أجمل القصائد الغزلية

برد نَسيم الحجاز في السَّحَرِ

من قصائد عنترة بن شدّاد الغزلية في العصر الجاهلي:[١]

بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ

إذا أتاني بريحهِ العطِرِ

ألذُ عندي مما حوتهُ يدي

من اللآلي والمال والبدَر

ومِلْكُ كِسْرَى لا أَشتَهيه إذا

ما غابَ وجهُ الحبيبِ عن النظر

سقى الخيامَ التي نُصبنَ على

شربَّة ِ الأُنسِ وابلُ المطر

منازلٌ تطلعُ البدورُ بها

مبرقعاتٍ بظلمة ِ الشَّعرِ

بيضٌ وسمرٌ تحمي مضاربها

أساد غابٍ بالبيضِ والسُّمر

صادتْ فُؤادي مِنهُنَّ جارية ٌ

مكْحولة ُ المقْلتين بالحور

تريك من ثغرها إذا ابتسمت

كاسَ مدامٍ قد حفّ بالدرّر

أعارت الظبي سحر مقلتها

وباتَ ليثُ الشَّرَى على حذَر

خودٌ رداحٌ هيفاءُ فاتنة ٌ

تُخجلُ بالحُسنِ بهجة َ القمر

يا عبلَ نارُ الغرام في كَبدي

ترمي فؤادي بأسهم الشرر

يا عبلَ لولا الخيالُ يطرقُني

قضيت ليلي بالنوح والسَّهر

يا عبلَ كَمْ فِتْنة ٍ بَليتُ بها

وخُضتُها بالمُهنَّدِ الذَّكر

والخيلُ سُودُ الوجوه كالحة ٌ

تخوض بحر الهلاكِ والخطر

أُدَافعُ الحادثاتِ فيكِ ولاَ

أطيق دفعَ القضاء والقدر

قصيدة مسحور

من قصائد جميل بن معمر الغزلية:[٢]

خلِيليّ، عوجا اليومَ حتى تُسَلّما

على عذبة ِ الأنياب، طيبة ِ النشرِ

فإنكما إن عُجتما ليَ ساعة ً،

شكرتكما ، حتى أغيّبَ في قبري

ألما بها، ثم اشفعا لي، وسلّما

عليها، سقاها اللهُ من سائغِ القطرِ

وبوحا بذكري عند بثنة َ ، وانظرا

أترتاحُ يوماً أم تهشُّ إلى ذكري

فإن لم تكنْ تقطعْ قُوى الودّ بيننا،

ولم تنسَ ما أسلفتُ في سالفِ الدهرِ

فسوف يُرى منها اشتياقٌ ولوعة ٌ

ببينٍ، وغربٌ من مدامعها يجري

وإن تكُ قد حالتْ عن العهدِ بَعدنا،

وأصغتْ إلى قولِ المؤنّبِ والمزري

فسوف يُرى منها صدودٌ، ولم تكن،

بنفسيَ، من أهل الخِيانة ِ والغَدر

أعوذ بكَ اللهمُ أن تشحطَ النوى

ببثنة َ في أدنى حياتي ولا حَشْري

وجاور، إذا متُّ ، بيني وبينها،

فيا حبّذا موتي إذا جاورت قبري!

عدِمتُكَ من حبٍّ، أما منك راحة ٌ،

وما بكَ عنّي من تَوانٍ ولا فَتْر؟

ألا أيّها الحبّ المُبَرِّحُ، هل ترى

أخا كلَفٍ يُغرى بحبٍّ كما أُغري؟

أجِدَّكَ لا تَبْلى ، وقد بليَ الهوى ،

ولا ينتهي حبّي بثينة َ للزّجرِ

هي البدرُ حسناً، والنساءُ كواكبٌ،

وشتّانَ ما بين الكواكب والبدر!

لقد فضّلتْ حسناً على الناس مثلما

على ألفِ شهرٍ فضّلتْ ليلة القدرِ

عليها سلامُ اللهِ من ذي صبابة ٍ،

وصبٍّ معنّى ً بالوساوس والفكرِ

وإنّكما، إن لم تَعُوجا، فإنّني

سأصْرِف وجدي، فأذنا اليومَ بالهَجر

أيَبكي حَمامُ الأيكِ من فَقد إلفه،

وأصبِرُ؟ ما لي عن بثينة َ من صبر!

