أشعار خليل مطران
قصيدة تجري على آمالك الأقدار
تجري على آمالك الأقدار
- فكأنهن مناك والأوطار
ومن اصطفته عناية من ربه
- تأتي الأمور له كما يختار
يا ابن الأعزين الأكارم محتدا
- لك من طريفك للنجار نجار
شيم مطهرة وعلم راسخ
- ونهى وجاه واسع وفخار
ومكارم تحيي المكارم في الملا
- كالبحر منه الصيب المدرار
يستنبت البلد الموات فيجتلي
- حسن يروق وتجتني أثمار
وبناء مجد مثلته للورى
- هذي القباب الشم والأسوار
ومآثر سطعت كبعض شعاعها
- هذي الشموس وهذه الأقمار
وخلائق جملت ولا كجمالا
- هذي الرياض وهذه الأزهار
لله يوم زفافك الأسنى فقد
- حسدت عليه عصرك الأعصار
أشهدت فيه مصر آية بهجة
- أبدا يردد ذكرها السمار
من عهد إسماعيل لم تر مثلها
- مصر ولم تسمع بها الأمصار
جمعت بها التح الجياد قديمها
- وحديثها والعهد والتذكار
وتنافس الشرفان حيث تجاورت
- فيها عيون العصر والآثار
واستكملت فيها الطرائف كلها
- فكأنها الدنيا حوتها دار
يهنيك يا عمر ابن سلطان الندى
- ليل غدا بالصفو وهو نهار
زفت به لك من سماء عفافها
- شمس تنكس دونها الأبصار
من بيت مجد فارقته فضمها
- بيت كفيلة مجده الأدهار.
قصيدة صفاء يا كريمة آل خوري
صفاء يا كريمة آل خوري
- وسعدا في العشية والبكور
كأنك يا عروس الشعر خلقا
- وخلقا من مزاج ندى ونور
أبى لك كل حسن أن تقاسي
- مشابهة إلى عين وحور
ولا أبيك ما عدلتك بكر
- بعدل الرأي والقلب الطهور
محيا كالصباح له نقاء
- يكاد يشف عن أقصى الضمير
وألفاظ تنم عن السجايا
- كما نم النسيم عن العبير
وقد يخجل الغصن اعتدالا
- وازهارا ولطفا في الخطور
إخالك قد خلقت بغير عيب
- لأنك قد حييت بلا نكير
أحاول في يسير القول وصفا
- لما أوتيت من فضل كثير
وفي إملي حلى ملك كريم
- فما وسع النظيم أو النثير
لأنت جديرة بأحب روح
- كريم طبعه سامي الشعور
بيوحنا وإن هو غير شهم
- بأفضل كل آنسة جدير
فتى بالنبعتين عريق فخر
- ولكن ليس بالصلف الفخور
بعيد الشأو فيما يبتغيه
- لرفعته مجد في المسير
وما ترضى عزائمه المواضي
- له شأنا سوى الشأن الخطير
رقيق الطبع مقتبل صباه
- وفيه شمائل الرجل الكبير
فحيا الله في الأعراس عرسا
- جلا شمسا إلى بدر منير
ويا قمري مرابعنا هنيئا
- قرانكما فدوما في سرور
وطيبا وارفلا أمنا ويمنا
- مدى الأيام في حبر الحبور
يزيد جمال سعدكما جلالا
- بنسل صالح بر كثير.
قصيدة أتاجرة النفائس والغوالي
أتاجرة النفائس والغوالي
- من الطرف المصوغة والحرير
لأنت عجيبة بين الغواني
- كعصرك بين خالية العصور
وهل عجب كحانوت غدونا
- نراه مطلع القمر المنير
علام بحسنك الأسواق تحلى
- وتعطل منك باذخة القصور
وبيتك بيت أقيال كرام
- سوى جاه عفا وسوى السرير
وفيك جمال غانية حصان
- يقل لمثلها أغلى المهور
يقولون التجارة خلق سوء
- بدعوى الشح والطمع النكير
وإن لها خلالا قد تنافي
- صفات الغيد من خير وخير
وكم أثر اشتباه أعلقته
- بأذيال العفاف من الفجور
فما استرعى سماءك عن تعال
- صدى تلك الوساوس في الصدور
وما يعني بريئا من حديث
- يردد عن عذول أو عذير
فكنت بما اتجرت وسيط بر
- يدر من الغني على الفقير
وكم حجج من الصدقات بلج
- نفيت بها اعتراضا من غيور
وكم حققت أن السوق حرز
- حريز للحرائر كالخدور
ألا يا بنت عصر ما لحي
- به خطر بلا عمل خطير
حطمت القيد فيه ولم تراعي
- سوى قيد الفضيلة في المسير
ورمت من الحياة مرام غز
- يشق على العصامي القدير
فلم تستكبري عن أن تكوني
- على حكم الصغيرة والصغير
ولم تستصغري الحانوت قدرا
- عن الإيوان والملك الكبير
نعم وأبيك ما للطهر حصن
- سوى خفر الشمائل والضمير
وأي رام بين الناس مجدا
- فليس يعيبه غير القصور.
