أشعار أحمد شوقي

أمينة يا بنتي الغاليه

أَمينَةُ يا بِنتِيَ الغالِيَه

أُهَنّيكِ بِالسَنَةِ الثانِيَه

وَأَسأَلُ أَن تَسلَمي لي السِنينَ

وَأَن تُرزَقي العَقلَ وَالعافِيَه

وَأَن تُقسَمي لِأَبَرِّ الرِجالِ

وَأَن تَلِدي الأَنفُسَ العالِيَه

وَلَكِن سَأَلتُكِ بِالوالِدَينِ

وَناشَدتُكِ اللُعَبَ الغالِيَه

أَتَدرينَ ما مَرَّ مِن حادِثٍ

وَما كانَ في السَنَةِ الماضِيَه

وَكَم بُلتِ في حُلَلٍ مِن حَريرٍ

وَكَم قَد كَسَرتِ مِنَ الآنِيَه

وَكَم سَهَرَت في رِضاكِ الجُفونُ

وَأَنتِ عَلى غَضَبٍ غافِيَه

وَكَم قَد خَلَت مِن أَبيكِ الجُيوبُ

وَلَيسَت جُيوبُكِ بِالخالِيَه

وَكَم قَد شَكا المُرَّ مِن عَيشِهِ

وَأَنتِ وَحَلواكِ في ناحِيَه

وَكَم قَد مَرِضتِ فَأَسقَمتِهِ

وَقُمتِ فَكُنتِ لَهُ شافِيَه

وَيَضحَكُ إِن جِئتِهِ تَضحَكينَ

وَيَبكي إِذا جِئتِهِ باكِيَه

وَمِن عَجَبٍ مَرَّتِ الحادِثاتُ

وَأَنتِ لِأَحدَثِها ناسِيَه

فَلَو حَسَدَت مُهجَةٌ وُلدَها

حَسَدتُكِ مِن طِفلَةٍ لاهِيَه

لقد وافتني البشرى

لَقَد وافَتنِيَ البُشرى

وَأُنبِئتُ بِما سَرّا

وَقالوا عَنكَ لي أَمسِ

رَبِحتَ النِمرَةَ الكُبرى

فَيا مُطرانُ ما أَولى

وَيا مُطرانُ ما أَحرى

لَقَد أَقبَلَتِ الدُنيا

فَلا تَجزَع عَلى الأُخرى

أَخَذتَ الصِفرَ بِاليُمنى

وَكانَ الصِفرُ بِاليُسرى

وَكانَت فِضَّةً بيضاً

فَصارَت ذَهَباً صُفرا

وَقالَ البَعضُ أَلفَينِ

وَقالوا فَوقَ ذا قَدرا

سألت حبيبي في قبلة

سألت حبيبيَ في قبلة

فما نعنيها بحكم الخجل

فلازمت صبرىَ حتى غفا

وملت على خدّه بالقبل

فنضّى عن الجفن ثوب الكرى

وعما جرى بيننا لا تسل

وقال جرحت بوقع الشفاه

خدودي وذنبك لا يحتمل

فقلت أنت جرحت الحشا

وأدميته بسهام المُقَل

وفي الشرع أن الجروح قصاص

جُرح بجرح حكم عدل

فأبدى الحبيب ابتسام الرضا

ومال كغصن النقا واعتدل

وقال وحق سواد العيو

ن التي علمتك رقيق الغزل

لتستهدفنَّ لنبل اللحاظ

إذا عدت يوما لهذا العمل

أمينتي في عامها

أَمينَتي في عامِها

الأَوَّلِ مِثلُ المَلَكِ

صالِحَةٌ لِلحُبِّ مِن

كُلٍّ وَلِلتَبَرُّكِ

كَم خَفَقَ القَلبُ لَها

عِندَ البُكا وَالضَحِكِ

وَكَم رَعَتها العَينُ في

السُكونِ وَالتَحَرُّكِ

فَإِن مَشَت فَخاطِري

يَسبِقُها كَالمُمسِكِ

أَلحَظُها كَأَنَّها

مِن بَصَري في شَرَكِ

فَيا جَبينَ السَعدِ لي

وَيا عُيونَ الفَلَكِ

وَيا بَياضَ العَيشِ في ال

أَيّامِ ذاتِ الحَلَكِ

إِنَّ اللَيالي وَهيَ لا

تَنفَكُّ حَربَ أَهلِكِ

لَو أَنصَفَتكِ طِفلَةً

لَكُنتِ بِنتَ المَلِكِ

ولد الهدى فالكائنات ضياء

وُلدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ

وَفَمُ الزَمانِ تَـبَـسُّمٌ وَثَناءُ

الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ

لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ

وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي

وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا

بِالتُرجُمـ انِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ

وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ

وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ

نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ

فـي اللَوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ

اِسمُ الجَلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ

أَلِفٌ هُنالِكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ

يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً

مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا

بَيتُ النَبِيّينَ الَّذي لا يَلتَقي

إِلّا الحَنائِفُ فيهِ وَالحُنَفاءُ

خَيرُ الأُبُوَّةِ حازَهُم لَكَ آدَمٌ

دونَ الأَنامِ وَأَحرَزَت حَوّاءُ

هُم أَدرَكوا عِزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت

فيها إِلَيكَ العِزَّةُ القَعساءُ

خُلِقَت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها

إِنَّ العَظائِمَ كُفؤُها العُظَماءُ

بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت

وَتَضَوَّعَت مِسكاً بِكَ الغَبراءُ

وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذي قَسَماتُهُ

حَقٌّ وَغُرَّتُهُ هُدىً وَحَياءُ

وَعَلَيهِ مِن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ

وَمِنَ الخَليلِ وَهَديِهِ سيماءُ

أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ

وَتَهَلَّلَـ ت وَاِهتَزَّتِ العَذراءُ

يَومٌ يَتيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ

وَمَساؤُهُ بِمُحَمَّدٍ وَضّاءُ

الحَقُّ عالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ

في المُلكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ

ذُعِرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت

وَعَلَت عَلى تيجانِهِم أَصداءُ

وَالنارُ خاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم

خَمَدَت ذَوائِبُها وَغاضَ الماءُ

وَالآيُ تَترى وَالخَوارِقُ جَمَّةٌ

جِبريلُ رَوّاحٌ بِها غَدّاءُ

نِعمَ اليَتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ

وَاليُتمُ رِزقٌ بَعضُهُ وَذَكاءُ

في المَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ

وَبِقَصدِهِ تُستَدفَعُ البَأساءُ

بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم

يَعرِفهُ أَهلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