الوقاية من القولون العصبي
القولون العصبي
تُمثل متلازمة القولون العصبي (بالإنجليزية: Irritable Bowel Syndrome)، أو ما يُعرف عامّة بالقولون العصبي حالة مرضية تؤثر في وظائف [[أمراض الأمعاء وأعراضها|الأمعاء]، بحيث يتمثل عَرَضها الأساسي بالشعور بالألم أو الانزعاج في البطن الذي لا يتحسّن إلا بإخراج الغازات أو طرح الفضلات، ومن أعراضه الأخرى الانتفاخ، أو المُعاناة من الإسهال أو الإمساك المزمن أو فترات متتابعة من الأخيرين، وفي الحقيقة لا يزال سبب الإصابة بالقولون العصبي مجهولاً، ويُعتقد أنّ العديد من العوامل تلعب دوراً في تطوّر هذه الحالة بما يشمل الحساسية المُفرطة للأعصاب المُغذية للأمعاء ويترتب على ذلك استجابة الأمعاء لعدّة عوامل بشكلٍ أكبر مُقارنةً بالوضع الطبيعي، ومن هذه العوامل كذلك انقباضات الأمعاء غير الطبيعية، أو التهاب الأمعاء المزمن، وكذلك العوامل النفسية،[١] ويجدر بالذكر أنّ تأثير هذه العوامل يكون في الأمعاء الغليظة على وجه الخصوص، فيُعاني المُصاب من تشنّجات الأمعاء، والانتفاخ، والتغيُّر في نمط الإخراج؛ فالبعض يُصاب بالإمساك والبعض الآخر بالإسهال، وفي بعض الحالات يُعاني المُصاب من فتراتٍ يتناوب فيها كلاً من الإمساك والإسهال، وبالرغم من أنّ القولون العصبي يُسبّب الكثير من الانزعاج للمُصاب به إلّا أنّه لا يُلحق الضرر بالأمعاء، ويُشار إلى أنّ متلازمة القولون العصبي تُمثل اضطرابًا شائعًا تُعاني منه النّساء بصورةٍ أكبر مُقارنةً بالرجال، ومن حيث العمر فهو شائع بشكلٍ أكبر لدى الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 45 سنة،[٢] ووفقاً للكلية الأميركية لطب الجهاز الهضمي (بالإنجليزية: American College of Gastroenterology) يُعتبر اضطراب القولون العصبي هو الأكثر تشخيصاً والأكثر مُشاهدةً من قِبل أطباء الرعاية الصحيّة الأولية.[٣]
ولمعرفة المزيد عن القولون العصبي يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو القولون العصبي).
نصائح للوقاية من القولون العصبي
يجب التوضيح بداية أنّه لا يوجد طريقة مُحددة تقي الشخص من الإصابة بالقولون العصبي بشكلٍ مؤكد، بالمقابل يوجد عدد من النّصائح العملية التي تحدّ من احتمالية تطوّر هذا الاضطراب أو زيادة أعراضه سوءاً،[٤] ولعلّ أمثل طريقة لذلك هي تعديل أنماط حياة المُصاب، بما يتضمّن اتباع حمية غذائية مُناسبة،[٥] وبشكل عام، يُمكن القول أنّ الوقاية من القولون العصبي تبدأ بفهم طبيعة الاضطراب بما يتضمّن مُحفّزات الأعراض حتّى يستطيع المُصاب تعديل نمط حياته للحصول على نتائج أفضل وتعايش أسلم مع هذ الاضطراب، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ المُحفّزات تُمثل عناصر بيئية تتفاعل معها الأجسام مُحدثة تأثيراتٍ سلبية، وقد يستحيل فهم لماذا تتجاوب أجسامنا معها بهذه السلبية، لكن من الضروري معرفة المُحفّزات التي تؤثر بشكلٍ مُزمن على قولون المُصاب واتخاذ السّبل التي تثمكّن من السيطرة عليها، ومن المُحفّزات الشائعة للقولون العصبي نوع الحمية الغذائية المُتبّعة وعدم ممارسة الأنشطة البدنية بنحوٍ كافٍ، بالإضافة إلى التوتّر (بالإنجليزية: Stress) واستخدام بعض أنواع الأدوية، وبناءً على ذلك يُمكن القول أنّه من الضروري التخطيط لنمط حياة أمثل وعاداتٍ صحيّة تخلو من هذه المُحفّزات.[٦]
الغذاء والعادات الغذائية
قد يتسبّب تجنّب أنواع مُعينة من الأطعمة بتخفيف أعراض القولون العصبي، ونذكر من ذلك ما يأتي:[٧]
- الحليب: إنّ الأطعمة التي تحتوي على اللاكتوز (بالإنجليزية: Lactose) كالأجبان والبوظة قد تُسبّب الانتفاخ وتكوّن الغازات لمن يُعانون من حساسية اللاكتوز (بالإنجليزية: Lactose Intolerance)، فعدم قدرة الأمعاء الدقيقة على امتصاص اللاكتوز من شأنه أن يتسبّب بانتقاله بهيئته غير المهضومة إلى القولون حيث تُخمّره البكتيريا وتتكوّن الغازات.
