وصف لمدينة تلمسان

مدينة تلمسان

هي مدينة عربيّة إسلاميّة تقعُ في الجمهوريّة العربيّة الجزائريّة، وتُمثّل العاصمة الإداريّة لولاية تلمسان، كما أنّها تُعتبَر عاصمة للثقافة الإسلاميّة، وهي مدينة تاريخيّة مُوغِلة في القِدَم؛ فقد تأسَّست خلال القرن الرابع الميلاديّ من قِبَل الرومان، واستمرَّت تحت سيطرتهم إلى أن استعمرَها الوندال القادمون من القارّة الأوروبّية، ومن ثمّ تعاقَب على حُكمها الغزاة، والطامعون إلى أن حَظِيت في القرن الثامن الميلاديّ بالفَتح الإسلاميّ، وأصبحت في تلك الفترة واحدة من أهمّ الحواضر الإسلاميّة، وبالتزامن مع سقوط الأندلس عام 1492م، أصبحت تلمسان مَقصداً، وملجأً لعدد كبير من الأندلسيّين الذين أحكموا سيطرتهم عليها، وفي عام 1553م، أصبحت تلمسان تابعة لحدود الدولة العثمانيّة بعد تحريرها من يد الإسبان، ثمّ خضعت المدينة للاستعمار الفرنسيّ الذي طال الجزائر بأكملها في عام 1844م، واستمرَّت على ذلك إلى أن تحقَّق الاستقلال في عام 1962م.[١]

التسمية

يعود أصل كلمة تلمسان إلى اللغة الأمازيغيّة، وهي تُعتبَر صيغةَ جمعٍ لكلمة تلماس، وتعني: جيبُ ماء، أو ينبوع، وقد جاءت تسمية مدينة تلمسان؛ أي مدينة الينابيع، وذلك دلالة على الطبيعة الجغرافية للمدينة؛ فهي تضمُّ العديد من الينابيع التي يتفجَّر منها الماء، وهناك من استدلَّ على معنى كلمة تلمسان من خلال تقسيم الكلمة إلى مقطعَين: المقطع الأوّل هو (تلم) وتعني في اللغة الأمازيغيّة: تجمُّع، والمقطع الثاني هو سان، أو سين، ويعني: اثنان، وتعني تلمسان بذلك: تجمُّع اثنين؛ دلالة على تجمُّع البَرِّ، والبحر، والجبل، والسهل، والشمال، والصحراء.[٢]

الموقع الجغرافي والسكان

تقعُ مدينة تلمسان في ولاية تلمسان الواقعة في الجزء الغربيّ من الجمهوريّة العربيّة الجزائريّة، وتحدُّ المدينة من الجانب الغربيّ أطلال مدينة المنصورة المرينية، وتحدُّها من الجهة الجنوبيّة هضبة لالة ستي، ومن الجهة الشرقيّة تحدُّها مرتفعات قرية العباد، أمّا من الجهة الشماليّة فتحدُّها سهول المدينة، ودائرة شتوان. ومن الناحية الفلكيّة، فإنّ مدينة تلسمان تقع على دائرة عرض 53 َ 34 ْ درجة، وخطّ طول
28 َ 1 ْ درجة، وتبعد تلمسان عن مدينة الجزائر ما يُقارب 600كم، وعن مدينة وهران نحو 160كم، أمّا ارتفاعها عن مستوى سطح البحر فيبلغُ نَحو 827م، كما يلعب الموقع الجغرافيّ للمدينة دوراً مهمّاً في جعلها مركزاً مهمّاً للتجارة، والسياحة، والحرب؛ فهي مَمَرٌّ رئيسيٌّ للقادمين من المشرق، ووسط الجزائر، وتونس، ومراكش، وفاس، والسودان، والقادمين من القارّة الأوروبّية خاصّة من إسبانيا (الأندلس قديماً)، ويبلغ عدد سُكّان مدينة تلمسان حوالي 180 ألف نسمة من أصل 950 ألف نسمة من سُكّان الولاية، وذلك وِفق إحصائيّات عام 2004م.[٣]

المناخ والمظاهر الطبيعية

تشتهرُ مدينة تلمسان -بحُكم موقعها- بمناخ قارّي بحريّ قادم من البحر الأبيض المُتوسِّط، ويكون الطقس فيها خلال فصل الصيف حارّاً وجافّاً، ويمتدُّ هذا الفصل من منتصف شهر آذار/مارس إلى شهر تشرين الأوّل/أكتوبر، أمّا الطقس في فصل الشتاء، فهو بارد، ورَطب، وهو يمتدُّ من شهر كانون الأوّل/ديسمبر إلى مُنتصف شهر آذار/مارس. وبالنظر إلى المظاهر الطبيعيّة، والتضاريس، فإنّ تلمسان تتميّز بمظاهر طبيعيّة وَعِرة، وجبليّة، ويقلّ فيها وجود السهول، والمناطق السهليّة، حيث تضمُّ جزءاً من السهول الساحليّة لولاية تلمسان، بالإضافة إلى العديد من الجبال التي تُكوّن أربع سلاسل جبليّة مُتوازِية تمتدُّ من الجنوب إلى الشمال، وهذه الجبال هي:[٣]

