أشعار عن غزوة بدر
غزوة بدر
كانت قريش تتعامل مع المسلمين بقسوة شديدة، الأمر الذي جعل المسلمين يخرجون من مكة المكرمة إلى المدينة المنوّرة، إلا أن قريشاً لم تكّف عن إيذائهم ماديّاً، فصادرت الاموال ونهبت الممتلكات، وضيّقت الخناق عليهم.
في تلك الفترة، أُخبر الرسول عليه السلام بالقافلة التجارية الكبرى لقريش العائدة إلى مكة المكرّمة من الشام، والمحملة بمختلف البضائع والأموال، فرأى الرسول عليه السلام أن يقطع هذه الطريق التجارية فيضعفهم مادياً، فخرج عليه السلام من المدينة برفقة 314 رجلاً من الصحابة يريدون السيطرة على القافلة دون سفك دماء.
عندما علم أبو سفيان بالأمر، اتّخذ طريق الساحل، وأرسل إلى قريش من يخبرهم بالأمر ويطلب منعم الخروج للدفاع عن القافلة وحماية أموالهم ورجالهم، فخرجت قريش بجيش يتكوّن من ألف رجل لمواجهة المسلمين والحفاظ على أموالهم وقافلتهم، وتقدّموا حتى وصلوا بدراً.
في اليوم السابع عشر من رمضان، في السنة الثانية للهجرة التقى الجيشان في بدر، حيث التحم الجيشان بعد المبارزة التي خسرتها قريش أمام علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب، وانتهت الغزوة بانتصار المسلمين وحصولهم على الكثير من الغنائم والاموال والأسرى. (1)
أشعار عن غزوة بدر
من جميل ما قيل عن غزوة بدر، نذكر ما يأتي:
الله أكبر
د. عبدالحميد محمد بدران
طِيرِي طُيورَ الْحِمَى بِالحُبِّ غَنِّينَا
وَاسْتَنْشِقِي عَبْقَ أَمْجَادٍ تُغَذِّينَا
وَرَفْرِفِي بِالعُلاَ مِنْ فَوْقِ قَلْعَتِنَا
فَاللَّهُ أَكْبَرُ إِنَّا نَاصِرُو الدِّينَا
تِيهِي مِنَ الفَخْرِ تَارِيخُ العُلاَ نَفَحَتْ
مِنْهُ الجَزِيرَةُ أَزْهَارًا وَنِسْرِينَا
بَلْ وَاكْتَسِي مِنْ رُبَى التَّارِيخِ مَوْعِظَةً
تَحْسُو القُنُوطَ وَدَمْعًا فِي مَآقِينَا
إِنْ كَانَ فِي الخَلْقِ سَبَّاقُونَ قَدْ عُرِفُوا
فَإِنَّمَا السَّبْقُ نَبْتٌ مِنْ أَيَادِينَا
إِنَّا أُسُودُ الْوَغَى وَالْحَقَّ نَنْصُرُهُوَ
نَدْفَعُ الرُّوحَ كَيْ تَزْهُو أَمَانِينَا
هَلْ سَاءَلُوا الشَّرْقَ عَنْ بَدْرٍ وَمَا صَنَعَتْ
عَزَائِمُ الْجُنْدِ فِي الْهَيْجَا بوَادِينَا
يَرْمُونَ صَدْرَ الْعِدَا بِالقَتْلِ مُفْتَخِرًا
وَاللَّهُ يَرْمِي وَنَصْرُ اللَّهِ حَادِينَا
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ – جُنْدَ اللَّهِ – نَاصِرُ
كُمْحَتَّى يَقُولَ الْعِدَا: لَلَّهُ يَرْمِينَا
كُلٌّ يَرَى دِينَنَا عَلْيَاءُ رَايَتُهِ
وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ حَشْدٍ يُعَادِينَا
كَمْ مِنْ قَلِيلٍ حَمِيدٍ طَابَ مَقْصِدُهُوَ
كَمْ كَثِيرٍ سُقُوا ذُلاًّ وَغِسْلِينَا
