من روائع الشعر

من روائع الشعر الفصيح في العصر الجاهلي

يقول عنترة بن شداد:

  • ذكَرتُ صَبابَتي مِن بَعدِ حينِ
فَعادَ لِيَ القَديمُ مِنَ الجُنونِ

وَحَنَّ إِلى الحِجازِالقَلبُ مِنّي

فَهاجَ غَرامُهُ بَعدَ السُكونِ

أَيَطلُبُ عَبلَةً مِنّي رِجالٌ

أَقَلُّ الناسِ عِلماً بِاليَقينِ

رُوَيداً إِنَّ أَفعالي خُطوبٌ

تَشيبُ لِهَولِها روسُ القُرونِ

فَكَم لَيلٍ رَكِبتُ بِهِ جَواد

وَقَد أَصبَحتُ في حِصنٍ حَصينِ

وَناداني عِنانٌ في شِمالي

وَعاتَبَني حُسامٌ في يَميني

أَيَأخُذُ عَبلَةً وَغدٌ ذَميمٌ

وَيَحظى بِالغِنى وَالمالِ دوني

يقول امرؤ القيس:

  • جَزَعتُ وَلَم أَجزَع مِنَ البَينِ مَجزَع
وَعَزَّيتُ قَلباً بِالكَواعِبِ مولَعا

وَأَصبَحتُ وَدَّعتُ الصِبا غَيرَ أَنَّني

أُراقِبُ خُلّاتٍ مِنَ العَيشِ أَربَعا

فَمِنهُنَّ قَولي لِلنَدامى تَرَفَّقو

يُداجونَ نَشّاجاً مِنَ الخَمرِ مُترَعا

وَمِنهُنَّ رَكضُ الخَيلِ تَرجُمُ بِالفَن

يُبادِرنَ سِرباً آمِناً أَن يُفَزَّعا

وَمِنهُنَّ نَصُّ العيسِ وَاللَيلُ شامِلٌ

تَيَمَّمُ مَجهولاً مِنَ الأَرضِ بَلقَعا

خَوارِجَ مِن بَرِّيَّةٍ نَحوَ قَريَةٍ

يُجَدِّدنَ وَصلاً أَو يُقَرِّبنَ مَطمَعا

وَمِنهُنَّ سَوفُ الخودِ قَد بَلَّها النَدى

تُراقِبُ مَنظومَ التَمائِمِ مُرضَعا

تَعِزُّ عَلَيها رَيبَتي وَيَسوؤُه

بُكاهُ فَتَثني الجيدَ أَن يَتَضَوَّعا

يقول حاتم الطائي:

  • أَما وَالَّذي لا يَعلَمُ الغَيبَ غَيرُهُ
وَيُحيّ العِظامَ البيضَ وَهيَ رَميمُ

لَقَد كُنتُ أَطوي البَطنَ وَالزادُ يُشتَهى

مَخافَةَ يَوماً أَن يُقالَ لَئيمُ

وَما كانَ بي ما كانَ وَاللَيلُ مِلبَسٌ

رِواقٌ لَهُ فَوقَ الإِكامِ بَهيمُ

أَلُفُّ بِحِلسي الزادَ مِن دونِ صُحبَتي

وَقَد آبَ نَجمٌ وَاِستَقَلَّ نُجومُ

من روائع الشعر في العصر الأموي

يقول الفرزدق:

  • غَدَوتُ وَقَد أَزمَعتُ وَثبَةَ ماجِدٍ
لِأَفدِيَ بِاِبني مِن رَدى المَوتِ خالِيا

غُلامٌ أَبوهُ المُستَجارُ بِقَبرِهِ

وَصَعصَعَةُ الفَكّاكُ مَن كانَ عانِيا

وَكُنتَ اِبنَ أَشياخٍ يُجيرونَ مَن جَنى

وَيُحيُونَ بِالغَيثِ العِظامَ البَوالِيا

يُداوُونَ بِالأَحلامِ الجَهلِ مِنهُمُ

وَيُؤسى بِهِ مصَدعُ الَّذي كانَ واهِيا

رَهَنتُ بَني السيدِ الأَشائِمِ موفِياً

بِمَقتولِهِم عِندَ المُفاداةِ غالِيا

وَقُلتُ أَشِطّوا يا بَني السيدِ حُكمَكُم

عَلَيَّ فَإِنّي لا يَضيقُ ذِراعِيا

إِذا خُيِّرَ السيدِيُّ بَينَ غَوايَةٍ

وَرُشدٍ أَتى السيدِيُّ ما كانَ غاوِيا

يقول جرير:

