فرط تعرق اليدين
مقدمة
يعرف التَّعرُّق بأنه ظاهرة فسيولوجيَّة طبيعيَّة يتعرَّض لها الإنسان لتنظيم درجة حرارة الجسم الدَّاخليَّة وذلك بإفراز كميَّات من العَرَق ، عن طريق الجهاز العَصَبي السمبتاوي والذي يثار نتيجة للانفعلات النفسية والفلف وكثرة التفكبر،و تتناسب مع نوع المناخ والمجهود البدني والنَّفسي المبذول .
ومن الطَّبيعي أن تزيد نسبة الإفرازات العَرَقيَّة في المناطق الحارَّة أو الرطبة ومع ارتفاع درجة الحرارة الخارجيَّة أو عند زيادة المجهود البَدَني كممارسة الرياضة مثلاً أو الإصابة بالحُمَّى ، أو حتى عند الغضب والخوف والتَّوتُّر . غالبا ما تكون هذه الظاهرة اولية، اي دون وجود امراض اخرى، والمسبب لها غير معروف. الافراط بالتعرق في اليدين هي ظاهرة موجودة لدى ٠٫١٥٪ – ٠٫٢٥٪ من الشباب في البلاد. في معدل انتشارها بين الذكور والاناث متساو. وقد لوحظ ان في ٤٠٪ من الحالات هناك ميل وراثي. عادة ما تظهر الاعراض في الطفولة المبكرة وحتى فترة المراهقة. قد تسبب هذه الظاهرة اضطرابات وظيفية (صعوبة في الكتابة واستخدام الادوات) واجتماعية (الامتناع عن المصافحة، الخوف من لمس الشريك/ه وغيرها)
مكان فرط التعرق
1)تحت الذِّراع ، باطن اليدين وهي الحالة الأكثر انتشاراً، باطن القدمين ، الوَجْه ويتركز عادة في منطقة الجَبْهة. كما يُمكن أن يُؤثِّر فَرَط التَّعرُّق على أصل الفخذ والجِذْع والظَّهر أو بعض المناطق الأخرى .أولا: عرق الوجه، وهو يبدأ من الجبهة نزولا لأسفل مما يجعل الوجه مبتلا دائما ويسبب حرجا شديدا أحيانا وبخاصة لدى السيدات ورجال الأعمال.
2) عرق باطن اليدين، وهو ما يمثل مشكلة كبرى وقد يتسبب في ترك بعض الموظفين لوظائفهم كرجال البنوك والمحاسبين، وذلك لعدم قدرتهم على التعامل مع الأوراق، وقد يسبب الإحراج لغير هذه الفئات وتجنبهم مصافحة الغير.
3) العرق الشديد للإبطين والجذع، يؤدي إلى وجود هالات بيضاء من الأملاح الجافة تحت الإبط نتيجة تراكم هذه الأملاح التي تخرج مع العرق، وقد يتجنب الأشخاص المعانون منه ارتداء الملابس الملونة خوفا من آثار بقع العرق عليها.
انواع فَرَط التَّعرُّق
فَرَط التَّعرُّق الأوَّلي:
حيث يكون سبب إنتاج العَرَق الزَّائد غير معروف. إن فرط التعرق المَوْضِعي هو غالباً وأن 50% من المرضى المُصابين تقريباً لديهم أقارب يُعانون من نفس المُشْكِلة .
