الهلع النفسي و كيف التخلص منه
تظل للنفس البشرية خبايا و أسرار لم يعرف بعد أحد بها فهى كما يطلق عليها البعض جثمان أثيري ذات طاقات عليا، تحمل في طياتها العديد من التناقضات فهى كامنة و منبثقة ، معروفة و مجهولة ، ظاهرة وخفية .
و قد اشتملت على العديد من المسميات سواء القديمة أو الحديثة منها القلب و العقل الباطن و العقل الظاهر ، أو الشعور و اللاشعور كما جاء في آراء الباحثين النفسانين ، و منها أيضًا الجانب الفيزيقي و الميتافيزيقية كما جاء في آراء الفلاسفة ، و منها الحواس المعروفة ، و الحواس الزائدة كما جاء في رأي علماء المادة ، كلها مسميات تدل على الحيرة الشديدة في تكهن هذا السر الإلهي الذي بين جنبي الإنسان و استقراء عجائبه، و قال الله تعالى:- فى كتابه الكريم (و نفس و ما سواها).
و قد قامت الدراسات النفسية بالعديد من الأبحاث و الإختبارات المعملية للكشف عن ماهية ( الهلع النفسي) ، فقد أطلقت النتائج عليه طبيًا
المرض العصابي
: و تعريفه الخلل الوظيفي الذي يصيب الإنسان أو كما نقول كالتي جمحت و نكثت و نقضت غزلها عندما اعتراها أمر من أمور الحياة فيه بعض المشقة .
و من ثم فإن الأمراض التي تنتج عن الهلع النفسي كثيرة و متنوعة و كلها لها علامات و أعراض خاصة ، يعرفها الإخصائيون و من هذه الأمراض ما هو منتشر جدًا و قد لا نعرف البعض أنه مصاب بها
مثل:-
الخوف الشديد ، و القلق المؤرق ،و الواسوس الخناس (المتسلط) ،و الحقد الدفين ، و حب الكبر والتعالي ،و كذا الشذوذ الجنسي بأنواعه المتعددة ، و جنون المراهقة (الذي يدفع بعض الشباب إلي الإلحاد و الشك في الدين )، و بعض أنواع الضعف الجنسي و الهروب .
تختلف هذه الأمراض اختلافًا بينًا عن الأمرض العقلية ، في أن الشخصية المصابة بها و إن كانت مريضة فهى متصلة بواقعنا الحياتي، قد نكون نحن نراها في حياتنا اليومية سواء في الشارع أو العمل أو في مصالحنا العامة لها نفس الحقوق و عليها نفس الواجبات ،و مسئوليتها القانونية قائمة فهى مندمجة فى مجتمعنا .
كيفية التعامل معها:-
كوننا مجتمع يتميز بعقيدة سوية ، تمثلت فيها ركائز لا تقبل التغير أو التجاهل فقد بين القرآن الكريم علاجًا و وقاية أيضًا فى قوله تعالى:-
(
إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا
﴿
١٩
﴾
إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا
﴿
٢٠
﴾
وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا
﴿
٢١
﴾
إِلَّا الْمُصَلِّينَ
﴿
٢٢
﴾
الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ
﴿
٢٣
﴾
وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ
﴿
٢٤
﴾
لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
﴿
٢٥
﴾
وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ
﴿
٢٦
﴾
وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ
﴿
٢٧
﴾
إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ
﴿
٢٨
﴾
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
﴿
٢٩
﴾
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ
﴿
٣٠
﴾
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْعَادُونَ
﴿
٣١
﴾
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
﴿
٣٢
﴾
وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ
﴿
٣٣
﴾
وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
﴿
٣٤
﴾
)
سورة المعارج.
فمن فقه هذه الآيات كل الفقه، و شغف بما توحي إليه من غذاء نفسي فإبحث في ذاتك و كن الفطرة التي عناها الرسول صلى الله وعليه وسلم بقوله (كل مولود يولد على الفطرة).
و هو ما ذكره
فرانك كيرنو
طبيب نفسي أمريكي (أن الطبيب بدوائه لا يشفيك فالشفاء بيدك أنت إن آمنت إيمانًا مطلقًا بذلك فما أنا إلا موجه فقط .