قصيدة عن الوفاء
قصيدة وفاء كهذا العهد فليكن العهد
يقول جبران خليل جبران:
وفاء كهذا العهد فليكن العهد
- وعدلا كهذا العقد فليكن العقد
قرانكما ما شاءه لكما الهوى
- وبيتكما ما شاده لكما السعد
فقرا وطيا فالمنى ما رضيتما
- ودهركما صفو وعيشكما رغد
وما جمع الله النظيرين مرة
- كجمعكما والند أولى به الند
تضاهيتما قدرا وحسنا وشيمة
- كما يتضاهى في تقابله الورد
أعز أعزاء الحمى أبواكما
- وأسطع جد في العلى لكما جد.
قصيدة إذا عهدوا فليسَ لهمْ وفاءُ
يقول البرعي:
إِذا عَهَدوا فَلَيسَ لَهُم وَفاءُ
- وَإِن مَنّوكَ وَصلاً فالعَناءُ
وَإِن زَعَموا دُنُوّاً فَهوَ بُعدٌ
- وَإِن وَعَدوا فَموعِدُهُم هَباءُ
وَإِن أَرضَيتَهُم غَضِبوا مَلالاً
- عَديمَ العَتبِ يَعقُبُهُ الجَفاءُ
وإن لا طَفتَهُم تاهوا دَلالاً
- وَإِن أَحسَنتَ عِرَتَهُم أَساؤُا
فَطِب نَفساً جُعِلتَ فِداكَ عَنهُم
- وَلا تَجزَع فَذاكَ هُوَ الشَقاءُ
وَأَعدُد لِلهَوى وَعَناهُ صَبراً
- وَلا تَبكي فَما يُغنى البُكاءُ
وَحاذِر تَستَمِع فيهِم مَلاماً
- فَهَجرُ الحِبِّ يَعقُبُهُ الوَلاءُ
هُموان أَحسَنوا أَو إِن أَساؤُا
- أَنا وَاللائِمونَ لَهُم فِداءُ
فضول صَبابةٍ ونحول جسمٍ
- وَفَقدُ أَحِبَّةٍ عَنّي تَناؤُا
وَتَشتيتُ الهَوى غَوراً أَو نَجداً
- لَعَمرُكَ ما على هَذا بَقاءُ
وَلا مُسوَدُّ قَلبِكَ مِن حَديدٍ
- وَلا صَفوانَ صَلَّدَهُ السَماءُ
وَلَستُ بِأَغلَظِ العُشّاقِ طَبعاً
- وَلا عَيناكَ دَمعُهُما دِماءُ
وَمَن لَكَ بالزِيارَةِ مِن حَبيبٍ
- وَدونَ مَزارِ مَضجَعِهِ التَواءُ
غَنِيٌّ عَن حِما الرُقباءِ إِذا قَد
- حَمَتهُ البيضُ وَالأَسَلُ الظِماءُ
أُصَيبِحُ في لَما شَفَتَيهِ خَمرٌ
- صُراحٌ ما يُلَوِّثُها الإِناءُ
أَلَذُّ مِنَ الشِهادِ الصِرفِ رَشفاً
- كَأَنَّ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ
سَقيمُ اللَحظِ أَورَثَني سِقاماً
- عَداكَ ضَناهُ لَيسَ لَهُ دَواءُ
حَبيبٌ حُبُّهُ داءٌ عُضالُ
- وَفي شَفَتَيهِ لِلسُقمِ الشِفاءُ
دَعاني لِلوداعِ فَذبتُ وَجداً
- فَلا كانَ الوِداعُ وَلا الجلاءُ
وَمالي لا أَرى التَوديعَ حَتفاً
- فَهَل بَعدَ الوِداعِ لَنا لِقاءُ
إِذا رَحَلَ الحَبيبُ فَما حَياتي
- بُعَيدَ رَحيلِهِ إِلّا عَناءُ
وَما هِيَ في البَلا وَإِنِ اِستَطالَت
- وَمَوتي بَعدَهُ إِلّا سَواءُ
جُعِلتُ فِداكَ ما العُشّاقُ إِلّا
- جُسومٌ ظَلَّ يوهِنُها البَلاءُ
وَهُم يَومَ الفِراقِ وَإشن تَعَزّوا
- مَساكينٌ قُلوبُهُمُ هَواءُ
تَزَوَّد لِلخُطوبِ السودِ صَبراً
- جَليداً فيهِ للِنَفسِ العَزاءُ