  • لِمَن طَلَلٌ هاجَ الفُؤادَ المُتَيَّما
وَهَمَّ بِسَلمانينَ أَن يَتَكَلَّما

أَمَنزِلَتي هِندٍ بِناظِرَةَ اسلَما

وَما راجَعَ العِرفانَ إِلّا تَوَهُّما

وَقَد أَذِنَت هِندٌ حَبيباً لِتَصرِما

عَلى طولِ ما بَلّى بِهِندٍ وَهَيَّما

وَقَد كانَ مِن شَأنِ الغَوِيِّ ظَعائِنٌ

رَفَعنَ الكُسا وَالعَبقَرِيَّ المُرَقَّما

كَأَنَّ رُسومَ الدارِريشُ حَمامَةٍ

مَحاها البِلى فَاستَعجَمَت أَن تَكَلَّما

طَوى البَينُ أَسبابَ الوِصالِ وَحاوَلَت

بِكِنهِلَ أَسبابُ الهَوى أَن تَجَذَّما

كَأَنَّ جِمالَ الحَيِّ سُربِلنَ يانِعاً

مِنَ الوارِدِ البَطحاءَ مِن نَخلِ مَلهَما

  • قيس بن الملوح:

مَتى يَشتَفي مِنكَ الفُؤادُ المُعَذَّبُ

وَسَهمُ المَنايا مِن وِصالِكِ أَقرَبُ

فَبُعدٌ وَوَجدٌ وَاِشتِياقٌ وَرَجفَةٌ

فَلا أَنتِ تُدنيني وَلا أَنا أَقرَبُ

كَعُصفورَةٍ في كَفِّ طِفلٍ يَزُمُّها

تَذوقُ حِياضَ المَوتِ وَالطِفلُ يَلعَبُ

فَلا الطِفلُ ذو عَقلٍ يَرِقُّ لِما بِها

وَلا الطَيرُ ذو ريشٍ يَطيرُ فَيَذهَبُ

وَلي أَلفُ وَجهٍ قَد عَرَفتُ طَريقَهُ

وَلَكِن بِلا قَلبٍ إِلى أَينَ أَذهَبُ

من روائع الشعر في العصر العباسي

يقول المتنبي:

  • وَاحَـرّ قَلْبـاهُ مـمّنْ قَلْبُـهُ شَبِـمُ
وَمَنْ بجِسْمـي وَحالي عِنـدَهُ سَقَـمُ

ما لي أُكَتِّمُ حُبًّا قَدْ بَـرَى جَسَـدي

وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلـةِ الأُمَـم ُ

إنْ كَـانَ يَجْمَعُنَـا حُـبٌّ لِغُرّتِـهِ

فَلَيْتَ أنّـا بِقَـدْرِ الحُـبّ نَقْتَسِـمُ

قد زُرْتُهُ وَسُيُـوفُ الهِنْـدِ مُغْمَـدَةٌ

وَقـد نَظَـرْتُ إلَيْـهِ وَالسّيُـوفُ دَمُ

فكـانَ أحْسَـنَ خَلـقِ الله كُلّهِـمِ

وَكانَ أحسنَ ما فِي الأحسَنِ الشّيَـمُ

فَوْتُ العَـدُوّ الـذي يَمّمْتَـهُ ظَفَـرٌ

فِـي طَيّـهِ أسَـفٌ فِي طَيّـهِ نِعَـمُ

قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ

لَكَ المَهـابَـةُ ما لا تَصْنَـعُ البُهَـمُ

ألزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئـاً لَيـسَ يَلزَمُهـا

أنْ لا يُـوارِيَهُـمْ أرْضٌ وَلا عَـلَـمُ

ويقول أبو العتاهية:

