كيف تساعد الزكاة في تحسن المجتمع
الزكاة عبارة عن مقدار او حصة مقدرة من المال تم فرضها للمستحقين و الذين تم تحديدهم او تسميتهم في كتاب الله عز و جل , كما ان الزكاة في لغة القرآن و السنة يمكن ان تسمى صدقة مصداقًا لقوله تعالى “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم” و مصداقًا للحديث الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه و سلم عندما ارسل معاذ الى اليمن ” أعْلِمْهُم أن اللّه افترض عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم” .
ان الزكاة من الفرائض التي لها مقاصد في تربية المسلم و تعمل و تساعد على زرع الخير , الزكاة تطهرك من البخل و تدربك على الانفاق و البذل و التشبه بالخلاق الكريم , كما ان المواظبة على اخراج الزكاة فيها اقرار بالشكر لله و معالجة للقلب من الافتتان بامور الدنيا فالمال فتنة كما انها تعمل على تطهير المال الحلال و الزيادة فيه , تعتبر تلك الاهداف على المستوى الشخصي و لكن ايضا الزكاة تهدف الى تحصين المجتمع و العمل على ضمان تماسكه حيث تساعد الزكاة على استشعار الانتماء للجماعة او المجتمع من خلال فهمه لتأثيرها الروحي و النفسي فالزكاة تساعد على الاحساس بقوة الرابط بين العبد و ربه , حيث يشعر الفرد بغاية له في الحياة و يعرف مصيره في الآخرة او ثوابه في الآخرة , فالزكاة تساعد في رفع الهمة للمزكين الذين يحملون هم الفقراء و هم الدين قبل اي شئ فالفقر من اكثر العوامل التي يمكن ان تعمل على ضياع الدين و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم يتعوذ من الفقر اذ يقول ” اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر” و قد قال عنه ايضًا ” اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم ……وأعوذ بك من فتنة الفقر…” حيث ان الفقر يمكن ان يدفع صاحبه الى القيام بما لا يناسب اهل الدين و المروءة و قد يجعله لا يبالي بحرمات الله , هنا يأتي دور الزكاة التي يمكن ان تحقق الكفاف للفقير مما يساعده على التمسك بدينه و تتمثل الابعاد الاجتماعية للزكاة في الآتي : –
• التقليل من ظاهرة الفوارق الاجتماعية : –
عندما تغيب قيم العدل و المسؤولية تلاحظ تلك الظاهرة بكل قبحها و قسوتها و تجد المتخم و المتمتع بالقناطير المقنطرة من المال و الامكانيات و كذلك الذي يعيش حد الكفاف او لا يجد قوت يومه و يعاني مرار الجوع و قسوته , لكن وجود الزكاة و المحافظة عليها يساهم في علاج هذا الخلل الاجتماعي , حيث تسد حاجة الفقير و ترتقي بقلوب و نفوس المزكين , لكن هنا يجب ان يتعلم مانحي الزكاة الغاية من الزكاة و هى ان تجعل المتلقي للزكاة مستقبلًا مالكًا و ليس آخذًا فالهدف ليس مجرد تقديم صدقة للفقير كل عام و لكنه يظل على فقره دون تقدم او ترقي , لذا يجب ان يوجد في كل نظام مؤسسة او هيئة تتلقي تلك الاموال و تقوم على انشاء مشروعات او تيسير القدرة على ايجاد عمل للفقير حتى تكفيه الفقر و المسألة حتى لا تجد ظاهرة التسول او مد اليد و السؤال و هى للأسف ظاهرة انتشرت في مجتمعاتنا الاسلامية و هذا عائد الى قصر نظرتنا لاهمية الزكاة و كيفية العمل للوصول الى الهدف منها , فاعطاء الزكاة لا يجب ان يساعد على التكاسل و الكسل و القعاد عن طلب العمل فالاسلام دين العمل و العزة , لذا فقد حرم السؤال حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم” و و قد علمنا الرسول صلى الله عليه و سلم كيف يتخلص الانسان من ميل النفس الى السؤال ، “فقد جاء أنصاري يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله قائلا أما في بيتك شيء؟ فأخبره الأنصاري بقوله حِلْس نلبس بعضه ، ونبسط بعضه ، وقَعْبٌ والحلس ما يوضع على ظهر البعير، والقعب إناء ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه بهما ، فعرضهما في المزاد العلني ، فبيعا بدرهمين ، فأعطاهما الأنصاري وطلب منه أن يشتري بدرهم طعاما ، وبالآخر قَدوماً ، وأمره أن يحتطب ، وقال له , لا أرينّك خمسة عشر يوما ، فذهب واحتطب وباع ، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم ، اشترى ببعضها طعاما وببعضها ثوبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم , هذا خير لك من تجيء المسألةُ نُكتة في وجهك يوم القيامة , إن المسألة لا تصلُح إلى لثلاثة لذي فقر مدقع ( الفقر الشديد) ، أو لذي غُرْم مُفظع (الدية الكبيرة) ، أو لذي دم موجع، أي تحمُّل الدية” .
• الزكاة تساعد في اصلاح ذات البين : –
يهدف الاسلام دائمًا الى ان يسود الاخاء في المجتمع و المحبة بين الناس و لكن ظهور المنازعات في المجتمع يحتاج الى الاصلاح بين المتخاصمين مصداقًا لقوله عز و جل ” وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما” و في حال المنازعات و بخاصة تلك المنازعات على المال او التي يمكن ان تحل بالمال فان اهل الخير يقومون بالتدخل لحل النزاع فيقومون بدفع الاموال و بذلك يصبحوا غارمين و هنا يأخذون حقهم من الزكاة .
• احصان الشباب : –
في ظل مجتمعاتنا اليوم مع المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و البطالة يؤثر ذلك كثيرًا على قدرة الشباب على الاقبال على الزواج , هنا يظهر دور الزكاة ايضًا حيث يتم تخصيص جزء من اموال الزكاة لتحقيق التحصين للشباب و مساعدتهم على الزواج و قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه و سلم انه كان يعطي من يرغب في الزواج من اموال الزكاة وقد قال “ثلاثة حقٌّ على الله عونُهم , المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب(المَدين) يريد الأداء ، والناكح يريد العفاف” و قد قال الطيبي “إنما آثر هذه الصيغة إيذانا بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفدح الإنسان وتقصم ظهره ، لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها ، وأصعبها العفاف لأنه قمع الشهوة الجبلية المركوزة فيه ،….، فإذا استعف وتداركه عون الله تعالى ترقى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين” , و في عهد عمر بن عبد العزيز كان يخرج المنادي لينادي أين المساكين؟ أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أي الراغبون في الزواج .
لتحقيق الغاية الاجتماعية و المهمة من فريضة الزكاة يجب ان يكون هناك مؤسسة او هيئة او جماعة مسؤولة عن جمع اموال الزكاة و العمل على تخصيصها بشكل يكفي الفقير فقره و يساعده على امتلاك المال و الابتعاد عن ذل السؤال , يساعد الشباب على التحصين و العفاف و يساعد على حل النزاعات و يعمل على توفير المال الذي يساعد في تنمية المجتمع بكل طوائفه .
شاهد :
شرح طريقة التسجيل في مصلحة الزكاة والدخل
تطبيق احسب الزكاة .. Zakat calculator
تطبيق فتاوي الصيام والزكاة
قصة حرب المرتدين ” حروب الردة “