علاج تشمع الكبد
تشمُّع الكبد
يمكن تعريف تشمُّع الكبد على أنَّه الحالة التي يستبدل فيها نسيج الكبد السليم بنسيج ندبي تالف،[١] وذلك استجابة لتعرضه لضرر مزمن نتيجة الالتهاب المستمر الذي يحدث في الكبد، والذي يعزى حدوثه إلى أسباب عدة، كاستهلاك كميات كبيرة من الكحوليات، أو الإصابة بعدوى التهاب الكبد الفيروسي المزمن، أو أية أسباب أخرى من شأنها إلحاق الأذى بالكبد، وذلك على الرغم من امتلاك الكبد القدرة على إصلاح الضرر الذي تتعرض له أنسجته بنفسه في الحالة الطبيعية.[٢]
ولمعرفة المزيد عن تشمع الكبد يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو تشمع الكبد).
علاج تشمُّع الكبد
ثمة مجموعة من الأهداف التي يسعى مزودو الرعاية الصحية لتحقيقها عند علاج مرضى تشمُّع الكبد، وفي ما يأتي بعض من هذه الأهداف:[٣]
- إبطاء مسبب مرض الكبد وعلاجه.
- حماية الكبد من المصادر الأخرى التي تلحق الضرر به.
- تخفيف الأعراض، ومنع حدوث المضاعفات.
- التأكد من مدى حاجة المريض لزراعة الكبد، وتحديد الوقت المناسب لإجراء هذه العملية.
إبطاء مسبِّب مرض الكبد وعلاجه
إنَّ التعرف على مسبب المشكلة وعلاجه إن أمكن يعد من أولويات العلاج في حالات الإصابة بتشمُّع الكبد،[٣] وفيما يأتي بيان ذلك:
- الحرص على تناول الأدوية المستخدمة لعلاج حالات التهاب الكبد الوبائي بي أو سي.[٤]
- علاج إدمان الكحوليات في حالات الإصابة بتشمُّع الكبد الناتج عن استهلاك كميات كبيرة من الكحول بانتظام وعلى فترات طويلة، ويجدر بالفرد الإقلاع عن شرب المشروبات الكحولية كلياً، وقد يوصي الطبيب في كثير من الأحيان باتباع برنامج علاجي يساهم في علاج إدمان الكحوليات.[٥]
- علاج أمراض المناعة الذاتية المسببة لتشمُّع الكبد، ويمكن تحقيق ذلك في بعض الحالات باستخدام الأدوية الستيرويدية، أو غيرها من أدوية كبت المناعة (بالإنجليزية: immunosuppressant medicines).[٦]
- إزالة ما يقارب نصف لتر من الدم في حالات الإصابة بداء ترسب الأصبغة الدموية (بالإنجليزية: Haemochromatosis)، فبهذه الطريقة يمكن تخليص الجسم من كميات الحديد الزائدة فيه.[٦]
- علاج مرض الكبد الدهني اللاكحولي، وفي هذه الحالة قد يوصي الطبيب بتخفيف الوزن عن طريق اتباع نظام يتضمن تناول الطعام الصحي وممارسة الأنشطة الجسدية بانتظام، وهو ما يساهم في خفض مستويات الدهون والالتهاب والنسيج الندبي في الكبد.[٧]
- علاج الأمراض التي تسبب تدمير القنوات الصفراء وتلفها وانسدادها، مثل التهاب الأقنية الصفراوية الأولي (بالإنجليزية: Primary biliary cirrhosis)، والتهاب الأوعية الصفراوية المصلب الابتدائي (بالإنجليزية: Primary Sclerosing Cholangitis)، وعادة ما يعالج الأطباء هذه المشاكل بالأدوية، كاستخدام حمض الأورسو ديوكسي كوليك (بالإنجليزية: Ursodeoxycholic acid)، ومن جانب آخر قد يستخدم الأطباء الإجراء الجراحي لفتح القنوات الصفراء المسدودة أو المتضيقة.[٧]
ولمعرفة المزيد عن أسباب تشمع الكبد يمكن قراءة المقال الآتي: (ما أسباب تشمع الكبد).
