تعبير عن الفرق بين الحياة في الماضي والحاضر

من سنة الله تعالى في الكون والحياة أن الحياة تتبدل وتتغير، وهي غير ثابتة على حال أبداً، ومع مرور السنوات الطويلة على هذه الأرض نلاحظ أنّ أسلوب الحياة فيها انقلب رأساً على عقب، فالأشياء التي كانت تحدث في الماضي كشيء طبيعي وبديهي أصبحت في الوقت الحاضر ضرباً من الجنون أو المحال والعكس كذلك، ولا يقتصر هذا التغيير على شيء معين، إنما يتعدى إلى أشياء كثيرة فكلّ شيء موجود في الحياة يتغير بتغيرها بدءاً من الإنسان، إلى شكل الحياة وطبيعتها إلى الاكتشافات.

كانت الحياة في الماضي تتم بصورة نمطية شبه ثابتة، لأنّها كانت تخلو من التعقيدات الكثيرة والاختراعات الموجودة في الوقت الحاضر، فظلت الحياة لفترة طويلة تتم بطريقة بدائية جداً؛ حيث كان الناس يتنقلون على الحيوانات التي يركبونها مثل الأحصنة والجمال، كما كانوا يتراسلون عن طريق نقل الرسائل باستخدام الحمام الزاجل، أما اليوم فأصبح العالم قرية صغيرة، إذ أصبح التواصل بين قارات الأرض يتم بمجرد لمسة زر واحدة، كما أصبح التنقل بالطائرات والسيارات والقطارات أسهل وأسرع.

كانت مجرد المرض البسيط قديماً يؤدي للموت في معظم الأحيان، أما في الوقت الحاضر فأصبحت الحياة أكثر صحة، وتم القضاء على الكثير من الأمراض، كما تم اختراع الأجهزة الطبية والأدوية، مما جعل الحياة في الوقت الحاضر أكثر راحة، وأطول عمراً بالنسبة لمن يعيشون فيها.

كلّ الاختراعات التي ساهمت في نجاح الحياة وتطورها في وقت الحاضر، حملت الكثير من الإيجابيات التي جعلت من الحياة أسهل بكثير، لكنها في الوقت نفسه منحت الكثير من السلبيات التي لم تكن موجودة قبلها في الماضي، ففي الماضي لم تكن الأسلحة الذرية والقنابل والصواريخ وأدوات الحروب موجودة، وكانت البيئة أجمل وأنظف، فالاختراعات الموجودة في الوقت الحاضر دمرت البيئة وقلصت المساحة الخضراء على كوكب الأرض وزادت التصحر فيه.

مهما حاولنا أن نقارن بين الحياة في الماضي والحاضر، لن نستطيع الإحاطة بجميع الجوانب، لكن الغالب في هذا الأمر أنّ لكلّ وقت إيجابياته وسلبياته، فالتطور الذي شهدته الحياة عبر الزمن، وعلى الرغم من أنّه ساهم في تطور البشرية، إلا أنّه قلّص الخصوصية التي كان يتمتع بها الأفراد، وقلل حجم الفراغ والوقت، وزاد الحياة تعقيداً، لكننا لا نستطيع أبداً إنكار حقيقة أنّ التطور أفاد البشرية أضعاف ما أعطاها من سلبيات، وأنّ الحياة قديماً كانت مليئة بالكثير من الصعوبات، كما كانت الحياة أقل زخماً وربما أصبحت الآن أكثر دهشة وتشويقاً.