إغراء المجمعات الاستهلاكية

اشتري اثنين واحصل علي الثالثة مجانا ، اشتر ثلاثة بسعر ستة وعشرون بدلا من خمسة وثلاثون ، انتظري سأقارن الاسعار….لالا عليه عرض ، اشتريه فحسب . وغيرها من العبارات التي تجذبنا للشراء ، فيدخل المستهلك ناويا انفاق خمسون جنيها ويخرج منفقا اربعمائة وخمسون جنيها . فما قصة المجمعات الاستهلاكية وإبهارها وإلى مدى سيستمر هذا الابهار ومتى بدأت .


تاريخ المجمعات الاستهلاكية


تم ابتكار فكرة المجمعات الاستهلاكية من قبل رجل الأعمال الأمريكي المحب للأعمال الخيرية “فينسنت استور” Vincent Astor “والمولود بأمريكا بالخامس عشر من نوفمبر 1891 ، وأبن المليونير الثري “جون جاكوب استور”John Jacob Astor IV” .

وقد قام بتأسيس استور ماركت “Astor Market” عام 1915 باستثمارات تقدر750.000 دولار ، وكان الهدف منه تقديم السلع الاستهلاكية بأسعار مخفضة للجمهور . وكان يحوي ما يقارب من مائة وخمسة وعشرون قسم منها قسم للحوم ، والفواكه ، والاسماك ، وأقسام للزهور . وقد قاموا بوضعه في مساحة تسوق مفتوحة كمول صغير . وكان من المتوقع ان يجذب المتجر العديد من المستهلكين من مسافات بعيدة ، لكنه لم يلق النجاح المطلوب .

ثم تلاه افتتاح متجر “كلارنس ساندرز Clarence Saunders” وهو بقال أمريكي ولد في التاسع من أغسطس عام 1881 ، وهو المطور الفعلي لفكرة المتجر الاوتوماتيكي ذاتي الخدمة . وسمى متجره باسم “بيجلي ويجلي ستور Piggly Wiggly” ، والذي تم انشائه عام 1916 ، وكان الهدف منه هو السماح للمتسوق بالشراء والخدمة الذاتية مما يوفر نفقات العمالة “البائعين” ، حيث يقوم مجموعة من العمال بترتيب الأرفف بالمساء ويقوم المستهلكين بالشراء بفترة النهار ما يوفر أجور العمالة طوال اليوم .


سياسات المتاجر لجذب المستهلك


مما لاشك فيه ان للمتاجر سياسات عديدة لجذب المستهلك ومنها .

1. إعطاء مساحة كبيرة متسعة للمستهلك كي يقوم بالشراء وباختيار ما يناسبه ، مما يتيح للمستهلك فرصة الشراء ومقارنة الأسعار وانتقاء ما يناسبه .

2. وضع السلع بأسعار مخفضة ، وهذه سياسة تتبعها المتاجر الكبيرة وتسمى بسياسة “البيع بالخسارة Loss leader” فيضغط المتجر علي الشركة المنتجة -الشركة الأم- لشراء المنتج منها بأسعار بخسة مستغلا قوته الشرائية كمكان مفتوح يقبل عليه المستهلكين .

3. عرض صنوف عديدة من المنتجات بألون مختلفة مع ملصقات جاذبة ، فقد اثبتت البحوث ان حتى طريقة ترتيب الارفف تخضع لطريقة معينة هدفها جذب المستهلك .


هل يقوم المتجر بخداعي للشراء؟

يقول البروفيسير “روبرت سيالدينى Robert Cialdini ” وهو أستاذ علم النفس والتسويق بجامعة أريزونا أن هذا صحيح، ذلك بأن المتجر يستخدم مجموعة من التقنيات -والتي ذكرها البروفيسور في كتابة “الإقناع والتسويق” عام 1984- للتأثير علي المستهلكين وهي :



التبادل ، والالتزام

: ففكرة إعطائك عينة مجانية من بعض السلع أو فكرة إعطائك نوعا من الهدايا إذا ما خدشت كارت معين تعطي لديك احساس برغبتك في التبادل ومعاملة المُنتج بالمثل ، وشعورك بالمصداقية والارتياح للمُنتج ، فتقوم بدفع ثمن السلعة وانت مطمئن.



الدلالة الاجتماعية والميل الاجتماعي

: فما يفعله الناس بصورة متكررة كثيرة سيدفعك حتما لفعل المثل ، مثلما ينظر مجموعة من الناس لشئ معين ، وكرد فعل تلقائي تنظر إليه انت . فعندما تدخل المتجر وتجد مجموعة كبيرة تميل لشراء سلعة معينة فأغلب الظن انك ستقلدهم .



فكرة الاحتياج- النقص

: فعندما تعلن الملصقات الصفراء أن هذا العرض متاح لفترة محدودة ، او ربما لن يتكرر ، فإنك تميل إلي استغلال العرض وشراء المنتج .


جانى، أم مجني عليه…. وما الحل؟


إن زحام المجمعات الاستهلاكية أيام الاجازات وفي المواسم يحكي قصة مجتمع استهلاكي قرر أن يهتم بالقشور فقط…

وعليه فإن الحل يكمن بين ايدينا في نقاط بسيطة .

1. يجب ان نقوم بعمل قائمة للتسوق نشتري بها ما نحتاجه لبيتنا فقط . ولتكن كل اسبوع منعا لتكدس الطعام –كأكياس الأرز مثلا- في منزلنا مما يقلل من نمو الحشرات ببيوتنا . فالمتجر به مكان مختص لتخزين الاطعمة يختلف عما لدينا في بيوتنا من كبائن لحفظ الطعام  .

2. بعد كل مره نذهب فيها للتسوق ، نقف دقيقة قبل الدخول علي صندوق المحاسبة . ولننظر ماذا وضعنا -ونحن لا نحتاجه- لمجرد فكرة الابهار او العروض فقط . ونرده إلي الرف .

3. نتذكر دائما- خاصة إذا كنا من اصحاب الوزن الزائد- اننا تحتاج لتخفيف أوزاننا وهذا افضل لصحتنا البدنية والنفسية ورشاقتنا . فلنتوقف عن شراء ما يجعلنا أسمن ، ولنعي ان ما ننفقه يأتي من عملنا وسهرنا وجدنا ، فلننظر فيما ننفق .

4. فلنحاول ان نحسب ما نستهلكه كل اسبوع حتي من الخضروات والفواكه ، ولنشتري ما نحتاجه فقط ولا نُكثر ، فإحدى مزايا المتاجر العملاقة هو انه يمكننا ان نشتري منها بالقطعة .

5. ولا ننسى ابدا ما وجه إليه الشرع الحنيف ، بأن الانسان لا يملأ وعاء شرا من بطنه .