مدينة عنابة الجزائرية

مدينة عنابة

سُمِّيت مدينة عنابة قديماً بونة، وهي إحدى المدن الجزائرية الجميلة والمهمّة في الشرق الجزائري، أما تاسيسها فيرجع إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد وهو عصر الفينيقيين والنوميديين، وقد عُرِفت المدينة أيضاً باسم هيبون، إلّا أن الرومان أطلقوا عليها اسم هيبو ريجيوس، وبعد تحالفها مع مدينة قرطاجة اكتسبت المدينة أهمية أكبر. احتل ملك أحد القبائل النوميديية المدينة خلال الحرب البونيقية الأولى في الفترة 264-241 ق.م، لكن القرطاجيين أعادوها وغيروا اسمها ليصبح ريجيوس، وكانت المدينة في القرون الثلاثة الأولى للميلاد من أغنى المدن الإفريقية التي يسيطر عليها الرومان، وكانت من مراكز الفكر المسيحي المهمّة؛ حيث عاش فيها أحد أكبر شخصيات الفكر الديني المسيحي وهو القديس أوغسطين، الذي كان أُسقفاً لها، بالإضافة إلى وجود قدّيسين آخرين اشتُهرت بهم المدينة، مثل: ليونتيوس فاليريوس، وثيوجينس. يُذكَر أنّ كنيسة القدّيس أوغسطين المُطلّة على المدينة ما زالت ماثلة إلى يومنا هذا، على الرغم من تقادم الزمن والحروب عليها.[١]

سقطت مدينة هيبو في أيدي المهاجرين بعد أن تعرضت للهجوم من قِبَل الوندال في عام 431م، ودُمِّرت بشكل شبه كامل؛ حيث لم تتبقَّ منها سوى كاتدرائية القديس أوغسطين ومكتبته اللتان تضرّرتا قليلا من الهجوم المذكور وغيره. وفي عام 533م، تحول طابع المدينة إلى طابع بيزنطي، وبقيت كذلك حتى حلول الفتح الإسلامي في عام 679م، ليصبح اسمها عنابة؛ لكثرة أشجار العناب فيها. وفي عام 1830م وقعت المدينة تحت الاحتلال الفرنسي ليتم تحريرها على يد سكانها والحامية العثمانية، إلّا أنها لم تلبث أن وقعت في يد الاستعمار الفرنسي مرة أخرى عام 1832م.[١]

وقد شاركت مدينة عنابة بشكل فعّال في ثورة التحرير الجزائرية الواقعة في أول تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1954م، وشهدت أرضها بطولات جيش التحرير الذي كان يمر فيها لتخريب خط موريس وعبوره؛ وهو عبارة عن سياج كهربائي تصل قوته إلى 5000 فولت، ويبلغ ارتفاعه 205م، ويمتدّ على مسافة 460كم مع تونس، وقد وُضِعت حوله الألغام، حيث كان الهدف من إنشائه منع الجنود الجزائريين من العبور نحو الأراضي التونسية والمغربية، وقطع الإمدادات عنهم؛ سواءً من ناحية الأسلحة أو التموين، إلّا أن الثوار الجزائريين نجحوا في عبوره عدّة مرّات، وقد دفع الكثير منهم حياته ثمناً لهذا العبور،[١] وفي عام 1962م استقلت مدينة عنابة مع كافة المدن الجزائرية.[٢]

موقع مدينة عنابة

تقع مدينة عنابة في دولة الجزائر، وتحديداً في أقصى الشمال الشرقيّ منها قرب الحدود التونسية، وتبعد المدينة عن عاصمة الجزائر نحو 600كم، وهي من المدن المُطلة على البحر الأبيض المتوسط، كما أن ميناءها يعد أحد أهمّ موانئه،[٢] وتقع المدينة أيضاً قرب منبع وادي سيبوس، وتربطها بباقي مناطق الجزائر شبكة مواصلات، والعديد من خطوط السّكك الحديدة التي تربط شمال شرق الجزائر بعاصمتها.[٣]

