن إصدار قرار قضى بتوقيف نصف  و ربع الفرنك و العمل على صكهما بصورة جديدة بوزن 7,94 غ لربع الفرنك و 3,54 غ لنصف الفرنك ، و في عام 1640 عمل على حث الجهود لكي يتم تأهيل نظام العملات النقدية و إصلاحه و باسم (لويس من ذهب) تم صك عملة ذهبية أخذت مكان الفرنك بعد  سنة من الزمن سميت حينذاك ب(الدرع) إلا أن الذاكرة بقيت تحفظ ذكراه بدليل أن موليير و بوالو تطرقا إلى ذكره فيما كتبوه إلى جانب ذكره من قبل الأديبة الفرنسية مدام دي سيفينيه في رسائلها الموجهة إلى ابنتها و في كانون ثاني من عام 1795 إبان الثورة أصدر الفرنك بأمر من القانون الثالث ليلحقه القانون الثامن عشر مذكراً بما تغتني به العملات النقدية السالفة من أمجاد و ذلك بالحفاظ على الاتجاه القومي بعيداً عن الخضوع لخصوصية ملك أو رئيس بوزن بلغ 5 غ و في 15 آب 1795 رسخ قانون 28 مركز الفرنك الفرنسي وحط من قيمة الليرة ليأتي بعده في 14 نيسان 1796 قانون 25 الذي أعاد لليرة مكانتها و قيمتها كمحاولة توازن بينها وبين الفرنك الذي بلغ وزنه 4.50 غراماً فضياً في حين وصل وزن الليرة إلى 4.505 غراماً فضياً و هي بذلك تتفوق على الفرنك الذي بلغ سعره جنيها و ثلاث بنسات هذا و قد تم تقليص درجة الفضة إذ وجدت الدولة أنه من الضروري خفض نسبة المعادن في العملات النقدية  و لكي يتم القيام بالإجراءات اللازمة لصك العملات النقدية الجديدة بشكل أكثر سرعة تبنت الدولة سلسلة من التدابير ولعل أولها : إحضار عدد من معادن البلاد التي خاضت فرنسا معها العديد من الحروب ففي سنة  1796 أحضر الجنود إثر عودتهم حولي 45.000.000 جنيه إلى جانب السيطرة على أموال المهاجرين وصهر حوالي ثلاثين ألف جرس و تم صك النقود منها  إلى أن عمد القانون السابع إلى عكس سيطرت الليرة التي عادلت فرنكاً و سنتيم على السيادة إذ كانت معظم المعاملات المدنية تتعامل بها باستثناء الرواتب الشهرية التي تم تقاضيها بالفرنك السويسري بهذا نكون قد أوجزنا جزء بسيط من تاريخ العملة الفرنسية و سنتطرق في مقالات لاحقة للحديث عن فترات أخرى من تاريخ العملة في فرنسا