أبيات شعر عن الشوق

قصيدة لأن الشوق معصيتي

يقول فاروق جويدة:

لا تذكري الأمس إني عشتُ أخفيه..

إن يَغفر القلبَ.. جرحي من يداويه.

قلبي وعيناكِ والأيام بينهما..

دربٌ طويلٌ تعبنا من مآسيه..

إن يخفقِ القلب كيف العمر نرجعه..

كل الذي مات فينا.. كيف نحييه..

لشوق درب طويل عشت أسلكه..

ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه..

جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا..

واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه..

مازلتُ أعرف أن الشوق معصيتي..

والعشق والله ذنب لستُ أخفيه..

قلبي الذي لم يزل طفلاً يعاتبني..

كيف انقضى العيد.. وانقضت لياليه..

يا فرحة لم تزل كالطيف تُسكرني..

كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه..

حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا..

عدنا إلى الحزن يدمينا.. ونُدميه..

مازال ثوب المنى بالضوء يخدعني..

قد يُصبح الكهل طفلاً في أمانيه..

أشتاق في الليل عطراً منكِ يبعثني..

ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه..

ولتسألي الليل هل نامت جوانحه..

ما عاد يغفو ودمعي في مآقيه..

يا فارس العشق هل في الحب مغفرة..

حطمتَ صرح الهوى والآن تبكيه..

الحب كالعمر يسري في جوانحنا..

حتى إذا ما مضى.. لا شيء يبقيه..

عاتبت قلبي كثيراً كيف تذكرها..

وعُمرُكَ الغضّ بين اليأس تُلقيه..

في كل يوم تُعيد الأمس في ملل..

قد يبرأ الجرح.. والتذكار يحييه..

إن تُرجعي العمر هذا القلب أعرفه..

مازلتِ والله نبضاً حائراً فيه..

أشتاق ذنبي ففي عينيكِ مغفرتي..

يا ذنب عمري.. ويا أنقى لياليه..

ماذا يفيد الأسى أدمنتُ معصيتي..

لا الصفح يجدي.. ولا الغفران أبغيه..

إني أرى العمر في عينيكِ مغفرة..

قد ضل قلبي فقولي.. كيف أهديه.

قصيدة الشوقُ نارٌ حامية

يقول بهاء الدين زهير:

الشوقُ نارٌ حاميهْ

وَلَقَدْ تَزَايَدَ ما بِيَهْ

يا قلبَ بعضِ النّاسِ هَلْ

للضّيْفِ عندَكَ زَاوِيَهْ

إني ببابكَ قد وقفـ

ـتُ عَسَى تَرُدّ جَوَابِيَهْ

يا مُلبِسِي ثَوْبَ الضَّنَا

يَهنيكَ ثَوْبُ العافيَهْ

لم يبقَ مني في القميـ

ـصِ سوَى رُسومٍ بالِيَهْ

وحُشاشَة ٍ ما أبْقَتِ الـ

ـأشواقُ منْها باقِيَهْ

أرخصتُ فيكَ مدامعاً

لولاكَ كانتْ غاليهْ

إنْ لمْ تجدْ لي بالرضا

وَاحَسرَتي وَشَقائِيَهْ

لكَ مهجتي ولوِ ارتضيـ

ـتَ المالَ قلتُ وماليهْ

يا مَن إلَيهِ المُشتَكَى

أنتَ العليمُ بحاليهْ.

قصيدة أغيبُ فيفني الشوقُ نفسي

يقول محيي الدين بن عربي:

أغيبُ، فيفني الشوقُ نفسي، فألتقي

فلا أشتفي، فالشوقُ غيباً ومُحضرا

ويُحدِثُ لي لُقياهُ ما لم أظنّهُ،

فكانَ الشِّفاء داءً منَ الوجدِ آخرا

لأني أرى شخصاً يزيدُ جمالهُ،

إذا ما التقينا نَفرَة ً وتكبُّرا

فلا بُدّ من وَجدٍ يكونُ مُقارِناً

لما زَادَ من حُسنٍ نِظاماً مُحرَّرا.

