موضوع حول وصف الطبيعة
الطبيعة لوحةٌ فائقة الوصف والجمال، صاغتها حكمة الخالق -سبحانه وتعالى-، فهي هبة الله للإنسان بكل ما فيها من ماءٍ وهواء وطيورٍ وحيوانات وأنهارٍ وبحارٍ وجبالٍ وسهول ووديان، وهي سرٌ من أسرار الله التي أودعها في الأرض وسخّرها ليعيش فيها الإنسان ويتمتع فيها ويستغلّها كيفما شاء، وهي مصدرٌ للإثارة والسحر المتجدد الذي تحتار به العقول ويأخذ بالنفس بعيدًا جدًا ليحلق بها في فضاءات الدهشة، وهي متحفٌ مجانيٌ مفتوح لا يحدّه حد ولا يُغلق بمفتاح، وفيها ومنها وقود الحياة الذي لا ينتهي إلى أن يشاء الله.
من عجائب الطبيعة أنها قادرة على الإبهار في كل وقت، فهي لوحة مُدهشة ترسمها يد الخالق وتُزينها بكل الألوان والأشكال، ولا يُضيرها تقلّب الأيام ولا الفصول، فهي قادرة على التجدد وتحدّي الرتابة والملل، فسماؤها تصفو وترتدي زُرقتها الوادعة أحيانًا، وأحيانًا أخرى تتجهم وتتلبّد بالغيوم، والأرض أيضًا تُبدّل أثوابها في كل وقت، فالطبيعة عروسٌ غانية لا يُعجبها الثوب الأخضر دون الأصفر، ولا يليق بها أن ترتدي البياض في الشتاء وتظلّ به، فهي تلبس كل أثوابها وتخلع عنها ما تشاء لتُعلن تقلب فصولها.
في وصف الطبيعة تحتار العين من أين تبدأ النظر، ويحتار القلب فيما يُحب أكثر، ويعجز اللسان عن قول كل ما يمكن قوله في وصفها، ففي كل جزءٍ من أجزاء الطبيعة بحرٌ من الغرابة والأسرار لا تُدركه العقول بشكلٍ كامل، وفي كل ركنٍ منها فرصة للتأمل والتعلّم، فالطبيعة أكبر مُعلّم، وفيها تبدو الأشياء على سجيّتها دون تكلف أو تصنع، وما من شيءٍ يكسر حاجز السكينة فيها سوى الأيادي الخفية التي تُشوّهها أحيانًا مثلما يفعل فيها البشر، لكنها رغم ذلك فإنَّ الطبيعة قادرة على أن تُعين نفسها على الصبر والمقاومة والتجدد لأنها معجزة كاملة ومتكاملة، وكلّ ما فيها من أكبره إلى أصغره يُشكلُ حالة استثنائية خاصة فيه.