يَا أَهْلَ بَدْرٍ صَدَقْتُمْ فِي ضَمَائِرِكُمْ
وَقُلْتُمُ الْحَرْبُ أَشْهَى مَا يُلاَقِينَا
طِبْتُمْ جُنُودًا وَطِبْتُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ
فَاسْعَوْا كَمَا شِئْتُمُ وَاجْنُوا التُّقَى لِينَا
هَذِي الجُنُودُ إِذَا مَا الشِّرْكُ هَاجَمَنَا
طاَرُوا أُسُودًا تُنَاِدي: مَنْ يُبَارِينَا؟
وأَرْخَصُوا النَّفْسَ لِلْإِسْلاَمِ تَنْصُرُهُ
وَأَسْهَرُوا الفِكْرَ إِحْسَانًا وَتَلْقِينَا
لَمْ يَرْتَضُوا الْهُونَ سِرْبَالاً لِأَنْفُسِهِمْ
أَوْ يَرْتَضُوا أَدْمُعًا بِاليَأْسِ تَثْنِينَا
كَانُوا اتِّحَادًا وَدِينُ اللَّهِ يَجْمَعُهُمْ
أَنْفَاسُهُمْ نَبْضُهَا: فَلْيُرْدَ وَاشِينَا
نِعْمَ الرِّجَالُ شَرَوْا بِالدِّينِ أَنْفُسَهُمْ
وَأَخْرَسُوا أَلْسُنًا بِالْكُفْرِ تُغْرِينَا
إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا الوَيْلَ يَتْبَعُهُ
ذُلٌّ مُحَلًّى دَمًا مِنْهُمْ أَحَايِينَا
هَذِي أَيَادٍ عَلَتْ مِنْ بَعْدِ مَا صَبَرُوا
فَهَلْ نَظُنُّ سَنًا مِنْهُمْ يُحَيِّينَا
لِنَنْفُضَ الْحِقْدَ كَي تَصْفُو ضَمَائِرُنَا
وَصَوْتُ عِزَّتِنَا يَحْسُو تَجَافِينَا
فَأَيْنَ شُورَى لَنَا آهٍ وَوَا أَسَفَا
هَلاَّ بِأَمْجَادِنَا أَضْحَى تَأَسِّينَا
صَامَ الجُنُودُ دَعَوْا لِلَّهِ يَنْصُرُهُمْ
وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَبَّتْ لِلنِّدَا (سِينَا)
أَنْسَامَ بَدْرٍ ظَمِئْنَا فَارْوِ غُلَّتَنَا
فَالنَّفْسُ مُشْتَاقَةٌ لِلوُدُّ ضُمِّينَا
بِالأَمْسِ قَتْلَى وَجَرْحَى قَدْ سُقُوا
أَلَمًا وَعَادَ قَفْرًا خَصِيبٌ مِنْ أَرَاضِينَا
وَنَاحَ نَائِحُنَا ثَكْلَى قَدِ انْهَمَرَتْ
مِنْهَا الدُّمُوعُ وَصَوْتُ الْآهِ يُدْمِينَا
صِرْنَا ضُيُوفًا وَثَوْبُ الذُّلِّ دَثَّرَنَا
وَزُخْرُفُ الْقَوْلِ يُرْضِينَا وَيُنْسِينَا
إِنْ نَسْتَغِثْ فَالرَّدَى زَادٌ لِأَنْفُسِنَا
نُرْوَى مِنَ الخَسْفِ حِينًا ثُمَّ يُظْمِينَا
إِنَّا إِذَا سُبَّةٌ فِي الشَّرْقِ فَاضِحَةٌ
نُبْلِي مَوَدَّتَنَا وَالدَّهْرُ يُبْلِينَا
قَدْ طَالَمَا حَدَّثَتْنِي النَّفْسُ قَائِلَةً
قَدِ اسْتَكَانَ بَنُو بَدْرٍ وَحِطِّينَا
لَكِنَّهُ أَمَلٌ فِي اللَّهِ يَمْلَؤُنِي فِينَا
التُّقَاةُ وَفِينَا الذِّكْرُ يَهْدِينَا
عَسَى نُفِيقُ وَنَدْنُو مِنْ مَوَدَّتِنَا
فَيَنْبِضُ الْقَلْبُ يُهْدِينَا شَرَايِينَا
لِنَرْقُبَ الْمَجْدَ فِي جِدٍّ نُدَاعِبُهُ
يَوْمًا يَفُوحُ الشَّذَا نَجْنِي الرَّيَاحِينَا
فَاللَّهُ أَكْبَرُ إِنَّ اللَّهَ نَاصِرُنَا
إِذْ مَا يَقُولُ النُّهَى وَالْقَلْبُ آمِينَا.
