كيفية زراعة القلب

زراعة القلب

تُعدّ عملية زراعة القلب أو زرع القلب (بالإنجليزية: Heart transplant) الحل الأخير للأشخاص الذين يعانون من فشل شديد في القلب بعد فشل جميع العلاجات الطبية الأخرى في السيطرة على الأعراض المرضية، وتتم بإزالة قلب المريض التالف، واستبداله بقلب صحي وسليم من متبرع بعد وفاته دماغيًّا، ويحدث فشل القلب لعدة أسباب من بينها مرض الشريان التاجي (بالإنجليزية: Coronary artery disease) الذي يسبب تراكم المواد الدهنية في الشرايين التي تغذي عضلة القلب، أو تلف الصمامات القلبية، أو عيوب القلب الخلقية، أو التهابات القلب الفيروسية، أو اعتلال عضلة القلب (بالإنجليزية: Cardiomyopathy) الذي يحدث نتيجة تمدد جدران القلب، أو زيادة سمكها، أو تصلبها.[١][٢] ويُذكر أنّ هنالك تزايد مستمر في أعداد المرضى الذين يحتاجون لعملية زراعة قلب، ولكنّ عمليات التبرع محدودة ولا تغطي هذا العدد، ويمكن للفرد أن يساهم في إنقاذ حياة بالتوقيع على استمارة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة،[٣] وتُقدّر معدلات النجاة وإنقاذ الحياة بعد عملية زراعة القلب في الولايات المتحدة الأمريكية بحوالي 88% بعد السنة الأولى، و75% بعد خمس سنوات وفقاً لتقرير نُشر عام 2014 من شبكة تحصيل الأعضاء وزراعتها.[٤]

التحضير لزراعة القلب

تبدأ الاستعدادات لعملية زراعة القلب قبل الخضوع للجراحة بفترة طويلة، قد تستغرق عدة أسابيع، أو شهور، أو سنوات وذلك حسب مدة الانتظار للحصول على قلب من متبرع، والخضوع لعملية زراعة القلب.[٤]

التأهل لعملية زراعة القلب

لا يُعدّ جميع المرضى مؤهلين للخضوع لعملية زراعة القلب، وللتأكد من مطابقة المريض لشروط الخضوع لعملية زراعة القلب، ينبغي أن يخضع المريض لتقييم شامل من قبل الفريق الطبي المتخصص بزراعة القلب، وتشمل عملية التقييم قبل عملية زراعة القلب ما يلي:[٥]

  • التقييم النفسي والاجتماعي: يخضع الفرد المحتاج لعملية زراعة القلب لتقييم اجتماعي ونفسي للتأكد من جاهزيته للمرور بمراحل عملية زراعة القلب، بحيث تتم مناقشة جميع تفاصيل العملية مع المريض وأسرته.
  • الفحوصات الطبية: ينبغي إجراء عدة فحوصات واختبارات لتقييم فرصة نجاح اللجوء لزراعة القلب في علاج المريض ومن أهمها: الفحص البدني للقلب والأوعية الدموية (بالإنجليزية: Cardiopulmonary exercise testing) والذي يقيّم معدل استهلاك الأكسجين وثاني أكسيد الكربون أثناء بذل مجهود بدني، وبناء على هذا الفحص تُحسب القدرة الأكسجينية القصوى (بالإنجليزية: VO2 max)؛ وهي القابلية القصوى لجسم الإنسان على نقل واستعمال واستهلاك عنصر الأكسجين خلال قيامه بنشاط بدني متصاعد الشدة، وإضافة إلى ذلك يتم تقييم وظائف الرئة والقلب والصحة الجسدية بشكل عام للمريض، ويتطلب ذلك إجراء عدد من الفحوصات الطبية مثل: فحوصات وظائف الرئة، وصور الأشعة السينية (بالإنجليزية: X-rays)، والتصوير بالموجات فوق الصوتية (بالإنجليزية: Ultrasound scan)، والمسح المقطعي المحوسب (بالإنجليزية: CT scan)، وفحوصات الأسنان، وفي بعض الحالات قد يُطلب من المرأة إجراء اختبار عنق الرحم، وبعض الفحوصات النسائية الأخرى، وتصوير الثدي بالأشعة السينية.[٥][٦]
  • تحاليل الدم لتحديد التوافق المطلوب في عملية زراعة القلب: يحتاج المريض إلى إجراء العديد من اختبارات الدم للمساعدة على العثور على تطابق جيد بين الشخص المتبرع والشخص الذي يحتاج إلى زراعة القلب للمساعدة على تحسين فرصة عدم رفض قلب المتبرع؛ إذ يقوم الأطباء قبل القيام بعملية زراعة القلب بالتأكد من التوافق في حجم القلب ونوع الدم بين الشخص الذي ستتم زراعة القلب له والمتبرع المتوفى.[٧][٥]
  • الاستعدادات الأخرى: يحتاج الشخص الذي سيخضع لعملة زراعة القلب إلى تلقي عدد من اللقاحات والمطاعيم لتقليل فرص الإصابة بالعدوى التي يمكن أن تؤثر في سلامة القلب المزروع.[٥]

