تحليل السكر التراكمي

تحليل السكر التراكمي

يمكن تعريف تحليل السكري التراكمي أو اختبار الهيموجلوبين الغليكوزيلاتي، أو اختبار خضاب الدم السكري (بالإنجليزية: Hemoglobin A1c)،[١] على أنَّه أحد أنواع اختبارات الدم التي يمكن من خلالها الكشف عن مستوى سكر الجلوكوز المرتبط في بروتين الهيموجلوبين، وهو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء[٢] المسؤول عن نقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، ومن الجدير بالذكر أنَّ خلايا الدم الحمراء تعيش مدة أربعة أشهر تقريباً في الوضع الطبيعي، لذلك يوجد رابط مباشر بين نتائج تحليل السكر التراكمي ومتوسط مستوى سكر الجلوكوز في الدم خلال فترة حوالي 12 أسبوعاً السابقة، وتجب الإشارة إلى أنَّه عند ارتفاع مستويات سكر الجلوكوز في الدم تزداد كمية السكر المرتبطة بالهيموجلوبين نوع A، مكونة الهيموجلوبين الغليكوزيلاتي، أي كلما ارتفع مستوى سكر الجلوكوز في الدم ارتفعت مستويات الهيموجلوبين الغليكوزيلاتي أيضاً عن الحد الطبيعي،[٣][٤] وهذا ما يحدث في حالة الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري أو غيرها من المشاكل الصحية التي يرافقها ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم.[٥]

دواعي إجراء تحليل السكر التراكمي

تشخيص الإصابة بسكري النوع الثاني واعتلال السكري

يستخدم أخصائيو الرعاية الصحية تحليل السكري التراكمي وحده، أو بالترافق مع اختبارات السكري الأخرى لتشخيص الإصابة بمرض السكري النوع الثاني واعتلال السكري،[٦] واعتماداً على تقارير المعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى فإنَّ تحليل السكري التراكمي يستخدم للتشخيص الأولي للإصابة بمرض السكري النوع الثاني لا لتشخيص الإصابة بالسكري النوع الأول،[٣] ويوصى بإجراء تحليل السكري التراكمي في الحالات التي يكون فيها الفرد البالغ قد تجاوز عمر 45 سنة، أو في الحالات التي يكون عمره أقل من 45 عاماً ويرافق ذلك وجود مشكلة الوزن الزائد، أو عدد من عوامل الخطورة التي تزيد من فرصة الإصابة بسكري النوع الثاني أو اعتلال السكري،[٧] كالإصابة بارتفاع ضغط الدم، أو أمراض القلب،[٨] أو في حالة ظهور أعراض الإصابة بمرض السكري، كزيادة العطش، وكثرة التبول،[٩] ويمكن التعامل مع نتائج تحليل السكري التراكمي كما هو موضَّح على النحو الآتي:[٧]

  • تكرار الفحص كل ثلاث سنوات في حال كانت نتائج تحليل السكر التراكمي طبيعية للفرد الذي يتجاوز 45 عاماً، مع وجود عوامل الخطورة، أو الإصابة بسكري الحمل مسبقاً.
  • استشارة الطبيب حول أفضل الوسائل التي يمكن اتباعها لتحسين الوضع الصحي، وتقليل خطورة الإصابة بسكري النوع الثاني في حال كانت نتائج تحليل السكري التراكمي تشير إلى الإصابة باعتلال السكري، وتكرار إجراء تحليل السكري التراكمي كل سنة إلى سنتين، ولكن بالطبع يعتمد ذلك على توصيات الطبيب.
  • تكرار تحليل السكري التراكمي مرة أخرى وفي يوم آخر لتأكيد نتائج الفحص الأول، في حال كانت النتائج تدل على الإصابة باعتلال السكري أو مرض السكري دون ظهور أية أعراض للإصابة بالمرض.
  • استشارة الطبيب حول الالتحاق ببرنامج تعليم الإدارة الذاتية، وخدمات دعم مرضى السكري في حال كانت نتائج تحليل السكري التراكمي تشير إلى الإصابة بمرض السكري، وذلك ليتمكن المصاب بمرض السكري من البدء بالسيطرة على المرض بطريقة أفضل.

