اسباب هبوط الليرة التركية

الاقتصاد التركي أصبح الآن مهددا من تدني الليرة التركية، وهو الأمر الذي أثار الجدل في تركيا وجعل الجميع يتحدث عن أسباب سقوط الليرة التركية إلى هذا الحد الكبير، وهو ما جعل كبار المسؤولين الاقتصاديين يجتمعون اليوم في إطار مجلس التنسيق الاقتصادي للمرة الثالثة خلال أسبوعين لمناقشة الوضع الحالي، حيث جاء في بيان بعد الاجتماع أنه تم اتخاذ عدة قرارات من أهمها قرار باعتماد تدابير عدة لدعم الإنفاق العام والقطاع المالي والمصرفي وأسواق العمل والعقارات، فقد شهدت الليرة التركية تدهورا كبيرا جدا خلال الأيام الماضية وقد تدهور سعر صرف الليرة التركية ليبلغ أدنى مستوى له مقابل الدولار إلى 3.5 ليرة لكل دولار وبذلك خسرت 0.3 % من قيمتها في 24 ساعة ومازالت الليرة في تدهور، فما سبب تدهور الليرة التركية؟ وما رد فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن هذا الأمر ؟


بداية هبوط الليرة التركية


على الرغم من قوة الاقتصاد التركي والنجاحات التي يحققها خلال السنوات الماضية من حيث الاستثمارات الأجنبية والسياحة وغيرها من المجالات إلا أنه قد شهد انخفاضا كبيرا جدا أمام الدولار في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي، فوضع الليرة التركية تأثر بالأوضاع الجيوسياسية أي أنه تأثر بالوضع السياسي الراهن مثلما حدث في العراق وسوريا وغيرها من الدول الغير مستقرة سياسيا، فالأجواء المحيطة بتركيا خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة أثرت كثيرا على الليرة التركية، وعلى الرغم من التوقعات المستقبلية لارتفاع الليرة التركية إلا أنها في الفترة الحالية قد تراجعت لأدنى مستوى لها.

وتبدأ قصة هبوط الليرة التركية أمام الدولار من حوالي عشر سنوات عندما كان الدولار يساوي 1.16 ليرة وتحديدا في عام 2007 وهذه الفترة كانت الليرة التركية تسجل أعلى مستوى لها، ولكنها قد انخفضت إلى 2 ليرة لكل دولار في سبتمبر 2013 ثم واصلت تراجعها لتكسر حاجز ال 3 ليرات لكل دولار في سبتمبر العام الماضي.


أسباب هبوط الليرة التركية


لاشك أن الوضع السياسي الحالي له عامل كبير جدا في هبوط الليرة التركية، فالاضطرابات السياسة في تركيا وسعي الحكومة إلى توسيع سلطات أردوغان وتدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي كلها أسباب أثرت على الليرة التركية، ولكن الخبراء والمحللين الاقتصاديين استطاعوا أن يجملوا أسباب سقوط الليرة التركية إلى عدة أسباب وهي كالتالي

1- لاشك أن تركيا تأثرت بالوضع الاقتصادي العالمي خاصة بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لأن ترامب قد وعد بوعود اقتصادية خوفت العالم منها خاصة الدول النامية.

2- من ناحية أخرى فقد أرجع بعض الخبراء الاقتصاديين أن اتفاق أوبك حول خفض مستويات الإنتاج وهو الأمر الذي دفع أسعار النفط إلى مستويات مرتفعة فوق 54 دولارا للبرميل قد يزيد الضغوط ويرفع التكلفة على واردات الحكومة التركية من النفط، حيث تستورد تركيا 90% من استهلاكها النفطي وهو ما أثر بشكل مباشر على العملة التركية.

3- وهناك سبب من الممكن أن يكون عاملا مهما في تراجع الليرة التركية وهو ديون الشركات المرتفعة والتي وصلت إلى 210 مليارات دولار، وبالوضع الحالي لليرة يجعل أزمة هذه الشركات أكثر بكثير مع محاولاتهم توفير الدولارات على حساب العملة المحلية.

4- ومن الممكن أن يكون إحجام البنوك التركية عن الإقراض عاملا مهما في تراجع الليرة التركية وبحسب البيانات الرسمية في سبتمبر 2016 وصلت معدلات الإقراض إلى 8%، فيما كانت مستوياتها في نهاية العام الماضي عند 20%، ومن المنطقي أن يؤثر ذلك على عجلة الاقتصاد والليرة التركية.

5- لاشك أن محاولة الانقلاب الفاشل التي تمت في يوليو الماضي له عامل كبير في زيادة الأزمة الاقتصادية الداخلية والتي أثرت على مستويات السياحة والاستثمارات الأجنبية بتركيا كثيرا جدا، إضافة إلى تأثر تركيا بالأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، وتوتر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.


رد فعل الرئيس التركي ” رجب طيب أردوغان”


كان أول رد فعل للرئيس التركي رجب طيب أردوغان فور سقوط الليرة التركية لهذا الحد أنه قد حض شعبه على تحويل العملات الأجنبية التي يمتلكونها إلى الليرة التركية، وهو الإجراء الذي يهدف إلى دعم العملة التركية التي في طريقها المستمر للانخفاض، وقد قال في كلمة له “من يملكون عملات أجنبية مخبأة تحت الوسادة، عليهم تحويلها إلى ذهب، وإلى الليرة التركية، لكي تصبح الليرة أكثر قيمة، ويصبح الذهب أكثر قيمة”.

كما دعا البنك المركزي إلى خفض فوائده على الرغم من ارتفاع نسبة التضخم إلى أكثر من 7%، كما قررت بورصة اسطنبول في الوقت ذاته إلى تحويل كافة موجوداتها السائلة إلى ليرة تركية دعما لنداء الرئيس التركي، وإدراكا لمدى التدهور المستمر الذي يلحق العملة التركية منذ الشهر الماضي.

وعلى الرغم من ذلك إلا أن توقعات وكالة بلومبيرغ تكشف عن ارتفاع سعر الليرة أمام الدولار في الفترة القادمة، ليصل سعر الليرة التركية مقابل الدولار سيصل إلى 3.35 ليرة في الربع الأول من 2017، وفي الربع الثاني 3.40 ليرة لكل دولار، وفي الربع الثالث والرابع 3.42 ليرة، وتوقعت الوكالة أن ترتفع الليرة التركية في 2018 إلى 3.25 لكل دولار.