إنشاء عن الظلم

الظلم

الظلم حفرة عميقة مظلمة تحاول سحب كل من حولها، فمنهم من يقاوم ويقاوم حتى لا يصبح أسير هذه الحفرة، ومنهم من يضعف أمام هذه القوة فيتجاوز الحدّ الذي وضعه الله سبحانه وتعالى له، ويمارس شتّى أنواع الظلم فيأكل مال هذا ويغتاب هذا ويشتم هذا حتى يسقط تماماً في غياهب الحفرة فلا يستطيع الخروج منها.

صور الظلم

كل شخص مهما كانت مكانته ومنصبه يستطيع أن يمارس الظلم، فالأب يصبح ظالماً بالتمييز بين أبنائه والانحياز إلى أحدهم على حساب غيره، والصديق حينما تدبّ الغيرة في قلبه فيأخذ في تأليف وتنميق الأكاذيب ويسوقها على لسان صديقه دون أن يلقيَ لمشاعره بالاً، والأخ الذي يأخذ مال أخيه ظلماً، والجار الذي يسيء الظن بجاره فيرى كل شيء بعينه هو دون سؤال أو وضع أعذار، والزوج الذي لا يعدل بين زوجاته، والمعلم الذي يوبّخ الطالب لتقصيره في أداء واجبه فيطلق عليه حكم الطالب المهمل قبل معرفة ظروفه، والشخص الذي يأكل مال اليتيم، وزوجة الأب التي تميز بين أبنائها وأبناء زوجها.

الإسلام والظلم

جاء الإسلام ليكون عون المظلوم وناصره لانكساره وضعفه وقلَّة حيلته، فحذّر من الظلم، وجعل الله في الدنيا للظالم من يُسلِّط عليه ظلمةً يذيقونه مرارة الظلم وتناله سوء الخاتمة، وقد تعهّد الله سبحانه وتعالى باستجابة دعوة المظلوم ولو كان كافراً، فأزال الحجاب عن دعوته وجعلها تصل عنان السماء.

آثار الظلم

للظلم آثار كبيرة على الظالم نفسه وعلى المجتمع فالظلم سبب في انكسار نفس الظالم، وانتزاع البركة من حياته، وإلحاق الحزن والهلاك به، وهو السبب في عدم فلاحه في الدنيا والآخرة، وإيقاعه في المصائب، فدعوة المظلوم لا تخطئه ولو كانت هذه الدعوة سهماً موجَّهَاً لأهله أو أحبائه، فهو بظلمه لا يعرّض نفسه وحياته وماله فقط للأذى بل يمتدّ أذى ظلمه ليصيب كل من حوله، والظلم سبب في صرف الظالم عن الهداية، ويكون السبب في التفريق بين الأخ وأخيه، والأب وأبنائه والصديق وصديقه، فهو يولّد الحقد والكراهية بين الناس ويشتّت الأسر، ويزيل العلاقات، ويفكّك المجتمعات فيفضي إلى ضعف الأمم وبالتالي هلاكها.

طرق الحدّ من الظلم

ولما كان الظلم سبباً في هلاك المجتمعات كان لا بدَّ من محاربته بكافة الطرق والوسائل بدءاً بالتنشئة الأسرية السليمة القائمة على المحبة والتسامح متمثلة بالوالدَين كقدوة من خلال العدل بين الأبناء والتعامل بالحسنى بين الزوجَين، مروراً بالمدرسة ودورها في غرس روح التعاون ومساعدة الغير والإيثار بين الطلبة، وعقد الدورات والأنشطة حول خطورة الظلم وأهمية التسامح ودوره في تماسك المجتمع وقوته، ومروراً بمدير العمل وواجبه في زرع المحبة بين الموظفين وتحفيزهم على التعاون والعمل كيدٍ واحدة للوصول إلى التميّز لا تحفيزهم على التنافس لما يزرع في نفوسهم من حقد وكراهية.