ماهو الفرق بين الجنّ والشّياطين ؟
خلق الله الناس وخلق معهم مخلوقات أخرى، ليس هباءً أو سدى، وإنما لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى في خلقه، فأوكل الله إلى هذه المخلوقات الأخرى مهمة خاصة ومحددة يقومون بها وفق إرادة الله ومشيئته، فقد خلق الله صنفاً من المخلوقات من نور وهم الملائكة ولهم مهمات ووظائف محددة يتولونها، وهناك مخلوقات أخرى وهم الجن وقد ورد ذكرهم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وقد أتم الله خلقهم من النار، فهم غير مشابهين للبشر في الخِلقة والعديد من الأمور الأخرى.
و قد جاء اسم الجن من كلمة جنّ، ومعناها اختفى وتوارى عنه، وقد أطلق هذا الاسم على الجن لأنهم لا يظهرون للناس ولا يرونهم بأشكالهم الحقيقية بل يتمثلون في أشكال متعددة أخرى متى أرادوا ذلك سواء بشرية أو حيوانية، ويقول بعض الناس إن الكلب الأسود والقطة السوداء من الشياطين نعوذ بالله منهم و من شرورهم، ولكن الجان يبصرون البشر ويرونهم.
ويتميز الجن بخصائص أخرى مختلفة كليةً عن البشر، فهم لهم مأكل ومشرب يختلف عن ما يأكله ويشربه البشريين، ويقطنون في أماكن تختلف عن تلك التي يقطنها البشر، فالجن يتغذون على العظام التي تم البسملة عليها فتصبح كثيرة اللحم، وتتغذى حيواناتهم على فضلات الحيوانات، ويحل الجن حيثما يحل البوار، ويقطنون الأماكن المهجورة الخالية من السكان، والمراحيض والمقابر والأماكن القذرة والحمامات، ولهذا أوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الله عند الولوج إلى الحمام، وهم عندهم زواج ولكن يختلف عن زواج الإنس، و هم يتكاثرون ويتوالدون أيضاً، وهم يعيشون أعواماً مديدة، وعندما يموتون يحشروا مع الإنس يوم القيامة ليتم حسابهم.
ولهم عقيدة ودين فمنهم المؤمنين ومنهم الكافرين، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عنهم أنهم سمعوا آيات على لسان رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فآمنوا به وتأكدوا من وجود الله عز وجل وندموا على ما كانوا فيه من كفر وإلحاد.
ويعد الشياطين فريق من الجن، فالجن ينقسم كما ذكرنا إلى فريقين: فريق مؤمن بالله وفريق آخر كافر بالله، فتعد الشياطين من الفريق الكافر الملحد الذي لا يؤمن بالله، وأبى أن يعتنق الدين الإسلامي، وقد قادهم إبليس لعنة الله عليه وهو شيطان، وقد اشتقت كلمة شيطان من كلمة شطن وتعني نأى أو لم يطيع، فالشيطان يائس من رحمة الله عز وجل، ويقوم بغواية الإنس ليجعلهم مثله من الغاوين، وحتى لا يكون هو وحده العاصي لله.
و قد ورد ذكر الشياطين في العديد من الآيات القرآنية، و هو ملعون من الله، ويعد نوع من أنواع الجن، وهو يغوي بني آدم ويوسوس لهم دائماً بالشر والابتعاد عن الله سبحانه وتعالى، و يحزنهم و يوهنهم ويحدث الكراهية والبغضاء بينهم، وهو يمني الناس بالسعادة الزائفة، و يصور لهم الباطل على أنه حق، ويغرر بهم بالكذب والضلال.
و قد خلق الله الجن والإنس جميعهم لغاية واحدة عظيمة و جليلة ألا وهى عبادته و حده لا شريك له والإيمان به وطاعته، فينبغي على جميع مخلوقات الله طاعته و عبادته وحده، و خلق الله الخلق جميعهم مختلفين فيما بينهم يتميز كل واحد منهم بصفات معينة تميزه عن غيره، فخلق الله البشر من طين من صلصال من حمأٍ مسنون، بينما خلق الجان من النار، و تم خلق الجن أولاً قبل خلق البشر، وقد قمنا بالاستدلال على ذلك من خلال القرآن الكريم حيث أن الله عز وجل أخبرنا أنه عندما تم خلق سيدنا آدم عليه السلام أمر الله الملائكة أن تقوم بالسجود له، فسجدوا جميعاً إلا إبليس آبي واستكبر عن السجود له، وقد كان إبليس من الملائكة المُجِدين في طاعة الله عز وجل، و عندما رفض السجود لآدم أصبح من العصاة لأنه لم يطيع أمر الله عز وجل، وبذلك تم طرده من رحمة الله، وصب عليه الله عز وجل لعنته، لتماديه في تحديه لله عز وجل، و قال لله عز وجل أنه سوف يتعهد آدم وذريته بالوسوسة إليهم لكي يحيدوا عن إطاعة أوامر الله، ويتبعوا سبيل الغي، و كان إبليس العامل الهام في معصية سيدنا آدم التي ارتكبها وتسببت في خروجه من الجنة ونزوله إلى الأرض هو وذريته.