تبلتْ فؤادَك في المنام خريدة
حسّان بن ثابت
تَبَلَتْ فؤادَكَ في المنامِ خَريدة ٌ،
تسقي الضجيعَ بباردٍ بسامِ
كالمسكِ تخلطهُ بماءِ سحابة ٍ،
أوْ عاتقٍ كدمِ الذبيحِ مُدامِ
نُفُجُ الحقيبة ِ بَوْصُها مُتَنَضِّدٌ،
بلهاءُ، غيرُ وشيكة ِ الأقْسامِ
بنيتْ على قطنٍ أجمَّ كأنهُ،
فُضُلاً إذا قعدَتْ، مَداكُ رُخامِ
وتكادُ تكسلُ أن تجيء فراشها،
في لينِ خرعبة ٍ، وحسنِ قوامِ
أما النهارُ، فلا أفترُ ذكرها،
والليلُ توزعني بها أحلامي
أقسمتُ أنساها، وأتركُ ذكرها،
حتى تُغيَّبَ في الضّريحِ عظامي
يا من لعاذلة ٍ تلومُ سفاهة ً،
ولقد عصَيتُ، إلى الهَوى ، لُوّامي
بكرتْ إليّ بسحرة ٍ، بعدَ الكرى،
وتقاربٍ منْ حادثِ الأيامِ
زعمتْ بأنّ المرءَ يكربُ يومه
عُدْمٌ لمُعتكِرٍ منَ الأصْرَامِ
إنْ كنتِ كاذبة َ الذي حدّثتِني،
فنجوتِ منجى الحارثِ بن هشامِ
تَرَكَ الأحِبّة َ أنْ يقاتلَ دونَهمْ،
وَنجا برَأس طِمِرَّة ٍ وَلِجامِ
جرواءَ، تمزعُ في الغبارِ كأنها
سرحانُ غابٍ في ظلالِ غمامِ
تذرُ العناجيجَ الجيادَ بقفرة ٍ،
مرَّ الدموكِ بمحصدٍ ورجامِ
ملأتْ به الفرجينِ، فارمدتْ بهِ،
وثوى أحبتهُ بشرّ مقامِ
وبنو أبيهِ ورهطهُ في معركٍ،
نَصَرَ الإلهُ بهِ ذوي الإسْلامِ
لولا الإلهُ وجريها لتركنهُ
جزرَ السباعِ، ودسنهُ بحوامي
طَحَنَتْهُمُ والله يَنْفُذُ أمرُهُ،
حَرْبٌ يُشَبُّ سَعِيرُها بِضِرَامِ
منْ كلّ مأسورٍ يُشَدُّ صفادُهُ،
صَقرٍ، إذا لاقَى الكتِيبَة َ حامي
ومُجَدَّلٍ لا يَستجيبُ لِدعوَة ٍ،
حتّى تَزُولَ شوَامخُ الأعلامِ
بالعارِ والذلّ المبينِ، إذ رأوا
بيضَ السيوفِ تسوقُ كلَّ همامِ
بيديْ أغرَّ، إذا انتمى لم يخزهِ
نسَبُ القِصارِ، سميذعٍ، مِقدامِ
بِيضٌ، إذا لاقتْ حديداً صمّمتْ
كالبرقِ تحت ظلالِ كلّ غمامِ
ليسوا كيعمر حين يشتجِرُ القَنا،
والخيلُ تَضْبُرُ تحت كلّ قَتامِ
فسلحتَ، إنك من معاشرِ خانة ٍ،
سلحٍ، إذا حضر القتالُ، لئامُ
فَدعِ المكارِمَ، إنّ قوْمَكَ أُسرة ٌ،
مِنْ وُلدِ شجْعٍ غيرُ جِدِّ كِرَامِ
من صُلبِ خِندِف ماجدٍ أعرَاقُهُ،
نجلتْ بهِ بيضاءُ ذاتُ تمامِ
ومرنحٍ فيهِ الأسنة ُ شرعاً،
كالجَفرِ غيرِ مُقابَلِ الأعْمَامِ
لقد علمت قريش
حسّان بن ثابت
لقد علمت قريش يوم بدر
غداة الأسر والقتل الشديد
بأنا حين تشتجر العَوَالىَ
حماةُ الحرب يوم أبى الوليد
قتلنا ابني ربيعة يوم سارا