فترة انتظار قلب من متبرع

إذا تبين أنّ المريض مؤهل لعملية زراعة قلب، يتم تسجيل اسمه على قائمة الانتظار لحين توفر قلب مناسب من متبرع، وخلال فترة الانتظار هذه يقوم الفريق الطبي بمراقبة حالة المريض عن كثب، وتعديل العلاج الذي يتلقاه المريض حسب الحاجة، وقد يوصي الطبيب بالمشاركة في برنامج إعادة التأهيل القلبي أثناء انتظار العملية؛ وهو عبارة عن برنامج تمرين وتعليم مصمم للمساعدة على تحسين صحة المريض قبل عملية زراعة القلب وبعدها، وينبغي على المريض اتباع الإرشادات التي يقدمها له الفريق الطبي خلال فترة الانتظار، والالتزام بالعلاجات الدوائية المختلفة التي يوصي بها الطبيب، وفي بعض الحالات، قد لا يكون العلاج الطبي المُقدم كافياً لدعم وظائف الأعضاء الحيوية للمريض أثناء فترة الانتظار، مما قد يضطر الطبيب لاستخدام جهاز خاص لدعم القلب أثناء انتظار عملية الزراعة مثل: جهاز المساعدة البطينية (بالإنجليزية: Ventricular assist device- VAD).[٨][٤]

التحضيرات عند الحصول على قلب

تبدأ عملية زراعة القلب بالحصول على القلب من الشخص المتبرع بعد أخذ الموافقة على ذلك، والذي يكون في العادة متوفى دماغياً نتيجة إصابته بصدمة شديدة على الرأس إثر التعرض لحادث سيارة على سبيل المثال، ويُعرف موت الدماغ بأنّه حالة طبية تتميز بتوقف الدماغ عن العمل مع قيام الأعضاء الداخلية الأخرى لذلك الشخص بوظائفها بمساعدة الأدوية والعديد من الأجهزة الأخرى مثل: جهاز التنفس، وفي الحالات التي يتم فيها أخذ الموافقة للتبرع بالقلب، يذهب فريق من الأطباء والممرضين والفنيين إلى مستشفى المتبرع لإزالة القلب بمجرد تحديد موت الدماغ من خلال عملية جراحية، يتم بعدها نقل القلب على الجليد لإبقائه على قيد الحياة والتمكن من زراعته للمريض، ومن الجدير بالذكر أنّه ينبغي نقل القلب خلال أقل من ست ساعات بعد الحصول عليه، ولذا يتم نقل القلب المراد زراعته عادة بالطائرة أو الهليكوبتر إلى مستشفى المريض الذي يحتاج إلى القلب.[٩]

وينبغي على المريض الذي ستتم زراعة القلب له عدم تناول الطعام والشراب قبل الحضور للمستشفى، إضافة إلى إحضار الأدوية الخاصة به، وعند الوصول للمستشفى، ينبغي التأكد من صحة المريض بأخذ التاريخ الطبي والجسدي للمريض، وإخضاعه لعدد من فحوصات الدم المخبرية، وصور الأشعة السينية، وقبل نقل المريض إلى غرفة العمليات، يتحدث طبيب التخدير معه حول تفاصيل الخضوع للتخدير العام والآثار الجانبية الناتجة عنه.[١٠]

كيفية تتم زراعة القلب

خطوات العملية الجراحية

تُعدّ عملية زراعة القلب عملية جراحية معقدة، قد تتراوح مدتها بين 4-10 ساعات،[١١]
ومن الجدير بالذكر أنّ عملية زراعة القلب تتطلب إجراء جراحة قلب مفتوح، وتتم حسب الخطوات التالية: [٥][٩]

