الإمام البخاري .. أهم علماء الحديث

وهو أحد كبار الحفاظ الفقهاء ويعتبر من أهم علماء الحديث عند أهل السنة والجماعة ، هو صاحب الجامع الصحيح المشهور باسم صحيح البخاري الذي يعتبر أوثق الكتب الصحاح والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم .

هو أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم ابن المغيره الجعفي البخاري ولد ليلة الجمعة ( 13 شوال 194 هجري – 20 يوليو 810 ) ، اخذ الحديث عن جماعة من الحفاظ منهم ( مكى بن إبراهيم البلخى ، وعبدان بن عثمان المروزى ، وعبد الله بن موسى العبسى ، وأبو عاصم الشيبانى ، ومحمد بن عبدالله الأنصارى ، ومحمد بن يوسف الفريانى ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، وعلى بن المدينى ، وأحمد بن حنبل  ،ويحيى بن معين ، وإسماعيل بن أبى أويس المدنى ، وغير هؤلاء من الأئمة ) وأخذ الحديث عنه خلق كثير .

قال الفريري : سمع كتاب البخارى تسعون ألف رجل فما بقى أحد يروى عنه غيرى .

قال البخارى : خرجت كتاب الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث . وما وضعت فيه حديثا إلا وصليت ركعتين . .. وله وقائع وامتحانات ومجريات مبسوطة فى المطولات من تراجمه .

رحل في أرجاء العالم الإسلامي رحله واسعه لطلب الحديث وسمع من قرابة ألف شيخ وحفظ حوالي ست مائة الف حديث وهو أول من وضع في الإسلام كتاباً مجرداً للحديث الصحيح ، وكان يقال عنه أنه قوي الذاكره سريع الحفظ .


نشأته :


هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري ، ذكر المؤرخون عن جده بردزيه وتعني (الزارع) كان فارسي الأصل عاش ومات مجوسياً ، أما جدة المغيره فقد أسلم على يد والي بخاري ، وقيل عن البخاري أنه عربي أصيل من الجعفيين وذكر عدد من العلماء وهم ( ابن عساكر ، وابن حجر العسقلاني ، والسبكي ، وزين الدين العراقي ، وابن تغري ، وغيرهم….)  أن جدة الأكبر هو الأحنف الجعفي ورجح هذا القول عدد من المعاصرين منهم الدكتور ( مصطفى جواد ، والدكتور ناجي معروف ، والدكتور عبد العزيز الدوري ، والدكتور صالح أحمد العالي ، والدكتور حسين علي محفوظ ، والدكتور لبيد ابراهيم أحمد العبيدي )

ولد الإمام البخاري يوم الجمعة بعد الصلاة ومات أبوه وهو صغير ، فنشأ في أحضان أمه وتوجه إلى حفظ الحديث ، وقرأ الكتب المشهوره وهو أبن ست عشرة سنة حتى قيل إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديثاً ، وقد أصيب بصره وهو صغير فرأت أمه في منامها إبراهيم الخليل يقول يا هذه ، قد رد الله على ولدك بصره بكثرة دعائك فأعيد بصره .


كرم البخاري وسماحته :


كان البخاري شديد الكرم فكان يتصدق بالكثير يأخذ بيده صاحب الحاجة من أهل الحديث فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين وأقل وأكثر ومن غير أن يشعر بذلك أحد فكان لا يفارق كيسه لمساعدة أصحاب الحاجة في أي وقت .

قال محمد بن حاتم الرازي عن الإمام البخاري : كانت له قطعة أرض يؤجرها كل سنة بسبع مائة درهم، فكان ذلك المؤجر ربما حمل منها إلى أبي عبد الله قثّاةً أو قثّاتين؛ لأن أبا عبد الله كان معجبًا بالقثّاء النضيج، وكان يؤثره على البطيخ أحيانًا، فكان يهب للرجل مائة درهم كل سنة لحمله القثّاء إليه أحيانًا .

قال وسمعته يقول : كنت أستغل كل شهر خمس مائة درهم ، فأنفقت كل ذلك في طلب العلم ، فقلت: كم بين من ينفق على هذا الوجه وبين من كان خلوًا من المال فجمع وكسب بالعلم حتى اجتمع له! فقال أبو عبد الله: ما عند الله خيرٌ وأبقى .


طلبه للحديث :


رحلته في طلب العلم تبدأ من مسقط رأسه فقد سمع بها من الجعفي المسندي ، ومحمد بن سلام البيكندي ، وجماعة ليسوا من كبار شيوخه وبعد ذلك رحل إلى بلخ وسمع هناك من مكبن بن إبراهيم وهو من كبار شيوخه وسمع بالري من إبراهيم بن موسى .

كان الإمام البخاري يقول قبل موته : كتبت عن ألف وثمانين رجلاً ليس فيهم إلا صاحب حديث كانوا يقولون : الإيمان قول وعمل ، ويزيد وينقص .رحل بعد ذلك إلى مكه وسمع هناك عن ( أبي عبد الرحمن المقرىء ، وخلا بن يحيي، وحسان بن حسان البصري ، وأبي الوليد أحمد بن محمد الأزرقي ، والحميدي)  .

