أشعار مكتوبة عن الصداقة
ألا إنما الإخوان عند الحقائق
قول أبو العتاهية في الصديق الحقيقي:[١]
ألا إنّما الإخوانُ عِندَ الحَقائق
- ولا خيرَ في ودِّ الصديقِ المُماذِقِ
لَعَمرُكَ ما شيءٌ مِنَ العَيشِ كلّهِ
- أقرَّ لعيني من صديقٍ موافقِ
وكلُّ صديقٍ ليسَ في اللهِ ودُّهُ
- فإنّي بهِ في وُدّهِ غَيرُ وَاثِقِ
أُحِبُّ أخاً في اللّهِ ما صَحّ دينُهُ
- وَأُفرِشُهُ ما يَشتَهي مِن خَلائِقِ
وَأرغَبُ عَمّا فيهِ ذُلُّ دَنِيّة ٍ
- وَأعلَمُ أنّ اللّهَ ما عِشتُ رَازِقي
صَفيَّ منَ الإخوانِ كُلُّ مُوافِقٍ
- صبورٍ على ما نابَهُ من بوائِقِ
هي فرقة من صاحب لك ماجد
هيَ فُرقَة ٌ من صَاحبٍ لكَ ماجِدِ
- فغداً إذابة ُ كلَّ دمعًٍ جامدِ
فافزَع إلى ذخر الشؤون وغَربِه
- فالدَّمعُ يُذهب بَعضَ جَهد الجَاهدِ
وإذا فَقَدتَ أخاً ولَم تَفقِد لَهُ
- دَمعاً ولاصبراً فَلَستَ بفاقد
أعليَّ يا بنَ الجهم إنكَ دفتَ لي
- سماً وخمراً في الزلالِ الباردِ
لاتَبعَدَن أَبَداً ولا تَبعُد فما
- أخلاقك الخضرُ الربا بأباعدِ
إن يكدِ مطرفُ الإخاءَ فإننا
- نغدُو وَنَسري في إِخَاءٍ تَالدِ
أو يختلف ماءُ الوصالِ فماؤنا
- عذبٌ تحدرَ من غمامٍ واحدِ
أو يفتَرق نَسَبٌ يُؤَلف بَيننا
- أدبٌ أقمناهُ مقامَ الوالدِ
لو كنتَ طرفاً كنتَ غيرَ مدافعٍ
- للأَشقَرِ الجَعدِي أو للذَّائذِ
أو قدمتكَ السنَّ خلتُ بأنهُ
- من لَفظكَ اشتُقَّت بَلاغَة ُ خالدِ
أو كنتُ يَوماً بالنُّجوم مُصَدقاً
- لَزَعَمتُ أنَّكَ أنتَ بِكرُ عُطارِدِ
صعبٌ فإن سومحتَ كنتَ مسامحاً
- سلساً جريركَ في يمينِ القائدِ
ألبستَ فوقَ بياضِ مجدكَ نعمة ً
- بَيضاءَ حَلَّت في سَواد الحَاسدِ
وَمَوَدَّة ً لا زَهَّدَت في رَاغبٍ
- يوما ولا هي رغبت في زاهدِ
غَنَّاءُ لَيسَ بِمُنكَرٍ أن يَغتَدي
- في رَوضها الرَّاعي أمام الرَّائد
ما أدَّعي لكَ جانباً من سُؤدُدٍ
- إلاَّ وأَنتَ علَيه أَعدَلُ شاهد
لا يحسب الجود من رب النخيل جدا
قصيدة أبو علاء المعري في الصداقة:[٣]
لا يحسب الجود من ربّ النخيل جَداً
- حتى تجودَ على السّود الغرابيبِ
ما أغدرَ الإنس كم خَشفٍ تربَّبَهُم
- فغادَرُوهُ أكيلاً بعد تَربيب
هذي الحياةُ أجاءتنا بمعرفةٍ
- إلى الطّعامِ وسَترٍ بالجلابيبِ
لو لم تُحِسّ لكان الجسمُ مُطّرحاً
- لذعَ الهَواجِر أو وقَعَ الشّآبيب
فاهجر صديقك إن خِفتَ الفساد به
- إنّ الهجاءَ لمبدُوءٌ بتشبيب
والكفُّ تُقطعُ إن خيفَ الهلاكُ بها
- على الذّراعِ بتقديرٍ وتسبيب
طُرقُ النفوس إلى الأخرى مضلَّلة
- والرُّعبُ فيهنّ من أجل الرّعابيب
ترجو انفساحاً وكم للماءِ من جهةٍ
- إذا تخلّصَ من ضيق الأنابيب
أمَا رأيتَ صروفَ الدهرِ غاديةً
- على القلوب بتبغيضٍ وتحبيب
وكلُّ حيٍّ إذا كانت لهُ أُذُنٌ
- لم تُخلِه من وشاياتٍ وتخبيب
عجبتُ للرّوم لم يَهدِ الزمانُ لها
- حتفاً هداهُ إلى سابورَ أو بيب
إن تجعَلِ اللّجّةَ الخضراء واقية
- فالملكُ يُحفظُ بالخضرِ اليعابيب
ما عز من لم يصحب الخذما
إيليا أبو ماضي وقصيدته في الصديق:[٤]
ما عزّ من لم يصحب الخذما
- فأحطم دواتك واكسر القلما
وارحم صباك الغضّ إنّهم
- لا يحملون وتحمل الألما