  • جبال تنوشفي: وهي سلسلة جبليّة تُطلُّ مباشرة على مدينة سبدو التي تبعدُ مسافة 37 ميلاً نَحو الجنوب من مدينة تلمسان.
  • جبال بني إسماعيل (بني أصميل): وهي سلسلة جبليّة تتألَّف من 12 قمّة جبليّة، حيث تُطلُّ قِممُها على مدينة أولاد ميمون.
  • جبال رأس عصفور: وهي من أعلى السلاسل الجبليّة؛ حيث يبلغ ارتفاع أعلى قمّة جبليّة فيها عن مستوى سطح البحر ما يُقارب 1566م، وتمتدُّ هذه الجبال على الحدود مع المغرب.
  • جبال لالة ستي: وهي سلسلة جبليّة تضمُّ غابات، وأشجار كثيفة، وهي تُطلُّ من واجهتها الشماليّة على مدينة تلمسان.

وقد وصف يحيى بن خلدون (وهو مُؤرِّخٌ لملوك بني عبد الواد) مدينة تلمسان، حيث قال عنها: “اقتعدت بسفح جبل ودون رأسه ببسيط أطول من شرق إلى غرب عروسا فوق منصة والشماريخ مشرفة عليها إشراف التاج على الجبين تطلُّ منه على فحص أفيح مُعَدٍّ للفلاحة”.[٢]

المعالِم البارزة

تتميّز مدينة تلمسان بوجود العديد من المعالِم الأثريّة التي تدلُّ على قِدَم المدينة، وتاريخها العريق، وأهمّ هذه المعالِم:[٣]

  • جامع سيدي إبراهيم المصمودي: وهو جامع قديم بُنِي في عام 1362م، ونُسِب إلى الوليّ الصالح سيدي إبراهيم المصمودي، ويقع الجامع حاليّاً في وسط مدينة تلمسان، وهو يتميّز بتصميمٍ معماريٍّ إسلاميٍّ رائع؛ حيث يتزيّن مدخلُه بالجَصِّ، والآجر المنحوت، والمَطلِيِّ، وفي أعلى المدخل تُوجَد الآيات الثلاث من سورة النصر منحوتةً بشكل مُتقَن، وتتميّز مِئذنة المسجد الواقعة في الجزء الشماليّ الغربيّ من المسجد بأنّها بُنِيت باستخدام مادّة الآجر، ويصل ارتفاعها إلى 16.55م، أمّا طول ضِلع قاعدتها فيبلغ 4م.
  • ضريح سيدي أبي مدين: وهو ضريح إسلاميٌّ يقعُ في قرية عباد الواقعة في الجزء الجنوبيّ الشرقيّ لمدينة تلمسان، وقد تمَّ إنشاء هذا الضريح بأمر من السُّلطان المُوحِّدي محمد الناصر، وحمل اسم سيدي أبي مدين (وهو شعيب بن الحسن الأنصاري)؛ وهو وليٌّ صالح يعود أصله إلى الأندلس، ويتكوّن الضريح بشكل أساسيّ من قُبّة كبيرة، أو ما يُعرَف بالحجرة الضريحيّة، وساحة واسعة أمام الحجرة الضريحيّة، وتتزيّن أبوابه، وجدرانه ببلاطات خزفيّة، وزخرفة نباتيّة، وهندسيّة.
  • جامع سيدي الحلوي: يقع هذا الجامع في قرية سيدي سعيد الواقعة في الجزء الشماليّ الشرقيّ من مدينة تلمسان، وقد تمَّ تشييده بأمرٍ من السُّلطان المريني أبو عنان فارس، وذلك بعد 14 سنة من بناء جامع سيدي أبي مدين، ويشتمل الجامع على ثلاثة أبواب رئيسيّة، وقاعدة صلاة واسعة، والعديد من الدعامات، والأعمدة التي تتزيّن بالزخرفات الرائعة.

المراجع

  1. “تلمسان”، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 8-11-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب جمال الدين بابا، نحو أطلس لغوي لألفاظ الأعشاب الطبية في منطقة تلمسان، صفحة 458. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت لبتر قادة، تأثير الرطوبة على المعالم الأثرية، صفحة 46-65،8-11،18. بتصرّف.