كما صَبَرَ الأُلى مِن قَبلُ كانوا
- فإِنَّ الصَبرَ ظُلمَتُهُ ضِياءُ
وَخُذ مِن كُلِّ مَن وآخاكَ حِذراً
- فَهُم قَومٌ إِخاؤُهُم بَغاءُ
وَلا تَركَن إِلَيهِم وَاِجتَنِبهُم
- فَهذا الدَهرُ لَيسَ لَهُ إِخاءُ
وَلا تَأنَس بِعَهدٍ مِن أُناسٍ
- عُهودُهُمُ اختِلاقٌ وَاِفتِراءُ
كَثيرُ الناسِ غَوغاءٌ تراهُم
- إِذا عَهِدوا فَلَيسَ لَهُم وَفاءُ
وَإِن عَثَرَت بِكَ الأَيّامُ فانزِل
- وَطَنِّب حَيثُ سَلعٌ أَو قُباءُ
وَرامَةُ وَالعَوالي مُستَجيراً
- بِأَكرَمِ مَن تُظَلِّلُهُ السماءُ
نَبِيٌّ هاشِميٌّ أَبطَحِيٌّ
- سَجيَّتُهُ المكارِمُ وَالخِباءُ
عَميمُ نَداً ذَكِيٌّ أَريحِيٌّ
- شَمائِلهُ السَماحَةُ وَالوَفاءُ
طَويلُ الباعِ ذو كَرَمٍ وَصِدقٍ
- نَداهُ مُحيطُ بَحرِ لا إِضاءُ
خِيارٌ مِن خِيارٍ مِن خِيارٍ
- نَمَتهُ الأَكرَمونَ الأَصدِقاءُ
بِنَفسي مَن سَرى وَسَما إِلى أَن
- حَوى قُرباً لَهُ كُشِفَ الغِطاءُ
رَسولٌ قابَ قوَسَينِ ارتَقى إِذ
- رَأى حُجبَ الجلالِ لَها اِنطِواءُ
وَناداهُ المُهيمِنَ يا حَبيبي
- تَأَنَّس ذا الوِصالُ وَذا اللِقاءُ
وَيا مَن قَد حَبَوناهُ دُنُوّاً
- هَلمَّ لِوَصلِنا وَلَكَ الهَناءُ.
قصيدة أين الوفاء
يقول جمال مرسي:
أَيْنَ الوفا ؟ قَطَّعتُ حَبلَ رَجَائِي
- و هَلِ اختَفَى مِن هَذِهِ الغَبراءِ ؟
أينَ الجُذورُ الضَّارِباتُ أَصَالَةً
- في عُمقِ أَرضٍ ضُمِّخَت بِرِياءِ ؟
لا زِلْتُ أُهرِقُهَا دُمُوعاً مُرَّةً
- و أنا الذي لم أَستَكِن لِبُكاءِ
لكنَّها الأيامُ تُبدي للورى
- ما يَستَثِيرُ حَفِيظَةَ العُقَلاءِ
جَرَّبتُهَا ، فَرَأَيتُ ناساً في الثرى
- منها ،و ناساً في رُبا الجوزاءِ
دَالت ، فلا فِرعَونُ خلَّد نفسَهُ
- كلا و لا قَارُونُ في الأحياءِ
لم يَبقَ إلا وَجهُ مَن سَمَكَ العُلا
- و لَهُ تذلُّ بيارقُ العُظَماءِ
يا غافلاً ، لا تَأمَنَن دُنيا بَنَت
- في كُلِّ ضاحيةٍ صُروحَ شقاءِ
شَغَلَت مُحبِّيها ، فَذاكَ لثروةٍ
- يَسعى ، و ذاكَ لشُهرةٍ وعلاءِ
و على مَسَارِحِها لَهَى ذو شهوةٍ
- ما بين كأسٍ أُترِعَت و نساءِ
و العاقلُ الفَطِنُ الذي لم تُثنِهِ
- عَن هِمَّةِ الأحرارِ و النُّبَلاءِ
إن راودتهُ بحُسنِهَا عن نفسهِ
- لم يُفتَتَن بجمالِها الوضَّاءِ
جَعَلَ العفافَ إذا ابتلتهُ رِداءَهُ
- أنعم بِهِ من حُلَّةٍ و رداءِِ
حدَّقتُ في الدُّنيا فَلَم أَلمَح بها
- ما يُسْكِنُ الأفراحَ عينَ الرائي
و بذلتُ من جَهدي لأُثبتَ أنني
- أَخطَأتُ في ظَنِّي و في آرائي
فَوَجَدتُُ مِن أُختِ الزوالِ إجابةً
- تُدمي القلوبَ ، تطيحُ بالحكماءِ
الأصدقاءُ كأنَّما أَودَت بِهِم
