أشعار اللقاء
اللقاء
ينتظر الأحبة رؤية بعضهم البعض والشوق يصحبهم؛ فكلما زادت مدة الفراق يزداد الحنين والشوق، وفرحة اللقاء، وكلما كان الغائب عزيزاً زاد الشوق للقاء؛ فلا يوجد وصف مثالي للقاء الغائب، ولا يوجد شيء يعبر عن المشاعر الجميلة التي يعيشها المرء حين ملاقاة أحبائه، ففي اللقاء يتجمع الحب، والمشاعر، والفرحة؛ لذلك كان هذا اللقاء ملهم الشعراء، وفي هذه المقالة سنقدم لكم أجمل القصائد التي قيلت عن اللقاء.
قصيدة لقاء وفراق
قصيدة لقاء وفراق هي للشاعر إيليا أبو ماضي الذي وُلد عام 1889م في قرية المحيدثة في قرى اللبنان، ودرس فيها ثم انتقل الى الإسكندرية وهو في سنّ الحادية عشرة، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وله عدة دواوين وهي: الخمائل، وتذكار الماضي، أما قصيدته لقاء وفراق فقد قال فيها:[١]
صبرا على هجرنا إن كان يرضيها
- غير المليحة مملول تجنّيها
فالوصل أجمله ما كان بعد نوى
- و الشمس بعد الدّجى أشهى لرائيها
أسلمت للسّهد طرفي و الضّنى بدني
- إنّ الصبابة لا يرجى تلاقيها
إنّ النساء إذا أمرضن نفس فتى
- فليس غير تدانيهنّ يشفيها
فاحذر من الحبّ إنّ الريح خفيت
- لولا غرام عظيم مختف فيهعا
يمضي الصفاء و يبقى بعده أثر
- في النفس يؤلمها طورا و يشجيها
مرّت ليال بنا كان أجملها
- تمّت فما شانها إلاّ تلاشيها
تلك اللّيالي أرجو تذكّرها
- خوف العناء و لا أخشى تناسيها
أصبو إليها و أصبو كلّما ذكرن
- عندي اشتياقا إلى مصر و أهليها
أرض سماء سواها دونها شرفا
- فلا سماء ولا أرض تحاكيها
رقّت حواشيها واخضرّ جانبها
- و أجمل الأرض ما رقت حواشيها
كأنّ أهرامها الأطواد باذخة
- هذي إلى جنبها الأخرى تساميها
و نيلها العذب ما أحلى مناظره
- و الشّمس تكسوه تبرا في تواريها
كأنّها كعبة حجّ الأنام لها
- لولا التقى قلت فيها جلّ بانيها
و ما أحيلى الجواري الماخرات به
- تقلّ من أإرضه أحلى جواريها
من كلّ الوجه يغرينا تبسّمها
- إن نجتديها، و يثنينا تثنيها
و ناهد حجبت عن كلّ ذي بصر
- حشاشتي خدرها والقلب ناديها
فقي كلّ جارحة منّي لها أثر
- “والدار صاحبها أدرى بما فيها”
و في الكواكب جزء من محاسنها
- وفي الجآذر جزء من معانيها
يمّميتها ونجوم الأفق تلحظني
- في السير شذرا كأنّي من أعاديها
كادت تساقط غيظا عندما علمت
- أنّي أؤم التي بالنفس أفديها
أسرى إليها و جنح اللّيل مضطرب
- كأنّه مشفق أن لا ألاقيها
و الشوق يدفعني والخوف يدفعني
- هذا إليها وهذا عن مغانيها
أطوي الدّياجي وتطويني على جزع
- تخشى افتضاحي و أخشى الصّبح يطويهعا
فما بلغت مغاني من شغف بها
- إلاّ وقد بلغت نفسي تراقيها
هناك ألقيت رحلي وانتحيت إلى
- خود يرى الدّمية الحسناء رائيها
بيض ترائبها سود ذوابيها
