سيرة حياة الأديبة مي زيادة

تمثل الأديبات العربيات نسبة ضئيلة جدا بالمقارنة مع نسبة الأدباء ، فقد استطاعت بعض من النساء أن يظلوا النموذج الأول الذي يحتذى به فالأديبات في الوطن العربي استطعن أن يغيرن نظرة الكثير من النساء إلى الأدب ومن ضمن هؤلاء الأديبات هي مي زيادة والتي تعتبر من أهم الأديبات العربيات فكان لها باع كبير جدا ومؤلفات استطاعت من خلالها أن تثبت نفسها حتى الآن ، على الرغم من المعاناة النفسية التي كانت تعيش فيها إلا أنها أثبتت في النهاية أنها أفضل الأديبات العربيات وأكثرهم شهرة .


مولدها ونشأتها :


هي ماري بنت الياس زيادة ، ولدت عام 1886 في الناصرة وهي فلسطينية لبنانية فكانت لأب لبناني وأم فلسطينية ، تلقت دراستها في مدرسة الناصرة الإبتدائية ثم الثانوية في عينطورة بلبنان. انتقلت إلى القاهرة مع أسرتها حيث درست في كلية الآداب وأتقنت مع دراستها العديد من اللغات الأخرى مثل الفرنسية والإيطالية والإنجليزية والألمانية .، وحين تخرجها عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنجليزية وفي الوقت ذاته عكفت على إتقان اللغة العربية ودرست الأدب العربي والفلسفة والتاريخ الإسلامي في جامعة القاهرة.  استطاعت أن تنشر مقالات أدبية ونقدية واجتماعية منذ ريعان شبابها حتى لفتت جميع الأنظار إليها حتى أنها كانت تعد مجلسا أدبيا كل يوم ثلاثاء لتتميز بسعة الأفق ودقة وجمال لغتها .

– نشرت مي زيادة مقالاتها في كبرى الصحف والجلات وعلى رأسها المقطم والأهرام والزهور والهلال والمحروسة . عانت كثيرا بعد وفاة والدها ووالدتها حتى أنها مرضت وظلت بمستشفى للأمراض النفسية وخاصة بعد وفاة الشاعر جبران خليل جبران حيث دام قلبها متعلقا بقلب جبران ونشأت قصة حب بين بعضهما حتى أنهم لم يلتقيوا ولو لمرة واحدة وكانت بينهما مراسلات عاطفية ظلت مدة عشرين عاما  فأرسلوها أصدقاءها إلى لبنان حتى ساءت أحوالها أكثر من ذي قبل وحجروا عليها ذويها حتى احتجت الصحافة اللبنانية للسلوك العنيف المتعايشة فيه مي زيادة في هذه المستشفى ، ثم نقلت إلى مستشفى خاص ثم خرجت منه وعادت عقليتها ثم عادت إلى مصر مرة أخرى ، لتعيش مي زيادة مع وحدتها حتى أنها لن تجد مفر لوحدتها غير كتاباتها التي انكبت عليها لتخرج من خلالها أحزانها .


الكاتبة مي زيادة ورسائلها لجبران خليل

– انتقلت مي زيادة إلى انجلترا لتغير المكان وتستطيع أن تعيش جو آخر غير الأحزان التي كانت تعيش فيها ولكن للأسف لم يكن هذا هو الحل المناسب إليها فعادت إلى مصر وسافرت بعدها إلى إيطاليا لتتابع دراسة اللغة الإيطالية وعادت مرة أخرى إلى مصر ، ثم سافرت إلى روما ولم تلبث هناك حتى عادت أخيرا إلى مصر لتستسلم لأحزانها وتعلن حالتها النفسية السيئة طالبة من يقف معها حتى تستطيع أن تتماسك مرة أخرى .


آثارها وأعمالها الأدبية :

– كان أول كتاب لمي زيادة يخرج إلى النور كان عبارة عن مجموعة أشعار باللغة الفرنسية ، وضعت الكاتبة اسما مستعارا وهو ( إيزيس كوبيا ) .

– وضعت بعدها مؤلفات (باحثة البادية ) ويتبعها عدد من المؤلفات الأخرى مثل سوانح فتاة ، الصحائف والرسائل ، وردة اليازجي ، عائشة تيمور ، الحب في العذاب ، ابتسامات ودموع .


كتاب في بحر من ظمأ

– أصدرت ترثا أدبيا هائلا من الكتب الأدبية يأتي على رأسها : كتاب المساواة ، باحثة البادية ، سوانح فتاة ، الصحائف ، غاية الحياة ، رجوع الموجة ، بين الجزر والمد ، نعم ديوان الحب ، موت كناري.


وفاتها :

توفيت الأديبة الكبيرة مي زيادة عام 1941 م عن عمر يناهز 55 عاما ، استطاعت خلالهم أن تقدم رصيدا أدبيا عملاقا حاز على إعجاب الكثيرين في الوطن العربي ككل ، ورغم شهرتها ورغم كثرة اصدقاءها إلا أنه لن يسير في جنازتها سوى أعداد قليلة من الأصدقاء وهم أحمد لطفي السيد ، خليل مطران ، أنطوان الجميل ، فحقا كانت العلاقة بين الأصدقاء علاقة مبنية على النفاق مما استدعى الدكتور خالد غازي أن ينقب في حياة مي زيادة ليخرج منها بكتاب ( مي زيادة حياتها وسيرتها وأدبها وأوراق لم تنشر ) الذي نال جائزة من خلاله جائزة الدولة التشجيعية في مصر .