مراقبة مرض السكري

يعد تحليل السكري التراكمي اختباراً أولياً يستخدم لضبط نسبة السكر في الدم عند المصابين بمرض السكري،[٦] فيتوجب على المصابين بمرض السكري غير الخاضعين لعلاج الإنسولين إجراء تحليل السكري التراكمي كل 4-6 أشهر، بينما في حالة الأفراد المصابين بمرض السكري والذين يخضعون للعلاج بالإنسولين، فيتوجب عليهم إجراء تحليل السكري التراكمي كل ثلاثة أشهر، أي ما لا يقل عن أربع مرات سنوياً، وقد يستدعي الأمر تكرار عدد مرات إجراء هذا الاختبار بشكل أكبر في حالة عدم السيطرة الجيدة على مرض السكري، حيث يجب أن لا تتجاوز عدد مرات إجراء تحليل السكري التراكمي مرة كل 6 أسابيع،[١] وبشكل عام يفضل إجراء فحص السكري التراكمي للإشخاص الخاضعين للعلاج أو غير الخاضعين له كل 3 شهور للتأكد من أن نسبة السكر في الدم ضمن المستوى الطبيعي.[١٠]

مميزات تحليل السكر التراكمي

يعد تحليل السكري التراكمي من الاختبارات البسيطة التي يمكن إجراؤها في أي وقت خلال اليوم، ولا تتطلب تحضيرات معينة قبل إجرائها كالصوم، لذا يمكن تناول الطعام والشراب بالشكل الطبيعي قبل إجراء هذا التحليل،[١١][٤] وذلك على عكس الاختبارات الأخرى التي قد تستخدم لتشخيص مرض السكري، كاختبار السكري الصومي الذي يستدعي الامتناع عن تناول الطعام والشراب لفترة محددة قبل الخضوع للاختبار، واختبار تحمل الجلوكوز الفموي الذي يتطلب اتباع حمية غذائية مخصصة مدة ثلاثة أيام قبل إجراء الفحص، بالإضافة إلى ضرورة الصوم ليلة كاملة حتى صباح اليوم التالي قبل إجرائه، كما أنَّه في هذا الاختبار يؤخذ عدد من قراءات تحليل الدم خلال بضع ساعات، وذلك قبل شرب كمية محددة من سائل سكري وبعده، لذا فإنَّ اختبار تحمل الجلوكوز يستهلك الوقت، إلى جانب أنَّ تناول المشروب السكري قد يسبب الشعور بالمرض عند البعض.[١٢]

وبما أنَّ تحليل السكري التراكمي لا يتأثر بتذبذب تركيز السكر في الدم خلال اليوم، لذا لا يمكن استخدامه لمراقبة تركيز الجلوكوز اليومي عند الأفراد، كما أنَّه غير مناسب للاستخدام لضبط جرعات الإنسولين، ولا يمكنه الكشف عن نقص السكر في الدم أو فرط سكر الدم الذي يحدث يومياً.[١٣]

كيفية إجراء تحليل السكر التراكمي

يتم إجراء تحليل السكر التراكمي بسحب عينة من دم الوريد الموجود في الذراع بواسطة إبرة من قبل أحد أعضاء فريق الرعاية الصحيَّة، ثم يتم إرسالها إلى المختبر لتحليلها، وقد تؤخذ عينة الدم أيضاً عن طريق وخز طرف الإصبع بإبرة صغيرة مدببة، وعادة ما تستخدم هذه الطريقة لتحليل الدم في عيادة الطبيب للحصول على نتائج سريعة في اليوم نفسه، ويمكن العودة إلى الأنشطة الاعتيادية فور الانتهاء.[١٤]

