وصف مدينة تلمسان بالعربية

مدينة تلمسان

مدينة تلمسان هي مدينة عربيّة إسلاميّة تاريخيّة تُوجَد في الجمهوريّة الجزائريّة، وتحديداً في الجزء الشماليّ الغربيّ من البلاد، وعلى بُعد نحو 600كم من مركز العاصمة (مدينة الجزائر)، وهي قريبة من البحر الأبيض المُتوسِّط، وواقعة على منطقة جبليّة يبلغ ارتفاعها نحو 800م عن مستوى سطح البحر. وتُمثِّل مدينة تلمسان العاصمة الإداريّة لولاية تلمسان، وهي أيضاً عاصمة للثقافة الإسلاميّة في عام 2011م، علماً بأنّ المدينه يقطنها نحو 140 ألف نسمة حسب إحصائيّات عام 2008م، حيث يعمل معظمهم في صناعة السجّاد، والمفروشات، والمنسوجات الصوفيّة، والقُطنيّة، والحريريّة، واستخراج الأسمدة، والزيوت النباتيّة. أمّا من الناحية التاريخيّة، فإنّ مدينة تلمسان شهدت وجود العديد من الحضارات، والغزوات، والحروب التي كان آخرها الاستعمار الفرنسيّ في عام 1844م، والذي دام حتى عام 1962م، حيث نالت البلاد الاستقلال أخيراً.[١]

تضاريس مدينة تلمسان

تتميَّز مدينة تلمسان بتنوُّع تضاريسها؛ فهي تضمُّ الجبال، والسهول، والتلال، والهضاب، والأودية، كما أنّها تتربَّع على سَفح جبل يُشكِّل حاجزاً طبيعيّاً لرياح السموم القادمة من الجنوب خلال فصل الصيف، والتي تُعرَف في الجزائر باسم رياح السيروكو، وهي بموضعها هذا تُطِلُّ على سهول خضراء شاسعة، وتحدُّها سلسلة من التلال ذات الارتفاع المنخفض، والتي تُشكِّل فيما بينها أودية، ومجارٍ صغيرة للمياه ترتبطُ بروافد وادي تافنة، مُشكِّلة بذلك مناظر طبيعيّة مدهشة. وقد قُسِّمت الجبال في تلمسان وِفق اصطلاح الجغرافيّين إلى أربع سلاسل جبليّة مُتوازِية، وهي:[٢]

  • سلسلة جبال تنوشفي: وهي جبال تُطِلُّ مباشرة على مدينة سبدو.
  • سلسلة جبال بني إسماعيل (بني صميل): وهي تمتدُّ من مدينة أولاد ميمون في الشرق، وصولاً إلى مدينة سبدو في الغرب.
  • سلسلة جبال رأس العصفور: وهي تُطِلُّ مباشرة على سهول مدينة وجدة الواقعة في المملكة المغربيّة.
  • سلسلة جبال لالة ستي (جبل الشوكة): وهي تُطِلُّ مباشرة على مدينة تلمسان.

تركيبة الأرض في مدينة تلمسان

تتركّز مدينة تلمسان على منطقة ذات تركيبة أرضيّة مُتميِّزة، وهي تختلف عن التركيبة الأرضيّة لباقي مناطق المغرب العربيّ؛ فهي مُكوَّنة من عدّة طبقات مُتسلسِلة فوق بعضها؛ أولى هذه الطبقات مُكوَّنة من صخور الكلس المُنشَقّ، والطبقة الثانية مُكوَّنة من مادّة الصلصال، أمّا الطبقة الثالثة فتتكوَّن بشكل أساسيّ من الطين، وهذا النمط من التركيبة الأرضيّة يُساهم بشكل كبير في تجميع مياه الأمطار في باطن الأرض، ويجعل المنطقة بأكملها على شكل خزّان مائيٍّ ضخم، وبذلك فإنّ تلمسان تتركَّز فوق هذا الخزّان المائيّ الذي يُغذِّي أراضيها، ويُنعِشُ الحياة فيها خلال فترات الجفاف؛ حيث تنفجر عيون الماء من الأرض خلال الشتاء، وتُشكِّل سيولاً من المياه الجارية طوال أيّام السنة، ومنها تُسقى البساتين، والمزروعات، والحقول، والرياض في أرجاء تلمسان، وعندما تكون الأراضي جافّة في كافّة أنحاء الجزائر، فإنّ تلمسان تكون مُنتعِشة بالمياه المُتدفِّقة من العيون.[٣]