- المشروبات الغازية: إذ إنّ الغازات والفُقاعات الموجودة في هذه المشروبات من شأنه التسبّب بأعراض القولون العصبي، وبالتالي يُنصح بالاستعاضة عنها بالماء أو الحليب الخالي من اللاكتوز.
- الأغذية الغنية بالفركتوز: ولا يتمثل ذلك بالحلوى المعدّلة صناعياً والمشروبات التي تحتوي على عصير الذرة المُركّز عالي الفروكتوز (بالإنجليزية: High Fructose Corn Syrup) فقط، بل يتعدى الأمر ليشمل الفاكهة الطبيعية التي تحتوي على الفركتوز؛ كالأجاص، والتفاح، والفاكهة المجففّة؛ فهضم الفركتوز قد يُحفّز أعراض جانبية مُشابهة للاكتوز غير المهضوم.
- اللبان الخالي من السّكر: فالعديد من أنواع اللبان الخالي من السكر تحتوي على مُحلّيات صناعية؛ مثل الزايليتول (بالإنجليزية: Xylitol) والسوربيتول (بالإنجليزية: Sorbitol) التي تُسبّب الإسهال، كما أنّ مضغ اللبان يُصاحبه ابتلاع كميّة من الهواء وهذا يزيد من إنتاج الغازات.
- الكافيين: والذي يوجد في مصادر عدّة؛ كالشاي، القهوة، الشوكلاتة، وأدوية الصداع الموصوفة دون وصفة طبية كالإيكسدرين (بالإنجليزية: Excedrin). فالكافيين يزيد احتمالية حدوث الإسهال الذي يُعد أحد أهم أعراض القولون العصبي.
- الجلوتين: (بالإنجليزية: Gluten)، حيثُ أظهرت الدراسات أنّ من يُعانون من القولون العصبي يُظهرون تحسّناً ملحوظاً في أعراض الإسهال المرتبط بالقولون العصبي عند التوقّف عن تناول الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين؛ مثل الدقيق والشعير، حتّى وإن لم يكونوا مُصابين بمرض الداء الزلاقي (بالإنجليزية: Celiac Disease).[٨]
- حمية فودماب: (بالإنجليزية: FODMAPs)، وهو اختصار للسّكريات الأحادية والثنائية وقليلة التعدّد القابلة للتخمّر والسكريات الكحولية، إذ توجد هذه السكريات في أنواع معينة من الخضار والفاكهة وكذلك الحبوب ومنتجات الألبان، ويُشار إلى تحسّن أعراض القولون العصبي إذا التزم المُصاب بحمية غذائية تقلّ فيها نسبة مصادر الفودماب.[٨]
إنّ تناول الأطعمة التي تحتوي على الألياف قد يُساعد أو يزيد الأعراض سوءاً حسب الحالة إن كان يُعاني المُصاب من الإمساك أو الإسهال؛ فحسب الإرشادات السريرية الصادرة عن المعهد الوطني للصحة وتفوّق الرعاية (بالإنجليزية: National Institute of Health and Excellence) يجب تعديل كميّة الألياف التي يتناولها المُصاب بالقولون العصبي حسب الأعراض ومدى تأثيرها في الشخص؛ فإذا كان تناول الكربوهيدرات يزيد من الانتفاخ والغازات، أو إذا كان يُعاني المُصاب من الإمساك فإنّ الإكثار من مصادر الألياف في هاتين الحالتين يُحسّن الأعراض بشكلٍ ملحوظ، ويُشار إلى أنّ الفاكهة والورقيات الخضراء تُمثل مصادرًا للألياف، لكن يجب أن يُعدّل النّظام الغذائي بشكلٍ تدريجي وليس فجأة؛ لأنّ التغيير المُفاجئ في النمط الغذائي قد يزيد الأعراض سوءاً. يُنصح أيضاً بتناول المُعززات الحيوية أو البروبيوتيك (بالإنجليزية: Probiotics) للتخفيف من أعراض القولون العصبي الناتجة عن الحساسية تجاه الأطعمة التي تمّ ذكرها سابقاً، فالحساسية تجاه بعض أنواع الأطعمة تُعد المُحفّز الأكثر شيوعاً للقولون العصبي، ومن النصائح المُقدّمة كذلك فيما يتعلق بالنمط الغذائي فيجدُر تجنّب الأطعمة الحارّة، فالتوابل تُهيّج الأمعاء وتزيد الإسهال سوءًا، أمّا الأطعمة الغنية بالدهون فهي ليست بالخيار الصائب نظراً لتأثيرها السلبي في الأعراض وخطورتها على صحة الإنسان بشكلٍ عام، ويجب أيضاً تقسيم وجبات الطعام إلى حصص صغيرة على مدى اليوم مع السيطرة على كميّة الطعام في كل حصّة والابتعاد عن تناول الطعام بعد منتصف الليل.[٥]