تفسير نتائج تحليل السكر التراكمي

يحصل الطبيب على نتائج تحليل السكر التراكمي الخاص بالفرد خلال بضعة أيام، وتظهر فيه النتائج على شكل نسبة مئوية،[٢] فيكون معدل السكر التراكمي الطبيعي للأشخاص غير المصابين بالسكري أقل من 5.7%، أما في حالة الأشخاص الذين يعانون من اعتلال السكري فهو يتراوح بين 5.7%-6.4%، ويصل إلى 6.5% وأكثر في حالة الإصابة بمرض السكري، وعند إجراء اختبار السكر التراكمي لأهداف تشخيصية فإنَّ الحصول على قراءتين بنسبة 6.5% منفصلتين يعطي نتيجة إيجابية للإصابة بمرض السكري.[١]

ومن الطرق الأخرى التي تعبر عن قيمة مستوى السكر التراكمي ما يعرف بمتوسط معدل الجلوكوز، إذ يفضل البعض هذه الطريقة في التعبير عن النتائج لاستخدامها وحدة مليغرام/ديسيلتر بدلاً من النسبة المئوية، وهي الوحدة نفسها المستخدمة في اختبار مستوى الجلوكوز في الدم،[٣] فعلى سبيل المثال يُعبَّر عن نتيجة 6% في اختبار الهيموجلوبين الغليكوزيلاتي بالقيمة 126مغ/دسل في حال استخدام طريقة متوسط معدل الجلوكوز، ويعني هذا الرقم أنَّ متوسط مستوى السكر في الدم يعادل 126 مغ/دسل خلال الثلاثة شهور الأخيرة، لذا فإنَّ متوسط معدل الجلوكوز قد يساعد في فهم النتيجة أكثر، ومعرفة مدى تحقيقها للهدف الذي يجب الوصول إليه لمستوى السكر في الدم بناءً على توصيات مقدم الرعاية الصحية.[٨]

ولمعرفة المزيد عن تحليل قراءات السكر التراكمي يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو معدل السكر التراكمي الطبيعي).

موانع استخدام تحليل السكر التراكمي

إنَّ في الحالات التي تكون فيها نتائج فحص مستوى الجلوكوز ونتائج تحليل السكري التراكمي غير متطابقة، يتوقع مقدم الرعاية الصحية وجود ارتفاع أو انخفاض خاطئ في نتائج تحليل السكري التراكمي، إذ يتأثر تحليل السكر التراكمي بالتغيرات التي تحدث في خلايا الدم الحمراء أو الهيموجلوبين، وقد يحدث ذلك في حالة وجود مشكلة تؤثر في فترة حياة خلايا الدم الحمراء، كالإصابة بفقر الدم المنجلي، أو التعرض لفقدان الدم مؤخراً، أو استخدام علاج الإريثروبويتين، أو الديلزة الدموية، أو الخضوع لنقل الدم، إلى جانب ذلك فإنَّ الإصابة ببعض المشاكل الصحية كالفشل الكلوي، وأمراض الكبد، وفقر دم نقص الحديد ترافقها أيضاً نتائج خاطئة لتحليل السكري التراكمي، فالإصابة بفقر الدم الذي يرافقه نقص شديد في مستوى الحديد في الجسم قد يسفر عنه ارتفاع خاطئ في نتائج تحليل مستوى السكر التراكمي.[٦][٤]