  • رَضيتَ لِنَفسِكَ سَوءاتِها
وَلَم تَألُ حُبّاً لِمَرضاتِها

وَحَسَّنتَ أَقبَحَ أَعمالِها

وَصَغَّرتَ أَكبَرَ زَلّاتِها

وَكَم مِن سَبيلِ لِأَهلِ الصِبا

سَلَكتَ بِهِم في بُنَيّاتِها

وَأَيُّ الدَواعي دَواعي الهَوى

تَطَلَّعتَ عَنها لِآفاتِها

وَأَيُّ المَحارِمِ لَم تَنتَهِك

وَأَيُّ الفَضائِحِ لَم تاتِها

كَأَنّي بِنَفسِكَ قَد عوجِلَت

عَلى ذاكَ في بَعضِ غِرّاتِها

وَقامَت نَوادِبُها حُسَّراً

تَداعى بِرَنَّةِ أَصواتِها

أَلَم تَرَ أَنَّ دَبيبَ اللَيالي

يُسارِقُ نَفسَكَ ساعاتِها

ويقول الإمام الشافعي:

  • الناس بالناس مادام الحياء بهم
والسعد لاشك تارات.. وهبات

وأفضل الناس ما بين الورى رجل

تقضى على يده.. للناس حاجات

لا تمنعن يد المعروف عن احد

ما دمت مقتدراً.. والعيش جنات

قد مات قوم وما ماتت مكارمهم

وعاش قوم.. وهم في الناس اموات

من روائع الشعر في العصر الأندلسي

يقول ابن زيدون:

  • عَرَفتُ عَرفَ الصَبا إِذ هَبَّ عاطِرُهُ
مِن أُفقِ مَن أَنا في قَلبي أُشاطِرُهُ

أَرادَ تَجديدَ ذِكراهُ عَلى شَحَطٍ

وَما تَيَقَّنَ أَنّي ملخصا الدَهرَ ذاكِرُهُ

نَأى المَزارُ بِهِ وَالدارُ دانِيَةٌ

يا حَبَّذا الفَألُ لَو صَحَّت زَواجِرُهُ

خِلّي أَبا الجَيشِ هَل يَقضي اللِقاءُ لَنا

فَيَشتَفي مِنكَ قَلبٌ أَنتَ هاجِرُهُ

قِصارُهُ قَيصَرٌ إِن قامَ مُفتَخِراً

لِلَّهِ أَوَّلُهُ مَجداً وَآخِرُهُ

ويقول ابن خفاجه:

  • لَقَد زارَ مَن أَهوى عَلى غَيرِ مَوعِدٍ
فَعايَنتُ بَدرَ التَمِّ ذاكَ التَلاقِيا

وَعاتَبتُهُ وَالعَتبُ يَحلو حَديثُهُ

وَقَد بَلَغَت روحي لَدَيهِ التَراقِيا

فَلَمّا اِجتَمَعنا قُلتُ مِن فَرَحي بِهِ

مِنَ الشِعرِ بَيتاً وَالدُموعُ سَواقِيا

وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما

يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لاتَلاقِيا

يقول ابن قلاقس:

  • ما زالَ يخدَعُ قلبهُ حتى هَفا
برقٌ يهزُّ الجوَّ منه مُرعَفا

أعشى عيونَ الشهبِ حتى لم يدَعْ

طرْفاً لها إلا قَضى أن يُطْرَفا

وألاحَ منها يستطيرُ كشاربٍ

نشوانَ رشّ على الحديقِة قَرْقَفا

وكأنّما وافى الظلامَ بعزلِه

فتلاً عليهِ من الصَباحِ ملطَّفا

حتى إذا سطعَ الضياءُ وأشبهَتْ

في لُجّةٍ حَبَاً طَفا ثم انْطَفا

خجِلتْ خدودُ الزهرِ عنهُ بروضةٍ

غيداءَ قلّدها نداهُ وشنّفا

أجْرى النسيمُ لجانِبَيْ مَيدانِها

طرَفاً وجرّ على رُباها مُطْرَفا

وأغرَّ كفّ الوصلِ كفَّ جِماحِه

من بعدِ ما هجرَ المتيّم ما كفى

كلّفتُ بدرَ التمِّ مثلَ جَمالِه

وظلمتُه فلذا تبدّى أكْلَفا