فَرَط التَّعرُّق الثَّانوي:
ناتج عن فَرَط إنتاج الغدَّة الدَّرقيَّة، أمراض الغُدَد الصَّمَّاء الأخرى كالسُّكري أو زيادة إفراز الغُدَّة النُّخاميَّة، انقطاع الدَّورة الشَّهريَّة عند النِّساء،او كعَرَض جانبي لبعض العقاقير والعلاجات كعلاج سرطان البروستات، مرض الشَّلل الرُّعاشي ,انخفاض مستوى السُّكر في الدَّم أو ارتفاع درجة حرارة الجسم
ما هي الخيارات العِلاجية في فَرَط التَّعرُّق ؟
1)العلاج باستخدام حقن البوتولينيوم:
إنَّ حُقَن البوتولينيوم آمنة جداًويعطى في الأبط وراحة اليد وباطن القدم ويتوقَّف التَّعرُّق بصفة عامَّة في المنطقة المُعالَجة خلال يومين إلى ثلاثة أيَّام بعد الحَقن ويدوم عادةً لمدة أربعة إلى تسعة أشْهُر. ويعمل البوتكس بواسطة منع الأشارات العصبية المحفزة للتعرق. يخف التعرق الزائد بنسبة تصل إلى 70 ـ 80 في المائة، أما التعرق الخفيف والمتوسط فيتوقف فقط أو تزيد نسبة توقفه لتبلغ 90% أو أكثر.وبعد زوال مفعول البوتكس يحتاج المريض إلى إعادة الحقن مرة أخرى، ولكن مفعول إعادة الحقن يكون أطول زمنا من الحقنة الأولى.
2)العِلاجات المَوضِعيَّة:
يمكن لمُضادَّات التَّعرُّق التي تحتوي على 12 % إلى 20 % من كلوريد الألمنيوم أن تُقلِّل مؤقَّتاً إنتاج العَرَق لدى بعض المرضى. ويُعتَقَد أنَّها، حين تُستَخْدَم مُباشرةً على منطقة الجِلْد.ويفضا اعطاءه بالليل قبل النوم وغسل المنطقة في صباح اليوم التالي
3)العلاجات بالأدوية عن طريق الفم
من المُمكن أن تُساعد الأدوية المُختلفة التي تُعطى بالفم في تخفيف فرَط التَّعرُّق، وخاصَّة عند المرضى الذين لديهم فرط تعرُّق عام.
4) المُداواة الأيونية
يَستَعْمِل المريض في هذا الإجراء أداة تعمل على البطَّاريَّة لتُعْطِي تيَّاراً كهربائيَّاً مُنخَْفِضاً إلى اليدين أو القدمين أو الإبْطين لمنع إنتاج العَرَق. وهو العلاج الذي أثبت فاعليته وخصوصا في حالات زيادة التعرق في اليدين وهي الحالة الأكثر ظهورا وتسببا في احراج المريض . والعلاج الكهربي الأيوني يستعمل التيار الكهربي في السيطرة على التعرق الزائد ، وقد لاحظ تقريبا كل من جرب هذا النوع من العلاج أن تعرق اليدين يتوقف بعد 4-7 جلسات علاجية ، ويستمر هذا التحسن لمدة تتراوح بين شهرين الى ثلاثة أشهر يتطلب الأمر بعدها دورة تنشيطيةأخرى من الجلسات . وهو علاج يمكن تكراره حيث أنه مأمون ورخيص. بسهولة ويسر .
وهذا النوع من العلاج مناسب تماما لحالات تعرق راحات اليدين وباطن القدمين ، حيث تغمر اليدين في حوضين ويستخدم فيهما الماء العادي كمادة قابلة للتأين وتمر الأيونات خلال جلد اليدين أو القدمين عن طريق قطبين كهربيين مجهزين بطريقة معينة وقوة مناسبة . وبالرغم من أن أسباب فاعلية هذه الطريقة العلاجية غير معروفة على وجه التحديد الا أن الخبراء يعتقدون أنها تساهم في اغلاق فتحات التعرق في راحة اليد أو باطن القدم وبالتالي تقلل وتمنع خروج العرق من راحة اليد.
وخلال الجلسات العلاجية لا يشعر المريض بأدني احساس بعدم الراحة ، وتستمر الجلسة لمدة حوالي عشرين دقيقة لليدين أو القدمين ، وتكرر الجلسة كل يومين الى ثلاثة ولعدة جلسات قد تطول الى سبعة جلسات .
