مدن المغرب العربي من خلال الرحالة العرب
مدن المغرب العربي من خلال الرحالة العرب
اهتمّ الرحّالةُ العرب من مُختلف أنحاء العالم العربي بزيارةِ العديد من المُدن العربيّة في كافة المناطق العربية، وعملوا على توثيق العديد من المشاهدات، والأحداث، والأشياء التي تعرّفوا عليها، أو شاهدوها، أو تعاملوا معها في رحلاتهم التي تميّزت بالسعي لاكتشاف العديد من الثقافات الشعبية، والمرتبطة بالتراث، والتقاليد السائدة في المناطق التي زاروها، واستقرّوا فيها لفترةٍ زمنيةٍ من أجل دراسةِ طبيعة الحياة فيها.
للرحّالة العرب فضلٌ في توضيح الطبيعية الجغرافيّة للعديد من المُدنِ، والمناطق في الدول العربية؛ إذ أعدّوا الخرائط التقريبيّة التي توضّح طبيعة المناطق، والتضاريس الموجودة فيها من جبالٍ، وسهولٍ، وهضابٍ، ومسطحاتٍ مائيةٍ، وغيرها من التضاريس الجغرافية الأخرى، وأيضاً تحدّثوا عن المدن في العديد مِن الكُتبِ، والمؤلفات، ممّا ساهم في مساعدة الأجيال اللاحقة في التعرّف على الكثير من المُدن التي لم تكن معروفةً مسبقاً.
سافر الكثير من الرحّالة العَرب لاكتشاف مُدنِ المغربِ العربي، بصفتها كانت تقعُ في مناطق جغرافيّةٍ بعيدةٍ عن أوطانهم، كما أنّها كانت تتميّز بطبيعتها، ومناخها المختلف عن الدول العربية الموجودة في منطقتي شبه الجزيرة العربية، وبَلادِ الشام لذلك حرص العديد من الرحالة على أن يُسافروا إلى تلك المُدن من أجل التعرف عليها، وعلى الحضارة الموجودةِ في أرضها، ومن أشهر الرحّالة الذين سافروا إلى مُدنِ المغرب العربي: ابن فضلان، وابن جبير، وابن بطوطة، والإدريسي وغيرهم الكثير، ولكلٍ منهم مؤلفاتٌ متنوّعةٌ حول المُدن العربية، والمغربية التي زاروها في رحلاتهم المتنوعة حول العالم. تالياً نذكر معلومات عن أشهر مُدنِ المغربِ العربي التي زارها الرحّالة العرب، وقاموا بالكتابةِ عنها، ووصفوها في مؤلفاتهم:
مدينة القيروان
هي من المُدنِ المغاربيةِ المشهورةِ، والتي تقع حالياً في الجمهورية التونسية، واسم القيروان مأخوذٌ من اللغة الفارسية، ومعناه المكان الذي يوجد فيه السلاح، أو مكان استراحة القوافل، وتمّ إنشاءُ القيروان في عامِ 50 للهجرةِ النبوية، وقام بتأسيسها الصحابي عقبة بن نافع – رضي الله عنه -.
كَتبَ الرحالة والمؤرّخون العَرب في كُتُبهم العديد مِن المعلوماتِ حول مدينةِ القيروان، فتعتبر من المُدنِ التي أثّرت في التاريخِ المغاربي تأثيراً واضحاً؛ إذ تُعد أولَ مدينةٍ إسلاميةٍ تم بناؤها في عهدِ الحُكم الإسلامي للمغربِ العربي، وساهمت في نشرِ الدين الإسلامي في العديدِ مِن المُدنِ المغاربية الأخرى، كما أنها ساندت الجيوش الإسلامية في فتوحاتِها للبلادِ العربية، والأوروبية.
مدينة عنابة
هي واحدةٌ من المُدن الجزائرية المشهورة، وقد تمّ ذكرها في العديد من المؤلفات التاريخية، والتي تُشير إلى طبيعة الحضارة فيها، وكانت تعرف قديماً باسم بلد العناب، والذي اشتق من كلمة بونة الرومانية، ومن ثم تمّ تعريبه ليصبح عنابة، وتتميز عنابة بحضارتها التاريخية العريقة، فقد ساهمت في تطوير العمارة البشريّة في المغرب العربي، وقد وصلها الرحّالة عبر الرحلات الاستكشافية البحرية، والتجارية فقد أشار لها التاجر والرحالة النصيبي في مؤلفاتهِ بأنها كانت من المُدن المشهورة تجارياً، فقد كانت تحتوي على العديد من الأسواق التجارية المزدهرة، والتي يزورها التُجار من مختلف أنحاء العالم.
مدينة الجزائر
هي العاصمة الحالية للجمهوريّة الجزائرية، وقد زارها العديد من الرحّالة العرب، والذين كتبوا عنها العديد من المعلومات، فقد وصفها الجغرافيّ الاصطخري بأنها مِن المُدنِ العامرة، والتي تحتوي على العديدِ مِن مظاهر الحضارة العمرانية، وتسكنها قبائل من البربر، وأيضاً وصفها الرحّالة ابن حوقل بأنها تحتوي على سورٍ في جهةِ البحر، وتوجدُ فيها الكثيرُ مِن الأسواق، ولها عيونُ ماء، وبادية، وجبال تكثرُ فيها المواشي، وأنواعُ الأشجار المُختلفة.