  • يُطلب من المريض إزالة أي مجوهرات أو أشياء أخرى قد تتداخل مع العملية، كما يُطلب منه ارتداء ثوب المستشفى.
  • تُوضع حقنة وريدية في يد المريض أو ذراعه لحقن الدواء وإعطاء السوائل الوريدية، كما يتم وضع قسطرة إضافية في الأوعية الدموية في الرقبة والمعصم لمراقبة حالة القلب وضغط الدم، وأخذ عينات من الدم، كما قد يتم وضع قسطرة إضافية في أماكن أخرى من بينها تحت عظم الترقوة وأصل الفخذ.
  • يُوضع أنبوب مرن يُعرف بقسطرة فولي (بالإنجليزية: Folly’s catheter) في المثانة لتصريف البول.
  • يُمرر أنبوب من الفم أو الأنف إلى المعدة لتصريف سوائل المعدة.
  • يُحلق الشعر على الصدر إذا كانت هناك كمية كبيرة منه على الصدر.
  • تُجرى عملية زرع القلب أثناء نوم المريض العميق نتيجة خضوعه للتخدير العام، وخلال التخدير يتم وضع أنبوب التنفس الذي يمتد من الفم إلى الرئتين، ويتم ربط الأنبوب بجهاز التنفس الصناعي، الذي يساعد المريض على التنفس أثناء الجراحة، ومن الجدير بالذكر أنّ طبيب التخدير يراقب ضربات القلب، وضغط الدم، ومستوى الأكسجين في الدم أثناء الجراحة.
  • يُنظف الجلد فوق الصدر بمحلول مطهر، وبعدها يقوم الجراح بعمل قطع أو شق في مركز الصدر من أسفل تفاحة آدم إلى أعلى السرة مباشرة، كما يقوم الجراح بقصّ عظمة الصدر بشكل طولي إلى النصف للوصول إلى القلب.
  • يضع الجراح أنابيب في الصدر بحيث يمكن ضخ الدم عبر الجسم عن طريق جهاز خاص أثناء توقف القلب واستبداله، وبمجرد تحويل مسار الدم بالكامل إلى جهاز ضخ الدم يقوم الطبيب بإزالة قلب المريض.
  • يقوم الجراح بخياطة قلب المتبرع في مكان قلب المريض، ويتم توصيل الأوعية الدموية بالقلب المزروع بشكل يمنع تسرب الدم من تلك الأوعية وتتضمن هذه الخطوة بشكل أساسي إنشاء خمسة خطوط فقط من الغرز تربط الأوعية الدموية الكبيرة التي تدخل القلب وتتفرع منه.
  • يُسمح للدم الذي يتم ضخه عبر جهاز ضخ الدم الخارجي بالمرور عبر القلب الجديد، وتتم إزالة الأنابيب المتصلة بالجهاز، كما يعمد الجرّاح إلى تعريض القلب لصدمة كهربائية باستخدام أدوات خاصة بهدف استعادة نبض القلب الجديد.
  • يراقب فريق الرعاية الصحية نبضات القلب الجديد لمعرفة كيفية عمله، والتأكد من عدم وجود تسربات للدم.
  • قد يتم وضع أسلاك في القلب بعد وصلها بجهاز تنظيم ضربات القلب خارج الجسم لفترة قصيرة لتنظيم نبض القلب الجديد ، إذا لزم الأمر ، خلال فترة التعافي الأولية.
  • يقوم الجراح بإعادة وصل عظم القص باستخدام أسلاك صغيرة.
  • يغلق الجراح الجلد فوق عظم القص باستخدام خيوط جراحية خاصة أو باستخدام غرز التدبيس الجراحي.
  • يعمل الفريق الطبي على وضع أنابيب خاصة في الصدر لتصريف الدم والسوائل الأخرى من المناطق المحيطة بالقلب، كما يتم توصيل هذه الأنابيب بجهاز شفط لتصريف السوائل بعيداً عن القلب أثناء تعافيه.
  • يطبق أحد أعضاء الفريق الجراحي ضمادة معقمة فوق منطقة الشق الجراحي.

فترة التعافي في المستشفى

بعد الانتهاء من الجراحة، يتم نقل المريض إلى وحدة العناية المركزة لاستعادة صحته وعافيته، ويبقى متصلاً بجهاز التنفس الاصطناعي لمدة تتراوح بين ست إلى ثماني ساعات على الأقل لحين زوال آثار التخدير العام، وبعد إزالة أنبوب التنفس، يبدأ الكادر الطبي المتمثل بالممرضين والمعالجين الطبيعيين بالتعاون مع المريض لزيادة مستوى نشاطه بشكل تدريجي، ويبقى معظم المرضى في وحدة العناية المركزة لمدة يومين إلى ثلاثة أيام اعتماداً على سرعة التعافي التي تتفاوت في العادة من مريض إلى آخر، وبمجرد استقرار حالة المريض، يتم نقله إلى غرفة خاصة في وحدة العناية المركزة المتوسطة، ويتم خلال تلك الفترة تعليم المرض كيفية بناء قوته وقدرته على التحمل، وتعليمه أكثر الطرق أماناً وفعالية لزيادة نشاطه بعد الخروج من المستشفى، وتثقيفه حول التغذية المناسبة بعد عملية زرع القلب.[١٢][١٣]