إلينا في مضاعفة الحديد
وفر بها حكيم يوم جالت
بنو النجار تخطر كالأسود
وولت عند ذاك جموع فهر
وأسلمها الحويرث من بعيد
لقد لاقيتم ذلاً وقتلاً
جهيزاً نافذا تحت الوريد
وكل القوم قد ولوا جميعاً
ولم يلووا على الحسب التليد
ستبلغ عنا أهل مكة
عبيدة بن الحارث
ستبلغ عنا أهل مكة وقعة
يهب لها من كان عن ذاك نائيا
بعتبة إذ ولى وشيبة بعده
وما كان فيها بكر عتبة راضي
فإن تقطعوا رجلي فإني مسلم
أرجي بها عيشا من الله دانيا
مع الحور أمثال التماثيل أخلصت
مع الجنة العليا لمن كان عاليا
وبعث بها عيشا تعرقت صفوه
وعالجته حتى فقدت الأدانيا
فأكرمني الرحمن من فضل منه
بثوب من الإسلام غطى المساويا
وما كان مكروهاً إلي قتالهم
غداة دعا الأكفاء من كان داعيا
ولم يبغ إذ سالو النبي سواءنا
ثلاثتنا حتى حضرنا المناديا
لقيناهم كالأسد تخطر بالقنا
نقاتل في الرحمن من كان عاصيا
فما برحت أقدامنا من مقامنا
ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا
ألم تر أمراً كان من عجبِ الدهرِ
حمزة بن عبد المطلب
ألم تر أمراً كان من عجبِ الدهرِ
وللحَين أسبابٌ مبَينة الأمرِ
وما ذاك إلا أن قوما أفادهم
فخانوا تواصٍ بالعُقوق وبالكفرِ
عشيَّة راحوا نحو بدر بجمعهم
فكانوا رهونا للرَّكيَّة من بدرِ
وكنا طلبنا العير لم نبغِ غيرها
فساروا إلينا فالتقينا على قدرِ
فلما التقينا لم تكن مثنويةٌ
لنا غير طعن بالمثقَّفة السمرِ
وضرب ببيض يختلي الهام حدَّها
مشهَّرة الألوان بينةِ الأُثرِ
ونحن تركنا عُتبة الغي ثاويا
وشيبة في القتلى تجرجم في الجفر
وعمرو ثوى فيمن ثوى من حماتهم
فشُقت جيوب النائحات على عمرو
جيوب نساء من لؤي بن غالب
كرامٍ تفرَّعن الذوائبَ من فِهرِ
أولئك قوم قُتِّلوا في ضلالهم
وخلَّوا لواءً غير محتضِر النصرِ
لواء ضلال قاد إبليس أهله
فخاس بهم، إن الخبيث إلى غدر
وقال لهم إذ عاين الأمر واضحاً
برئت إليكم ما بي اليوم من صبر
فإني أرى ما لا ترون وإنني
أخاف عقاب الله والله ذو قَسرِ
فقدمهم للحَين حتى تورطوا
وكان بما لم يَخبُرِ القومُ ذا خُبرِ
فكانوا غداة البئر ألفا وجمعُنا
ثلاثُ مئين كالمسدمة الزُهرِ
وفينا جنود الله حين يمدنا
بهم في مقام ثمَّ مستوضَح الذكر
فشدَّ بهم جبريل تحت لوائنا
لدى مأزق فيه مناياهم تجري
المراجع
(1) بتصرّف عن مقالة غزوة بدر الكبرى، alserdaab.org