أشعار نصائح وحكم

حكم الطبيعة لمحيي الدين بن عربي

حكمُ الطبيعة في الأجسامِ معتبرُ

لأنها أصلها والأصل يعتبرُ

فانظر إليها إذا طال الزمانُ بها

تبددُ الشملَ لا تبقي ولا تذرُ

في النارِ ينضجها وفي الجنانِ لها

حكم علينا كما تدرون فادّكروا

إن العذابَ لها مثلُ النعيمِ بها

وذنبها عند أهلِ الكشفِ مغتفرُ

الله حكّمها فينا وأحكمها

فما لها عنْ نفوذِ حكمهِ وزرُ

بها يعذبنا بها ينعمنا

وليسَ يخلصُ منْ أحكامِها بشرُ

سبحان من أوسع الأشياء رحمته

في الخير والشر علماً هكذا الخبر

جلَّ الإلهُ فما تُحصى عوارفهُ

فالكلُّ منهُ كما قدْ شاءَهُ القدرُ

قصيدة دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ للشافعي

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ

وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ

وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي

فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ

وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً

وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ

وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا

وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ

تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب

يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ

ولا تر للأعادي قط ذلا

فإن شماتة الأعدا بلاء

ولا ترجُ السماحة من بخيلٍ

فَما فِي النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ

وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي

وليسَ يزيدُ في الرزقِ العناءُ

وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرورٌ

ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ

وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا

فلا أرضٌ تقيهِ ولا سماءُ

وأرضُ الله واسعة ً ولكن

إذا نزلَ القضا ضاقَ الفضاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ

فما يغني عن الموت الدواءُ

قصيدة يا نَفْسِ ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ لأبي العتاهية

يا نَفْسِ ما هوَ إلاّ صَبرُ أيّامِ

كأنَّ لَذَّاتِهَا أضغاثُ أحلامِ

يا نَفسِ ما ليَ لا أنْفَكّ مِنْ طمعٍ

طرفِي غليهِ سريعٌ طامحٌ سامِ

يا نَفْسِ كوني، عن الدّنيا، مُبعدة،

وَخَلّفّيها، فإنّ الخَيرَ قُدّامي

يا نَفْسِ! ما الذُّخرُ إلاّ ما انتَفَعتِ به

بالقَبرِ، يَوْمَ يكونُ الدّفنُ إكرامي

وَللزّمانِ وَعيدٌ في تَصَرّفِهِ

إن الزمانَ لذو نَقْضٍ وإبرامِ

أمّا المَشيبُ فقَد أدّى نَذارَتَهُ،

وَقَدْ قَضَى ما عَلَيْهِ مُنذُ أيّامِ

إنّي لأستَكْثِرُ الدّنْيا، وأعْظِمُها

جهلاً ولم أرَهَا أهلاً لإعظامِ

فَلَوْ عَلا بِكَ أقْوامٌ مَناكِبَهُمْ،

حثُّوا بنعشكَ إسراعاً بأقدامِ

في يومِ آخرِ توديعٍ تودعهُ

تهدي إلى حيث لا فادٍ ولا حامِ

ما الناسُ إلا كنفسٍ في تقاربهِمْ

لولا تفاوتُ أرزاقٍ وأقسامِ

كَمْ لابنِ آدَمَ من لهوٍ، وَمن لَعبٍ،

وللحوادِثِ من شدٍّ وإقدامِ

كمْ قد نعتْ لهمُ الدنيَا الحلولَ بِهَا

لوْ أنّهُمْ سَمِعوا مِنْها بأفْهامِ

وكمْ تحرمتِ الأيامُ من بشرٍ

كانُوا ذوِي قوة ٍ فيهَا وأجسامِ

يا ساكِنَ الدّارِ تَبْنيها، وَتَعمُرُها،

والدارُ دارُ منيَّاتٍ وأسْقامِ

لا تَلْعَبَنّ بكَ الدّنيا وَخُدْعَتُها،

فكَمْ تَلاعَبَتِ الدّنْيا بأقْوامِ

يا رُبَّ مُقتصدٍ من غيرِ تجربة ٍ

وَمُعْتَدٍ، بَعدَ تجريبٍ، وَإحكامِ

وربَّ مُكتسبٍ بالحكْمِ رامِيَهُ

وربَّ مُستهدِفٍ بالبغيِ للرامِي

حكم شعرية متنوعة

  • يقول ابن الرومي:

يا غُصُنا من لُؤلُؤٍ رَطْبِ

فيه سرورُ العينِ والقلبِ

أحسنَ بي يومٌ أرانيكُمُ

وما على المحسنِ من عَتبِ

لكنّهُ أعقبني حسرة ً

فدمعتي سَكْبٌ على سكْبِ

مظلومَ ما أنت بمظلومة ٍ

في حُكمِ أهلِ الشرق والغَرْبِ

بل إنما المظلومُ عبدٌ لكُمْ

أصبح مقتولاً بلا ذَنْبِ

غَضَبْتِهِ جهراً على قلبهِ

لا تُبْتِ ما عشتِ من الغَصْبِ

ما بالُ من عاداكِ في راحة ٍ

وما لمن والاك في كرْبِ

سالمتِ أهلَ الحربِ طُوبَى لَهُمْ

لكنَّ أهلَ السِّلمِ في حَرْبِ

أصبحتِ من وُدي بلا كُلفة ٍ

كالرُّوح بين الجَنْبِ والجَنْبِ

أعانني اللَّهُ على غُلَّتي

بشَربة من ريقِكِ العذْبِ

يا حُبَّ مظلومة َ لا تنكشِفْ

وازدَدْ فمالي منك من حَسْب

مظلومَ قد أنهبتِ أرواحَنا

وكلُّنا راضونَ بالنَّهبِ

ضربُكِ في صوتك لا خارجٌ

عن حدِّه والصوت في الضَّربِ

كأنما وقعُهما في الحشا

وقعُ الحيا في الزمنِ الجَدْبِ

فُقْتِ المُغنينَ كما فاقنا

كواكبُ الدنيا بنو وَهْب

حُسْناً وإحساناً قد استجمعا

كلاهما ذو مطلبٍ صَعْبِ
  • يقول أبو فراس الحمداني:

ألا إنّمَا الدّنْيَا مَطِيّة ُ رَاكِبٍ

عَلا رَاكِبُوها ظَهْرَ أعوَجَ أحدَبَا

شموسٌ متى أعطتكَ طوعاً زمامها

فكُنْ للأذى مِنْ عَقّهَا مُتَرَقِّبَا
  • يقول الشافعي:

الدَّهْرُ يَوْمَانِ ذا أَمْنٌ وَذَا خَطَرُ

وَالْعَيْشُ عَيْشَانِ ذَا صَفْوٌ وَذا كَدَرُ

أَمَا تَرَى الْبَحْرَ تَعْلُو فَوْقَهُ جِيَفٌ

وَتَسْتَقِرُّ بأقْصى قَاعِهِ الدُّرَرُ

وَفِي السَّماءِ نُجُومٌ لا عِدَادَ لَهَا

وَلَيْسَ يُكْسَفُ إلاَّ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
  • يقول أبو العتاهية:

ألاً إنَّنَا كُلُّنَا بائدُ

وأيّ بَني آدَمٍ خالِدُ؟

وبدءُهُمُ كانَ مِنْ ربِّهِمْ

وكُلٌّ إلى رَبّهِ عائِدُ

فيَا عَجَبَا كيفَ يَعصِي الإلهَ

أمْ كيفَ يجحدهُ الجاحِدُ

وللهِ فِي كلِّ تحرِيكَة ٍ

وفي كلّ تَسكينَة ٍ شاهِدُ

وفِي كلِّ شيءٍ لَهُ آية ٌ

تَدُلّ على أنّهُ الواحِدُ
  • يقول أبو العلاء المعري:

حِكَمٌ تَدُلُّ على حكيمٍ قادِرٍ

متَفَرّدٍ، في عزّه، بكمالِ

والمالُ خِدْنُ النّفسِ، غيرَ مُدافَعٍ؛

والفَقْرُ مَوتٌ جاءَ بالإهْمال

أوَما تَرى حكمَ النّجومِ مصوِّراً

بَيتَ الحَياةِ، يَليهِ بَيتُ المال؟

ومن الجهاتِ الستّ ربّي حائطي،

لا عَن يَميني، مَرّةً، وشِمالي

أرواحُنا أُلفينَ كالأرواحِ، في

خَيرٍ وشرٍّ، مِنْ صَباً وشَمال

والمرءُ كانَ ، ومثلَ كانَ، وجدتُه،

حالَيْهِ في الإلغاءِ والإعمال

ثَمِلَ الأنامُ من الضّلالَة، وانتَشَوْا

بالخَمرِ، فاعْجَبْ من ثِمالِ ثُمال

قومٌ تَغَنّوْا مُرملينَ من الهُدى،

فتَضاعَفَ الإرْمالُ بالأرْمال

وهمُ البِهامُ، قَصيرَةٌ أعمارُهمْ،

ويؤمّلونَ أطاوِلَ الآمال

لم تَلقَ إلاّ جاهلاً مَتعاقِلاً،

مُتَجَمّلاً منهمْ بغَيرِ جَمال

مثلَ البَهائمِ أُبهِمَتْ عن رُشدِها،

إلاّ احتمالَ ثَقائلِ الأحمال

دُنياكَ أرْزاقٌ تُذَكِّرُ، بعدَها،

أُخرى، تُنالُ بصالحِ الأعمال