معالم أثرية في مدينة عنابة

من أبرز المعالم الأثرية في مدينة عنابة مسجد أبي مروان الذي يُعدّ منارة علمية ودينية، وكان حصناً منيعاً لردع الهجمات الآتية من شمال البحر الأبيض المتوسط، وقد بُني المسجد في سنة 425م في عهد الدولة الزيرية، وهو مسجد ذو طابع أندلسي، تم تأسيسه على ركائز أسطوانية الشكل، بالإضافة إلى استخدام أعمدة من الآثار الرومانية في بنائه، أما اسمه فيعود إلى عبد الملك بن مروان بن على الأزدري المولود في مدينة إشبيلية. وفي عنابة متحف هيبون، وهو من المعالم الأثرية المهمّة؛ إذ يضم عدداً كبيراً من الآثار القديمة التي تشهد على تعاقب الحضارات القديمة والعريقة.[١]

وفي عنابة كنيسة كاثوليكية هي كنسية السلام، ترجع في أصلها إلى فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، حيث تم إنشاؤها عام 1842م، وتم بناؤها بتشجيع من الأُسقف الجزائري لافيجري، وجرى أول قداس فيها في عام 1886م. وفي عنابة أيضاً آثار هيبون التي تشهد على الوجود الروماني في المنطقة، وهي آثار تُعرَف باسم لالة بونة، وتقع بين تلال المنطقة الجنوبية للمدينة وتشتمل على آثار رومانية الأصل؛ مثل مساحة الفوروم التي تحتوي بقايا مسرح ومدرجات أوركسترا، بالإضافة إلى القبور والتماثيل؛ كتمثال القديس أوغسطين، وهاكيوس، وأفروديت، وأسكولاب. ومن الأحياء المشهورة في مدينة عنابة حي القصبة الذي يتميز باحتوائه على بيوت فيها حدائق وقاعات كبيرة ذات طابع عثماني، ويعدّ هذا الحيّ من الأحياء التي يأتيها الزوار للتجول في الأزقة وبين البيوت المتلاصقة ببعضها البعض.[١]

اقتصاد مدينة عنابة

مدينة عنابة هي من المراكز التجارية والصناعية المهمّة؛ حيث توجد فيها مصانع لتسييل الغاز وتكرير النفط، كما تحتلّ مكاناً متقدّماً في تجارة الصّلب والحديد؛ إذ تُعدّ المصدر الرئيسي للحديد والفوسفات في الجزائر، اللذين يُستخرجان من رواسب تبسة وصولاً إلى الجنوب الشرقي، ويتم فيها تصنيع المواد الكيميائية، بالإضافة إلى تعليب الأغذية وإنتاج الفلّين والإسمنت. تُعدّ عنابة مركزاً مهمّاً لتصديرالحمضيات، كما تحيط ها مزارع خصبة مزروعة بالقمح. وتعدّ عنابة ميناءً مهمّاً للتجارة والصيد، ومزاراً سياحيّاً يقصده الكثير من السيّاح، فهي تعتمد في اقتصادها على قطاع السياحة بشكل كبير وخاصّة في فصل الصيف؛ حيث تجذب شواطئها السياح.[٢][٣]

السياحة في مدينة عنابة

مدينة عنابة وجهة سياحية مهمّة ومن أجمل المدن الجزائرية؛ حيث تشتمل على إمكانيات سياحية كثيرة، ومنها كاتدرائية القديس أوغسطين التي يزورها السياح باستمرار، كما تزدهر فيها الشواطئ التي تمتد إلى مسافة 80كم، وتعدّ شوطائها من أجمل شواطئ الشرق الجزائري، فيوجد فيها شاطئ سانكلو، وشاطئ البوني، وفي عنابة منطقة جبلية يبلغ ارتفاعها أكثر من 800م عن مستوى سطح البحر وتُدعى سرايدي، يأتيها الزوار للتمتُّع بالمناظر الخلابة التي يمتزج بها اللونان الأخضر والأزرق اللذان يعبران عن وجود الغابة والبحر، ويزور المدينة أكثر من 1.5 مليون زائر أثناء فصل الصيف، على الرغم من تواضع الفنادق وأماكن الاستقبال فيها.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح “عنابة: عروس الشرق الجزائري وحاضنة القس أوغسطين!”، www.alquds.co.uk، 2016-6-4، اطّلع عليه بتاريخ 2017-10-4. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت “عنابة”، www.aljazeera.net، 2014-12-6، اطّلع عليه بتاريخ 2017-10-4. بتصرّف.
  3. ^ أ ب “Annaba”, www.britannica.com, Retrieved 2017-10-4. Edited.