السيطرة على التوتر والضغط النفسي
قد يُعاني الأشخاص من اضطرابات هضمية بسبب التوتر والقلق، لكن تكون شدّة هذه الاضطرابات أكبر وأكثر تكراراً لدى من يُعانون من اضطراب القولون العصبي، ومن أبرز الأعراض التي يُعاني منها الأشخاص في هذه الحالة الإمساك، والإسهال، وألم البطن، ويُشار إلى أنّ هذه الأعراض تتحسّن بمجرّد إيجاد حلول للتعامل من التوتر والتقليل منه؛ فالاستشارات النفسية مثلاً لدى أطباء علم النفس من شأنها مُساعدة المُصاب بالتوتر على البحث في آلية تفاعله مع ما يدور حوله من أحداث وكيفية استجابته لها ثم العمل على إيجاد طرق استجابة جديدة أقل توترًا، ومن الممكن اللجوء إلى التقنيات الأخرى المختلفة التي من شأنها السيطرة على التوتر والضغط النفسي والتقليل من تأثيراتها في الشخص؛ مثل تقنية الارتجاع البيولوجي، وتمارين الاسترخاء التدريجي (بالإنجليزية: Progressive Relaxation)،.[٩] وتمارين التأمل الواعي (بالإنجليزية: Mindfulness Training)، والتنفّس العميق.[١٠][١١]
الرياضة والنشاط البدني
تُبيّن واحدة من الدراسات أنّ النشاط البدني من شأنه أن يُقلل من أعراض القولون العصبي، بل وقد تختفي هذه الأعراض مع الوقت بالمداومة على التمارين الرياضية،[١٢] وهذه الحقيقة أدلى بها العديد من الأشخاص ممن تحسّنت أعراض اضطراب القولون العصبي مع ممارستهم للنشاط البدني، ويمكن للطبيب المُعالج أن يُرشّح بعض التمارين المُناسبة للمُصاب، وبشكلٍ عامّ يُنصح بممارسة التمارين الرياضية بما يُعادل ساعتين ونصف على الأقل أسبوعيًّا، بما يتضمّن النّشاطات الهوائية متوسطة الشدّة كركوب الدراجة أو المشي السريع، ويجب أن تكون هذه التمارين مُجهِدة للحدّ الذي يرفع من سرعة التنفّس وضربات القلب.[١٣]
الأدوية
يؤدي استخدام بعض أنواع الأدوية إلى حدوث الإمساك أو الإسهال كأحد الآثار الجانبية لاستخدامها، لذلك قد يواجه المُصابون بالقولون العصبي مشاكل عند استخدامها، ومن هذه الأدوية المُضادات الحيوية (بالإنجليزية: Antibiotics)، وبعض مُضادات الاكتئاب (بالإنجليزية: Antidepressants)، والأدوية التي تحتوي في تركيبتها على السوربيتول كشراب السُّعال،[١٤] لذلك تجدر استشارة الطبيب المُعالج في حال استلزم الأمر تغيير الدواء لنوعٍ آخر لا يُحفّز أعراض القولون العصبي، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إخبار الطبيب بطبيعة المشاكل الصحيّة التي يُعاني منها الشخص، والأدوية الأخرى التي يستخدِمُها، كما يجدُر على الطبيب اختيار الدواء الأنسب لحالة الشخص بحذر؛ فمضادات الاكتئاب القديمة مثلاً، والمعروفة بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (بالإنجليزية: Tricyclic Antidepressants) تُسبب الإمساك على عكس المعروفة بمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (بالإنجليزية: Selective Serotonin Reuptake Inhibitors) والتي قد تُسبب الإسهال.[١٤]
العوامل الهرمونية