منع تعرض الكبد لمزيد من الضرر
يجب على الأشخاص المصابين بتشمُّع الكبد اتخاذ المزيد من الاحتياطات والإجراءات التي تساهم في حماية الكبد من العوامل الأخرى التي قد تلحق الضرر به إلى جانب أمراض الكبد، وفيما يأتي توضيح لعدد من هذه الإجراءات والنصائح التي يجب اتباعها لمنع تدهور حالة الكبد:[٣]
- الحرص على أخذ الجرعات الدوائية الصحيحة في حالات الإصابة بأمراض الكبد.[٣]
- استخدام مضادات الفيروس لعلاج حالات التهاب الكبد الوبائي سي وبي.[٢]
- فحص الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي أ و ب، والحرص على أخذ اللقاحات اللازمة للوقاية منهما، إلى جانب فحص الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي سي.[٣][٢]
- الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية في جميع الأحوال، سواءً كان شرب الكحول سبباً لحدوث تشمع الكبد أو لا، مع ضرورة تجنب استخدام الأدوية التي قد تلحق المزيد من الضرر بالكبد،[٣][٢] وتزيد من تدهور الأعراض، مثل: الأفيونات، ومضادات الالتهاب اللاستيرويدية، والمهدئات.[٨]
- مراجعة جميع الوصفات الدوائية بعناية لمعرفة تأثيرها على الكبد، إذ إنّ المصابين بتشمُّع الكبد يزيد لديهم خطر تعرض الكبد للضرر عند استخدام بعض أنواع الأدوية الموصوفة.[٢]
- تجنب تناول المأكولات البحرية النيئة، فمن الممكن أن تحتوي على بكتيريا قد تسبب الإصابة بنوع خطير من العدوى عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد المتقدمة.[٢]
- فحص وعلاج الأسباب الثانوية التي تؤدي إلى حدوث تشمُّع الكبد، كاستخدام حمض الأورسو ديوكسي كوليك لعلاج انسداد قناة الصفراء.[٢]
العلاج لتخفيف الأعراض ومنع حدوث المضاعفات
توجد العديد من العلاجات التي قد ينصح باستخدامها بالاعتماد على شدة تشمُّع الكبد والأعراض المرافقة له لتخفيف الأعراض ومنع حدوث المضاعفات، وفي الآتي بعض الأمثلة على ذلك:[٦]
- أخذ اللقاح الذي يقي من التهاب الكبد الوبائي أ، والإنفلونزا، وعدوى المكورة الرئوية (بالإنجليزية: pneumococcal infections).
- الحرص على تزويد الجسم بحاجته من الطعام، ويتضمن ذلك تزويده بحاجته من السعرات الحرارية والبروتينات، إلى جانب ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، لما لذلك من أهمية في منع الإصابة بالهزال العضلي وفقدان الوزن الشديد.
- علاج هشاشة العظام والوقاية منها، فترقق العظام هو إحدى المشكلات محتملة الحدوث في حالات تشمُّع الكبد.
- وصف مكملات غذائية معينة لمنع حدوث هشاشة العظام والتغلب على سوء التغذية الذي يرافق الإصابة بتشمُّع الكبد، كاستخدام مكملات الزنك، فنقص الزنك في الجسم شائعاً في حالات تشمُّع الكبد.[٦][٩]
- استخدام العلاجات التي قد تساهم في تخفيف أعراض معينة يعاني منها المصاب، كالإعياء، والحكة، والألم.[٩]
- الحرص على تناول الأطعمة منخفضة الصوديوم، واستخدام الأدوية التي تساهم في منع تراكم السوائل في الجسم، والسيطرة على مشكلة الاستسقاء البطني والتورم، ويمكن تعريف الاستسقاء البطني على أنَّها حالة تتمثل بتجمع السوائل في تجويف البطن، وهو إحدى المشاكل الشائعة في حالات الإصابة بتشمُّع الكبد، والتي تظهرعادة عندما يبدأ فشل الكبد، وقد تستدعي بعض الحالات الأكثر شدة إجراء عمليات معينة بهدف تصريف السائل المتراكم، أو الخضوع لجراحة لتخفيف الضغط، وعموماً إنَّ تطور مشكلة الاستسقاء البطني تدل على وصول مرض الكبد إلى مراحل متقدمة، وفيها يجب لفت النظر إلى عملية زراعة الكبد للمصاب.[١٠][١١]