وإضافة إلى ذلك تُراقب حالة المريض بعناية أثناء فترة بقائه في المستشفى عن طريق اختبارات الدم المتكررة، واختبارات وظائف الرئة، وتخطيط القلب الكهربائي وأخذ خزعات من أنسجة القلب التي تُجرى للتأكد من عدم رفض جسم المريض للقلب المزروع، وتُجرى الخزعة عادة من خلال إدخال جهاز صغير في أحد الأوردة في الرقبة أو الفخذ، ليصل من خلال الوريد إلى الأُذين الأيمن للقلب الجديد لأخذ عينة من الأنسجة التي تم فحصها بحثاً عن علامات لرفض القلب المزروع، وقد يقترح فريق الرعاية الصحية أن يبدأ المريض برنامج إعادة التأهيل القلبي (بالإنجليزية: Cardiac rehabilitation) وهو برنامج خاضع للإشراف الطبي يساعد على تحسين صحة ورفاهية الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب، وتتضمن إعادة التأهيل القلبي الإرشاد والتعليم والتدريب على التمارين لمساعدة المريض على الشفاء، ويمكن القول أنّ الوقت الذي يقضيه متلقي زراعة القلب في المستشفى قد يتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين في العادة، بينما قد يحتاج المريض إلى ثلاثة أشهر من المتابعة مع الفريق الطبي بعد إجراء العملية والعودة للمنزل.[١٢][١٣]

المتابعة مع الطبيب

يحتاج المريض بعد عملية زراعة القلب إلى إجراء فحوصات منتظمة تتضمن اختبارات الدم للتحقق من مستويات الأدوية المثبطة للمناعة لدى المريض، والتعامل مع الآثار الجانبية لتلك الادوية، كما من الممكن أن يحتاج المريض إلى الخضوع لتخطيط القلب الكهربائي، ومخطط صدى القلب (بالإنجليزية: Echocardiogram)، واستخدام جهاز هولتر (بالإنجليزية: Holter monitoring) للمساعدة على مراقبة نبض القلب ووظيفته، إضافة إلى أخذ خزعة من داخل القلب للتأكد من فعالية الأدوية المثبطة للمناعة، وكذلك تقييم الشرايين التاجية للمريض بشكل سنوي أو سنة بعد سنة لمراقبة حدوث علامات تضيق الشرايين التاجية في القلب المزروع، وأخيراً ينبغي على المريض إجراء فحوصات طبية روتينية للتحقق من صحته الجسدية العامة.[١٤]

زراعة القلب الصناعي

في بعض الحالات الأخرى قد تتم زراعة قلب صناعي (بالإنجليزية: Total artificial heart) للمريض؛ وذلك بتركيب جهاز يحل محل البطينين في القلب فقط -وليس القلب بأكمله- ويؤدي عملهما، وفي الخارج تُثبت أجهزة تتحكم بتدفق الدم عبر القلب، ويلجأ لهذا النوع من العمليات في حال عجز البطينين عن أداء عملهما كما يجب، كما يمكن أن تكون هذه العملية حلاً بديلاً في حال عدم قدرة المريض على الخضوع لعملية زراعة قلب، أو كعلاج مساعد لحين قدوم موعد زراعة القلب.[١٥]

المراجع

  1. “Heart Transplantation”, medlineplus.gov, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  2. “Heart transplant”, www.nhs.uk, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  3. “Organ Donation Statistics”, www.organdonor.gov, Retrieved 10-9-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت “Heart transplant”, www.mayoclinic.org, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج “Heart Transplant”, www.hopkinsmedicine.org, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  6. “Heart Failure Prognosis”, www.news-medical.net, Retrieved 9-10-2019. Edited.
  7. “Before Your Heart Transplant”, www.upmc.com, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  8. “Before the Heart Transplant”, www.umms.org, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  9. ^ أ ب “Heart Transplant”, www.medicinenet.com, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  10. “Heart Transplant Surgery: Preparation and Procedure”, www.upmc.com, Retrieved 16-09-2019. Edited.
  11. “Heart Failure and Heart Transplants”, www.webmd.com, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  12. ^ أ ب “Recovery after Heart Transplant”, stanfordhealthcare.org, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  13. ^ أ ب “Heart Transplant”, surgery.ucsf.edu, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  14. “Heart Transplant”, www.heart.org, Retrieved 11-9-2019. Edited.
  15. “Total Artificial Heart”, www.nhlbi.nih.gov, Retrieved 10-9-2019. Edited.