كم ذا تناديهم وقد هجعوا
- أحسبت أنّك تسمع الرّمما
ما قام في آذانهم صمم
- وكأنّ في آذانهم صمما
القوم حاجتهم إلى همم
- أو أنت مّمن يخلق الهمما؟
تاللّه لو كنت ((ابن ساعدة))
- أدبا ((وحاتم طيء)) كرما
وبذذت ((جالينوس)) حكمته
- والعلم ((رسططا ليس)) والشّيما
وسبقت ((كولمبوس)) مكتشفا
- وشأوت ((آديسون)) معتزما
فسلبت هذا البحر لؤلؤه
- وحبوتهم إيّاه منتظما
وكشفت أسرار الوجود لهم
- وجعلت كلّ مبعّد أمما
ما كنت فيهم غير متّهم
- إني وجدت الحرّ متّهما
هانوا على الدّنيا فلا نعما
- عرفتهم الدّنيا ولا نقما
فكأنّما في غيرها خلقوا
- وكأنّما قد آثروا العدما
أو ما تراهم كلّما انتسبوا
- نصلوا فلا عربا ولا عجنا
ليسوا ذوي خطر وقد زعموا
- والغرب ذو خطلر وما زعما
متخاذلين على جهالتهم
- إنّ القويّ يهون منقسما
فالبحر يعظم وهو مجتمع
- وتراه أهون ما يرى ديما
والسّور ما ينفكّ ممتنعا
- فإذا يناكر بعضه نهدما
والشّعب ليس بناهض أبدا
- ما دام فيه الخلف محتكما
يا للأديب وما يكابده
- في أمّة كلّ لا تشبه الأمما
إن باح لم تسلم كرامته
- والإثم كلّ إن كتما
يبكي فتضحك منه لاهية
- والجهل إن يبك الحجى ابتسما
جاءت وما شعر الوجود بها
- ولسوف تمضي وهو ما علما
ضعفت فلا عجب إذا اهتضمت
- اللّيث لولا بأسه اهتضما
فلقد رأيت الكون سنّته
- كالبحر يأكل حوته البلما
لا يرحم المقدام ذا خور
- أو يرحم الضّرغامه الغنما
يا صاحبي وهواك يجذبني
- حتّى لأحسب بيننا رحما
ما ضرّنا والودّ ملتئم
- أن لا يكون الشّمل ملتئما
النّاس تقرأ ما تسطّره
- حبرا ويقرأه أخوك دما
فاستبق نفسا غير مرجعها
- عضّ الأناسل بعدما ندما
ما أنت مبدلهم خلائقهم
- حتّى تكون الأرض وهي سما
زارتك لم تهتك معانيها
- غرّاء يهتك نورها الظّلما
سبقت يدي فيها هواجسهم
- ونطقت لما استصحبوا البكما
فإذا تقاس إلى روائعهم
- كانت روائعهم لها خدما
كالرّاح لم أر قبل سامعها
- سكران جدّ السّكر محتشما
يخد القفار بها أخو لجب
- ينسي القفار الأنيق الرسما
أقبسته شوقي فأضلعه
- كأضالعي مملوءة ضرما
إنّ الكواكب في منازلها
- لو شئت لاستنزلتها كلما
صديق ليس ينفع يوم بؤس
الشافعي في قصيدته عن الصديق الحقيقي:[٥]
صَدِيقٌ لَيسَ يَنفَعُ يَوم بؤس
- قَرِيبٌ مِن عَدو في القياسِ
وَمَا يَبقَى الصَّديق بكُلِّ عَصرٍ
- ولا الإخوانُ إلا للتآسي
عمرت الدَّهر ملتمساً بجهدي
- أخا ثقةٍ فألهاني التماسي
تنكرتِ البلادُ ومن عليها
- كَأنَّ أُنَاسَهَا لَيسُوا بِنَاس
المراجع
- ↑ أبو العتاهية، “ألا إنما الإخوان عند الحقائق”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-27.
- ↑ أبو تمام “هي فرقة من صاحب لك ماجد” www.diwandb.com اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-20.
- ↑ أبو علاء المعري “لا يحسب الجود من رب النخيل جدا” www.poetsgate.com اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-20.
- ↑ إيليا أبو ماضي “الى الصديق” www.adab.com اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-20.
- ↑ ديوان الإمام الشافعي القاهرة: مكتبة ابن سينا صفحة 81.