قصيدة لا تَدعُ بي الشَوقَ إِني غَيرُ مَعمودِ

يقول صريع الغواني:

لا تَدعُ بي الشَوقَ إِني غَيرُ مَعمودِ

نَهى النُهى عَن هَوى الهَيفِ الرَعاديدِ

لَو شِئتُ لا شِئتُ راجَعتُ الصِبى وَمَشَت

فِيَّ العُيونُ وَفاتَتني بِمَجلودِ

سَل لَيلَةَ الخَيفِ هَل أَمضَيتُ آخِرَها

بِالراحِ تَحتَ نَسيمِ الخُرَّدِ الغيدِ

شَجَّجتُها بِلُعابِ المُزنِ فَاِغتَزَلَت

نَسجَينِ مِن بَينِ مَحلولٍ وَمَعقودٍ

كِلا الجَديدَينِ قَد أُطعِمَتُ حَبرَتَهُ

لَو آلَ حَيٌّ إِلى عُمرٍ وَتَخليدِ

أَهلاً بِوافِدَةٍ لِلشَيبِ واحِدَةٍ

وَإِن تَراءَت بِشَخصٍ غَيرِ مَودودِ

لا أَجمَعُ الحِلمَ وَالصَهباءَ قَد سَكَنَت

نَفسي إِلى الماءِ عَن ماءِ العَناقيدِ

لَم يَنهَني فَنَدٌ عَنها وَلا كِبَرٌ

لَكِن صَحَوتُ وَغُصني غَيرَ مَخضودِ

أَوفى بِيَ الحِلمُ وَاِقتادَ النُهى طَلَقاً

شَأوى وَعِفتُ الصِبا مِن غَيرِ تَفنيدِ

إِذا تَجافَت بِيَ الهِمّاتُ عَن بَلَدٍ

نازَعتُ أَرضاً وَلَم أَحفِل بِتَمهيدِ

لا تَطَّبيني المُنى عَن جَهدِ مُطَّلَبٍ

وَلا أَحولُ لِشَيءٍ غَيرِ مَوجودِ

وَمَجهَلٍ كَاطِّرادِ السَيفِ مُحتَجِزٍ

عَنِ الأَدِلّاءِ مَسجورِ الصَياخيدِ

تَمشي الرِياحُ بِهِ حَسرى مُوَلَّهَةً

حَيرى تَلوذُ بِأَكنافِ الجَلاميدِ

مُوَقَّفِ المَتنِ لا تَمضي السَبيلَ بِهِ

إِلّا التَخَلُّلَ رَيثاً بَعدَ تَجهيدِ

قَرَيتُهُ الوَخدَ مِن خَطّارَةٍ سُرُحٍ

تَفري الفَلاةَ بِإِرقالٍ وَتَوخيدِ

إِلَيكَ بادَرتُ إِسفارَ الصَباحِ بِها

مِن جِنحِ لَيلٍ رَحيبِ الباعِ مَمدودِ

وَبَلدَةٍ ذاتِ غَولٍ لا سَبيلَ بِها

إِلّا الظُنونُ وَإِلّا مَسرَحُ السيدِ

كَأَنَّ أَعلامَها وَالآلُ يَركَبُها

بُدنٌ تَوافى بِها نَذرٌ إِلى عيدِ

كَلَّفتُ أَهوالَها عَيناً مُؤَرَّقةً

إِلَيكَ لَولاكَ لَم تُكحَل بِتَسهيدِ

حَتّى أَتَتكَ بِيَ الآمالُ مُطَّلِعاً

لِليُسرِ عِندَكَ في سِربالِ مَحسودِ

مِن بَعدِ ما أَلقَتِ الأَيّامُ لي عَرَضاً

مُلقى رَهينٍ لِحَدِّ السَيفِ مَصفودِ

وَساوَرَتني بَناتُ الدَهرِ فَاِمتَحَنَت

رَبعي بِمُمحِلَةٍ شَهباءَ جارودِ

إِلى بَني حاتِمٍ أَدّى رَكائِبَنا

خَوضُ الدُجى وَسُرى المَهرِيَّةِ القُودِ

تَطوي النَهارَ فَإِن لَيلٌ تَخَمَّطَها

باتَت تَخَمَّطُ هاماتِ القَراديدِ