مناخ مدينة تلمسان

يُعَدُّ المناخ السائد في مدينة تلمسان هو المناخ القارّي البحريّ، أو المُتوسِّطي (مناخ البحر الأبيض المُتوسِّط)، حيث يتَّسم هذا المناخ بالأجواء الباردة، والرطبة خلال فصل الشتاء الذي يدوم فترة قصيرة نسبيّاً (من شهر كانون الأوّل/ديسمبر إلى أواسط شهر آذار/مارس)، كما يتَّسم المناخ في تلمسان أيضاً بالأجواء الحارّة، والجافّة خلال فصل الصيف الذي يدوم فترة طويلة (من أواسط شهر آذار/مارس إلى شهر تشرين الأوّل/أكتوبر)، ووِفق المُعطيات المناخيّة لمدينة تلمسان، فإنّ المُتوسّط السنويّ لدرجات الحرارة بلغ نحو °16,29، بحيث يبلغ مُتوسّط درجة الحرارة خلال شهر كانون الثاني/يناير نحو °8,52، أمّا في شهر تموز/يوليو، فإنّ مُتوسّط درجة الحرارة يصل إلى °25,98. وبالنظر إلى مُعدَّل هطول الأمطار، فإنّ المُتوسّط السنويّ لهطول الأمطار في مدينة تلمسان يبلغ نحو 52,11ملم، وتبلغ نسبة الرطوبة في المدينة نحو 61% خلال الصيف، وتتراوح ما بين 74%-77% خلال الشتاء.[٣]

المَعالِم البارزة في مدينة تلمسان

تضمُّ مدينة تلمسان الجزائريّة مجموعة من المَعالِم التاريخيّة، والأثريّة التي تدلُّ على قِدم المدينة، ومكانتها التاريخيّة المُهمّة، كما أنّها تُعتبَر مركزاً مُميَّزاً؛ لجَذب السيّاح، والزوّار من داخل المدينة، وخارجها، وأهمّ هذه المَعالِم:[٤]

  • الجامع الكبير: ويعود تاريخ بنائه إلى عهد المُرابطين، ويُذكَر أنّ القائد يوسف بن تاشفين شارك في إنشائه في عام 1125م، حيث يُشبه تصميم الجامع الكبير إلى حَدٍّ كبير جامع قرطبة الشهير؛ فمئذنته مُشيَّدة على قاعدة مُربَّعة الشكل، وفي الأعلى قاعدة مُربَّعة أخرى إلّا أنّها أصغر، كما تُحيطُ بالمئذنة شُرفة تُتيح للمُؤذِّن الوقوف عليها، وقد تزيّنت الجُدران الخارجيّة بالفُسَيفساء، والجصّ، كما زُيِّنت الأقواس المُنحنِية بأقواس صغيرة من الداخل.
  • ضاحية المنصورة: وهو موقع أثريٌّ بُنِي في عَهد المرينيّين، حيث يضمُّ عدداً من الأسوار، والقصور، والمساجد، ومنها: مسجد المنصورة الذي ما زالت أطلاله ظاهرة إلى اليوم، وسور المنصورة الذي أحاط بمدينة تلمسان من جهة الغرب، وهو يُطِلُّ اليوم مباشرة على التلال، والبساتين الخضراء المُثمِرة.
  • مسجد العباد: يعود بناؤه إلى عهد المرينيّين، وهو يختلف في زخرفته الداخليّة عن الجامع الكبير الذي بناه المُرابطون.
  • مسجد سيدي الحلوي: ويعود تاريخ بناؤه إلى عهد المرينيّين.
  • مدرسة أولاد الإمام (المدرسة القديمة): وهي تقع في الجزء الغربيّ من مدينة تلمسان، حيث بُنِيت في القرن الرابع عشر الميلاديّ (في عام 1310م) بأمرٍ من أبي حمو موسى الزياني، وكان الهدف منها هو تأسيس المجال العلميّ المُخصَّص؛ لتعليم الكبار من الطلبة.[٥]
  • المدرسة التاشفينيّة (المدرسة الجديدة): وتقع في وسط تلمسان بالقُرب من الجامع الكبير، وهي تُعتبَر ثاني أقدم مدرسة في المدينة؛ حيث بُنِيت في عام 1337م على يد السلطان الزيدانيّ (أبو تاشفين الأوّل)، وتتميّز المدرسة بتصميم عُمرانيٍّ رائع، وهذا ما يدلُّ على حُبّ السُّلطان الشديد للفنون المعماريّة الجميلة.[٥]
  • مدرسة أبي مدين (العباد): وتقع بالقُرب من ضريح أبي مدين، شعيب -عليه السلام-، وهي ثالث أقدم المدارس في المدينة؛ حيث يعود تارخ بنائها إلى عام 1347م، بأمرٍ من الحاكم أبي تاشفين.[٥]

المراجع

  1. “تلمسان”، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2018. بتصرّف.
  2. بن صافي أمال، أغنية الحوزي مفهومها وإيقاعاتها ونصوصها، صفحة 11. بتصرّف.
  3. ^ أ ب لبتر قادة، تأثير الرطوبة على المعالم الأثرية، صفحة 9 ،11-13، 16. بتصرّف.
  4. مجلة الفيصل: العدد 14، صفحة الشخصية العمرانية…والفنية, صفحة 28. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت عمارة فاطمة الزهراء، المدارس التعليمية بتلمسان خلال القرنين 8-9 هـ / 14-15 م، صفحة 34-41. بتصرّف.