- زجّ حواجبها كحل مآقيها
نهودها من ثنايا الثوب بارزة
- كأنّها تشتكي ممّا بولريها
والثوب قد ضاق عن إخفائها فنبا
- عنها فيا ليتني برد لأحميها
وتحت ذلك خصر يستقلّ به
- دعص ترجرج حتّى كاد يلفيها
قامت تصافحني و الرّدف يمنعها
- و الوجد يدفعها و القدّ يثنيها
دهشت حتّى كأنّي قطّ لم أرها
- وكدت والله أنسى أن أحيّيها
باتت تكلّمني منها لواحظها
- بما تكنّ وأجفاني تناجيها
حتّى بدا الفجر واعتلّت نسائمه
- وكاد ينشر أسراري و يفشيها
بكت دموعا وأبكتني الدموع دما
- ورحت أكتم أشياء و تبديها
كأنّها شعرت في بعدنال أبدا
- فأكثرت من وداعي عند واديها
فما تعزّت بأن الدّهر يجمعنا
- يوماً ولا فرحت أنّي أمنيها
تقول و الدمع مثل الطلّ منتثر
- على خدود خشيت الدّمع يدميها
والهف نفسي على أنس بلا كدر
- ترى تنال من الدنيا أمانيها؟
فقلت صبرا على كيد الزمان لنا
- فكلّ حافر بئر واقع فيها
قصيدة لقاء ووداع
قصيدة لقاء ووداع هي للشاعر حمد بن خليفة أبو شهاب الذي ولد في أواخر الثلاثينات من القرن العشرين بإمارة عجمان دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم انتقل من عجمان الى دبي، ونظم قصيدة بعنوان لقاء ووداع وقال فيها:[٢]
في شارع البطل التقينا صدفة
- من غير توطئة ولا ميعاد
كان اللقاء بها لأولة وهلة
- فوجدت فيها منيتي ومرادي
عذراء في أوج الشباب مليحة
- أسرت بطرف المقلتين فؤادي
حيّت بخير تحية فأجبته
- أهلا وحي الله بنت بلادي
قالت أراك عرفتني فذكرتني
- بالإسم قلت نعم وحق الضاد
أنا يا منى نفسي أعيش هواك من
- زمن فلا تستغربن ودادي
قالت أريدك أن تسجل بعض م
- تختاره لي أنت من إنشاد
فأجبتها شعري وما ملكت يدي
- هي ملككم وأنا على استعداد
وطلبت منها الإذن في إنشاده
- شعرا يعبر عن فؤاد صادي
قالت وهل تحتاج إذناً إنن
- لجميع أشعار الأديب صوادي
لحظة لقاء
قصيدة لحظة لقاء هي للشاعر فاروق محمد شوشة وهو شاعر مصري ولد في عام 1936م بقرية الشعراء في دمياط، وهو عضو في مجمع اللغة العربية في مصر، وشارك في مهرجانات الشعر العربية والدولية، وله عدة دواوين وهي: العيون المحترقة، وحبيبة والقمر، والأعمال الشعرية، ولغة من دم العاشقين، وفي انتظار ما لا يجيء، والجميلة تنزل إلى النهر، ومن مؤلفاته أحلى 20 قصيدة حب في الشعر العربي، ولغتنا الجميلة ومشكلات المعاصرة، وأحلى 20 قصيدة في الحب الإلهي، والعلاج بالشعر، أما قصيدته لحظة لقاء فقال فيها:[٣]
كم يبقى طعم الفرحة في شفتينا!
عمرا؟
هل يكفي!
دهرا مسكوباً من عمرينا…
فليهدأ ناقوس الزمن الداوي في صدرينا
وللتوقف هذي اللحظة في عمقينا.
لن نذكر إلا أن طوقنا الدنيا أغفينا
وأتاحت كفانا…… تغرس دفئاً في روحينا
لن نذكر إلا أنا جسدنا حلما
وارتاح الوهج الدامي في عينينا.
