أبيات من الشعر الغزلي
ألا يا حمامات الحمى عدن عودة
ألاَ يَا حَمَامَاتَ الحِمَى عُدْنَ عَوُدَة ً
- فأني إلى أصواتكن حنون
فعدن فلما عدن لشقوتي
- وكِدْتُ بِأسْرارٍ لَهُنَّ أُبينُ
وَعُدْنَ بِقَرْقَارِ الهَدِيرِ كأنَّمَا
- شربن مداماً أو بهن جنون
فَلَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُنَّ حَمَائِماً
- بَكَيْنَ فَلَمْ تَدْمَعْ لهُنَّ عُيُونُ
وكن حمامات جميعاً بعطيل
- فأصبحن شتى ما لهن قرين
فأصبحن قد قرقرن إلا حمامة
- لهَا، مِثْلُ نَوْحِ النائِحَاتِ، رَنِينُ
تذكرين ليلى على بعد دارها
- رواجف قلب بات وهو حزين
إذا مَا خَلاَ لِلْنَّوْمِ أرَّقَ عَيْنَه
- نوائح ورق فرشهن غصون
تداعين من البكاء تألفاً
- فقلبن أرياشاً وهن سكون
فيا ليت ليلى بعضهن وليتني
- أطير ودهري عندهن ركين
ألاَ إنَّمَا لَيْلَى عَصَا خَيْزُرَانَة ٍ
- إذَا غَمَزُوهَا بِالأكُفِّ تَلِينُ[١]
أيا ليل زَنْدُ البَين يقدح في صدري
أيا ليلَ زَنْدُ الْبَيْن يقدَحُ في صَدْري
- ونار الأسى ترمي فؤادي بالجمر
أبَى حَدَثانُ الدهر إلاَّ تشتُّتاً
- وأيُّ هَوى ً يَبْقَى على حَدَثِ الدهرِ
تعز فإن الدهر يجرح في الصفا
- ويقدح بالعصرين في الجبل الوعر
وإني إذا ما أعوز الدمع أهله
- فزعت إلى دلحاء دائمة القطر
فو الله ما أنساك ما هبت الصبا
- وما ناحتِ الأطيارُ في وَضَح الفَجْرِ
وما نطقت بالليل سارية القطا
- وما صدحت في الصبح غادية الكدر
وما لاح نجم في السماء وما بكت
- مُطَوَّقة ٌ شَجْواً على فَنَنِ السِّدْرِ
وما طلعت شمس لدى كل شارق
- وما هطلت عين على واضح النحر
وما اغْطَوطَشَ الغِرْبيبُ واسْوَدَّ لونهُ
- وما مر طول الدهر ذكرك في صدري
وما حَمَلَتْ أُنْثَى وما خَبَّ ذِعْلِبٌ
- وما طفح الآذي في لجج البحر
وما زحفت تحت الرحال بركبها
- قِلاصٌ تؤمّ البَيْتَ في البَلدِ القفْرِ
فلا تحْسَبي يا ليلَ أني نَسيتُكُمْ
- وأنْ لَسْتِ مِنِّي حيثُ كنتِ على ذُكْرِ
أيبكي الحمامُ الوَرْقُ من فَقْدِ إلْفِه
- وتَسْلو وما لي عَنْ أليفيَ مِنْ صَبْرِ
فأقسم لا أنساك ما ذر شارق
- وما خب آل في معلمة فقر
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
- أُناجيكُمُ حَتَّى أرى َ غُرَّة َ الفجْرِ
لقد حملت أيدي الزمان مطيتي
- على مَرْكَبٍ مَسْتَعْطِل النَّاب والظُّفْرِ[٢]
لقد أرسلتْ في السِّرِ ليلى تلومني
لَقَدْ أَرْسَلَتْ في السِّرِّ لَيْلَى تَلُومُني
- وتزعمني ذا ملة ٍ طرفاً جلدا
تقولُ: لقد اخلفتنا ما وعدتنا،
- وَبِاللَّهِ ما أَخْلَفْتُهَا طَائِعاً وَعْدا
فقلتُ مروعاً للرسول الذي أتى :
