أشعار حب عربية فصحى

قصيدة عن حب قديم

  • يقول صالح بن سعيد الزهراني:

تسعونَ قرناً في هواك غريقُ

من بعد هذا العُمر كيف أفيقُ

يا أيها الوجهُ الذي أحببتُهُ

من أين يبتدىءُ الحديث مَشوقُ

تسعون قرناً ، كان حبُّك رايتي

ولمثل عينيك العذاب يروقُ

تسعون عاماً ، والقصائدُ شُرَّعٌ

والليل نزفٌ ، والفؤاد حريقُ

ما قلت : يا أمي الحبيبة ، خانني

قلبي ، فقلبُ المستهام صدوقُ

ما قلت .. أعلم أن حُبَّك واجبٌ

وعليَّ في هذا الجهاد حقوقُ

كانت تضيقُ بي البسيطةُ كلّها

ونفوسُ مَنْ حفِظَ الوداد تضيقُ

ويظل هذا الوجه غايةَ رحلتي

والحرفُ حُرٌّ ، والنّشيدُ سبوقُ

والشّعر منكوس البيارقِ ، لم يزلْ

والبيت فيه عناكبٌ وشُقوقُ

يتسابقون إلى القصيد جحافلاً

تترى ، وكُلٌّ خَانَهُ التّوفيق

وأَتيتِ فوق مطالعي شَمْسَ الضُّحى

وعليَّ من حُلَلِ الضّياء بُروقُ

وقصيدتي من طُهْرِ وَجْهِك تَزْدَهي

في كُلّ حرفٍ نضرةُ .. ورحيقُ

وأتيتِ يا وجْهَ الحياةِ ، على فمي

شجرُ له في الخافقين عروقُ

وأتيتُ ما ضيّعت عهد أميرتي

فالعهدُ في لغةِ القلوبِ وثيقُ

يا عُنفوانَ الشِّعرِ حين أهزُّهُ

والخطبُ هوْلُ ، والمدارُ نعيقُ

تتخشَّبُ الكلماتُ ، يصبح عَذْبُها

شَجناً ، فيا لِلْمُرِّ حين أذوقُ

أمي الحبيبة ، يزدهون ببِّرهم

والبرّ في هذا الزمان عقوقُ

أسرجتُ ظهر الشّعر قلتُ لك اركبي

وركبت والمُهْر الحرون عتيقُ

تسعون قرناً ، ما تراخى عزمُهُ

فكأنَّه من حُرقتي مخلوقُ

واليوم يا نهرَ الجلال وسيفُنا

خشبٌ وفارسُنا العظيم مَعوقُ

ما غيَّر الفكرُ الجديد مواقفي

فالبعدُ بين الموقفين سحيقُ

أَنَّى أبيعك للظَّلام ، وِلِلْخَنَا

ضِدان ليلٌ أليلٌ وشروقُ

يتكالبون على جِراحِكِ ، ما دَرَوْا

أنَّ الكريمةَ دونها العيُّوقُ

ما ضرَّني لجبُ العُداةِ وحشدهم

وَرَقُ العُداةِ بأرضنا محروقُ

ما ضرَّني إلا بَنُوْكِ تطاحنوا

ماذا إذا طَحَنَ الشّقيقَ شقيقُ ؟ !

في كلِّ قارعةٍ يُجالِدُ مَجْدَنا

سقتني حميَّا الحبِّ راحة َ مقلتي

  • يقول ابن الفارض:

سقتني حميَّا الحبِّ راحةَ مقلتي

وكأسي محيَّا منْ عنِ الحسن جلَّتِ

فأوهمْتُ صَحبي أنّ شُرْبَ شَرَابهِم،

بهِ سرَّ سرِّي في انتشائي بنظرة ِ

وبالحدقِ استغنيتُ عنْ قدحي ومنْ

شمائلها لا منْ شموليَ نشوتي

ففي حانِ سكري، حانَ شُكري لفتية ٍ،

بهمْ تمَّ لي كتمُ الهوى مع شهرتي

ولمَّا انقضى صحوي تقاضيتُ وصلها

ولمْ يغْشَني، في بسْطِها، قبضُ خَشيتي

وأبْثَثْتُها ما بي، ولم يكُ حاضِري

رقيبٌ لها حاظٍ بخلوة ِ جلوتي

وقُلْتُ، وحالي بالصّبابَة ِ شاهدٌ،

ووجدي بها ماحيَّ والفقدُ مثبتي

هَبي، قبلَ يُفني الحُبُّ مِنّي بقِيّة ً

أراكَ بها، لي نظرَة َ المتَلَفّتِ

ومِنّي على سَمعي بلَنْ، إن منَعتِ أن

أراكِ فمنْ قبلي لغيريَ لذَّتِ

فعندي لسكري فاقة ُ لإفاقة ٍ

لها كبدي لولا الهوى لمْ تفتّتِ

أبت ذكرة من حب ليلى تعودني

  • يقول كعب بن زهير:

