أفضل ما قيل عن الشتاء والمطر

ما أجمل الشتاء! فموسم الشتاء بكل مظاهره من الأمطار وبرودة الجو والصقيع والغمام يحبه الكثير، على الرغم من أن البعض لا يحب موسم الشتاء، ولكنه مفضل لمن لديه حسن فني من الشعراء والأدباء، فكل تفاصيل حياتنا لها رمزية معينة خاصة في الشعر العربي، ففصل الشتاء في الأدب العربي يعبر عن الحب والرومانسية تارة،  وتارة أخرى يعبر عن الوحشة والخوف، ولكن الكثير من الشعراء رمز إلى الشعر بمعناه الرومانسي فالأمطار والشتاء والبرد وكل ذلك بابا من الأبواب التي يستخدمها الشاعر في وصف الحب والهيام، لأن الأحباء يحتاجون إلى الدفء الذي تلهبه مشاعرهم، وقد تغنى بالشتاء والمطر أكبر الشعراء العرب منذ العصر الجاهلي إلى العصر الحديثـ، وفي مقالنا هذا سنقدم أفضل ما قيل عن الشتاء والمطر من قصائد.


يقول

نزار قباني

في قصيدة حقائب الدموع والبكاء


إذا أتى الشِتاءْ، وحرَّكتْ رياحهُ ستائري

أحسُّ يا صديقتي بحاجةٍ إلى البكاءْ/ على ذراعيكِ، على دفاتري.

إذا أتى الشتاءْ، وانقطَعتْ عندلةُ العنادلِ

وأصبحتْ كلُّ العصافيرِ بلا منازلْ

يبتدئ النزيفُ في قلبي، وفي أناملي/ كأنَّما الأمطارُ في السماءْ؛ تهطلُ يا صديقتي في داخلي.

عندئذٍ؛ يغمرني شوقٌ طفولي إلى البكاءْ/ على حريرِ شعركِ الطويلِ كالسنابلْ، كمركبٍ أرهقهُ العياءْ

كطائرٍ مهاجرٍ، يبحثُ عن نافذة تُضاءْ، يبحثُ عن سقفٍ لهُ، في عتمة الجدائلْ.


ويقول في قصيدة أخرى بعنوان ” حبيبة وشتاء”


جهنَّمي الصغيرة لا تخافي؛ فهَلْ يُطفي جهنمَ مُستطيعْ؟

فلا تخشي الشِتاءَ ولا قواه؛ ففي شفتيكِ يحترقُ الصقيعْ


وقال في قصيدة أخرى بعنوان ” لا وسيلة للتدفئة سوى أن أحبك”


وأنا أيضاً أريدُ أنْ أكونَ في عِشقي شتائياً، وانقلابياً، وعاصفاً

فمع امرأةٍ استثنائيةٍ مثلكِ، لا يمكنني إلَّا أنْ أكونَ استثنائياً

ومع عاشقةٍ مجنونةٍ مثلكِ، لا يمكنني أنْ أبقى مُحارباً على أرضٍ منزوعة السلاح

لا يقلقني الثلجُ، ولا يُزعجني حِصارُ الصقيعِ

فأنا أقاومُه؛ حيناً بالشِعر، وحيناً بالحبِّ

فليسَ عندي وسيلةٌ أخرى للتدفئة، سوى أنْ أحبَّكِ

أو أكتبَ لكِ قصيدةَ حبّ.


قصيدة كن صديقي لسعاد الصباح


كُنْ صديقي، كَمْ جميلٌ لو بقينا أصدِقاءْ

إنَّ كلَّ امرأةٍ تحتاجُ أحياناً إلى صديقْ

و كلامٍ طيبٍ تَسمعُهُ، و إلى خيمةِ دفءٍ صُنِعتْ مِن كلماتْ

لا إلى عاصفةٍ مِن قبلاتْ

فلماذا يا صديقي لستَ تَهتمُ بأشيائي الصغيرة؟

و لماذا .. لستَ تَهتمُ بما يُرضي النِساء؟

يقول الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم

زمّليني برمشكِ، واستَغرِقي في الكَلامِ المُبعثرِ

ذاكَ الَّذي لا يَفُكّ طلاسمهُ الشّعراءُ

وانزعي سترةَ البردِ عني، بجمركِ يكتملُ المشهدُ الشّتويُّ

وفي أضلُعي يستوي الكستناءُ.

