أبيات شعر حكمة

أمن أم أوفى دمنة لم تكلم

سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش

ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ

رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب

تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ

وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ

وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَم

وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ

يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ

وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ

عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ

وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ

يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ

ومن لا يزد عن حوضه بنفسه

يهدم ومن يخالق الناس يعلم

وَمَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَها

وَإن يرق أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ

وَمَن يَعصِ أَطرافَ الزُجاجِ ينلنهُ

يُطيعُ العَوالي رُكِّبَت كُلَّ لَهذَمِ

وَمَن يوفِ لا يُذمَم وَمَن يُفضِ قَلبُهُ

إِلى مُطمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمجَمِ

وَمَن يَغتَرِب يَحسِب عَدُوّاً صَديقَهُ

وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ

وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ

وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ

وَمَن يزل حاملاً على الناسَ نَفسَهُ

وَلا يُغنِها يَوماً مِنَ الدَهرِ يُسأَمِ

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت

النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت

إِنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها

لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها

إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها

فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها

وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها

أَينَ المُلوكُ الَّتي كانَت مُسَلطَنَةً

حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها

أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها

وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها

كَم مِن مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت

أًمسَت خَراباً وَدانَ المَوتُ دانيها

لِكُلِّ نَفسٍ وَإِن كانَت عَلى وَجَلٍ

مِنَ المَنيَّةِ آمالٌ تُقَوّيها

فَالمَرءُ يَبسُطُها وَالدَهرُ يَقبُضُها

وَالنَفسُ تَنشُرُها وَالمَوتُ يَطويها

أبيات للشافعي

يقول الشافعي في قصيدته (دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ):

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ

وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ

وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي

فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ

وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً

وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ

وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا

وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ

تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب

يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ

ولا تر للأعادي قط ذلا

فإن شماتة الأعدا بلاء

ولا ترجُ السماحة من بخيلٍ

فَما فِي النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ

وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي

وليسَ يزيدُ في الرزقِ العناءُ

وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرورٌ

ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ

وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا

فلا أرضٌ تقيهِ ولا سماءُ

وأرضُ الله واسعة ً ولكن

إذا نزلَ القضا ضاقَ الفضاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ

فما يغني عن الموت الدواءُ

ويقول في قصيدة (إذا المرءُ لا يرعاكَ إلا تكلُّفاً):

إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً

فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا

فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة

وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا

فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ

وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا

إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة

فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا

ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ

ويلقاهُ من بعدِ المودَّة ِ بالجفا

وَيُنْكِرُ عَيْشاً قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ

وَيُظْهِرُ سِرًّا كان بِالأَمْسِ قَدْ خَفَا

سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا

صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفَا

خيرُ أيام الفتى يوم نفع

خيرُ أيَّامِ الفتَى يومٌ نَفَعْ

وَاصطِناعُ الخَيرِ أبْقَى ما صَنَعْ

وَنَظِيرُ المَرْءِ، في مَعرُوفِهِ

شَافِعٌ بَتَّ إليْهِ فشَفَعْ

مَا ينالُ الخَيْرُ بالشَّرِّ ولاَ

يَحْصِدُ الزَّارِعُ إلاَّ مَا زَرَعْ

ليْسَ كلُّ الدَّهْرِ يوماً واحداً

رُبّما ضَاقَ الفَتى ثمّ اتّسَعْ

خُذْ مِنَ الدّنْيا الذي دَرّتْ بهِ،

وَاسْلُ عَمّا بانَ منْها، وَانقَطَعْ

إنّمَا الدّنْيا مَتَاعٌ زائِلٌ

فاقْتَصِدْ فيهِ وخُذْ مِنْهُ وَدَعْ

وَارْضَ للنّاسِ بمَا تَرْضَى بهِ

واتبعِ الحقَّ فنِعْمَ المُتَّبَعْ

وَابغِ ما اسطعتَ عنِ النّاسِ الغِنى

فمَنِ احتاجَ إلى النّاسِ ضَرَعْ

اشهدِ الجامعَ لو أنْ قد أتى

يومُهُ لم يُغنِ عنهُ ما جمعْ

إنْ للخَيرِ لَرَسْماً بَيْنَنَا

طبعَ اللهُ عليهِ ما طبعْ

قد بلونَا الناسَ في أخلاقهمْ

فرأيناهُمْ لذي المال تَبَعْ

وحَبيبُ النّاسِ مَنْ أطْمَعَهُمْ

إنما الناسُ جميعاً بالطمعْ

احمدِ اللهَ على تدبيرهِ

قدَّرَ الرِّزقَ فعطى ومنَعْ

سُمْتُ نَفْسِي وَرَعاً تَصْدُقُهُ

فنهاها النقصُ عن ذاكَ الورعْ

وَلنَفسي حِينَ تُعطَى فَرَحٌ

واضطرابٌ عندَ منعٍ وجزعْ

ولنَفْسِي غَفَلاتٌ لمْ تَزَلْ

وَلَها بالشّيْءِ، أحْياناً، وَلَعْ

عجباً من مطمئنٍ آمنٍ

إنَّما يُغذَى بألوانِ الفزعْ

عَجَباً للنّاسِ ما أغْفَلَهُمْ

لوقوعِ الموتِ عمَّا سيقعْ

عجباً إنَّا لنلقَى مَرتعاً

كُلّنا قَدْ عاثَ فيهِ وَرَتَعْ

يا أخِي الميتَ الذي شيعتُهُ

فحُثِي التربُ عليهِ ورجعْ

لَيتَ شِعري ما تَزَوّدْتَ مِنَ الـ

ـزّادِ، يا هَذا، لِهَوْلِ المُطّلَعْ

يومَ يهدوكَ محبوكَ إلى

ظُلمة القبرِ وضيق المُضطجعْ