قصيدة لك يا وليد تحية الأحرار
لك يا وليد تحية الأحرار
- كتحية الجنات والأطيار
أقبلت وجهك بالطهارة أبلج
- والوقت طلق والربيع مدبج
آيات حسن لم يكن مظاهرا
- للسعد فيك ولا ضربن بشائرا
لو كان بيت إمارة لك منبتا
- لألت الدنيا ولادك من فتى
ولقال راج أن يثاب بما افترى
- تلك العلائم في السماء وفي الثرى
لكن ولدت كما أتيح وما درى
- أحد الأنام لأي أمر قدرا
سر ولك ابن لأنثى بولد
- سر لهذا الناس يكشفه الغد
عن سائم بين الرعية ضائع
- أو كوب ماحي الكواكب ساطع
ما حكمة الرحمن فيك أتنجلي
- عن آخر في القوم أم عن أول
فلئن سموت إلى مقام إمارة
- يوما فعيسى كان طفل مغارة
وأحق ما حق العلاء لنائل
- ما نلته من همة وفضائل
ما لي وما لأبيك أطرئة فما
- هي شيمتي وأبوك لا يعنيه ما
وهو السعيد بأن أمك أهله
- ألمزدهي عجبا بأنك نجله
فسرور كل مهنإ بك لم يكن
- إلا بذاتك إن تعز وإن تهن
يرجون أن تحيا وإن لم تنبغ
- لا يبتغون لك الذي قد تبتغي
أمنية الآباء لا يعدونها
- وهي التي للطفل يشهدونها
وسوى الحياة من المنى يدعونه
- لله يقضي في الوليد شؤونه
فهو الذي يعلي العلي القادرا
- وهو الذي يضع الوضيع الصاغرا
إن شاء جاء الطفل في ميقاته
- فشأى بني أوطانه ولداته
أو شاء خالف وقته فذكاؤه
- كلظى الحريق شبوبه وضياؤه
ولقد شفى منا قدومك حسرة
- وأقر أعين والديك مسرة
حيث الرياض تظاهرت بهجاتها
- فتفتقت مسرورة مهجاتها
فجميعكم متهلل في كمه
- متناول ألبانه من أمه
ألأم تغذو طفلها من ضرعها
- والأرض تغذو أمه من زرعها
فعلام من دون الأزاهر أتهما
- أبواك يا هذا الصبي وإن هما
أي القسوس أتى النبات فزوجا
- بعضا ببعض منه كيما ينتجا
هل ساجع الأيكات حين يغرد
- في ذلك الريش الملون سيد
وهل الرياح يعيبها أن تحملا
- نسم الهوى الدوري من ذكر إلى
ومن الذي يرمي السوابح بالخنا
- ويرى مناسلة السباع من الزنا
هن استبحن إناثهن بلا نهى
- والمرء فرق باختيار بينها
سن العفاف كما ارتآه فضيلة
- ودعا الخلاف نقيصة ورذيلة
ناط الزواج بصيغة تتعدد
- أشكالها عدد الطوائف يقصد
فإذا اصطفى ما شاء من أعراضها
- وجرى على المرعي من أغراضها
قالوا أتى نكرا ونكر قولهم
- لولا تبجحهم ولولا طولها
دفع ادعاءهم وأبطل زعمهم
- زمن طوى تحت الغباوة ظلمهم
يا طفل قلب طرفك المترددا
- أو ما ترى شبحا عبوسا أسودا
هذا أساء إليك قبل المولد
- وجنى عليك جناية المتعمد
زعم الإله يريد مثلك مذنبا
- من يومه ومعاقبا ومعذبا
تالله إن تنظره نظرة مغضب
- تزهقه إرهاق الشهاب لغيهب
لكن أراك تبش بشة سامح
- وأراك ترمقه بعين الصافح
رسل المسيح الشاربين دماءه
- الآكلين بلا تقى أحشاءه
أفذبحكم ذاك الذبيح لفدية
- أم تلك مأساة تعاد لكدية
ما أجمل الصلاح منكم خلة
- ما أبشع الظلام منكم فعلة.