طرق التخلص من هوى النفس

خلق الله الأنسان في الكون لمهمة كبيرة تكمن في تعمير الأرض و اصلاحها و اصلاح الأرض و اعمارها لن يتم الا بصلاح الأنسان و صلاح نفسه حيث ان الله عز وجل كرم الأنسان و انعمه بنعمة العقل و عزز من نفسه من اجل ان يكون فرد صالح , تقي يتغلب على شرور نفسه و شرور شهواته و اعماله فاذا تغلب الهوى على الأنسان سيكون الهلاك  هو مصيره في الدنيا و الأخرة فقد خص الله ذكر الهوى بالذم لانه يؤدي الي الضلال و يهوي بصاحبه فالأنسان خلق من اجل تأدية واجبات خصها الله له فاذا غلب عليه هواه سيصبح عاجز امام ما خلق من اجله و التخلص من هوى النفس ليس بالأمر الصعب فلكل داء دواء و ليس بالضرورة ان يكون الداء مرض يصيب الجسم فهناك امراض تصيب دواخل الأنسان و نفسه و الشفاء منها امر يتطلب السير فيه و خلق دوائه بأنفسنا مع الحرص على التخلص نهائيا منه

الهوى


هوى النفس :

الهوي هو ان يميل الطبع الي ما يلائمه و سمي بهذا الأسم لنه يهوي صاحبه و يدعوه الي اللذة اتجاه اشياء كثيرة دون التفكير بالعواقب و يجعله متطلب للشهوات دائما و السير نحوها فالهوي يضلل صاحبه و يعميه عن ملاحظة العواقب التي ستصيبه فيما بعد حيث نهى الله العبد عن اتباع شهواته و هوى نفسه تجنبا لما سيناله من العقاب و الندم و الالام لذلك لم  يذكر الله سبحانه و تعالى الهوى في كتابه الا بالذم و كذلك في السنة جاء مذموما


طرق التخلص من هوى النفس :



.

يجب على الشخص ان يتجه الي ربه من كل الأتجاهات بمعنى ان يقترب الي الله عز و جل من خلال صلاته فصلاة الأنسان نجاة من مفاتن الدنيا و معاصيها لذلك عليه ان يحسن صلاته يؤدي فروضها و اذا لزم الأمر يصلي نوافلها كلما احس برغبته في فعل شيء ما يستعيذ من الشيطان الرجيم و يتجه فورا للوضوء و الصلاة و ليس بالضرورة ان تكون الصلاة لفرض معين و لكنه من الممكن ان يصلي ركعتين بنية حاجته الي الله للتخلص من هوى نفسه

. يجب عليه ايضا ان يطمئن قلبه ان كل ما يصيبه من هواجس هوى نفسه سينتهى و طمأنة القلوب لا تأتي الا بذكر الله لذلك فليقم الشخص و يحسن الوضوء و يأتي بالمصحف الشريف و يقرأ بعضا من سوره و يدعو ربه ان يقويه على مجاهدة نفسه و لن يخذله الله ابدا


.

لا مانع في ان يتجه الشخص الي المساجد و حضور المجالس الدينية و الأستماع الي كلام الله بدل من الأستماع الي وساوس الشيطان و هلاوس نفسه و اذا لزم الأمر فلا بأس في مخاطبته لرجل دين او شيخ صالح فيما يعانيه حيث خصهم الله و جعلهم رجال دين من اجل تقديم النصحية لغيرهم و مساعدتهم في اي امر من امور الدنيا و ارشادهم الي الصواب و تقديم يد العون لهم و اخبارهم بما حثنا الله عليه و ما نهانا عنه سبحانه و تعالي


.

في اوقات كثيرة يغلب الهوى على الأنسان بسبب فراغ وقته لذلك يتوجب على الشخص ان يملي فراغه من خلال العمل و مزاولة مهنة او حرفة يفضلها , ممارسة الرياضة , التجمع مع اصدقائه , حضور الندوات و المجالس الدينية , قراءة الكتب و ايضا يمكن ان ان يتعلم شيء جديد يفيد و يحرر عقله من سيطرة اهواء نفسه عليه


.

يجب على الشخص ان يفكر في انه لم يخلق للهوى و انما خلقه الله و انعمه من اجل امور عظيمة سيتمكن من النيل منها حينما يتخلص من اهوائه و ضعف نفسه


.

يجب ان يتحلى الشخص بالصبر و الأستقامة حيث ان جهاد النفس يعتبر اصعب جهاد يمكن ان يواجهه الشخص في حياته لذلك يجب عليه ان يكون صابرا على نفسه حتى و ان طال به الوقت فحتما في النهاية سيصل الي مراده


.

يجب عليه ان يأخذ عهد بينه و بين الله و نفسه بان يتوب عن كل المعاصي و الأهواء التى جرفت به الي الضلال و ان يضع تلك الهدف امام عينه و هو هدف التوبة و يعمل جاهدا ان يسير على خط مستقيم من اجل الوصول الي ذلك الهدف و يضع في اعتباره ان الوعد الذي اخذه امام ربه لا يجوز ان يخلفه و ايضا عليه ان لا ييأس من رحمة الله و التيقن دائما ان الله معه ولن يخذله


.

يجب عليه ان يفكر بقلبه و عقله في العواقب التي سينالها من السير خلف هوى نفسه و يتأمل في كم المعاصي التي ارتكبها و كم اللذات و الشهوات التي كسرت من نفسه و قبحت ذكره وسوءت نفسه و الزمته ذما و ذنبا لن يغفر حتي يتوب و يرجع الي الله تعالى و الي صوابه و الحد من هوي نفسه


.

يجب عليه ان يحكم عقله في فعل الأشياء التي يهواها و يتصور حاله بعد انقضاءها و يضع دينه امام عينه و يخبر نفسه دائما بان فعل تلك الأشياء لا يأتي من وراءها الا دمار نفسه و هلاكها


.

يجب عليه ادراك ان هوى النفس اذا اختلط بشيء افسده و مثال على ذلك اذا احتلط الهوى بالعلم اخرجه الي البدعة و اذا اختلط بالحكم اوقع صاحبه في الظلم و اذا اختلط بالزهد اخرج صاحبه الي الرياء و هكذا لذلك يجب ان يدرك الأنسان حجم الفساد الذي سيعود عليه عند اتباع رغباه و اهوائه


.

يجب عليه مجاهدة شيطانه القابع فوق رأسه الذي يوسوس له بالسير خلف شهواته فلا يوجد مدخل للشيطان على الأنسان غير باب هواه و اذا فتح الأنسان له ذلك الباب دخل عليه بالفساد و الضلال لقلبه و عقله لذلك يتوجب عليه ان يضع فى رأسه ان شيطانه هو عدوه الوحيد و يدخل في جدال و تحدي معه و يبدأ في مواجهته و محاربته حتى يعلن فوزه عليه و على اهواء نفسه فلا يوجد شخص في هذا الكون  يحب ان يهزم من خصمه او عدوه لذلك عليه تحكيم عقله في كل شىء

في النهاية يجب ان يكون الشخص على اقتناع تام انه قادر على فعل اي شيء حتى و ان وسوست له نفسه بأنه عاجز عن فعله كما يجب عليه ان يدرك تماما ان كل شيء هو محاسب عليه لذلك يجب عليه محاسبة نفسه قبل ان يحاسبه ربه و المقصود بحساب النفس تعزيزها و ليس لومها فهناك فرق كبير بين محاسبة النفس و جلد الذات و يجب الفصل بينهما حتى لا نقع في صراع النفس اللوامة