- رِيحُ الغُرورِ ، و قبضةُ الخُيَلاءِ
كُلٌّ يُحدِّثُ نفسَهُ عن نفسِهِ
- أن ليسَ قُدَّامِي و ليسَ ورائي
يا للصديقِ ، سِهامُهُ إن صُوِّبَت
- سَكَنَت من الخٍلاّنِ في الأحشاءِ
ما أصعبَ الغدرَ المقيتَ على امرئٍ
- ظَنَّ الحياةَ الروضَ بالرُّفَقاءِ
فيجيئهُ موتٌ يُقَوِّضُ حُلمَهُ
- مِن خلفِهِ بخناجرِ الأهواءِ
يا صاحبيَّ ترفَّقا بي ، إنِّني
- مِمَّا بُليِتُ بِهِ لفي ضَرَّاءِ
ذهبَ الوفا ، حتى كأنَّ وجودَهُ
- ضَربٌ من الأوهامِ كالعنقاءِِ
ما هذه الدنيا ؟ أدارُ تناحرٍ
- يُسعى لخِطبةِ وُدِّها بِدِماءِ ؟
أم أنها سُوقٌ لبيعِ مبادئٍٍ فيها
- ببخسٍ للورى و شِراءِ ؟
آمنتُ باللهِ الذي دانت لَهُ
- كُلُّ الدُّنا ، و بَسَطتُ كفَّ رجائي
لو لم يَكُن قلبي يُشِعُّ بنورِهِ
- لَكَرِهتُ في هذي الحياةِ بقائي.
قصيدة ذهب الوفاء فما أحس وفاء
يقول إبراهيم عبد القادر المازني:
ذهب الوفاء فما أحس وفاء
- وأرى الحفاظ تكلفاً ورياء
الذئب لي أني وثقت وأنني
- أصفى الوداد وأتب ع الفلواء
أحبابي الأدنين مهلاً واعلموا
- أن الوشاة تفرق القرباء
إلّا يكن عطفٌ فردوا ودنا
- ردّاً يكون على المصاب عزاء
إلّا يكن عطفٌ فرب مقالة
- تسلى المشوق وتكشف الغماء
إلّا يكن عطف فلا تحقر جوىً
- بين الضلوع يمزق الأحشاء
هب لي وحسبي منك أنت تك فرقةٌ
- لفظاص يخفف في النوى البرحاء
فإذا ذكرت ليالياً سلفت لنا
- حن الفؤاد ونفس الصعداء
دعني أقول إذا النوى عصفت بنا
- وأجد لي ذكر الهوى أهواء
ما كان أسلس عهده وأرقه
- ولى وألهج بالثنا الشعراء
لا تبخلوا بالبشر وهو سجيةٌ
- فيكم كما حبس السحاب الماء
لا يحسن التعبيس أبلج واضحٌ
- ضحك الجمال بوجهه وأضاء
قد كنت آمل منك أن سيكون لي
- قلبٌ يشاطرني الوفاء سواء
فإذا بكم كالشمس يأبى نورها
- أبد الزمان تلبثا وبقاء.
قصيدة أتَزْعُمُ أنّكَ خِدْنُ الوَفَاءِ
يقول أبو فراس الحمداني:
أتَزْعُمُ أنّكَ خِدْنُ الوَفَاءِ
- وَقد حجبَ التُّرْبُ من قد حَجَبْ
فإنْ كنتَ تصدقُ فيما تقولُ
- فمتُ قبلَ موتكَ معْ منْ تحبْ
وَإلاّ فَقَدْ صَدَقَ القَائِلُونَ:
- ما بينَ حيٍّ وميتٍ نسبْ
عقيلتيَ استُلبتْ منْ يدي
- و لمـَّا أبعها ولمَّـا أهبْ
وَكُنْتُ أقِيكِ، إلى أنْ رَمَتْكِ
- يَدُ الدّهرِ مِن حَيثُ لم أحتَسِبْ
فَمَا نَفَعَتْني تُقَاتي عَلَيْكِ
- وَلا صرَفتْ عَنكِ صرْفَ النُّوَبْ
فلا سلمتْ مقلة ٌ لمْ تسحَّ
- وَلا بَقِيَتْ لِمّة ٌ لَمْ تَشِبْ
يعزُّونَ عنكِ وأينَ العزاءُ !؟
- و لكنها سنة ٌ تُستحبْ
وَلَوْ رُدّ بِالرّزْءِ مَا تَستَحِقّ
- لَمَا كَانَ لي في حَيَاة ٍ أرَبْ.