بحث عن مدينة قرطاج
قرطاج والتي تعرف أيضا بإسم قرطاجة ، هي مدينة تقع في تونس . كانت مدينة ذات مركزا للحضارة القرطاجية القديمة ، حيث كانت مستعمرة فينيقية في عاصمة الإمبراطورية القديمة .
كانت منطقة قرطاج يسكنها شعب الأمازيغي الذي أصبح ممثل أيضا للجزء الأكبر من سكان قرطاجه ويشكل جزءا كبيرا من جيشها واقتصادها وإدارتها . كان البربر هو اللغه الأم والتي تتساوى بالفينيقيه في قرطاج ، كما انها منطقة مختلطة بطرق مختلفة بما في ذلك الدين واللغة ، لخلق اللغة والثقافة البونية .
ويشار إلى الحضارة الأولى التي وضعت ضمن نفوذ نطاق المدينة باسم البونيقية “الفينيقية” أو القرطاجي ، وتقع مدينة قرطاج في الجانب الشرقي لبحيرة تونس عبر وسط تونس ووفقا للمؤرخين اليونانيين ، فقد تأسست قرطاج عن طريق المستعمرين الكنعانيين-الفينيقيين الذين جاؤا من مدينة صور ” لبنان الحديث” تحت قيادة الملكة إليسا أو ديدو ، وأصبحت مدينة كبيرة وغنية وبالتالي كونت قوة كبرى في منطقة البحر الأبيض المتوسط ، مما أدى التنافس مع سيراكيوز ، نوميديا بوروما من قبل عدة حروب وغزوات .
بدأ غزو حنبعل من إيطاليا للأشتراك في الحرب البونيقية الثانية ، والتي أسفرت عن فوز القرطاجي في معركة كاناي وأدى ذلك إلى تشكل تهديدا خطيرا لاستمرار الحكم الروماني في جميع أنحاء إيطاليا ، ومع ذلك ، استطاع الرومان فرض سيطرتهم العليا عن طريق غزو أفريقيا وهزيمة قرطاج في معركة زاما في عام 202 قبل الميلاد . وفي أعقاب الحرب البونيقية الثالثة ، تم تدمير المدينة من قبل الرومان عام 146 قبل الميلاد . ومع ذلك ، فإن الرومان اكتشفوا قرطاج ، التي أصبحت رابع أهم مدينة في الإمبراطورية والمدينة الثانية الأكثر أهمية في الغرب اللاتيني ، وأصبحت في وقت لاحق عاصمة قصيرة الأجل لمملكة المخرب ، وبعد احتلالها من قبل بيليساريوس ، تم تدميرها مرة ثانية في عام 698 . إلا أنها ظلت واحدة من أهم المدن حتى الفتح الإسلامي .
كتب الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو على نطاق واسع عن السياسة القرطاجية ، واعتبرت المدينة لديهم من أفضل المؤسسات الحاكمة في العالم ، جنبا إلى جنب مع تلك الدول اليونانية سبارتا وجزيرة كريت .
التضاريس :
بنيت قرطاج على نتوء من مداخل البحر من الشمال والجنوب ، وجعلت من موقع المدينة سيدة التجارة البحرية في منطقة البحر الأبيض المتوسط ، وقيل إن جميع السفن العابرة للبحر تمر بين صقلية وسواحل تونس ، حيث بنيت قرطاجه ، مما وفر لها قوة عظمى ونفوذ .
وقد تم بناء اثنين من الموانئ الاصطناعية الكبيرة داخل المدينة ، واحدة لإيواء البحرية في المدينة الهائلة المكونه من 220 سفينة حربية ، وأخرى للتجارة التجارية ” نايمكس” ، وبرج الجدران التغاضي وكلا المرافئ .
