أشعار العشق والحب
أحبك حبا جاوز الحب بعضه
- يقول المكزون السنجاري:
أُحِبُّكَ حُبّاً جاوَزَ الحُبَّ بَعضُهُ
- وَفي طولِ عُمري لَيسَ يُمكِنُ عَرضَهُ
وَنافِلَةً لي مِنكَ أَمسى تَهَجُّدي
- بِذِكرِكَ يا مَن سُنَّةُ الحُبِّ فَرضُهُ
وَخالِدُ وَجدي في هَواكَ يَزيدُهُ
- مِنَ الجاهِلُ اللاحي عَلى العِشقِ بُغضُهُ
وَحُقَّ لِمِثلي أَن يَهيمَ بِمِثلِ مَن
- سَما كُلِّ حُسنٍ في البَرِيَّةِ أَرضُهُ
نسخت بحبي آية العشق من قبل
- يقول ابن الفارض:
نسخْتُ بِحَبّي آية العِشْقِ من قبلي
- فأهْلُ الهوى جُندي وحكمي على الكُلّ
وكلُّ فَتىً يهوى فإنّي إمَامُهُ
- وإني بَريءٌ من فَتىً سامعِ العَذْلِ
ولي في الهوى عِلْمٌ تَجِلّ صفاتُهُ
- ومن لم يُفَقّهه الهوى فهْو في جهل
ومن لم يكنْ في عِزّةِ الحبِّ تائهاً
- بِحُبّ الذي يَهوى فَبَشّرْهُ بالذّل
إذا جادَ أقوامٌ بمالٍ رأيْتَهُمْ
- يَجودونَ بالأرواحِ مِنْهُمْ بِلا بُخل
وإن أودِعوا سِراً رأيتَ صُدورهم
- قُبوراً لأسرارٍ تُنَزّهُ عن نَقلِ
وإن هُدّدوا بالهَجْرِ ماتوا مَخافَةً
- وإن أوعِدوا بالقَتْلِ حنّوا إلى القتل
لَعَمري هُمُ العُشّاقُ عندي حقيقةً
- على الجِدّ والباقون منهم على الهَزْل
في الحب روعات وتعذيب
- يقول ابو نواس:
في الحُبِّ رَوعاتٌ وَتَعذيبُ
- وَفيهِ يا قَومُ الأَعاجيبُ
مَن لَم يَذُق حُبّاً فَإِنّي امرُؤ
- عِندي مِنَ الحُبِّ تَجاريبُ
عَلامَةُ العاشِقِ في وَجهِهِ
- هَذا أَسيرُ الحُبِّ مَكتوبُ
وَلِلهَوى فِيَّ صَيودٌ عَلى
- مَدرَجَةِ العُشّاقِ مَنصوبُ
حَتّى إِذا مَرَّ مُحِبٌّ بِهِ
- وَالحَينُ لِلإِنسانِ مَجلوبُ
قالَ لَهُ وَالعَينُ طَمّاحَةٌ
- يَلهو بِهِ وَالصَبرُ مَغلوبُ
لَيسَ لَهُ عَيبٌ سِوى طيبِهِ
- وَبِأَبي مَن عَيبُهُ الطيبُ
يَسُبُّ عِرضي وَأَقي عِرضَهُ
- كَذالِكَ المَحبوبُ مَسبوبُ
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
- يقول المتنبي:
لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
- وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي
وَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ
- وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ
وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى
- مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ
- وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقي
وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا
- شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ
وَأَشنَبَ مَعسولِ الثَنِيّاتِ واضِحٍ
- سَتَرتُ فَمي عَنهُ فَقَبَّلَ مَفرِقي
وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني
- فَلَم أَتَبَيَّن عاطِلاً مِن مُطَوَّقِ
وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا
- عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي
سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها
- وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ
إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ
- تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ
وَلَم أَرَ كَالأَلحاظِ يَومَ رَحيلِهِم
- بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كُلِّ مُشفِقِ
أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها
- مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ
عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا
- وَعَن لَذَّةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ
نُوَدِّعُهُم وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ
- قَنا اِبنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ
قَواضٍ مَواضٍ نَسجُ داوُودَ عِندَها
- إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسجِ الخَدَرنَقِ
هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها
- تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي
تَقُدُّ عَلَيهِم كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ
- وَتَفري إِلَيهِم كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ
يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ
- وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ
وَيُرجِعُها حُمراً كَأَنَّ صَحيحَها
- يُبَكّي دَماً مِن رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ
الحب ريحان المحب وراحه
- يقول ابن الرومي:
الحُبُّ ريحانُ المُحبِّ وراحه
- وإليه إنٍ شحطتْ نَواهُ طِمَاحُهُ
يغدو المحب لشأنه وفؤادُهُ
- نحوَ الحبيب غُدُوُّهُ ورواحهُ
عندي حديثُ أخي الصبابة عن حَشَا
- لي لا تزال كثيرةً أتراحُهُ
وبحيث أرْيُ النحل حَدُّ حُماتها
- وبحيث لذاتُ الهوى أبراحُهُ
أصبحتُ مملوكاً لأحسن مالك
- لو كان كمَّل حُسْنَهُ إسجاحُهُ
لم يَعْنه أرَقِي وفيه لقيتَهُ
- حتى أضرَّ بمقلتي إلحاحُهُ
كلا ولا دمعي وفيه سفحته
- حتَّى أضرَّ بوجنتي تَسْفَاحُهُ
لا مَسَّه بعقوبة من رَبِّه
- إقْلاقُهُ قلبي ولا إقراحُه
لولا يُدَالُ من الحبيب مُحبُّهُ
- فتُدال من أحزانِهِ أفراحُه
يا ليت شعري هل يبيتُ مُعانِقِي
- ويدايَ من دون الوشاح وشاحهُ
ويُشمُّني تُفَّاحهُ أو وَرْدَهُ
- ذاك الجَنِيُّ ووردُه تفاحهُ
ظَبْيٌ أُصِحَّ وأُمرضتْ ألحاظُه
- والحسن حيث مِراضه وصحاحُه
يغدو فتكثر باللحاظ جراحُنا
- في وجنتيه وفي القلوب جراحُه
مَنْ قائلٌ عني لمن أحبَبْتُهُ
- هل يُنقَعُ اللَّوح الذي ألتاحُه
هل أنت مُنْصِفُ عاشقٍ مُتَظَلِّم
- طولُ النَّحيب شَكَاتُه وصِياحُه
قَسَماً لقد خيَّمْتُ منك بِمنزلٍ
- لي حَزْنُهُ ولمن سِوايَ بطاحُهُ
هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوى سهل
يقول ابن الفارض:
هو الحُبّ فاسلم بالحشا ما الهَوى سهلَ
- فما اختارَهُ مُضْنى به وله عقْلُ
وعِشْ خالياً فالحُبّ راحتُهُ عَناً
- وأَوّلُهُ سُقْمٌ وآخرُهُ قَتْلُ
ولكنْ لديّ الموتُ فيه صَبابةً
- حياةٌ لمَن أهوى عليّ بها الفضل
نصحْتُك عِلماً بالهَوَى والذي أرى
- مخالَفَتي فاختر لنفسكَ ما يحلو
فإن شئتَ أن تحيا سعيداً فمُتْ بِهِ
- شهيداً وإلاّ فالغرامُ لهُ أهْل
فمن لم يمُتْ في حُبّه لم يَعِشْ به
- ودون اجتناءِ النّحل ما جنتِ النّحل
تَمَسّكْ بأذْيالِ الهَوَى واخْلَعِ الحيا
- وخَلّ سَبيلَ الناسكينَ وإن جَلّوا
وقُلْ لقتيلِ الحبّ وَفّيتَ حقّه
- وللمدعي هيهاتِ ما الكَحَلُ الكَحْل
تعرّضَ قومٌ للغرامِ وأعْرَضوا
- بجانبهم عن صحّتي فيه فا عتلوا
رَضُوا بالأماني وابتُلوا بحظُوظهم
- وخاضوا بحار الحبّ دعوى فما ابتلّو
فهُمْ في السُّرى لم يَبْرَحوا من مكانهم
- وما ظَعَنوا في السّير عنه وقد كَلّوا
كتبت لقاضي العشق سطرا من الهوى
- يقول أبوالفيض الكتاني:
كتبت لقاضي العشق سطرا من الهوى
- مضمنه سر لديه خفا خفا
إذا ظفرت يمناك بالدهر
- زمانك بالإسراف واستتعب الطرفا
تضرم جسمي بالغرام وإنه
- مسبوق لظلم الحب فيه جفا جفا
تمنيت من دهري وصار غزالة
- بروض رياض القدس فيه شفا شفا
فلي من جيوش الصبر جيشا مؤيدا
- وعند فؤاد الحب فيه جفا جفا
فوا كبدي لولا الهوى ما درى الهوى
- فؤادي ولولا البين قيل وفا وفا
تقدمت للمحراب كي ما أرى
- جمال جمال الوجه قيل قفا قفا
فصرت وسري معرب بهيامه
- وعند تلاشي الصبا قيل صفا صفا