أشعار عن الظلم والقهر
قصيدة لقد كان فينا الظلم فوضى فهذبت
يقول حافظ إبراهيم:
لَقَد كانَ فينا الظُلمُ فَوضى فَهُذِّبَت
- حَواشيهِ حَتّى باتَ ظُلماً مُنَظَّما
تَمُنُّ عَلَينا اليَومَ أَن أَخصَبَ الثَرى
- وَأَن أَصبَحَ المِصرِيُّ حُرّاً مُنَعَّما
أَعِد عَهدَ إِسماعيلَ جَلداً وَسُخرَةً
- فَإِنّي رَأَيتُ المَنَّ أَنكى وَآلَما
عَمِلتُم عَلى عِزِّ الجَمادِ وَذُلِّنا
- فَأَغلَيتُمُ طيناً وَأَرخَصتُمُ دَما
إِذا أَخصَبَت أَرضٌ وَأَجدَبَ أَهلُها
- فَلا أَطلَعَت نَبتاً وَلا جادَها السَما
نَهَشُّ إِلى الدينارِ حَتّى إِذا مَشى
- بِهِ رَبُّهُ لِلسوقِ أَلفاهُ دِرهَما
فَلا تَحسَبوا في وَفرَةِ المالِ لَم تُفِد
- مَتاعاً وَلَم تَعصِم مِنَ الفَقرِ مَغنَما
فَإِنَّ كَثيرَ المالِ وَالخَفضُ وارِفٌ
- قَليلٌ إِذا حَلَّ الغَلاءُ وَخَيَّما
قصيدة غابة الظلم
يقول عبدالرحمن العشماوي:
غابةُ الظُّلم سَرَتْ منها الضَّواري
- حين لا يقوى على الإدلاج ساري
غابةٌ ما أخرجتْ إلا وحوشاً
- تتشهّى مَضْغَ أكباد الصِّغار
خرجت من غابة الظُّلم نهاراً
- كمساءٍ، ومساءً كنهارِ
لبست ثوبين ثوباً من بريقٍ
- يخدع الناس، وثوباً من سُعار
كشفت أنيابُها عن خلجاتٍ
- تعشق الظلمَ وتهفو للدَّمار
تأكل الأخضرَ واليابسَ، ترمي
- كلَّ من تلقاه في الدَّرْب بنار
ما لها حِسٌّ ولا عَقْلٌ يُريها
- سوءَ ما يَجْلِبُه هَدْمُ الدِّيار
كلَّما لاحت لها أشجارُ روضٍ
- يانعاتٌ، طَوَّقَتْها بحصار
ومضت تقتلع الأشجارَ حتى
- تَبْلُغَ الغايةَ من جَنْي الثِّمار
تُشعل الحقل الذي ترتع فيه
- ثم تمضي عنه من غير اعتذار
تعشق الإفسادَ في الأرض وتأبى
- أن ترى أرض سواها في ازدهار
تَرِدُ النَّبْعَ، فما ترحل إلاّ
- وهو يشكو من فسادٍ وانحسار
ربَّما ترحم بالقتل صغيراً
- وبثوب الموت تكسو جسمَ عاري
ربَّما تحنو على الناس، ولكنْ
- بالصَّواريخ وآلاتِ انشطارِ
وإذا ما أسرفتْ في العطف ألْقَتْ
- بعناقيدِ الرَّدى في كلِّ دار
ربَّما تُحْسِنُ للجارِ، ولكن
- بالذي تُحْسِنُ من سوء الجوار
يا وحوشَ الغابةِ السوداءَ، إنَّا
- لم نعد في سوءِ مَسْراكِ نُماري
بين أنيابكِ أشلاءُ الضحايا
- وعلى شِدْقَيْكِ آثارُ احمرارِ
كُلُّ مَنْ في هذه الأرض يراها
- رَأْيَ عينٍ، بعد تمزيقِ السِّتارِ
افرحي بالوهم، تيهي في غرورٍ
- عَرْبدي في الجوِّ، غُوصي في البحارِ
سوف تلقيْن من الله جزاءً
- عاجلاً، يُلْقيكِ في نار البَوَار
أبْشري يا غابةَ الظُّلْمِ بخوفٍ
- وارتكاسٍ في الرّزايَا وانكسار
سَطْوَةُ الظالم، دَرْبٌ للمآسي
- ينتهي فيه إلى ذُلّ وعارِ
إنَّما الظُّلْمُ طريق الموتِ، مهما
- حَقَّق الظالمُ من وَهْمِ انتصارِ
قصيدة معرة الظلم على من ظلم
يقول الشاعر خليل مطران:
مَعَرَّة الظلْمِ عَلَى مَنْ ظلِمْ
- وَحُكْمُ مَنْ جَارَ عَلَى مَنْ حَكَمْ
وَإِنَّ مَا أُوخِذْتَ زُوراً بِهِ
- بَرَاءةُ الصِّدْقِ وَغُرُّ الشِّيَمْ
وَمَا عَلَى النورِ إِذَا سَطَّرُو
- عَلَيْهِ عَيّباً بِمِدَادِ الظُّلَمْ
وَفِتْيَةٍ إِنْ تَتَنَوَّرْ تَجِدْ