وتحيط بالمدينة الجدران العاليه الضخمة ، التي يبلغ أرتفاعها 37 كم في الطول ، أي أطول من أسوار المدن المماثلة ، وتقع معظم الجدران على الشاطئ ، وبالتالي يمكن أن تكون أقل إثارة للإعجاب ، حيث يتم فرض رقابة على القرطاجيين من البحر فمن الصعب الهجوم من هذا الاتجاه . وكان الجدار ضخمة حقا يمتد لمسافة من 4،0-4،8 كيلومترا على برزخ إلى الغرب ، وكان من الصعب اختراقه .
وكان بالمدينة مقبرة ضخمة أو ساحة للدفن أو منطقة دينية وأماكن للتسوق والمنازل والمجالس والأبراج والمسرح وقسمت المدينه إلى أربع مناطق سكنية متساوية الحجم وبنفس التصميم ، وتقريبا في وسط المدينة أنشأت قلعة عالية تسمى بيرسا .
وكان قرطاجه واحدة من أكبر المدن في العصور الهلنستية وكانت من بين أكبر المدن في تاريخ ما قبل الثورة الصناعية ، فيما قبل القرن 14 م ، وكان عدد سكان روما 750،000 على الأقل نسمة ، وفي القرن التالي قد وصلت إلى 1000000 نسمه ، مثل مدينتي الإسكندرية ، وأنطاكية ، بينما قرطاج معدودة فقط بضع مئات من آلاف أو أقل من ذلك . وكانت الإسكندرية تنافس قرطاج على المركز الثاني في الامبراطورية الرومانية .
المدينة العصرية :
تقع قرطاج الحديثه في إحدى ضواحي تونس ، وتقع في موقع العاصمة القديمة للإمبراطورية القرطاجية ، وكانت أكثر قليلا من مجرد قرية زراعية لمدة تسع مائة سنة حتى منتصف القرن 20م ، ومنذ ذلك الحين نمت بسرعة باعتبارها ضاحية ساحلية راقية ، وفي عام 2004 بلغ عدد سكانها 15922 نسمه وفقا للتعداد الوطني ، وقدر عدد سكانها بحوالي 21276 نسمه في يناير عام 2013 م .
وفي فبراير 1985م ، وقعت أوغو فيتيري ، رئيس بلدية روما ، والشاذلي القليبي ، رئيس بلدية قرطاج ، معاهدة رمزية “رسميا” لإنهاء الصراع بين مدنهم ، والتي كانت من المفترض عدم وجود معاهدة سلام لأكثر من 2100 سنة .
وأصبحت قرطاج من المعالم السياحية الشهيرة وضاحية سكنية هامه في تونس ، حيث يوجد بها قصر قرطاج ” قصر الرئاسة التونسي” وتقع مدينة قرطاج الحديثة ، في شبه الجزيرة ، وتجتذب المزيد من السكان الأثرياء ، بالرغم أن قرطاج ليست العاصمة ، ولكنه يميل إلى أن يكون القطب السياسي ، وهو «مكان قوة رمزية» وفقا لصوفي Bessis ، وترك لتونس الأدوار الاقتصادية والإدارية .
مؤسسة قرطاج :
وفقا للأسطورة ، أسست قرطاج الفينيقية الملكة اليسا ” المعروف باسم ديدو” في حوالي 813 قبل الميلاد ، حيث أن المدينة ” في تونس في العصر الحديث ، وشمال أفريقيا ” وكان في الأصل معروف باسم Cart -hadasht ” المدينة الجديدة ” لتمييزه عن المدينة الفينيقية القديمة تيكا ، ودعاها الإغريق بمدينة Karchedon ، وحول الرومان هذا الاسم إلي قرطاج ، وكانت ميناء صغير على الساحل ، والتي أنشئت فقط كمحطة للتجار الفينيقيين لإعادة العرض أو إصلاح سفنهم ، ونمت قرطاج لتصبح المدينة الأكثر نفوذا في البحر الأبيض المتوسط قبل صعود روما .