مِثلَ السَمامِ بَعيداتِ المَقيلِ إِذا

أَلقى الهَجيرُ يَداً في كُلِّ صَيخودِ

حَلَّت بِداوُدَ فَاِمتاحَت وَأَعجَلَها

حَذرُ النِعالِ عَلى أَينٍ وَتَحريدِ

أَعطى فَأَفنى المُنى أَدنى عَطِيَّتِهِ

وَأَرهَقَ الوَعدَ نُجحاً غَيرَ مَنكودِ

وَاللَهُ أَطفَأَ نارَ الحَربِ إِذ سُعِرَت

شَرقاً بِمُوقِدِها في الغَربِ داوُدِ

لَم يَأتِ أَمراً وَلَم يَظهُر عَلى حَدَثٍ

إِلّا أُعينَ بِتَوفيقٍ وَتَسديدِ

مُوَحَّدُ الرَأيِ تَنشَقُّ الظُنونُ لَهُ

عَن كُلِّ مُلتَبِسٍ مِنها وَمَعقودِ

تُمنى الأُمورُ لَهُ مِن نَحوِ أَوجُهِها

وَإِن سَلَكنَ سَبيلاً غَيرَ مَورودِ

إِذا أَباحَت حِمى قَومٍ عُقوبَتُهُ

غادى لَهُ العَفوُ قَوماً بِالمَراصيدِ

كَاللَيثِ بَل مِثلُهُ اللَيثُ الهَصورُ إِذا

غَنّى الحَديدُ غِناءً غَيرَ تَغريدِ

يَلقى المَنِيَّةَ في أَمثالِ عُدَّتِها

كَالسَيلِ يَقذِفُ جُلموداً بِجُلمودِ

إِذا قَصّرَ الرُمحُ لَم يَمشِ الخُطا عَدَداً

أَو عَرَّدَ السَيفُ لَم يَهمُم بِتَعريدِ

إِذا رَعى بَلَداً دانى مَناهِلَهُ

وَإِن بُنينَ عَلى شَحطٍ وَتَبعيدِ

جَرى فَأَدرَكَ لَم يَعنُف بِمُهلَتِهِ

وَاِستَودَعَ البُهرَ أَنفاسَ المَجاويدِ

آلُ المُهَلَّبِ قَومٌ لا يَزالُ لَهُم

رِقُّ الصَريحِ وَأَسلابُ المَذاويدِ

مُظَفَّرونَ تُصيبُ الحَربُ أَنفُسَهُم

إِذا الفِرارُ تَمَطّى بِالمَحاييدِ

نَجلٌ مَناجيبُ لَم يَعدَم تِلادُهُمُ

فَتىً يُرَجّى لِنَقضٍ أَو لِتَوكيدِ

قَومٌ إِذا هَدأَةٌ شامَت سُيوفَهُمُ

فَإِنَّها عُقُلُ الكومِ المَقاحيدِ

نَفسي فِداؤكَ يا داودُ إِذ عَلِقَت

أَيدي الرَدى بِنَواصي الضُمَّرِ القودِ

داوَيتَ مِن دائِها كَرمانَ وَاِنتَصَفَت

بِكَ المَنونُ لِأَقوامٍ مَجاهيدِ

مَلَأنَها فَزَعاً أَخلى مَعاقِلَها

مِن كُلِّ أَبلَخَ سامي الطَرفِ صِنديدِ

لَمّا نَزَلتَ عَلى أَدنى بِلادِهِمُ

أَلقى إِلَيكَ الأَقاصي بِالمَقاليدِ

لَمَستَهُم بِيَدٍ لِلعَفوِ مُتَّصِلٍ

بِها الرَدى بَينَ تَليينٍ وَتَشديدِ

أَتَيتَهُم مِن وَراءِ الأَمنِ مُطَّلِعاً

بِالخَيلِ تَردى بِأَبطالٍ مَناجيدِ

وَطارَ في إِثرِ مَن طارَ الفِرارُ بِهِ

خَوفٌ يُعارِضُهُ في كُلِّ أُخدودِ

فاتوا الرَدى وَظُباتُ المَوتِ تَنشُدُهُم

وَأَنتَ نَصبُ المَنايا غَيرُ مَنشودِ

وَلَو تَلَبَّثَ دَيّانٌ لَها رَوِيَت

