دولة البوسنة

البوسنة

شكّل وجود دولة البوسنة والهرسك المسلمة في منطقة البلقان في أوروبا سبباً لحدوث الكثير من المنازعات والحروب بين مكوّناتها العرقيّة بدعم من القوى الإقليميّة، وإنّ النّاظر في تاريخ البوسنة والهرسك ليدرك أهميّة هذا البلد المسلم الذي استطاع أهله الصّمود في وجه أعتى حملات القتل والتّطهير التي استهدفت وجوده في أوروبّا، فما هي أبرز المحطّات في تاريخ البوسنة والهرسك.

الموقع الجغرافيّ

تقعُ البوسنة والهرسك في منطقة البلقان التي اعتبرت لفتراتٍ طويلة من المناطق السّاخنة سياسيّاً؛ بسبب النّزاع الحاصل بين مكوّناتها العرقيّة المختلفة، ويحدّ البوسنة والهرسك من الشّرق كرواتيا، ومن الغرب صربيا والجبل الأسود، وهي بلاد يتّسم مناخها بالتنوع والتّعدد وهو عمومًا حارّ صيفًا وبارد شتاءً حيث تكسو الثّلوج جبالها العالية.

تكثرُ المراعي الخضراء والحدائق الغنّاء في البوسنة والهرسك لتجعل هذا البلد محطّة سياحيّة مهمّة لكلّ من ينشد البهجة والرّاحة بين أحضان الطّبيعة، وفي هذه البلاد تجدُ الأنهار مثل نهر سافا ودرينا، وليس للبلاد إلاّ ساحلٌ صغير على البحر الأدرياتيكيّ.

المكوّنات العرقيّة

تتكوّن البوسنة والهرسك في تكوينها العرقيّ والاجتماعي من عرقيّات مختلفة أبرزها البوشناق المسلمون، الذي يشكّلون غالبيّة أهل تلك البلاد ونسبتهم تشكّل ما يقارب 50% من نسبة عدد السّكان، ثمّ يأتي بعدهم الصّرب الذي يدينون بالمذهب الأرثوذكسي المسيحيّ وولاؤهم لمملكة صربيا، التي استقلت بعد تفكّك جمهوريّة يوغوسلافيا، ويشكّلون ما يقارب 35%، وبقيّة العرقيّات من الكروات والغجر والألبان.

التاريخ السّياسي

خضعت البوسنة والهرسك لسلطة عدّة دول عبر التّاريخ، فبعد أن كانت مملكة مستقلّة تمكّنت الدّولة العثمانيّة في القرن الثّالث عشر من الاستيلاء على البوسنة والهرسك ما بين سنة 1463 وسنة 1482 ميلاديّاً، وأصبحت مقاطعة حدوديّة تابعة لها تميّزت بخصوصيّتها من بين ولايات الدّولة العثمانيّة، وفي فترات ضعف الدّولة العثمانيّة تمكّنت الدّولة النّمساويّة من السّيطرة على البوسنة والهرسك وإخضاعها لنفوذها.

بعد هزيمة النّمسا في الحرب العالميّة الأولى تشكّلت جمهورية يوغسلافيا التي جمعت في بوتقتها عدّة عرقيّات ودول أبرزها البوسنة والهرسك والجبل الأسود وصربيا وكرواتيا، وبعد انهيار الاتحاد السّوفييتي تفكّكت جمهوريّة يوغسلافيا، واستقلّت دولة البوسنة والهرسك عنها في سنة 1992.

الحرب الدمويّة في البوسنة والهرسك

بعد استقلال البوسنة والهرسك حدثت نزاعات بين مكوّناتها العرقيّة على حيازة الأراضي والنّفوذ، وقد نشبت حروب ونزاعات استمرت ثلاثَ سنوات حصدت فيها أرواح آلاف من الأبرياء، وكان الضّحايا المسلمون من أكثر المتضرّرين من هذه الحرب، وبعد مذبحة سربرينتشا الشّهيرة رعت القوى الكبرى اتفاقيّة دايتون التي أنهت الحرب لتصبحَ دولة البوسنة والهرسك عبارة عن كيانين، هما اتحاد البوسنة والهرسك، وصربيا.