تُعتبر النساء أكثر عُرضة للإصابة بالقولون العصبي مُقارنة بالرجال، وهذا قد ينوّه إلى دور التغيّرات الهرمونية في التحكّم بأعراض القولون العصبي؛ فالعديد من النساء يجدن أنّ علامات وأعراض القولون العصبي تزداد سوءاً خلال أو حول فترة الطّمث (بالإنجليزية: Menstrual Period).[١٠] وفي هذا السياق يُشار إلى ارتباط الدورة الشهرية بهرمونين أساسيين؛ ألا وهما الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen) والبروجستيرون (بالإنجليزية: Progesterone)، وعلى خلاف ما يعتقد المُعظم أنّ هذه الهرمونات لا تؤثر في الاعضاء الجنسية فقط، وإنّما لها مُستقبلات على طول القناة الهضمية ولهذا السّبب تُعاني مُعظم النّساء حتّى غير المُصابات بالقولون العصبي يُعانين من اضطرابات هضمية مع كل دورة طمث، وتستطيع المرأة تتبّع الأعراض وما يُحفزّها بتدوين أيام دورة الطّمث وأنماط ظهور الأعراض في مُذكّرة، بحيث تتجنّب الأطعمة والعوامل التي تُسبب التوتر وزيادة الأعراض سوءًا، كما يُمكن أن تستخدم المرأة كذلك وسادة تدفئة أو عبوّة ماء ساخن؛ فالحرارة تُقلل من كلّاً من ألم القولون العصبي ومغص البطن المُصاحب للدورة الشهرية.[١٥]
من الأمور التي تمتلك تأثيرًا في أعراض القولون العصبي لدى النّساء كذلك استخدام حبوب تنظيم الحمل (بالإنجليزية: Birth Control Pills) التي بدورها تُنظّم الدورة الشهرية، وفي هذا السّياق يُشار إلى احتمالية المُعاناة من مجموعة من الأعراض الجانبية المُرتبطة بها؛ كالاستفراغ، والانتفاخ، والإسهال، والإمساك، والمغص المعدي، لذلك يجب استشارة الطبيب في سبيل البحث عن النوع الأنسب للاستخدام والأقل تسبُّباً بالأعراض والمشاكل الجانبية، كما أنّ علاج متلازمة سابقة للحيض (بالإنجليزية: Premenstrual syndrome) باستخدام الأدوية المُستخدمة في الأصل للسيطرة على الاكتئاب والتي من شأنها التخفيف من أعراض القولون العصبي أيضًا، ومن أمثلتها الفلوكسيتين (بالإنجليزية: Fluoxetine)، والسيرترالين (بالإنجليزية: Sertraline)، وغيرها.[١٤]
مراجع
- ↑ “Irritable bowel syndrome (IBS)”, www.healthdirect.gov.au, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “Irritable Bowel Syndrome”, medlineplus.gov, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “Do You Have IBS?”, www.gi.org, Retrieved 13-02-2020. Edited.
- ↑ “Preventing IBS”, www.health24.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ^ أ ب “Tips for preventing irritable bowel syndrome (IBS)”, www.thehealthsite.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “PREVENT IRRITABLE BOWEL SYNDROME”, colon90210.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “5 Foods to Avoid if You Have IBS”, www.hopkinsmedicine.org, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ^ أ ب “Irritable bowel syndrome”, www.drugs.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “Irritable Bowel Syndrome (IBS): Epidemiology, Symptoms and Prevention”, diseasesdic.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ^ أ ب “Irritable bowel syndrome”, www.mayoclinic.org, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “Prevention and outlook for IBS”, www.mymed.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “Tips to Prevent Irritable Bowel Syndrome (IBS)”, www.orlandohealth.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “Irritable bowel syndrome (IBS)”, www.nhsinform.scot, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ^ أ ب ت “IBS Triggers and How to Avoid Them”, www.webmd.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.
- ↑ “Why Symptoms of IBS May Be Worse During Your Period”, www.verywellhealth.com, Retrieved Jan.28.2020. Edited.