وما ليَ لا أبكي، وفي الأيك نائحٌ،

وقد فارقتني شختهُ الكشح والخصرِ

يقولون: مسحورٌ يجنُّ بذكرها،

وأقسم ما بي من جنونٍ ولا سحرِ

وأقسمُ لا أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ

وما هبّ آلٌ في مُلمَّعة ٍ قفر

وما لاحَ نجمٌ في السماءِ معلّقٌ،

وما أورقَ الأغصانُ من فننِ السدرِ

لقد شغفتْ نفسي، بثينَ، بذكركم

كما شغفَ المخمورُ، يا بثنَ بالخمرِ

ذكرتُ مقامي ليلة َ البانِ قابضاً

على كفِّ حوراءِ المدامعِ كالبدرِ

فكِدتُ، ولم أمْلِكْ إليها صبَابَة ً،

أهيمُ، وفاضَ الدمعُ مني على نحري

فيا ليتَ شِعْري هلْ أبيتنّ ليلة ً

كليلتنا، حتى نرى ساطِعَ الفجر،

تجودُ علينا بالحديثِ، وتارة ً

تجودُ علينا بالرُّضابِ من الثغر

فيا ليتَ ربي قد قضى ذاكَ مرّة ً،

فيعلمَ ربي عند ذلك ما شكري

ولو سألتْ مني حياتي بذلتها،

وجُدْتُ بها، إنْ كان ذلك من أمري

مضى لي زمانٌ، لو أُخَيَّرُ بينه،

وبين حياتي خالداً آخرَ الدهرِ

لقلتُ: ذروني ساعة ً وبثينة ً

على غفلة ِ الواشينَ، ثم اقطعوا عمري

مُفَلَّجة ُ الأنيابِ، لو أنّ ريقَها

يداوى به الموتى ، لقاموا به من القبرِ

إذا ما نظمتُ الشعرَ في غيرِ ذكرها،

أبى ، وأبيها، أن يطاوعني شعري

فلا أُنعِمتْ بعدي، ولا عِشتُ بعدها،

ودامت لنا الدنيا إلى ملتقى الحشرِ

وذات دَلٍّ كأن البدر صورتها

من قصائد بشار بن برد الغزلية:[٣]

وذَات دَلٍّ كانَّ البدر صورتُها

باتت تغنِّي عميدَ القلب سكرانا

إِنَّ العيونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ

قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

فقُلْتُ أحسنْتِ يا سؤْلي ويا أَمَلِي

فأسمعيني جزاكِ الله إحسانا

يا حبذا جبلُ الرَّيَّان من جبل

وحبذا ساكن الريان مَنْ كانا

قالت فَهَلاَّ فدَتْكَ النفس أَحْسنَ مِن

هذا لمن كان صبّ القلبِ حيرانا

ياقومِ أذْنِي لِبْعضِ الحيِّ عاشقة ٌ

والأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْيانا

فقلتُ أحسنتِ أنتِ الشمسُ طالعة ٌ

أَضرمتِ في القلب والأَحشاءِ نِيرانا

فأسمعيني صوتاً مطرباً هزجاً

يزيد صبًّا محبّاً فيك أشجانا

يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُفَّاحاً مُفَلَّجَة ً

أوْ كُنْتُ من قُضُبِ الرَّيحان رَيْحَانا

حتّى إِذا وَجَدَتْ ريحي فأعْجَبَها

ونحنُ في خَلْوة ٍ مُثِّلْتُ إِنسانا

فحرَّكتْ عُودَها ثم انثنَتْ طَرَباً

تشدو به ثم لا تخفيه كتمانا

أصْبحْتُ أَطْوَعَ خلق اللَّه كلِّهِمِ

لأَكْثَرِ الخلق لي في الحُبّ عِصيانا

فَقُلت: أَطربْتِنا يا زيْنَ مجلسنا

فهاتِ إنك بالإحسان أولانا

لوْ كنتُ أعلَمُ أَن الحُبَّ يقتلني

أعددتُ لي قبلَ أن ألقاكِ أكفانا

فَغنَّت الشَّرْبَ صَوْتاً مُؤْنِقاً رَمَلاً

يُذْكِي السرور ويُبكي العَيْنَ أَلْوَانا

لا يقْتُلُ اللَّهُ من دامَتْ مَودَّتُه

واللَّهُ يقتل أهلَ الغدر أَحيانا

أضرمت نار الحب في قلبي

من قصائد أبي نواس الغزلية:[٤]

أضْرَمْتَ نارَ الحبّ في قلْبي

ثمّ تبرّأتَ من الذّنْبِ

حتى إذا لَجّجْتُ بحرَ الهوَى ،

و طمّتِ الأمواجُ في قلبي

أفشيتَ سرّي ، وتناسيتني ،

ما هكذا الإنصافُ يا حبي

هبْنيَ لا أسطيعُ دفْع الهوَى

عنّي ، أما تخشى من الرّبّ؟!

المراجع

  1. “بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ”، adab، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2019.
  2. جميل بن معمر ، كتاب ديوان جميل بثينة (ط دار صادر)، صفحة 57.
  3. “وذات دل كأن البدر صورتها”، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2019.
  4. “أضْرَمْتَ نارَ الحبّ في قلْبي”، adab، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2019.