كما تكون نتائج تحليل السكر التراكمي غير موثوقة لتستخدم في تشخيص الإصابة بمرض السكري واعتلال السكري، أو حتى مراقبته في حالات معينة، كما يحدث في حالة الأشخاص من أصل إفريقي، أو من جنوب شرق آسيا، أو من منطقة البحر الأبيض المتوسط، أو من لديهم أحد أفراد العائلة يعاني من مرض الثلاسيميا أو فقر الدم المنجلي، وقد يعزى ذلك إلى امتلاك أفراد هذه الجماعات نوعاً مختلفاً من الهيموجلوبين أحياناً، يعرف بمتغير الهيموجلوبين (بالإنجليزية: Hemoglobin variant)، والذي بدوره يتعارض مع بعض أنواع اختبارات تحليل السكر التراكمي في الدم، وتجب الإشارة إلى أنَّ وجود متغيرات الهيموجلوبين في الجسم غالباً لا يرافقه ظهور أعراض معينة على الشخص، لذا قد يجهل الأفراد حملهم لهذا النوع من الهيموجلوبين، وقد تظهر المشكلة والخلل عند إجراء التحاليل فقط، وعلى الرغم من ذلك فإنَّ وجود نتائج خاطئة عند استخدام أحد أنواع اختبارات تحليل السكري التراكمي قد يستدعي استخدام نوع آخر من الاختبارات لمعرفة مستوى الجلوكوز في الدم، فلا تعتبر جميع أنواع اختبارات تحليل السكر التراكمي غير موثوقة في حالة الأشخاص الذين يحملون متغيرات الهيموجلوبين.[٦]

وإضافة إلى ما سبق توجد بعض الحالات الأخرى التي يكون فيها تحليل السكري التراكمي غير ملائم لاستخدامه في تشخيص السكري، كما في حالة الأفراد المتوقع إصابتهم بسكري النوع الأول، أو الذين يتناولون أدوية قد تسبب ارتفاع مستوى السكر بسرعة، مثل مضادات الذهان والستيرويدات، أو في حالة الأطفال والأفراد صغار السن، أو المصابين بتلف حاد في البنكرياس بما في ذلك الذين تعرضوا لجراحة البنكرياس، أو من لديهم ارتفاع في خطورة الإصابة بالسكري مع وجود مرض حاد، أو الأشخاص الذين لديهم أعراض الإصابة بالسكري لمدة تقل عن شهرين، أو في حالة الحمل،[١٥] لذا قد يتم فحص سكري الحمل بطرق أخرى خلال فترة الحمل، ولكن قد يقترح الطبيب إجراء تحليل السكري التراكمي في أول الحمل للتأكد من فرصة الإصابة بالسكري، أما في حالة إصابة المرأة بسكري الحمل فقد يجري الطبيب الاختبار أيضاً بعد مضي 12 أسبوعاً من الولادة للتأكد من عدم الإصابة بالسكري، فأحياناً يتطور سكري الحمل عند المرأة بعد الولادة مسبِّباً الإصابة بسكري النوع الثاني.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت “Glycolated Hemoglobin Test (A1c)”, clevelandclinic, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  2. ^ أ ب “Glycohemoglobin (HbA1c, A1c)”, pinnaclehealth, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث Markus MacGill, “Everything you need to know about the A1C test”، medicalnewstoday, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  4. ^ أ ب ت “What is the HbA1c test?”, healthnavigator, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  5. “Glycohemoglobin (HbA1c, A1c)”, kp, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث “The A1C Test & Diabetes”, niddk, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  7. ^ أ ب “Diabetes”, cdc, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  8. ^ أ ب “Hemoglobin A1c”, drugs, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  9. “Hemoglobin A1C (HbA1c) Test”, medlineplus, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  10. “Hemoglobin A1c (HbA1c) Test for Diabetes”, www.webmd.com, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  11. “A1C test”, mayoclinic, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  12. “HbA1c test results and diabetes”, mydr, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  13. Melissa Conrad Stöppler, “Hemoglobin A1c Test (HbA1c)”، emedicinehealth, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  14. “A1C test”, drugs, Retrieved 9-3-2020. Edited.
  15. Dr Colin Tidy, “Glycated Haemoglobin”، patient, Retrieved 9-3-2020. Edited.