ويقول الشاعر عمر سليمان

كيفَ أقولُ؟ وخَطْوُكِ تفعيلةٌ لم يَطلْها الخَليلُ

وكيفَ أراكِ إذا فجأةً ترجعينَ لبردِ المدينةِ

وَضَّبتِ هذا المكانَ بمحفظةِ الذكرياتِ، وعلَّقْتِهَا فوقَ كَتْفِ الغيابِ

غرستِ فراغاً بكرسيِّ بُعْدِكِ/ ها إنني الآنَ وحديْ، يبعثرني الحزنُ بينَ ضجيجِ المقاهيْ

ولا شيءَ إلا ضياعيْ، ودمعيْ وبردُ الشتاءْ.


ويقول الشاعر ياسر الأطرش


وأيضاً.. يَقومُ الشِتاءُ قتيلا‏

وأعرفُ أنَّ الَّذي جاءَ موتي، وأقرأ وجهَكِ إلا قَليلا‏

وهذا الوقوفُ على بابِ حُزنٍ قديمٍ يطولْ‏

ويطفئُ في الروحِ قنديلَ ذكرى‏، ويُوقدُ سِرباً مِن الخوفِ‏

سرباً يضيء احتمال الحياةِ، وسرباً ضليلا‏

فلا تكتبيني شتاءً طويلاً، لأنَّ الرِفاق انتهوا في الزحامِ‏

ووحدي، دخلتُ شتاءكِ ناراً‏

فكنتُ احتراقَ دمي، والفَتيلا‏

كوَجهي يَقومُ الشِتاءُ قَتيلا‏


قصيدة حلم ليلة منتصف الشتاء للشاعر نائل الحريري

هذا الطريقُ ممزَّقٌ مثلي

وحيٌّ يفتحُ الأبوابَ للدَّمِ والهواءْ/ وأنا المحَطَّمُ، خلفَ نافذتي يُطِلُّ العمُّ (سانتا)

حاملاً في الكيسِ أشرعةَ البكاءْ

فأسيرُ من وجعي إلى وجعي، وتغمرني شرايينُ المساءْ

وأراكِ في عينيكِ، خلفَ الثلجِ والأفقِ البعيدْ… والحزنِ.

