جزيرة سورية في المتوسط

الجزر السورية

توجد جُزرٌ قليلةٌ تتبع لسواحل بلاد الشام جميعاً، وبالنسبة لسوريا إحدى أهم بلاد الشام الأربعة، فلا تتبع لها سوى بضع جُزر صغيرة وهي: جزيرة النمل، وجزيرة العباس، وجزيرة المخروط، وجزيرة أبو علي، و جزيرة الحمام أو جزيرة الطيور، وجميع هذه الجزر غير مأهولةٍ بالسكان، لكن أبرز تلك الجزر، وأكثرها توغلاً في التاريخ والعراقة، هي جزيرة أرواد التي سوف نتحدث عنها في هذا المقال.

جزيرة أرواد

تبعد جزيرة أرواد خمسة كيلومترات عن شاطئ مدينة طرطوس، وتبلغ مساحتها حوالي عشرين هكتاراً، أما عن المساحة المأهولة منها بالسكان، فهي ثلاثة عشر هكتاراً ونصف الهكتار، ويسكنها حوالي 10.000 نسمة تقريباً، وأصل تسميتها بأرواد يعود إلى اللغة اليونانية، كما سُميت في اللغة الفينيقية بأرادوس؛ أي ملجأ الهاربين، وكانت إحدى الممالك البحرية الفينيقية في البحر المتوسط التي كان لها النفوذ القوي على أجزاء من الساحل السوري، وكانت الجزيرة مُطوقةً بسورٍ لحمايتها من أي غزوٍ مُحتمل، وهناك بعض الأحجار الضخمة المُتبقية من السور إلى الوقت الحاضر، كما تشتهر أرواد بقلعتها التاريخية.

الحياة في جزيرة أرواد

لا يتوقف ميناء أرواد عن الحركة، فهناك عشرات المراكب البحرية التي ترسو فيه يومياً، وتلك المراكب تنقل الركاب والزوار من أرواد إلى طرطوس وبالعكس، وتوجد في الجزيرة العديد من المطاعم والمقاهي، حيث تنشط حركة الزائرين إلى الجزيرة الأثرية، خاصةً في فصل الصيف، ويشتغل سكان أرواد في صناعة المراكب والقوارب الخشبية، إلى جانب صيد الأسماك، وصناعة لوازم الصيد؛ مثل شباك الصيد، ويُعدُّ القبطان عبد الله محمد سليمان، من أشهر ربابنة الجزيرة والبحر، فقد واصل تنقله في البحر حتى بلغ عامه الخامس والثمانين، واستفاد من خبرته البحّارة والصيادون في ميناء اللاذقية، عندما عمل فيه رئيساً للمرشدين البحريين.

تنقسم جزيرة أرواد إلى قسمين؛ الأول يُسمى الجهة القبلية، والآخر يُدعى بالجهة الشمالية، والغريب في الأمر أن السكان في كل منطقةٍ لهم لهجة تختلف عن الأخرى، وتوجد في الجزيرة مدرسة للصفوف الابتدائية، ومدرستان ثانويتان، وهناك مركزٌ صحيٌ صغير يُقدم الخدمات الصحية الأولية اللازمة لسكان الجزيرة، ومتحف تاريخي، أما عن كيفية وصول الكهرباء وخدمات الهاتف للجزيرة، فهناك كوابل ممدودة أسفل قاع البحر بواسطة الشبكة السورية للكهرباء والهاتف.

كانت جزيرة أرواد مدينةً متطورةً منذ الألف الثاني قبل الميلاد، ورغم وقوعها تحت سيطرة مدينة صور، لكنها تحررت من تبعيتها لها، وامتد نفوذها، وصارت كالدولة التي تتبعها المستوطنات، فهناك بعض المدن الساحلية التي تبعت لحكم الجزيرة، وسُمِّيت هذه المستوطنات ببنات أرواد.

باقي الجزر السورية

جزيرة أرواد هي الجزيرة السورية الوحيدة المأهولة بالسكان، أما باقي الجزر فهي غير مأهولة؛ وذلك لصغر حجمها، واستُخدمت كمراسٍ للسفن الكبيرة التي يصعب عليها الاستقرار في الموانئ الصغيرة، كما كانت هذه الجزر ملجأً للصيادين في حال تأخرهم عن العودة إلى منازلهم وأماكنهم بحكم ظروف الصيد، أو خلال حدوث تقلبات الطقس، لا سيما العواصف العاتية، ويُذكر أن في جزيرتي العباس والمخروط بعض الدلائل التاريخية على استخدامها لبعض طقوس العبادة قديماً.