أبيات مؤثرة جداً

لا تتركيني

وطني جبينك، فاسمعيني

لا تتركيني

خلف السياج

كعشبةٍ بريةٍ

كيمامة مهجورةٍ

لا تتركني

قمراً تعيساً

كوكباً متسولاً بين الغصون

لا تتركني

حُرّاً بحزني

واحبسيني

بيد تصبُّ الشمس

فوق كُوى سجوني

وتعوَّدي أن تحرقينى

إن كنت لي

شغفاً بأحجاري بزيتوني

بشبَّاكي .. بطيني!

وطني جبينك فاسمعيني

لا تتركيني[١]

روعت بالفراق بعد الفراق

روعت بالفراق بعد الفراق

وبها ما بها من الأشواق

بعلبك تبكي وليدا تردى

نازحا واحتوته أرض العراق

كان سلوانها رجاء تلاق

أين أمسى منها رجاء التلاقي

لا تخافي اغترابه وتخالي

أن بعدا تباعد الآفاق

إنما النأي في اختلاف المرامي

وتنابي الخلال والأخلاق

ليس في موطن الكرام اغتراب

لكريم الأصول والأعراق

لحد ذاك الفقيد إن ضنت السحب

سقته سحب من الآماق

ويحيي حجيجه العزة القعساء

في هيبة وفي إطراق

رستم كان في العراق من القوم

وزكى دعواه بالمصداق

عاش فيهم محببا وحبيبا

مخلصا وده بغير مذاق

مالكا منهم القلوب بزينات

السجايا وبالطباع الرقاق

قمر سابق الظنون ولم يرع

أوانا لمثله في المراقي

أترى كان ذلك الوثب منه

في المعالي معجلا للمحاق

أي جان سما إليه فأجرى

دمه الحر تب أهل الشقاق

ذلك الرهط بئس ما تركته

من تراث أيام الاسترقاق

لو أبيد الأشرار لم تف إلا

دية المجد بالدم المهراق

وفدى للإخاء بين شعوب الضاد

أغلى النفوس والأعلاق

ويلهم ما أفادهم أن يثيروا

فتنة من خبائث الأعماق

أحنقوا أمه علهم وزادوا

ذمما للقتيل في الأعناق

نحن في حقبة تحول حال الخلق

فيها عن شرعة الخلاق

عاد فيها ذو المبسم الحلو أضرى

من ذوات الأنياب والأشداق

أين دامي الأظفار من قاذف النار

ومفني الديار بالإحراق

ومعيد النسيم سما زعافا

ومبيد السفين بالإغراق

لكأني بالعلم سخر فيها

بأسه للطغاة والفساق

والحمام المصير في الكون من يعلم

سر البقاء غير الباقي

محنة إن تك المنية منجاة

فمنها والفوز للسباق

بل لعلي شططت الحكم والأحكام

لا تستقيم في الإطلاق

قد يجيء الخير الكبير من الشر

إذا جاز ما له من نطاق

يا فقيدا مثاله الحي لن يبرح

ملء القلوب والأحداق

أمة العرب ذاقت الهون أحقابا

طوالا والهون مر المذاق

كيف تنسى فضل المنادين بالوحدة

والواضعين للميثاق

والأولى أفنوا العزائم في ربط

الأواخي وفي التماس الوفاق

فلتكن للعهد الجديد شهيدا

خالدا بالذكرى عن استحقاق

كل بذل كما بذلت خليق

بجزاء من الفخار وفاق

إلحق اليوم فيصلا فلقد كنت

لخير الملوك خير الرفاق

ولو الواجب المخلف لم يثنك

لم تلف مبطئا باللحاق

واجب مرهق التكاليف أديت

تكاليفه على الإرهاق

لك فيه بت قويم ورأي

واسع الأفق ساطع الإشراق

سست من سست في الوزارة بالحق

ووفيت ما اقتضت من خلاق

وأتيت الإصلاح من حيث يؤتى

في الأمور الجسام أو في الدقاق

يا بني حيدر الكرام أغريكم

ودمعي من حره غير راق

رزوكم رزؤنا وكالعهد في الود

خوالي أيامنا والبواقي

شاطر العرب حزنكم وتلظى

كل قلب لمجدهم خفاق

عظم الله أجركم ما صبرتم

ووقاهم مكاره الدهر واق[٢]