أَبَتْ ذِكْرةٌ من حُبِّ لَيْلَى تَعُودُنِي

يادَ أخي الحُمّى إذا قلتَ أقصرا

كأنَّ بغبطانِ الشريف وعاقلٍ ذُرَا

النَّخْل تَسْمُو والسَّفِينَ المُقَيَّرَا

ألم تعلمي أنّي إذا وصلُ خُلة ٍ

كذاكِ تولَّى كنتُ بالصبر أجْدرَا

ومُسْتأْسِدٍ يَنْدَى كأنّ ذُبابَه

أخو الخمرِ هاجت شوقَه فتذكَّرا

هبطتُ بملبونً كأنّ جلالهُ

نَضَتْ عن أَدِيمٍ ليلة َ الطَّلِّ أَحْمرَا

امينِ الشَّظى عبلٍ إذا القومُ آنسوا

مدى العينِ شخصاً كان بالشخصِ أبصرا

وخالي الجبا أوردته القومَ فاستقوا

بسُفْرتِهم من آجِنِ الماءِ أصْفَرا

وخرقٍ يعجُّ العودُ أن يستبينه إذا

أورد المجهولة َ القومُ أصدرا

تَرَى بِحفافَيْهِ الرَّذَايَا ومَتْنِهِ

قِياماً يُفَتِّرْنَ الصَّرِيفَ المُفَتَّرا

تركتُ به من آخر الليلِ موضعي

لديه وملقايَ النقيشَ المُسمَّرا

ومثنى نواجٍ ضمّرٍ جدلية ٍ

كجفن اليمانيَ نيُّها قد تحسَّرا

ومَرْقَبة ٍ عَيْطاءَ بادَرْتُ مُقْصَراً

لأَسْتَأْنِسَ الأشْبَاحَ أو أتَنَوَّرَا

على عجلٍ مني غشاشاً وقد بدا

ذُرَا النَّخْلِ واحْمَرَّ النهارُ فأَدْبَرَا

في خيمة الحب

  • يقول عبد الرحمن العشماوي:

شعري وحبي فيكَ يلتقيانِ

وعلى المسير إليكَ يتَّفقانِ

فتحا ليَ الباب الكبيرَ وعندما

فَتحا رأيتُ خمائلَ البستانِ

ورأيتُ نَبعاً صافياً وحديقةً

محفوفةً بالشِّيحِ والرَّيحانِ

ورأيتُ فيها للخُزامى قصةً

تُروَى موثَّقةً إلى الحَوذانِ

ودخلتُ عالمَكَ الجميلَ فما رأت

عينايَ إلاَّ دَوحةَ القرآنِ

تمتدُّ فوق السالكين ظِلالُها

فيرون حُسنَ تشابُكِ الأغصانِ

ورأيتُ بستانَ الحديثِ ثمارُه

تُجنى لطالب علمِه المتفاني

ورأيتُ واحات القصيم فما رأت

عينايَ إلاّ منزلي ومكاني

لما دخلتُ رأيتُ وجهَ عُنيزةٍ

كالبدر ليلَ تمامِه يلقاني

ورأيتُ مسجدَها الكبيرَ وإِنما

أبصرتُ صرحاً ثابتَ الأركانِ

ورأيتُ محراباً تزيَّنَ بالتُّقى

وبصدق موعظةٍ وحُسنِ بيانِ

وسمعتُ تكبير المؤذِّن إنني

أُحبُّ صوتَ مؤذِّنٍ وأذانِ

الله أكبر تصغر الدنيا إذا

رُفعت وتكبرُ ساحةُ الإيمانِ

الله أكبر عندها يَهمي النَّدَى

ويطيب معنى الحبِّ في الوجدانِ

يا شيخُ قد ركضت إليكَ قصيدتي

بحروفها الخضراءِ والأوزانِ

في ركضها صُوَرٌ من الحبِّ الذي

يرقى بأنفسنا عن الأضغانِ

في خيمة الحبِّ التقينا مثلما

تلقى منابعَ ضَوئها العينانِ

يا شيخ هذا نَهرُ حبي لم يزل

يجري إليكَ معطَّرَ الجَرَيانِ

ينساب من نَبع المودَّةِ والرِّضا

ويزفُّ روحَ الخصب للكثبانِ

حبٌّ يميِّزه الشعور بأننا

نرقى برُتبَتِه إلى الإحسانِ

والحبُّ يسمو بالنفوس إذا غدا

نبراسَها في طاعة الرحمنِ

هذي فتاواكَ التي أرسلتَها

لتضيءَ ذهنَ السائلِ الحيرانِ

فيها اجتهدتَ وحَسبُ مثلكَ أن يُرى

منه اجتهادٌ واضح البرهانِ

فَلأَنتَ بين الأجر والأَجرين في

خيرٍ من المولى ورفعةِ شانِ

يحدوك إيمانٌ بأصدقِ ملَّةٍ

كَمُلَت بها إشراقةُ الأَديانِ

ولو كان يخفى الحب سوماً خفي لنا

  • يقول عمر ابن أبي ربيعة:

ولو كان يخفى الحبُّ سوماً، خفي لنا،

وَلَكِنَّهُ واللَّهِ، يا حِبُّ، ما يَخْفَى

ولكن عدمتُ الحبّ إن كان هكذا،

إذا ما أَحَبَّ المَرْءُ كَانَ لَهُ حَتْفَا

فما استجملتْ نفسي حديثاً لغيرها،

وإنْ كان لحناً، ما تحدثنا خلفا

وَلاَ ذُكِرَتْ يا صاحِ إلاَّ وَجَدْتُها

بودي، وإلا زاد حبي لها ضعفا

ولا أبصرتْ عينايَ في الناسِ عاشقاً،

صَبَا صَبْوَة ً إلاَّ صَبَوْتُ لَهَا أَلْفا

فما عدلتْ في الحكم يا صاحِ بيننا،

أَفي العَدْلِ مِنْهَا أَنْ نُحِبَّ وأَنْ نُجْفَى