وسمع في المدينة من ( عبد العزيز الأويسي ، وأيوب بن سليمان بن بلال ، واسماعيل بن أبي أويس ) وأكمل رحلته في العالم الإسلامي آنذاك ، فذهب إلى مصر و الشام ، وسمع من ( أبي اليمان ، وآدم بن أبي إياس ، وعلي بن عياش ، وبشر بن شعيب ، وأبي المغيرة عبد القدوس ، وأحمد بن خالد الوهب ، وأبي مسهر وأخرين)  .


تفوقه في الحديث :


فقد ظهر نبوغه مبكراً فتفوق على أقرانه وصاروا يتتلمذون على يديه فقد روي أن أهل المعرفة من البصريين يجلسون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتي يغلبوه على نفسه .

وروي عن يوسف بن موسى وقال : كنت بالبصره في جامعها ، إذا سمعت مناديا  ينادي: يا أهل العلم قد قدم محمد بن إسماعيل البخاري فقاموا في طلبه ، وكنت معهم ، فرأينا رجلًا شابًا يصلي خلف الأسطوانة ، فلما فرغ من الصلاة نظروا إليه ، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء، فأجابهم فلما كان الغد اجتمع ما يقرب الألف ، فجلس وقال: يا أهل البصرة ، أنا شاب ، وقد سألتموني أن أحدثكم ، وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون منها .

و روي عن أبي الأزهر قال : كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث ، فاجتمعوا سبعة أيام ، وأحبوا مغالطة البخاري ، فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وإسناد اليمن في إسناد الحرمين فما تعلقوا منه بسقطة لا في الإسناد ولا في المتن .

وقال أحيد بن أبي جعفر والي بخارى: قال محمد بن إسماعيل يومًا: رب حديثٍ سمعته بالبصرة كتبته بالشام ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر فقلت له : يا أبا عبد الله ، بكماله؟ قال: فسكت .

قال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ : سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد ، فسمع به أصحاب الحديث ، فاجتمعوا ، وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها ، وجعلوا متن هذا لإسناد هذا ، وإسناد هذا لمتن هذا ، ودفعوا إلى كل واحدٍ عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس. فاجتمع الناس ، وانتدب أحدهم ، فسأل البخاري عن حديثٍ من عشرته ، فقال: لا أعرفه، وسأله عن آخر فقال: لا أعرفه ، وكذلك حتى فرغ من عشرته فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز ثم انتدب آخر ففعل كما فعل الأول والبخاري يقول لا أعرفه ثم الثالث وإلى تمام العشرة فلما علم أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال أما حديثك الأول فكذا والثاني كذا والثالث كذا إلى العشرة فرد كل متن إلى إسناده وفعل بالآخرين مثل ذلك .


مصنفات الإمام البخاري :


1- الجامع الصحيح من حديث رسول الله وسنته وأيامه بالجامع الصحيح ( صحيح البخاري )

2- التاريخ الكبير وهو كتاب كبير في التراجم رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم 1362هـ – 1943م

3- الأدب المفرد وطبع في الهند والقاهره والأستانه طبعات متعدده .

4- التاريخ الصغير وهو تاريخ مختصر للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه ومن جاء بعدهم من الرواة إلى سنة 256هـ- 870م .

5- الضعفاء الصغير .

6- رفع اليدين في الصلاة وطبع في الهند سنة 1256هـ- 1840م .

7- الكُنى وطبع في الهند 1360هـ- 1941م .

8- وله كتب مخطوطه ولكنها لم تطبع بعد مثل التاريخ الأوسط وكتب مطبوعه في حلب باسم التاريخ الصغير والتفسير الكبير .


صحيح البخاري :

هو أشهر كتب الحديث النبوي وأشهر كتب البخاري بذل في الكثير من الجهد وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبة وتنظيمه عشرة أعوام هي مدة رحلته الشاقة في طلب الحديث ويذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل فيقول : كنت عند إسحاق ابن راهويه ، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع “الجامع الصحيح” .

بلغ عدد صحيح البخاري مع وجود المكروه منها 7593 حديثاً  ، اختارها الإمام البخاري من بين ستمائة ألف حديث كانت تحت يديه فكان البخاري لا يضع حديثاً في كتابه إلا اغتسل وتوضأ وصلى ركعتين ، وكان البخاري مدققاً جداً في قبول الرواية واشترط شروطاً خاصة في راوي الحديث وهو أن يكون معاصراً لمن يروي عنه وأن يسمع الحديث منه إلى جانب الثقة والعدالة والإتقان والعلم .

بدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد النبوي ولم يتعجل في إخراجه للناس إلا بعد أن ينتهي من كتابته وإعادة النظر فيه مره أخرى لذلك صنفه ثلاث مرات حتي يخرج على الصوره التي هو عليها الآن .

وقد شهد شيوخ البخاري صحة ما فيه من الحديث بعد أن عرض عليهم مثل ( أحمدبن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيي بن معين )  ثم تلقته الأمه بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد القرأن الكريم وأقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح بالشرح والتعليق والدراسة وأيضاً امتدت العناية إلى العلماء غير المسلمين حيث دُرس وتُرجم وكتب حوله العشرات من الكتب .