صارَ الحزنُ نافذتي… أتى عامٌ جديدْ


الشاعر صلاح عبد الصبور


ينبئني شِتاءُ هذا العام، أنَّني أموتُ وَحدي/ ذاتَ شتاءِ مثلّهُ، ذاتَ شتاءْ

يُنبئني هذا المساءُ أنَّني أموتُ وحدي/ ذاتَ مساءِ مثلَهُ، ذاتَ مساءْ

وأنَّ أعوامي التي مضتْ كانتْ هباء، وأنَّني أقيمُ في العَراء

ينبئني شتاءُ هذا العامِ أنَّ داخلي مرتجفٌ بردا

وأنَّ قلبي ميتٌ منذ الخريف، قد ذوى حين ذوتْ، أولُ أوراقِ الشجر

ثم هوى حين هوتْ، أولُ قطرةٍ مِن المطر

و أنَّ كلَّ ليلةٍ باردةٍ تزيدهُ بُعدا، في باطن الحجر


الشاعر فاروق جويدة


الليلةُ عدنا أغرابا والعُمرُ شتاءْ

فالشمسُ توارتْ في سأمٍ، والبدرُ يجيءُ بغير ضياءْ

أعرفُ عينيكِ وإنْ صِرنا بعضَ الأشلاءْ

طالتْ أيامي أمْ قَصرتْ فالأمرُ سواءْ

قد جئتُ وحيداً للدنيا، وسأرحلُ مثل الغرباءْ


انشودة المطر لبدر شاكر السياب


ومنذ أنْ كنَّا صغاراً، كانتْ السماءُ، تغيمُ في الشتاءْ، ويهطلُ المطر

وكلَّ عامٍ حين يعشبُ الثرى نجوعْ، ما مرَّ عامٌ والعراقِ ليس فيه جوعْ

مطر، مطر، مطر

في كلِّ قطرةٍ من المطر، حمراءُ أو صفراءُ من أجنَّة الزَّهَرْ

وكلِّ دمعةٍ من الجِياعِ والعراة، وكلِّ قطرةٍ تُراق من دمِ العبيدْ

فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد، أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ

في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياة…

مطر، مطر، مطر

سيُعشبُ العراقُ بالمطر”


الشاعر أحمد مطر


حنُ لسنا فقراءْ، بلغتْ ثروتُنا مليونَ فقرْ

و غدا الفقرُ لدى أمثالنا، وصفاً جديداً للثراءْ

وحدهُ الفقرُ لدينا كانَ أغنى الأغنياءْ

بيتُنا كان عراءْ، والشبابيك هواءٌ قارسٌ، والسقفُ ماءْ

فشَكونا أمرنا عِندَ وليِّ الأمرِ فاغتمْ

ونادى الخبراء، وجميع الوزراء، وأقيمت ندوة واسعة/ نوقش فيها وضع إيرلندا، وأنف الجوكندا

وفساتين اميلدا، وقضايا هونو لولو، وبطولات جيوش الحلفاءْ

ثم بعد الأخذ والرد، صباحاً و مساءْ، أصدرَ الحاكمُ مرسوماً بإلغاءِ الشتاء!


امرؤ القيس


صاح ترى برقاً أريك وميضه

كلمع اليدين في حبي مكلل

يضيء سناه، أو مصابيح راهب

أمال السليط بالذبال المفتل

فأضحى يسح الماء حول كنيفه

يكب على الأذقان دوح الكنهبل

وتيماء لم يترك بها جذع نخلة

ولا أطما الا مشيدا بجندل

كأن بثيرا في عرانين وبله

كبير أناس في بجاد مزمل

كأن ذرا رأس المجيمر غدوة

من السيل والغثاء فلكة مغزل

كأن مكالي الجواء غدية

صبحن سلافا من رحيق مفلفل

كأن السباع فيه غرقى عشية

بأرجائه القصوى أنابيش عنصل


العريني:


سقوى إلى حقت علينا السحابه

واخضر كل معذر من هضيبه

ووادي حنيفه مد حبل الرجابه

جمه على الطيه يخضه عسيبه

وديارنا اللي في ملاقي شعابه

يرجع لها عقب الشهابه عشيبه

حتى النخل يشتاق حي مشى به

باطراف سبحاته تنوح الربيبه


الشاعر الشعبي الفذ محسن الهزاني في وصف السحاب والمطر:


خلاف الجفى والهجر والياس والرجاء

بالاقدار يسقي دار وادي المجامع

سبعة ايام على يوم ثامن

بنجم الثريا ثم بالصرف تابع

بنو عريض حالك اللون مظلم

منه الفرج يرجى إلى شيف طالع

لكن ربابه حينما ينشر السدى

جنح الدج، ريلان صم المسامع

نهاره كما ليل بهيم وليله

نهار من ايضاح البروق اللوامع

إلى ما غشا وقت العشا بعدما نشى

حباله من المشرق نسيم الذعاذع

حاذا الى هذا وهذا رفى لذا

وهذا لهذا بالموازين تابع

وزلزل وعزل به رباب ونزل

بسجر ونجر مثل ضرب المدافع

وخيم كما الحندس وغيم وديم

وغطى ما وطى منه، الوطى والمرافع

وثور غبار الأرض من ضرب ودقه

وضجن منه الجازيات الرواتع

بسح وتسكاب إلى حيث ما يجي

له الحول والما في خباريه ناقع