مِنهُ وَلَكِن شَآها عَدوَ مَزؤودِ

أَحرَزَهُ أَجَلٌ ما كادَ يُحرِزُهُ

فَمَرَّ يَطوي عَلى أَحشاءِ مَفؤودِ

وَرَأسُ مِهرانَ قَد رَكَّبتَ قُلَّتَهُ

لَدناً كَفاهُ مَكانَ اللَيثِ وَالجيدِ

قَد كانَ في مَعزِلٍ حَتّى بَعَثتَ لَهُ

أُمَّ المَنِيَّةِ في أَبنائِها الصيدِ

أَجُنَّ أَم أَسلَمَتهُ الفاضِحاتُ إِلى

حَدٍّ مِنَ السَيفِ مَن يَعلَق بِهِ يودِ

أَلحَقتَهُ صاحِبَيهِ فَاِستَمرَّ بِهِم

ضَربٌ يُفَرِّقُ ضَبّاتِ القَماحيدِ

أَعذَرَ مَن فَرَّ مِن حَربٍ صَبَرتَ لَها

يَومَ الحُصَينِ شِعارٌ غَيرُ مَجحودِ

يَومَ اِستَضَبَّت سِجِستانٌ طَوائِفَها

عَلَيكَ مِن طالِبٍ وِتراً وَمَحقودِ

ناهَضتَهُم ذائِدَ الإِسلامِ تَقرَعُهُم

عَنهُ ثُلاثَ وَمَثنى بِالمَواحيدِ

تَجودُ بِالنَفسِ إِذ أَنتَ الضَنينُ بِها

وَالجودُ بِالنَفسِ أَقصى غايَةِ الجودِ

تِلكَ الأَزارِقُ إِذ ضَلَّ الدَليلُ بِها

لَم يُخطِها القَصدُ مِن أَسيافِ داودِ

كانَ الحُصَينُ يُرَجِّي أَن يَفوزَ بِها

حَتّى أَخَذتَ عَلَيهِ بِالأَخاديدِ

ما زالَ يَعنُفُ بِالنُعمى وَيَغمِطُها

حَتّى اِستَقَلَّ بِهِ عودٌ عَلى عودِ

وَضَعتَهُ حَيثُ تَرتابُ الرِياحُ بِهِ

وَتَحسُدُ الطَيرَ فيهِ أَضبُعُ البيدِ

تَغدو الضَواري فَتَرميهِ بِأَعيُنِها

تَستَنشِقُ الجَوَّ أَنفاساً بِتَصعيدِ

يَتبَعنَ أَفياءَهُ طَوراً وَمَوقِعَهُ

يَلَغنَ في عَلَقٍ مِنهُ وَتَجسيدِ

فَكانَ فارِطَ قَومٍ حانَ مَكرَعُهُم

بِأَرضِ زاذانَ شَتّى في المَواريدِ

يَومَ جُراشَةَ إِذ شَيبانُ موجِفَةٌ

يَنجونَ مِنكَ بِشِلوٍ مِنهُ مَقدودِ

زاحَفتَهُ بِاِبنِ سُفيانَ فَكانَ لَهُ

ثَناءُ يَومٍ بِظَهرِ الغَيبِ مَشهودِ

نَجا قَليلاً وَوافى زَجرُ عائِفِهِ

بِيَومِهِ طَيرَ مَنحوسٍ وَمَسعودِ

وَلّى وَقَد جَرَعَت مِنهُ القَنى جُرَعاً

حَيَّ المَخافَةِ مَيتاً غَيرَ مَوؤودِ

زالَت خُشاشَتُهُ عَن صَدرِ مُعتَدِلٍ

داني الكُعوبِ بَعيدَ الصَدرِ أُملودِ

إِذا السُيوفُ أَصابَتهُ تَقَطَّعَ في

سُرادِقٍ بِحَوامي الخَيلِ مَمدودِ

يَفدي بِما نَحَلَتهُ مِن خِلافَتِهِ

حُشاشَةَ الرَكضِ مِن جَرداءَ قَيدودِ

حَلَّ اللِواءَ وَخالَ الخِدرَ عائِذَهُ

فَعاذَ بِالخِدرِ تِربُ الكاعِبِ الرُوَدِ

وَإِن يَكُن شَبَّها حَرباً وَقَد خَمَدَت

فَنائِياً حَيثُ لا هَيدٍ وَلا هيدِ