- تَرَاهُ لَكَ الوَيْلاَتُ من أَمْرِها جِدَّا
إذا جِئْتَها فَکقْرَ السَّلاَمَ وَقُلْ لَهَا:
- ذَرِي الْجوَرَ لَيْلَى وَکسْلُكي مَنْهَجاً قَصْدا
تعدينَ ذنباً، انتِ، ليلى ، جنيته
- عَلَيَّ وَلا أُحْصي ذُنُوبَكُمُ عَدا
أفي غَيْبتي عَنْكُمْ لَيالٍ مَرِضْتُها
- تزيدينني، ليلى ، على مرضي جهدا؟
تَجَاهَلُ ما قَدْ كَانَ لَيْلَى كأنَّما
- أُقاسي بِهَا مِنْ حَرَّة ٍ حُجراً صَلْدا
فلا تحسبي أني تمكثتُ عنكمُ،
- وَنَفْسي تَرَى مِنْ مَكْثها عَنْكُمُ بُدَّا
ولا أنّ قلبي الدهرَ يسلى حياته،
- ولا رائمٌ، يوماً، سوى ودكم ودا
الا فاعلمي أنا أشد صبابة ص،
- وأصدقُ عندَ البينِ من غيرنا عهدا
غداً يُكْثِرُ الباكون منَّا وَمِنْكُمُ
- وتزدادُ داري من دياركمُ بعدا
فإن تصرميني لا أرى الدهرَ قرة ً
- لعيني، ولا ألقى سروراً ولا سعدا
فَإنْ شِئْتِ حَرَّمْتُ النِّساءَ سِوَاكُمُ
- وَإنْ شِئْتُ لَم أَطْعَم نُقاخاً ولا بَرْدا
وإنْ شِئْتِ غُرْنَا نَحْوَكُمْ ثُمَّ لَم نَزَلْ
- بمكة َ، حتى تجلسوا، قابلاً، نجدا[٣]
أمسى بأسماء هذا القلب معمودا
أَمْسَى بِأَسْماءَ هذا القَلْبُ مَعْمُودا
- إذا أَقُولُ صَحا، يَعْتَادُهُ عيدا
كأنني، يومَ أمسي لا تكلمني،
- ذو بِغْيَة ٍ يَبْتَغي ما لَيْسَ مَوْجودا
أَجْري عَلَى مَوْعِدٍ مِنْها فَتُخْلِفُني
- فما أملُّ، وما توفي المواعيدا
كأنّ أحورَ، من غزلانِ ذي بقرٍ،
- أَهْدَى لَهَا شَبَهَ العَيْنَيْنِ والجِيدَا
قَامَتْ تَرَاءَى وَقَدْ جَدَّ الرَّحِيلُ بِنا
- لِتَنْكَأ القَرْحَ مِنْ قَلْبٍ قَدْ اصْطيدا
بِمُشْرِقٍ مِثْلِ قَرْنِ الشَّمْسِ بازِغَة ً
- وَمُسْبَكِرٍّ عَلَى لَبّاتِها سُودا
قد طالَ مَطلي، لوَ انّ اليأسَ ينفعني،
- أو أنْ أصادفَ من تلقائها جودا
فليس تبذلُ لي عفواً، واكرمها
- من أن ترى عندنا في الحرص تشديدا[٤]
سأقول لك أحبك
سَأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..
حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه
فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ..
عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي..
في تغيير حجارة هذا العالمْ..
وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ..
شجرةً بعد شَجَرَهْ..
وكوكباً بعد كوكبْ..
وقصيدةً بعد قصيدَه..
سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..
وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري..
ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا..
وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة..
هي يدي أنا..