مركز التجارة العظيم :
بعد سقوط المدينة الفينيقية الكبيرة من صور علي يد الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد ، و Tyrians من الذين تمكنوا من الفرار إلى قرطاج بكل ثروة لديهم ، حيث أن العديد منهم كانوا أغنياء للغايه فأدخروا أموالهم للأكسندر لشراء حياتهم ، وسقط هؤلاء اللاجئين في المدينة مع وسائل كبيرة وضعت قرطاج كمركز جديد للتجارة الفينيقية ، ثم قاد القرطاجيين الأفارقة الأصليين المنطقة ، والمستعبدين منهم ، وفرضت الجزية علي البقية ، من بلدة صغيرة على الساحل ، ونمت المدينة في حجم وعظمة مع الملكيات الهائلة التي تغطي أميال من المساحة ، ومرت مائة سنة ولم يوجد أغنى من مدينة قرطاج في منطقة البحر الأبيض المتوسط .
وعاش الأرستقراطيين في القصور ، والأقل ثراء في منازل متواضعة ولكنها جذابة ، بينما الجزية والتعريفات زادت بانتظام من ثروة المدينة وعلى رأسها التجارة المربحة ، وأصبح الميناء الهائل ، به 220 حوض ، ويحاط بالأعمدة التي ارتفعت من حوله علي شكل نصف دائرة ، ومزخرفة بالنحت اليوناني ، وأصبحت تبحر السفن التجارية القرطاجية يوميا إلى الموانئ في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط ، في حين السفن البحرية العليا في المنطقة ، حافظت على سلامتهم ، وأيضا ، فتحت مناطق جديدة للتجارة والموارد من خلال الغزو .
قرطاج ضد روما :
وسبب هذا التوسع لأول مرة صراع قرطاج مع روما ، عندما كانت روما أضعف من قرطاج ، وقالت انها لا تشكل أي تهديد ، وكانت البحرية القرطاجية منذ فترة طويلة قادرة على فرض المعاهدة التي سمحت لروما التجوال في غرب البحر الأبيض المتوسط ، عندما تولت قرطاج صقلية ، ومع ذلك ، استجابت روما ، بالرغم من أنها ليست لديها قوه بحرية ولم تعرف شيئا عن القتال في عرض البحر ، ولذي بنت روما 330 السفن مجهزة بسلالم ذكية وممرات ” للغراب” التي يمكن ان تهبط على سفينة العدو ، وهكذا تحولت إلي معركة بحرية ، وبدأت الحرب البونيقية الأولى عام “264-241 قبل الميلاد” ، وبعد الصراعات الأولي مع التكتيكات العسكرية ، فازت روما بسلسلة من الانتصارات وهزم في النهاية قرطاج في 241 قبل الميلاد ، واضطرت قرطاج للتنازل عن جزيرة صقلية إلى روما ودفع تعويض الحرب الثقيلة .
وعقب هذه الحرب ، أصبحت قرطاج متورطة في ما يعرف باسم حرب المرتزقة “241-237 قبل الميلاد” الذي بدأ فيه جيش المرتزقة القرطاجي يطالب بدفع قرطاج المستحقة لهم ، وقد فاز في هذه الحرب أخيرا قرطاج من خلال الجهود التي يبذلها العامة حملقار برقا ، وعانت قرطاج كثيرا من كل هذه الصراعات ، عندما احتلت روما المستعمرات القرطاجية لجزيرتي سردينيا وكورسيكا ، وكان هناك القرطاجيين يحاولون تغيير وضعهم للأفضل بواسطة قهر وتوسيع حيازات في إسبانيا ولكن ذهبت مرة أخرى إلى الحرب مع روما عندما هاجم القرطاجي حنبعل مدينة Saguntum حليف روما ، وقد نشبت الحرب البونيقية الثانية عام ” 218-201 قبل الميلاد” وأمتدت إلى حد كبير في شمال إيطاليا ، كما غزت إيطاليا هانيبال من إسبانيا بسير قواتهم عبر جبال الألب ، وفاز هانيبال علي الرومان في إيطاليا ، وفي 216 قبل الميلاد حدث أعظم انتصار في معركة كاناي ، ولكنه كان يفتقر إلى القوات والامدادات الكافية ، ولكن هزم الجنرال الروماني سكيبيو الإفريقي في معركة زاما ، في شمال أفريقيا ، في عام 202 قبل الميلاد ، ومازال قرطاج يسعي مرة أخرى من أجل السلام .
