إساءة دهر برحت بي نوائبه – الشاعر البحتري
إسَاءَةُ دَهْرٍ بَرّحَتْ بي نَوَائِبُهْ،
وَخَطْبُ زَمانٍ، بالمَلامِ، أُخَاطِبُهْ
عَفَاءً عَلى وَادي نَرِيزَ، فإنّهُ
تَسيلُ، بغَيرِ المَكْرُماتِ، مَذانِبُهْ
دُفِعْنَا وَبُرْدُ الشّمْسِ أصْفَرُ فاقعٌ،
إلى جَذْمِ بابٍ ما يُبَجَّلُ حاجِبُهْ
وَما كانَ مَرٌّ بالجَوَادِ، فيُبْتَغَى
قِرَاهُ، وَلا بالغَمْرِ تُرْجى مَوَاهِبُهْ
تَكَرّهَ للتّسْليمِ، حَتّى حسبته
يَلُوكُ اسمَهُ مِن حَنظَلٍ، هوَ هائبُهْ
وَرَامَ اعتِذاراً ثُمّ غَصّ برِيقِهِ،
وَظَنّ كَنيُّ الكَلْبِ أنّي أُكالِبُهْ
فأدْرَجْتُهُ صَفْحاً، وَكنتُ إذا أتَى
لَئيمُ أُنَاسِ سَوءةً، لا أُعَاتِبُهْ
إذا الجَبَلُ الطّائيُّ ذَلّتْ سَرَاتُهُ،
وَلانَتْ لطُرّاقِ العَدُوّ جَوَانِبُهْ
تَنَاهَبَهُ أوْدٌ وَهَمْدانُ، بَعدَما
أرَاهُ، وَأهْلُ المَشرِقَينِ مَناهِبُهْ
وَما ذاكَ إلاّ أنّ فُرْسَانَهُ التَقَوْا
على مُنصُلٍ تُكدي عَلَيهِمْ مضَارِبُهْ
يحفون محفوف القصاص تغوله
مآكله عن أكله ومشاربه
إذا انقَطَعَ البَمُّ استَخَفّ، وَإنْ يَقُلْ
أُغِيرَ على السّرْحِ اطمأنّتْ جَوَانِبُهْ
أخُو نَشَوَاتٍ تَنجَلي نَوْمَةُ الضّحى
يد الدّهرِ عَنهُ وَهوَ سودٌ تَرَائِبُهْ
لَهُ شُغُلٌ في جانِبَيْهِ كِلَيْهِمَا،
إذا اعتَادَهُ أحْبَابُهُ وَحَبَائِبُهْ
مَطِيّةُ أغْيَارٍ، كأنّ لغَيرِهِ،
إذا حَمَلَ الفَحلُ الثّقيلَ، مَناكبُهْ