سأقولها، عندما أصبح قادراً،
على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري،
ومراكبي الورقيَّهْ..
واستعادةِ الزَمَن الأزرق معكِ على شواطيء بيروتْ..
حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..
فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ،
بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصيفْ..
- 3
سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..
وسنابلَ القمح حتى تنضجَ.. بحاجةٍ إليكِ..
والينابيعَ حتى تتفجَّرْ..
والحضارةَ حتى تتحضَّرْ..
والعصافيرَ حتى تتعلَّمَ الطيرانْ..
والفراشات حتى تتعلَّمَ الرَسْم..
وأنا أمارسَ النُبُوَّهْ
بحاجةٍ إليكِ..
- 4
سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..
عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدَهْ..
ويصبح النومُ على وَرَقة الكتابَهْ
ليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ..
خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ..
ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجَّاهْ..
كَلِمَةً كَلِمَهْ..
ومقطعاً مقطعاً…
إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ..
لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ…
والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلَهْ..
إن شَرْطَ الشهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْ
فالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها..
وأموتُ عندما أنساها..
- 5
سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”..
عندما أبرأُ من حالة الفُصَام التي تُمزِّقُني..
وأعودُ شخصاً واحداً..
سأقُولُها، عندما تتصالحُ المدينةُ والصحراءُ في داخلي.
وترحلُ كلُّ القبائل عن شواطيء دمي..
الذي حفرهُ حكماءُ العالم الثالث فوق جَسَدي..
التي جرّبتُها على مدى ثلاثين عاماً…
فشوَّهتُ ذُكُورتي..
وأصدَرَتْ حكماً بِجَلْدِكِ ثمانينَ جَلْدَهْ..
بِتُهْمةِ الأُنوثهْ…
لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ..
ورُبَّما لن أَقولَها غداً..
فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ
والليل يتعذَّبُ كثيراً.. لِيَلِدَ نَجْمَهْ..
والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السنواتِ.. لتُطْلِعَ نبيَّاً..
فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ..
لِتُصبِحي حبيبتي؟؟.
بِتُهْمةِ الأُنوثهْ…
لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ..
ورُبَّما لن أَقولَها غداً..
فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ
والليل يتعذَّبُ كثيراً.. لِيَلِدَ نَجْمَهْ..
والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السنواتِ.. لتُطْلِعَ نبيَّاً..
فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ..
لِتُصبِحي حبيبتي؟؟[٥]
عجبتْ عبيلة من فتى ً متبذل
لا تَصْرميني يا عُبيلُ وَرَاجعي
- فيَّ البصيرة َ نظرة َ المتأمل
فلربَّ أملحَ منكِ دلاَّ فاعلمي
- وأَقَرَّ في الدّنيا لعينِ المُجْتلي
وَصَلَتْ حبالي بالذي أنا أهلُهُ
- من ودها وأنا رخيُّ المطول[٦]
هل غادر الشُّعراء من متردَّم
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم
- أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي
- وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها
- فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا
- بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
- أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ
حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت
- عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ
عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَها
- زَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ
وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ
- مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ
كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها
- بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ
إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّما
- زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ[٧]
المراجع
- ↑ “ألا يا حمامات الحمى عدن عودة”، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2019.
- ↑ “أيا ليلَ زَنْدُ الْبَيْن يقدَحُ في صَدْري”، adab، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2019.
- ↑ عمر بن أبي ربيعة، كتاب ديوان عمر بن أبي ربيعة، صفحة 51.
- ↑ “أَمْسَى بِأَسْماءَ هذا القَلْبُ مَعْمُودا”، adab، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2019.
- ↑ “سأقول لك أحبك..”، aldiwan، اطّلع عليه بتاريخ 5-2-2019.
- ↑ عنترة بن شداد، كتاب ديوان عنترة تحقيق ودراسة، صفحة 47.
- ↑ “هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم ( معلقة )”، adab.