- السيطرة على ضغط الوريد البابي، إذ يعرف الوريد البابي (بالإنجليزية: Portal vein) بأنَّه الوعاء الدموي المسؤول عن تزويد الكبد بالدم، ويحدث ارتفاع ضغط الوريد البابي أو ما يعرف بفرط ضغط الدم البابي عند تجمع الدم في هذا الوريد، وهو ما قد يرافقه حدوث مضاعفات أخرى، لذا توصف الأدوية عادة للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم في الأوعية الدموية الأخرى، إذ يعد الهدف من ذلك منع حدوث النزيف الشديد الذي يمكن الكشف عن حدوثه بواسطة التنظير الداخلي؛ فعند ملاحظة وجود براز دموي عند الفرد أو معاناته من تقيؤ الدم توضع بعين الاعتبار إصابته بالدوالي المريئية (بالإنجليزية: esophageal varices)، وهي من المشاكل الصحية التي تتطلب العناية الطبية الطارئة، ولعلاج المشكلة يمكن إجراء بعض العمليات، كاستخدام المعالجة بالتصليب، إذ تحقن مادة معينة في الدوالي بعد إجراء التنظير الداخلي، والتي بدورها تحفز تكوين خثرات الدم ونسيج الندبات، وبالتالي فهي تساعد على وقف النزيف، أو استخدام طريقة الربط، وذلك بوضع رباط صغير حول قاعدة الدوالي للسيطرة على النزيف،[٥] أما في الحالات الشديدة، فقد يوضع أنبوب صغير في الوريد يساعد على خفض ضغط الدم في الكبد.[١٠]
- علاج العدوى، إذ تعطى المضادات الحيوية للمصاب في حالة إصابته بأي نوع من العدوى، فالأشخاص المصابون بتشمُّع الكبد عرضة للإصابة بعدوى في سائل الاستسقاء أو السائل المتجمع في التجويف البطني، كالإصابة بالتهاب الصفاق الجرثومي العفوي (بالإنجليزية: Spontaneous bacterial peritonitis)، والذي يحدث غالباً في حالات الإصابة بتشمُّع الكبد لفترات طويلة، وتظهر هذه العدوى دون تحذير مسبق أو سبب واضح.[٥][١٢]
- علاج الاعتلال الدماغي الكبدي (بالإنجليزية: hepatic encephalopathy)، يعرف الاعتلال الدماغي الكبدي بأنَّه أحد اضطرابات الدماغ التي تتطور لدى بعض الأفراد الذين يعانون من أمراض الكبد، نتيجة تراكم السموم في الدم، وهي السموم التي يتم التخلص منها عادة بواسطة الكبد، لينتهي بها المطاف في الدماغ فتلحق به الضرر،[١٣] لذا قد توصف الأدوية للمصاب بتشمُّع الكبد والتي تساعد على تقليل مستوى السموم المتجمعة في الدم نتيجة تدني مستوى وظائف الكبد.[١٠]
- علاج المتلازمة الكبدية الكلوية (بالإنجليزية: Hepatorenal Syndrome)، وهي مشكلة تحدث نتيجة إصابة الأفراد الذين يعانون من أمراض مزمنة ومتقدمة في الكبد بالفشل الكلوي، وحقيقة، تعالج هذه المتلازمة بالحرص على تحسين وظائف الكبد، كالبدء بعلاج التهاب الكبد الوبائي ب، أو الإقلاع عن شرب الكحوليات، وعلى الرغم من ذلك قد يستدعي الأمر اللجوء إلى زراعة الكبد في حالة عدم تحسن وظائف الكبد.[٣][١٤]
- علاج سرطان الكبد، قد يوصي الطبيب بإجراء اختبارات الأمواج فوق الصوتية وتحاليل الدم الدورية بهدف الكشف عن علامات الإصابة بسرطان الكبد،[٩] وفي هذا المجال تجب الإشارة إلى وجود عدد من الإجراءات الطبية التي تستخدم لتدمير خلايا السرطان أو إزالتها، كالخضوع للعلاج الإشعاعي أو الجراحة أو استخدام العلاج الكيميائي، وإلى جانب ذلك تستخدم زراعة الكبد أيضاً لعلاج بعض حالات سرطان الكبد.[٧]
زراعة الكبد ودواعي إجراؤها
تعرف زراعة الكبد بأنها عملية كبرى يتم فيها إزالة الكبد المصابة واستبدالها بجزء من كبد متبرع حي أو بكبد سليمة تؤخذ من متبرع متوفى، ويعد تشمُّع الكبد أحد أكثر الأسباب الشائعة التي تستدعي إجراء زراعة الكبد، إذ تعد زراعة الكبد حلًّا ضرورياً في الحالات التي يعجز فيها العلاج عن السيطرة على مضاعفات تشمُّع الكبد، وذلك بعد تقييم الفريق الصحي المتخصص حالة المصاب بتحديد المخاطر والفوائد المرجوَّهة من زراعة الكبد وانعكاسها على كل من المتبرع والمريض المستقبل للعضو، فيمر الفرد بسلسلة من عمليات التقييم المعقدة قبل إضافته على قائمة طويلة بانتظار زراعة العضو، فيخضع المرشحون لزراعة الكبد لعدد من الاختبارات المكثفة بهدف معرفة حالتهم الصحية، وما إن كانت جيدة بما يكفي لتحقق نتائج جيدة من عملية زراعة الكبد.[١٥][٩]