ألا إن قلبي من فراق أحبتي

أَلا إِن قلبي من فراق أحبتي

وإن كنت لا أبدي الصبابة جازع

ودمعي بين الحزن والصبر فاضحي

وستري عن العذال عاص وطائع[٣]

يا عين صبرا لما دمع

يا عين صبرا لما دمع

فالخطب جل وقد فظع

ذهب الوفاء من الرجا

ل مع الفضائل والورع

قد باعت الأحرار بالـ

أموال أنفسها طمع

وغدوا عبيدا باختيا

ر منهم لبني لكع

تعسا لذاك الاختيا

ر وبئس ذاك المصطنع

أعجب بقوم قد رضوا

بالذل لبسا والقذع

يا للرجال فقد غدا

دين المهيمن متضع

وعلا الفساد من العبا

د بكل أرض وارتفع

طمس الهدى أشرارنا

بغيا وأحيوا للبدع

وإذا قصدت خيارنا

لمهم خطب قد فجع

أعطوك عهدا أنهم

يأتون إن أمر وقع

وإذا تضايقت الأمو

ر لديك والخرق اتسع

أبدوا معاذيرا لأشيا

ء لها الشرع منع

ولربما أعطوك قو

لا خاسرا لا يستمع

عجزا وخسرانا عن الشـ

ـرف المنير وقد برع

يا قوم إني ناصح

لكم فهل من مستمع

أدعو لإحياء الهدى

إن الهدى نور سطع

إن الهدى فيه الفضا

ئل والفواضل تجتمع

إن الهدى منه العوا

رف والمعارف تزترع

إن الهدى لا يحيه

إلا المهند إن لمع

إن الهدى لا يستقيـ

ـم بشيمة الحب الخدع

لكن بقطف رؤوسهم

كيلا يعودوا للخدع

إن المخادع للهدى

والحق خصم مندفع

أيبر خصم خصمه

إلا بمكروه يقع

فاحرص على علياك من

خدع المخادع لو ترع

إذ ذاك فيه لو رأيـ

ـت صلاحه طبع طبع

يا قوم إني فيكم

داع المهيمن قد صدع

أدعو لنصرة دينه

والدين حق متبع

أدعو لينفذ حكم ر

ب العرش في أهل البدع

بالمشرفيات الرقا

ق وبالسنان إذا لمع

إن تسمعوا قولي فقد

فزتم بفضل المستمع

أو تطرحوه وراءكم

رجع الخسار لمن رجع

أتصامم والذكر فيكم

للمسامع قد قرع

أتعام والحق المنيـ

ـر ضياءه فيكم سطع

أتقاعس عن خير مر

تبة الشهيد إذا انصرع

أتناعس عن حسن منـ

ـقبة الشجاع إذا شجع[٤]

إني لأعلم واللبيب خبير

ما كنتُ أحسبُ قبل دفنكَ في الثّرَى

أنّ الكَواكِبَ في التّرابِ تَغُورُ

ما كنتُ آمُلُ قَبلَ نَعشِكَ أن أرَى

رَضْوَى على أيدي الرّجالِ تَسيرُ

خَرَجُوا بهِ ولكُلّ باكٍ خَلْفَهُ

صَعَقاتُ مُوسَى يَوْمَ دُكّ الطُّورُ

والشّمسُ في كَبِدِ السّماءِ مريضَةٌ

والأرْضُ واجفَةٌ تَكادُ تَمُورُ

وحَفيفُ أجنِحَةِ المَلائِكِ حَولَهُ

وعُيُونُ أهلِ اللاّذقِيّةِ صُورُ

حتى أتَوا جَدَثاً كَأنّ ضَرِيحَهُ

في قَلْبِ كُلّ مُوَحِّدٍ مَحْفُورُ[٥]

المراجع

  1. “لا تتركيني”، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 14-2-2019.
  2. “روعت بالفراق بعد الفراق .. جبران خليل جبران”، poetsgate، اطّلع عليه بتاريخ 14-2-2019.
  3. “أَلا إِن قلبي من فراق أحبتي”، adab، اطّلع عليه بتاريخ 14-2-2019.
  4. “يا عين صبرا لما دمع”، adab، اطّلع عليه بتاريخ 14-2-2019.
  5. “إني لأعلم واللبيب خبير”، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 14-2-2019.