ما هي الفاتكا “Fatca” ؟
سنة بعد سنة يتزايد معدل تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في النظام العالمي المالي من اجل السيطرة عليه، عن طريق التحكم في عمليات التهرب الضريبي بالنسبة للأمريكيين و التأكد من أن المؤسسات المالية ملتزمة في العالم بقوانين المقاطعة، التي تفرضها أمريكا على الدول الأخرى.
التجاوزات
مع مرور السنوات كانت الولايات المتحدة الأمريكية دائما تحاول ضبط عملية جمع الضرائب الخاصة بالمقيمين خارجها و المقيمين الذين يحملون جنسيتها، الذين يتهربون من دفع الضرائب الخاصة بدخولهم إلى الحكومة الفيدرالية بشكل غير قانوني. حيث أن دافعي الضرائب يتهربون من خلال فتح حسابات في دول تعمل بسرية تامة للحفاظ على أسرار عملائهم مثل سويسرا وبنما أو فتح حسابات في ما يسمى “جنة الضرائب” و هي الدول التي لا تفرض أو تفرضها منخفضة ضرائب على الدخول و التي تهدف لتجنب الضرائب للسلطات المالية في دول الأصل على حساب المالية العامة للدول التابعة لها.
لماذا يتهرب الأمريكيون من الضريبة؟
و بالرغم من أن أمريكا تفرض عقوبات شديدة إلا أن المخالفين مازالوا يتهربون من سداد الضريبة بشكل كبير مما يسبب معه خسارة كبيرة للخزانة الأمريكية. فتقول التقديرات مثلا أنه منذ سنة 2001 إلى غاية سنة 2010 فقدت الخزانة الأمريكية ما يناهز 3.4 تريليون دولار من الإيرادات الضريبية بسبب التهرب. و كان من المنتظر أن تقوم هذه المبالغ الضخمة بتخفيض العجز في الميزانية و نمو حجم الدين العام الأمريكي لكن هذا لم يحصل بسبب عدم الالتزام بدفعها. ما يميز النظام الضريبي في أمريكا أن الضرائب تتبع الجنسية و ليس مكان توليد الدخل، و بالتالي فإن كل حامل للجنسية الأمريكية يجب أن يقدم المعلومات الضرورية عن دخله من مختلف المصادر داخل و خارج أمريكا لإدارة الضرائب الأمريكية من أجل فرض الضريبة عليه.
المراقبة و التعقب
مع ارتفاع العجز في الميزانية الأمريكية و تزايد حجم الدين العام، بدأت تظهر مدى خطورة تأثيرات عمليات التهرب الضريبي في المالية العامة الأمريكية، و قد حاولت أمريكا كثيرا من أجل تعقب و متابعة الحسابات الخاصة بالأمريكيين في الخارج لكن كانت تواجهها البنوك التي تلتزم بأعلى معايير السرية فيما يخص المعلومات المتعلقة بعملائها مما يصعب هذه المهمة و يجعلها جد مكلفة. و الأكثر من هذا أن هذا النوع من البنوك منتشر في العالم حيث يبلغ 82 مركزا ماليا حول العالم خاصة في سويسرا و لوكسمبورغ و هونج كونج و جزر كايمان و سنغافورة.
إصدار قانون الفاتكا
في سنة 2010 و بهدف رفع مستويات التوظيف للعمالة الأمريكية صدر قانون ” Hiring Incentives to Restore Act Employment ” و الذي يمنح حوافز و إعفاءات ضريبية من اجل تشجيع قطاع الأعمال على توفير فرص الشغل للأمريكيين العاطلين. و من بين النواحي التي اهتم بها هذا القانون هو قانون الالتزام الضريبي على الحسابات الأجنبية التي يملكها الأمريكيون في خارج أمريكا و هو ما يعرف بالفاتكا ” Foreign Account Tax Compliance Act “، و يفرض هذا القانون على المؤسسات المالية في الخارج بالضرورة الكشف عن الحسابات الخاصة بالأمريكيين في الخارج إذا تجاوز الحساب 50 ألف دولار. و بهذا يجبر القانون الدول في العالم تغيير نظامها المصرفي و الضريبي.
أزمة البنوك السرية
بسبب هذا القانون أصبحت مراكز النظم السرية المصرفية في أزمة حقيقية، حيث أصبح واجبا عليها سواء أكانت بنوك أو شركات تأمين أو صناديق استثمار أن تسجل لدى إدارة الضرائب الأمريكية، و أن تستلزم بإعطاء البيانات الشخصية لكل العملاء الأمريكيين لديها حسب نظام الفاتكا علما أن المؤسسات المالية تسجل لدى إدارة الضرائب الأمريكية حسب نموذجين مختلفين. و هكذا تكون قد سيطرت على الضرائب الخاصة بها في الخارج.