قصة مالك بن دينار مع العبد

قصة مالك بن دينار مع العبد من أكثر القصص العجيبة والتي تُظهر لك أنّ مكانة الإنسان عند الله –عز وجل- تكون بحسن عمله لا بمنصبه ولا مكانته بين الناس، حيث أنّه في أحد الأيام دخل مالك بن دينار مدينة البصرة، حينها كانت الأنهار جافة والسماء لم تمطر منذ فترة، ووجد الناس يدعون الله –عز وجل- في المساجد دبر كل صلاة، وقد علم من الناس أنّهم يدعون الله حتى يسقيهم، ومن خلال هذه المقالة نسرد إليكم تفاصيل قصة مالك بن دينار مع العبد.

قصة مالك بن دينار مع العبد

بدأت قصة مالك بن دينار مع العبد عندما خرج الناس من المسجد ولم يُعطوا مسألتهم من السقيا، حينها ذهب كلٌ إلى بيته ومأواه وجلس مالك في المسجد لأنّه لا يوجد له منزلاً، وإذا برجلاً أسود صغير الأنف كبير البطن تكسوه خرقتان، قام بستر عورته بأحد الخرقتين والخرقة الأخرى وضعها على عاتقه، فقام وصلى ركعتين ومن ثم التفت عن يمينه وعن يساره لم يجد أحد، ورفع يديه إليك السماء داعياً إلهي وسيدي ومولاي، حبست القطر عن بلادك لتؤدب عبادك، فأسألك يا حليماً ذا أناه، يا من لا يعرف خلقه منه إلا الجود أنّ تسقيهم الساعة الساعة الساعة، وما أنّ أنزل العبد يداه، وإذا بالسماء تضج بالغيوم السوداء المحملة بالأمطار، وتبدأ الأمطار تهطل من كل صوب وحدب وبغزارة، واستجاب الله لدعاءه.

تعجب مالك بن دينار من الرجل، وحينما خرج من المسجد تتبعه حتى وصل داره، فما وجد شيئاً يعلم به الدار، فعلمها بطين الأرض وجعل على بابها علامة، ولما طلعت الشمس ذهب إلى تلك العلامة، وإذا هو بيت نخاس يبيع العبيد، فقال له: يا هذا إني أريد أنّ أشتري عبداً من عندك، فأراه النخاس أشكالاً كثيرة من العبيد ولم يختر مالك منهم أحد، فقال له: ألا يوجد عندك غير هؤلاء؟ فرد النخاس: ما عندي أحد سوى هؤلاء للبيع، وبينما هو خارج من البيت وآيس رأى كوخ خشبي بجوار البيت، فقال له: هل يوجد أحد هنا؟ فقال النخاس: ممن فيه لا يصلح، فقال مال للنخاس: أخرجه لي، وعندما أخرجه لمالك عرفه، وقال له: اشتريته، ورد عليه النخاس قائلاً: للعلك تقول غشني الرجل، فأصر مالك على شراءه واشتراه وذهب به إلى البيت.

وبينما هم جالسون في البيت رفع العبد رأسه إلى مالك وقال: لم اشتريتني يا سيدي؟ فإنّ كنت تريد القوة فهناك أقوى مني، وإن كنت تريد الوجاهة فهناك أبهى مني، وإنّ كنت تريد الصنعة فهناك من هو أحرف مني، فلم أشتريتني؟ قال له مالك: بالأمس كان الناس في المسجد طوال اليوم يدعون الله ولم يستجب لهم، وأما أنت فعندما دخلت ورفعت يديك إلى السماء ودعوت استجاب الله لك، وحقق لك مرادك، فرد عليه العبد وقال: وما يدريك أنّت لعله غيري، فقال له مالك: بل هو أنت، وفرد العبد بتعجب: أعرفتني؟! فقال: نعم، فقال العبد: أتيقنتني؟! فقال: نعم، وقال مالك: والله ما التفت بعدها إليّ وخر لله ساجداً وأطال في السجود ودعا قائلاً: يا صاحب السر إنّ السر قد ظهر، فلا أُطيق عيشاً على الدنيا بعدما اشتهر، وبعدها فاضت روحه إلى الله.