- وِي قُضَاةٍ خَدَمْ
هَمُّوا بِأَنْ يَنتَقِصُوا فِي الوَرَى
- خُلُقاً عَظِيماً فَسَمَا وَاسْتَتمّْ
وَحَاوَلُوا أَنْ يَصِمُوا فَاضِلاً
- بِمَا أَبَى الله لَهُ وَالكَرَمْ
فَسَوَّدُوا أَوْجُهَ أَحْكَامِهِمْ
- وَابْيَضَّ وَجْهُ الفَاضِلِ المُتهَمْ
قصيدة أقيدوا القوم إن الظلم لايرضاه ديان
يقول الفند الزماني:
أقيدوا القومَ إنَّ الظُل
- مَ لا يرضاهُ دَيَّانُ
وإنَّ النارَ قَد تُصـ
- ـبِحُ يوماً وَهي نِيرانُ
وفي العُدوانِ للعدوا
- نِ تَوهينٌ وأقران
وفي القومِ معاً للقو
- مِ عندَ البأسِ أقرانُ
وبعضُ الحلمِ يومَ الجه
- لِ للذلَّةِ إذعانُ
كففنا عن بني هندٍ
- وقُلنا القَومُ إخوانُ
عسى الأيامُ أن يرجِعـ
- ـنَ قوماً كالذي كانوا
فلمّا صرَّحَ الشَّرُّ
- بدا والشَّرُّ وعُريانُ
ولم يبقَ سوى العدوا
- نِ دِنّاهم كما دانوا
أُناسٌ أَصلُنا منهم
- ودِنّا كالذي دانوا
وكُنّا معهم نرمي
- فنحن اليومَ أُحدانُ
وفي الطّاعةِ للجا
- هلِ عندَ الحُرِّ عِصيانُ
فلما أُبيَ الصُلحَ
- وفي ذلكَ خِذلانُ
شَدَدنا شدَّةَ الليثِ
- غدا والليثُ غَضبانُ
بضَربٍ فيه تأثِيمٌ
- وتفجيعٌ وأرنانُ
وقد أدهُنُ بعض القومِ
- إذ في البَغيِ أدهانُ
وقد حلَّ بكل الحيِّ
- بَعدَ البَغيِ إمكانُ
بطَعنٍ كفمِ الزِّقِّ
- غدا والزِّقُّ ملآنُ
له بادِرَةٌ من
- أحمرِ الجَوفِ وثُعبانُ
وفي الشَّرِّ نجاةٌ حينَ
- لا يُنجِيكَ إحسانُ
ودانَ القومُ أن
- لَقِيَ الفِتيانَ فِتيانُ
قصيدة ألم تحتلف أن لا تعود إلى ظلم
يقول ابن الساعاتي:
ألم تحتلفْ أن لا تعود إلى ظلمٍ
- فلمْ جرّدتْ ألحاظ عينيكَ في السّلمِ
وما بال كفُّ الدلِّ نحو مقاتلي
- تسدّدُ من عطفيك بعض القنا الصُّمِ
ولم أرَ موتاً قبل موتك مشتهى
- ولا صحةً زينت بشافٍ من السقمِ
عدمتُ الغنى من وجنةٍ ذهبيةٍ
- تصان وهذا خالها طابعُ الختمِ
وقد بلَّغتْ عني بلاغة أدمعي
- وباح نحولي بالخفيَّ من الكتمِ
فما شافه العذَّال مثل مدامعي
- ولا خاطب الواشين أفصحُ من سقمي
وسمراءَ كالخطّي تحمى بمثلها
- قواماً ولكنّ لا يثقَّف بالضَّمِ
شهيُّ وإن أصدى مع البرد ريقها
- قفل في كريم مولع بابنة الكرمِ
وقد نظمت في سلك جسمي مدامعي
- فما بالها صدَّت عن العقد ذي النظمِ
ألوذ بصبري عائذاً من جفونها
- فيسلمني من مقلتيها إلى خصمِ
وليلة وصلٍ أنجز الطَّيف وعده
- فجاد بها بعد القطيعة والصَّرمِ
أمنَّا بها أن تنقضي سنة الدجى
- وأن تترقَّى نحونا همَّة الهمِّ
غنيتُ بمأثور العتاب فلم أرد
- غناءً وعن كأس المدامة بالظَّلمِ
فأبعدْ بنفث البابلي وسحرهِ
- وأهونْ بنشر البابليَّة والطعمِ
وبكرٍ من اللذَّات نلتُ بها المنى
- وبتُّ نديمَ الإثم فيها بلا إثمِ
أضمُّ قضيب البان في ورق الصّبا
- وألثمُ بدر التمِّ في سحب اللُّثمِ
إلى أن حكى ثغرٌ من الصبح ضاحك
- إباءَ صفيّ الدين في ظلم الظُّلمِ
قصيدة ظلم الزمان فما ألمت بظلمه
يقول ابن نباتة المصري:
ظلم الزمان فما ألمتُ بظلمه
- شيئاً وصادف طائراً متوطنا
وغدا يهدِّدني بمحزن خطبه
- هيهات يدري الحزن من عرف الهنا