العلاجات الجراحيَّة
5) قطع غدَّة العَرَق حيث تتم إزالة كميَّة من الدُّهن مع الغدد العرقيَّة . هذه العمليَّة تُستخدَم لعلاج فَرَط التَّعرُّق الإبطي فقط
6) قطع العصب الودي بواسطة المنظار:هذه العمليَّة يجب القيام بها من قِبَل جرَّاح صَدر بسبب تضمُّنها عدَّة مخاطر وهي لا تَصلُح للتَّعرُّق الزَّائد في الإبْطين ،او الجِذْع أو في القدمين و تعتبر هذه العملية الأكثر ديمومة وقد تم تطوير اساليب جراحية مختلفة. في الماضي، حيث تم اجراء العمليات بالاسلوب المفتوح. مع تطور تقنية التنظير (Endoscopy – التي فيها يتم ادراج انابيب في جوف الجسم وبمساعدتها يتم اجراء العملية الجراحية)، لم تعد الاساليب المفتوحة قيد الاستعمال.
على ما يبدو فان هذه العملية الجراحية تعد سهلة، حيث تتم تحت تاثير التخدير العام وتنفذ في كل من جانبي الجسم واحدا تلو الاخر. هنالك من يدخل انبوبا واحدا في الابط والبعض الاخر انبوبين – واحد في الابط والثاني في موضع اخر في مقدمة الصدر او على جانبه. البعض يقوم بازالة العقدتين الوديتين المسؤولتين عن التعرق في اليدين، والبعض الاخر يحرقها فقط. عند ازالة العقدتين يتم الحصول على يدين جافتين في ٩٩٫٨٪ من الحالات، مقارنة بال- ٩٥٫٢٪ في حال تم حرقها. اذا كان الامر كذلك، فان السؤال الذي يطرح – لماذا لا تنفذ عملية الاستئصال دائما ؟ السبب هو ان عملية الاستئصال قد تسبب اضرارا للاعضاء الموجودة على مقربة من موضع الجراحة مقارنة بعملية الحرق. كما وان الاستئصال يتطلب مهارة جراحية عالية جدا. لذلك فان معظم الجراحين يفضلون حرق العقد، وفي حال تكرار الظاهرة، تجرى العملية مرة اخرى.
ينبغي التاكيد على ان العملية لا ترافقها فقط المضاعفات المتوقعة الناجمة عن كل عملية جراحية، بل وكذلك تاثيرات جانبية خاصة بها : تدلي الجفن(Ptosis)، الم عصبي (Neuralgia) في الصدر و/او الاطراف العلوية، التعرق الشديد في الوجه بتاثير روائح واطعمة معينة، تعرق كاذب، تعرق مفرط للتعويض (Compensatory) والذي يظهر بعد العملية في مناطق اخرى في الجسم : الصدر، البطن، الظهر، الفخدين، الرجلين وغيرها.
العامل المسبب لتدلي الجفن معروف ويمكن منعه. في حين ان المسبب للالم العصبي مجهول، وهو ظاهرة نادرة واحيانا ما تختفي مع مرور الوقت. فرط التعرق في الوجه بتاثر روائح و/او اطعمة معينة بشكل عام لا تسبب الازعاج. ظاهرة تعد اقل ازعاجا هي التعرق الكاذب، حيث يظن المريض بان يديه تعرق، ولكن في الحقيقة ما زالتا جافتين. الاثر الجانبي الاشد صعوبة هو التعرق المفرط للتعويض. تعد ظاهرة شائعة جدا، وتتفاوت درجة شدتها. الحالات الصعبة نادرة. مع ذلك، فمن بين القلة غير الراضين عن العملية، اغلبيتهم يشكون نتيجة التعرق المفرط للتعويض الشديد الذي اصابهم. الى هذا الحين لم يوجد حل لهذه المشكلة.
الدكتور عبدالله القضاة