وتجب الإشارة إلى أنَّ معدلات النجاة من عمليات زراعة الأعضاء قد تطورت خلال السنوات العديدة الماضية على نحو ملحوظ نتيجة استخدام الأدوية التي تثبط الجهاز المناعي، وتمنعه من مهاجمة وإتلاف الكبد الجديدة، غير أنَّ النجاة بعد الزراعة تعتمد كلياً على المتابعة والتعاون المكثف من قبل المريض نفسه ومقدم الرعاية الصحية.[١٥][٩]
وبالحديث عن تشمُّع الكبد الكحولي وزراعة الكبد فقد استثني الأشخاص الذين يعانون من تليف الكبد الكحولي من الترشح لعملية زراعة الكبد فيما مضى، ويعزى ذلك إلى احتمالية عودة هؤلاء الأفراد إلى عادات شرب الكحول السيئة بعد الخضوع لزراعة الكبد، غير أنَّ بعض الدراسات الحديثة أشارت إلى أنَّ معدلات النجاة بعد زراعة الكبد بين الأشخاص الذين يتم اختيارهم بحذر ممَّن يعانون من تشمُّع الكبد الكحولي الشديد، مشابهة لمعدلات النجاة بين الأفراد الذين يخضعون لزراعة الكبد نتيجة الإصابة بأنواع أخرى من أمراض الكبد، ولكي تكون زراعة الكبد خياراً متاحاً للفرد في حالة الإصابة بتشمُّع الكبد الكحولي، فهو يحتاج إلى إيجاد برنامج يتعامل مع فئة الأشخاص المصابين بتشمُّع الكبد الكحولي، بالإضافة إلى أهمية تلبية متطلبات البرنامج، من حيث الالتزام بعدم تناول المشروبات الكحولية مدى الحياة، إلى جانب الالتزام بالمتطلبات الأخرى الخاصة بمركز زراعة الأعضاء المعني.[١٠]
المراجع
- ↑ Becky Upham, “What Is Cirrhosis?”، everydayhealth, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ Charles Daniel, “An Overview of Cirrhosis”، verywellhealth, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ Sanjiv Chopra, “Patient education: Cirrhosis (Beyond the Basics)”، uptodate, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ↑ “Cirrhosis and Your Liver”, webmd, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ^ أ ب ت Adam Felman, “Everything you need to know about cirrhosis”، medicalnewstoday, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث Colin Tidy,, “Cirrhosis”، patient, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ^ أ ب ت “Treatment for Cirrhosis”, niddk, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ↑ “Cirrhosis of the liver”, betterhealth, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج “Cirrhosis”, mayoclinic, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث “Cirrhosis”, drugs, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ↑ “Ascites: A Common Problem in People with Cirrhosis”, gi, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ↑ “Cirrhosis Complications: Spontaneous Bacterial Peritonitis”, healthlinkbc, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ↑ “Hepatic Encephalopathy”, rarediseases, Retrieved 24-3-2020. Edited.
- ↑ “Hepatorenal Syndrome”, emedicine.medscape.com, Retrieved 15-4-2020. Edited.
- ^ أ ب “Cirrhosis”, transplantsurgery, Retrieved 24-3-2020. Edited.