قلبك في صدري، يسمعني أغلى نبضاته
يهدأ في خجات اللقيا. أغفو في أعمق خجاته
أطل عليك. ضياء العمر، ونضرة واحاته
أقبس ومض الأمل المشرق في لفتاته
أرشف نبع الضوء الهامي في نظراته
يتساقط كل رحيق العالم في قطراته
وأرى دنيناي وأيامي أبدا تمشي في خطواته
أسأل: هل تتسع الأيام لفرحة قلبين؟
تعبا،
حملا الدنيا،
هل يخبو هذا الألق الساجي في العينين
ونخاف يطير، فنمسكه، ونضم الدنيا بيدين
ونعود إلى عش ناء نرتاح إليه طيرين
أسأل: هل تتسع الأيام لنضرة حلمين!
أقرأ ايامي عندهما كونا يتفجر لأثنين
عيناي تقول، يداي تحدق، والأشواق
فيض يغمرني، يغرقني في لفح عناق
وحريق يألك أيامي…. يشعل نيران الاحداق
مازلنا من خلف اللقيا في صدر مشتاق
أملا يتجدد موصولا……
معسول شراب ومذاق
بين عينيك موعدي
وأنا احمل ايامي وأشواقي اليكا…
وأرى في الأفق النائي يدا تمتد كالوعد، وتهفو
وأراني نحوها…….. طوع يديكا
من قديم الدهر، كانت نبضة مثل اهتزازالبرق
مثل اللمح،
شئ لست ادريه احتواني
فتلاصقت لديكا…… يومها
واترعشت عينان
اغفى خافقان،
استسلما للخدر الناعم ينساب ويكسو وجنتيكا
يومها، واتحدت روحان،
أغفت مقلتان،
اختارتا حلماً برئ الوجه، حلو السمت
عشناه نديا أخضر اللون، وضيئاً
وقرأت العمر مكتوباً…… هنا… في مقلتيكا
بين عينيك موعدي
وأنا كل صباح اتلقى نبرة اللحن المندي
ساكباً في قاع أيامي ربيعا واشتياقاً ليس يهدأ
ليس يرتاح ….سوى أن عانق العمر وضما
ليس يرتاح….سوى أن اشبع الأيام تقبيلاً ولثما
وتهادى كاخضرار الفجر،
مزهز الأسارير
طليق الوجه، مضموما إلى الوجه المفدى
لمسة، وانطلقت منك يد
تعزف انغاما….
وتهتز رياحين ووردا
مسحة جبهة ايامي، ومحت عنها عناءا وتهاويل وكدا
واستقرت في يدي لحظة صدق، خاشع الخفقة
ينساب وعودا
ذقتها وعدا فوعدا
ذقتها يا مسكري…. شهدا….. فشهدا
بين عينيك موعدي
يومنا القادم احلى لم يزل طوع هوانا
كلما شارفت الحلم خطانا، واطمانت شفتانا
واستراحت مقلتانا
وتنينا، فكان العمر أشهى من أمانينا، واغلى
وظننا أن خيطاً من ضياء الفجر يهتز بعينينا
سلاماً وأماناً
كلما قلنا بدأنا وانتهينا
صرخت فينا وفي أعماقنا، لحظة جوع ليس يهدأ
فرجعنا مثلما كنا،
وكنا قد ظننا الشوق قد جاوزنا، وانداح عنا
ويد تمتد من خلف الليالي، كي تطلا
نسجت ثوب حنان ليس يبلى
صوقت أيمان الخضراء أحلامنا وريحاناً وظلا
يومنا القادم …أحلى
يومنا القادم …أحلى.
المراجع
- ↑ إيليا أبو ماضي، ديوان إيليا أبو ماضي، صفحة 410-411-412.
- ↑ حمد بن خليفة أبو شهاب، “لقاء ووداع”، www.aldiwan.net.
- ↑ فاروق شوشة، “لحظة لقاء”، www.adab.com.