كُلٌّ مَثَلتَ بِهِ في مِثلِ خُطَّتِهِ

قَتلاً وَأَضجَعتَهُ في غَيرِ مَلحودِ

عافوا رِضاكَ فَعاقَتهُم بِعَقوَتِهِم

عَنِ الحَياةِ مَناياهُم لِمَوعودِ

وَأَنتَ بِالسِندِ إِذ هاجَ الصَريخُ بِها

وَاِستَنفَدَت حَربُها كَيدَ المَكاييدِ

وَاِستَغزَرَ القَومُ كَأساً مِن دِمائِهِمُ

وَأَحدَقَ المَوتُ بِالكُرّارِ وَالحيدِ

رَدَدتَ أَهمالَها القُصوى مُخَيَّسَةً

وَشِمتَ بِالبيضِ عَوراتِ المَراصيدِ

كُنتَ المُهَلَّبَ حَتّى شَكَّ عالِمُهُم

ثُمَّ اِنفَرَدتَ وَلَم تُسبَق بِتَسويدِ

لَم تَقبَلِ السِلمَ إِلّا بَعدَ مَقدِرَةٍ

وَلا تَأَلَّفتَ إِلّا بَعدَ تَبديدِ

حَتّى أَجابوكَ مِن مُستَأمِنٍ حَذِرٍ

راجٍ وَمُنتَظِرٍ حَتفاً وَمَثمودِ

أَهدى إِلَيكَ عَلى الشَحناءِ أُلفَتَهُم

مَوتٌ تَفَرَّقَ في شَتّى عَباديدِ

وَفي يَدَيكَ بَقايا مِن سَراتِهِمُ

هُمُ لَدَيكَ عَلى وَعدٍ وَتَوعيدِ

إِن تَعفُ عَنهُم فَأَهلُ العَفوِ أَنتَ وَإِن

تُمضِ العِقابَ فَأَمرٌ غَيرُ مَردودِ

إِسمَع فَإِنَّكَ قَد هَيَّجتَ مَلحَمَةً

وَفَدتَ مِنها بِأَرواحِ الصَناديدِ

اِقذِف أَبا مَلِكٍ فيها يَكُنكَ بِها

وَيَسعَ فيها بِجَدٍّ مِنكَ مَجدودِ

يَمضي بِعَزمِكَ أَو يَجري بِشَأوِكَ أَو

يَفري بِحَدِّكَ كَلٌّ غَيرُ مَحدودِ

لا يَعدَمنَكَ حِمى الإِسلامِ مِن مَلِكٍ

أَقَمتَ قُلَّتَهُ مِن بَعدِ تَأويدِ

كَفَيتَ في المُلكِ حَتّى لَم يَقِف أَحَدٌ

عَلى ضَياعٍ وَلَم يَحزَن لِمَفقودِ

أَعطَيتَهُم مِنكَ نُصحاً لا كَفاءَ لَهُ

وَأَيَّدوكَ بِرُكنٍ غَيرَ مَهدودِ

لَم يَبعَثِ الدَهرُ يَوماً بَعدَ لَيلَتِهِ

إِلّا اِنبَعَثتَ لَهُ بِالبَأسِ وَالجودِ

أَجرى لَكَ اللَهُ أَيّامَ الحَياةِ عَلى

فِعلٍ حَميدٍ وَجَدٍّ غَيرِ مَنكودِ

لا يَفقِدِ الدينُ خَيلاً أَنتَ قائِدُها

يُعهَدنَ في كُلِّ ثَغرٍ غَيرِ مَعهودِ

مُحَمَّلاتٍ إِذا آبَت غَنائِمُها

وَمُقدِماتٍ عَلى نَصرٍ وَتَأيِيدِ

هُناكَ أَنَّكَ مَغدى كُلِّ مُلتَمِسٍ

جوداً وَأَنَّكَ مَأوى كُلِّ مَطرودِ

تَستَأنِفُ الحَمدَ في دَهرٍ أَوائِلُهُ

مَوسومَةٌ بِفَعالٍ مِنكَ مَحمودِ

إِذا عَزَمتَ عَلى أَمرٍ بَطَشتَ بِهِ

وَإِن أَنَلتَ فَنَيلاً غَيرَ تَصريدِ

عَوَّدتَ نَفسَكَ عاداتٍ خُلِقتَ لَها

صِدقَ الحَديثِ وَإِنجازَ المَواعيدِ.