ووضعت مرة أخرى في إطار التعويض بسبب الحرب الثقيلة من قبل روما ، وكافحت قرطاج لدفع ديونها في حين حاولت أيضا درء غارات نوميديا المجاورة ، التي دفعت قرطاج للحرب ضد نوميديا وخسرت ، وبعد أن دفعت مؤخرا ديونها إلى روما ، فإنها تدين الآن بدين حرب جديدة لنوميديا . وكانت روما ليست قلقة من تورط قرطاج مع نوميديا ، وكذلك لم تهتم بالتنشيط المفاجئ للجيش القرطاجي ، حيث يعتقد قرطاج أن تلك المعاهدة مع روما انهت حربهم عندما تم دفع الدين . واختلف روما ، وشعر الرومان أن قرطاج كانت لا تزال ملزمة بالانحناء أمام إرادة الرومان ، لدرجة أن السيناتور كاتو الروماني الأكبر انهى كل خطاباته ، بعبارة : “وعلاوة على ذلك ، أعتقد أن قرطاج يجب تدميرها “، وفي عام 149 قبل الميلاد ، تم اقتراح روما للقيام بهذا العمل .
تدمير قرطاج :
قدمت السفارة الرومانية في قرطاج المطالب إلى مجلس الشيوخ الذي تضمن النص على أن قرطاج يتم تفكيكها ثم أعيد بناؤه من الداخل ، رفض القرطاجيين لأسباب غير مفهومة أن يفعل ذلك وبدأت الحرب البونية الثالثة ” 149-146 قبل الميلاد” ، وقام الجنرال الروماني سكيبيو إميليانوس بمحاصرة قرطاج لمدة ثلاث سنوات حتى سقطت ، وأحرق الرومان الأرض ، وترك الحجر ليست واحدة على رأس الآخرى ، و يشار الى ان سكيبيو إميليانوس بكى عندما أمر بتدمير المدينة وتصرف بشكل متعدل مع الناجين .
وأصبحت تيكا الآن عاصمة المحافظات في روما الأفريقية وقرطاج التي تكمن في الخراب حتى عام 122 قبل الميلاد عندما Sepronius Gracchus Ghayous ، ومنبر الروماني ، أسس مستعمرة صغيرة هناك ، ذكرى للحروب البونية ، ومع ذلك ، فشلت المستعمرة .
وخطط يوليوس قيصر لإعادة بناء قرطاج ، وبعد خمس سنوات من وفاته ، ارتفعت قرطاج مرة أخرى ونقلت السلطة الآن من أوتيكا إلى قرطاج ، وظلت مستعمرة رومانية مهمة حتى سقوط الإمبراطورية .
التاريخ في وقت لاحق :
احتلت قرطاج مركز الصدارة ، كما نمت بها المسيحية وعاش اوغسطينوس هناك قبل ان يأتي الى روما ، وظلت المدينة تحت النفوذ الروماني من خلال الامبراطورية البيزنطية “سابقا الإمبراطورية الرومانية الشرقية ” الذي تصدى للاعتداءات المتكررة من قبل المخربين .
وفي عام 698 م ، انتصر المسلمون على القوات البيزنطية في معركة قرطاج ، ودمرت المدينة تماما ، وخرج البيزنطيين من أفريقيا ، وبعد ذلك أصبحت محصنة ، وأصبحت المدينة المجاورة لتونس وثبت أنها مركز جديد للتجارة وحاكمه في المنطقة .
وفي العصر الحديث لا يزال يكمن في قرطاج الخراب وفي تونس ، ولكن يظل عامل الجذب السياحي هام والموقع الأثري ، على البحر الأبيض المتوسط .